شروط تحقيق التغيير

عندما نتكلم على التغيير كمفهوم نعني به المرور والانتقال من وضعية معاشة لم تعد مقبولة إلى أخرى أحسن منها. وبذلك يرتبط هذا المفهوم بتجاوز المنطق السائد واعتماد منطق جديد يستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة بمقوماتها الظرفية وطموحات فاعليها. بالطبع، تحقيق التغيير لا يمكن أن يتم بتدابير قطاعية تجزيئية متفرقة، بل يحتاج إلى تخطيط وتنظيم استراتيجي بستة أسس وركائز.

أولها التواصل، أي توفير شروط الاستماع إلى كل المعنيين بالتغيير، وإخبارهم بمكونات المشروع مبكرا باستعمال كل الوسائل الملائمة، وتدقيق وصف أهدافه ومراحله ووسائله بشفافية عالية وبدقة متناهية تتحاشى السرعة وكل أشكال المراوغة والغموض، والتحلي بالشجاعة اللازمة لتعميم الأخبار والمعلومات والأحداث السيئة والإعلان عليها بشفافية عند وقوعها، وابتكار كل الوسائل والسبل لإقناع الفاعلين الأساسيين المعنيين بالتغيير بتقوية روح المبادرة والفعل بشكل مستمر، ومن تم التقدم في التنفيذ بوثيرة سريعة وبمردودية كبيرة.

ثانيها، إسناد المسؤوليات ومنحها وتفويضها لفاعلين يؤمنون بالتغيير.

ثالثها، تنمية الانخراط والاندماج في المشروع من خلال توضيح المسار الذي تم اختياره لكل الفاعلين المعنيين به، وفتح حوار متواصل بشأن كل ما يرتبط به، وتبني الاقتراحات الناجعة والمفيدة.

رابعها، إحداث التغيير في الثقافة السائدة والتأثير في البيئة المعاشة من خلال إعلان النجاحات وتعميمها في الوقت المناسب ومكافئة المساهمين في تحقيقها، والإشارة إلى الإخفاقات المسجلة واقتراح الحلول لتجاوزها.

خامسها، محاربة جيوب المقاومة من خلال كشف وفضح كل المقاومات النشيطة والمطاوعة وكل الأفكار السلبية، وتفنيد أساليبها وآليات تأثيرها، والحرص على توطيد الثقة بين الفاعلين، واعتماد المكاشفة والمصارحة كآليات للتفاعل فيما بينهم، والتحلي بالاستقامة والصدق ومحاربة كل أشكال الخوف والتخويف.

وسادسها، تعزيز وتقوية التغيير من خلال اعتماد مراقبة تامة ودائمة للتدرج والتقدم والتطور في الإنجاز، والحرص على ضمان الفحص المستمر للفرضيات وتدقيقها ومراجعتها عند الحاجة، وتقييم النجاحات، والحفاظ على قوة الدينامية في الفعل والانجاز، وبالتالي بلورة المشاريع الضرورية للتقدم على أساس التغيير المحقق والعمل على إنجازها بالدقة والنجاعة المطلوبتين.