عصر الصورة الفضائحية

عصر الصورة الفضائحية
الخميس 22 نونبر 2007 - 23:09


إن القول بان المشاهدين مستاءين بما يتلقوه من صور يومية على قنواتهم أمر لا يجانب الصواب بقدر ما هو تعبير دقيق على نمط يراد تكريسه في هذه القنوات لادعاءات كبرى لم ترقى هذه القنوات في معظمها أن تصنعها، أو تواكبها من قبيل عصر الصورة والسماوات المفتوحة !!



يجب التأكيد على أن الصورة الأكثر رواجا اليوم في مختلف القنوات ، هي صورة تنطلق في مقاربتها لعدة أدوار يمكن أن يقوم بها التلفزيون كالإمتاع والتهديف انطلاقا من مبدا محاكاة الغريزة والسطو على العاطفة ، وتجييش النفس حتى يكون هذا المشاهد في نهاية المطاف أسير نظام من الصور التي في الأصل أنجزت ليتم تشويه الذوق لديه.



إن صياغة صورة بدرجات مختلفة من التجييش الحسي لا تعكس حقا ما يقوم عليه المجتمع ، فمثلا مجتمعنا تحكمه ضوابط حددها العرف العام ويعرّفها الجميع على أنها محددات لما يجب أن يكون عليه من الانطباع ( المقيد بالحياة اليومية ) وعندما تكون هذه الصورة تدعي أنها تعبر عن قانعات مجتمع وتقيم له قيما حضارية ندرك من خلال ممارستها أنها ترمي إلى تكريس انسلاخات أخلاقية وشبهات معروفة ، وإلا لا نعرف هذا العاقل الذي سيقر بان ممارسة الجنس على الملأ هي ممارسة تعبر عن قيم حضارية ؟؟!



إن هذه الصورة المكرسة تقوم على تسويق نمط إعلامي تحقيري للمشاهد ، ولا تقوم على المواكبة الاجتماعية من حيث أنها صورة إعلامية تدخل في قدرتها على تلقين قيم معينة وتحفيظ الذوق العام ، وهذا ربما دافع كاف للتساؤل عن الشروط التي تصنع هذه الصورة ، وتتحكم في توجيهها ؟ ربما نرمي بسياق هذا السؤال إلى الحديث عن معطى اقتصادي وتجاري بالدرجة الأولى، فإما أن تكون هذه الصورة تمضي في اخذ مكانها عنوة في المشهد الإعلامي و إما أن تبتذل الصورة التي يتمناها الكثيرون لكن لا يمكن أن تتحقق في ظل هذه الظروف التي غلب فيها الحس المادي عن القيم !



الصورة المروجة اليوم تتخطى حاجز الحس الجمالي وتقفز على ما دون ذلك من البديهيات التي من الممكن في أي لحظة أن يعتبرها ذوي العقل أنها تنم عن حيوانية ، لا تخدم بالضرورة الحس والبنية الفكرية للمجتمع ، وبالتالي نستسيغ بجلاء في نهاية المطاف أن هذا التوجه يسير في نطاق إضفاء الصيغة الحيوانية من حيث هي فهم لظواهر المجتمع وعكسها في الصورة ، فيمكن بعد حين أن تترتب صورة إعلامية حيوانية تستهدف الجوانب المسلمة عند المشاهد، وهي الجوانب التي سلم بها الإنسان عموما قبل أن تظهر هذه المؤثرات البصرية ، بمعنى ان الإنسان عرف حجم حيوانيته منذ أن وجد، وفي اعتقادي ان العودة إلى إثارة هذه الحيوانية يشبه في حد ذاته المرحلة الأولى التي تعرف فيها الإنسان عن وظائف أجهزته التناسلية مثلا !!



بل الانكا من ذلك اليوم يتعزز التيار الفضائحي بنفوذه عندما يتلقى إشارات واضحة من القائمين على الحفاظ على الذوق العام فيتراءى لنا الأمر مقتصرا على تحديده للمسؤوليات الأخلاقية سوى على شريحة لا تستطيع أن تصنع غير مسايرة ما فرض عليها ، ولا يحق لها أن تضمن إشعار الفاعلين في المسؤولية إلا من منطق متلقي ينقم ولا ينعم أو يغير ، وربما هذا تعبير عن استسلام للنزوات المادية التي يسعى الفضائحيون إلى تجذيرها ..!



الحديث السابق ربما حالنا على أن تسويق البديهي ومحاولة صياغة الاختلاف من الفراغ هو اختصار لطريق الشهرة والنجومية وقد عبر البعض عن هذا التوجه بما يسمى” وهم الإبداع البصري “ .



إذا ما سألنا متتبعا عن تقييمه للصورة المروجة فيما يشاهد فانه في افضل الحالات يجد نفسه محط ارتباك وصعوبة تفسير الانحطاط البصري ، لكننا إذا طرحنا عليه السؤال بسياق متصل بملكوت الإبداع وقلنا له : هل تتلمس في الصورة التي تشاهد جوانب من الإبداع ؟ هذا المتتبع إن كان ما يزال يحتفظ بملكوت الإبداع حتما سيجيبنا بان ما يشاهده فظيع ، ولا يرقى إلى مستوى الحكم الذوقي، ولا الجمالي أما إن كان هذا المتتبع قد تأثر بهذه الصورة على نحو التلقي المادي ، فان إقحام الإبداع في هذا الجانب ينظر إليه بعين الريبة والشك ! هذا على مستوى المتلقي أما فيما يخص المنتجين والمخرجين لهذه البضاعة فيحز في نفوسهم وهم الإبداع فتجدهم يطلقون العنان لاختراعاتهم واقتحاما تهم التي تبقى في الأصل مزاعم مشبوهة لا تخدم الذوق العام على الإطلاق ، فتكوين الصورة تؤخذ فيها اعتبارات شتى لكن يجب أن تنطلق هذه الاعتبارات من صميم المجتمع .


صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41

حملة ضد العربات المجرورة