من سيكون مرشحك المفضل؟

من سيكون مرشحك المفضل؟
الثلاثاء 2 غشت 2011 - 18:35

“الفتنة نائمة نعل الله من أيقظها” ، لأن الفتنة الكبرى التي تصيب المجتمع تشتـته ، وتحوله إلى دار فساد ، ثم تقضي بالتالي على الحرث والنسل . وبما أن تلك الفتنة، كبرى، فالذي يقف وراءها غالبا، الكبار، الذين يرون في الفتنة التي يصنعونها مطية للوصول لأهداف يرسمونها. فأعظم الفتن التي أصابت المسلمين منذ زمن بعيد إلى اليوم كلها تدور حول السلطة وإغراءاتها اللامحدودة . أما الذين كانوا يسعون حقيقة لإسعاد الخلق فهم على رؤوس الأصابع ، تجد أعمالهم أثقل من أقوالهم ، وبصماتهم المحمودة ينتفع منها الناس مدى الدهر.

بطبيعة الحال هناك فتنة صغرى تصيب الإنسان في كل وقت وزمان : فتنة الخير وفتنة الشر” إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا” ، تلك ملح الحياة فرح ومرح ثم مشاكل وقرح ” وتلك الأيام نداولها بين الناس”. هذه الفتنة الصغرى لم تترك لا كبيرا ولا صغيرا ولا قويا ولا ضعيفا إلا مسته ، فيحاول كل امرئ التعامل مع فتنته حسب قدراته ورغباته بما يليق .

ليس هنا المشكل، وإنما المشكل في الفتنة (الدستورية) التي تصيب المرء وهو يتعامل مع دواليب ومؤسسات وطنه، كأن يفتن المواطنون “بشرور” موظفي دولتهم، أو أن تبتلى ساكنة مدينة أو قرية بمنتخب فاسد، أو يبتلى مواطنون بحاكم مستبد . وهنا سؤال هل على المواطن في هذه الحالات أن يقبل ” بالوضعية” على أنها قضاء أم يعتبر نفسه مسئولا عما لحق به ، بالتزامه الصمت والسكوت عن المنكر؟

في أغنية : يوم ملقاك” قالت ناس الغيوان :” اللي علينا احنا درناه ” ، ويوم 1 يوليو عبر المغاربة عن رغبتهم في الإصلاح وعلى رأسهم الأحزاب الوطنية التي استنفرت كل أطرها ، واستغلت كل إمكاناتها لإيصال المعلومة إلى المواطن وبكل اللغات، لتشرح له مضامين الدستور الجديد ولتحثه على التصويت ب” نعم” . تلك صفحة من تاريخ الأمة المغربية قد طويت ، وبقي على كل المغاربة كتابة ما سيأتي من صفحات بماء من ذهب (المعقول والصح)، إن هم فعلا يريدون تقديم خدمة للمغرب وللمملكة ولأنفسهم ، فهم ليسوا غرباء على بعضهم البعض ، فهم أبناء هذا الوطن – السفينة ، أكانوا ربانا أو بحارة ، القصد كله هو الإبحار ” بالعقل” في بحر متلاطم الأمواج نحو شاطئ الأمان ومدينة بلا آلام .

” اللي علينا احنا درناه ” هذا هو الظن على الأقل ، لكن، هل قام المواطنون فعلا بما عليهم ؟ وهل قامت المؤسسات الوطنية بما كان منتظرا منها ؟

فعلى امتداد أيام الحملة من 21 يونيو إلى 29 يونيو 2011 تلقى المواطنون عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية ، والشبكات الاجتماعية والصحف الخاصة شروحا وأفكار وتعليقات حول الدستور الجديد ،كما انتهزت الأحزاب الفرصة لبسط وجهة نظرها حول المرحلة وحول برامجها في أفق تفعيل وتجسيم مقترحات المواطنين حول الإصلاح ومحاربة الفساد . لكن السؤال الذي يطرحه كل مواطن مع نفسه ، ماذا تنتظر الأحزاب كي تفتح مقراتها الفرعية وتعلن عن فتح لوائح الترشيح للانتخابات أمام من يمتلك الكفاءة والقدرة على المساهمة في تنمية جهته والوطن ؟ الشائع اليوم أن الأحزاب منشغلة بأمورها الخاصة ، تهيئ نفسها للاستحقاقات القادمة وهي تضع في صلب اهتماماتها المرشحين القادرين على إعطاء قيمة مضافة للحزب بناء على إشعاعهم المبني غالبا على ترويج الخدمة الاجتماعية لحصد صوت الناخب .والثابت أن “رجال البلاد” الذين سيطروا على العباد ، وتحولوا بفضل منحهم السياسية إلى مقصد كل ذي حاجة وبدءوا تحركاتهم المدروسة من أجل فرض وجودهم بما هو موجود ، رغم أن العادي والبادي يعلم أن هؤلاء قدموا لأنفسهم الطيبات وتحول بعضهم إلى أصحاب عقارات ، ولم يقدموا للناس شيئا : ولو”نظافة المدينة “وذلك أضعف الإيمان. أما المتغير والذي ينتظره الناخبون ،فهو تخلي الأحزاب عن نوابهم السابقين الذين أضروا بالأحزاب أولا ، وأضروا بالوطن ثانيا بميلهم بإفراط لخدمة مصالحهم وتغييب مصالح الناس . وما الشعارات التي رفعها المتظاهرون عبر مسيراتهم إلا مؤشر على نفاذ صبر المواطنين أمام انتظارا تهم وحقوقهم المستحقة.

و يظهر المزاج العام وكأننا نخوض مباراة كرة قدم ، بحيث يحاول المنتصر تهدئة “الطرح”، وربح الوقت ، بينما يحاول الخاسر الضغط أكثر . فبعد حملة ساخنة ومليئة بالنقاش ، مر الاستفتاء بنجاح ، ثم رجع المغاربة بعد ذلك مباشرة إلى سالف الأيام يعيشون من جديد طقوس فراغ الساحة من النقاشات السياسية والاجتماعية التي تعودوا متابعتها أثناء الحملة ، إذ خفتت الحماسة التي طبعت مواقف المثقفين والسياسيين ورغبتهم الجامحة زمن الحملة من جديد، بعدما كانوا متحمسين للإصلاح والتغيير والتوبة وتجنب سلوكيات الماضي المشينة .

ولحد اليوم” يظهر أن المنتخب”الأكثر حظوظا للفوز بولاية تشريعية جديدة هو الذي يسير مجلسا حضريا أو قرويا ويليه الراحل عن هذا المجلس عند الانتخابات السابقة ، وهو ما يجعل حظوظ المرشحين الجدد قليلة إن اعتمدت نفس المنهجية السابقة في الترشيح والتزكية وفي اختيار الدائرة الانتخابية . ذلك سيفرز- بنسبة كبيرة – نفس طاقم مجلس النواب السابق وهو ما يتعارض مع رغبة المغاربة في تجديد مجلس النواب وتغذيته بأطر كفئة ملمة بجانب من القانون ولها معرفة بقواعد التشريع .وسيزيد من تفاقم الوضع نمط الاقتراع باللائحة الذي سيعطي حظوظ الفوز بالمقعد الانتخابي دون عناء لمن هو على رأس اللائحة من المرشحين من العيار الثقيل والذين يجمعون بين النفوذ والمال . هذا لا يخفى على أحد ، ومن أجل ذلك هناك ثمانية أحزاب تناهض هذا النمط (الاقتراع باللائحة) لأنه يقطع الطريق أمام الشباب ولكنه يؤمّن الاستقرار بأصحاب التجربة.

ورغم ذلك فلتحقيق رغبة الملك وكما جاء في خطاب 30 يوليو 2011 حيث قال جلالته: “وفي هذا الصدد، فإن الأحزاب السياسية، التي كرس الدستور الجديد مكانتها، كفاعل محوري في العملية الديمقراطية، أغلبية ومعارضة، مدعوة لمضاعفة جهودها لتحقيق مصالحة المواطنين، وخاصة الشباب، مع العمل السياسي، بمفهومه الوطني النبيل، سواء في نطاق الأحزاب، التي أناط بها الدستور مهمة المساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين؛ أو بالانخراط في المؤسسات الحكومية، الممارسة للسلطة التنفيذية، أو في المؤسسة البرلمانية، ذات السلطات التشريعية والرقابية الواسعة، أو في هيئات وآليات الديمقراطية المحلية، أو التشاركية، أو المواطنة”. تبقى الأحزاب أول من عليه فتح الحرب على الفساد بالتأسيس على الصلاح والسداد وبرفض ترشيح رؤساء المجالس الحضرية والبلدية في المدن والقرى التي يسيرونها اليوم على امتداد التراب الوطني،لفتح الآفاق أمام الشباب، و لوضع حد لاستغلال النفوذ واستعمال ” لوبيات” المال ، وكذلك لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين كافة المرشحين المغاربة ، ولقطع الطريق أمام الذين نسجوا علاقات ووظفوا سماسرة داخل دوائرهم ومجالسهم ومدنهم .وبعد ذلك – عن المقاعد- فليتنافس المتنافسون ،من أجل إعطاء دفعة قوية نحو تجديد مجلس النواب و لضمان مؤسسة تشريعية وتنفيذية قوية وعالمة.

سيكون هناك غاضبون، وسيكون هناك رافضون ، ولكن الأهم هو أن ينجح المغرب في تخطيه للمرحلة والتأسيس لملكية اجتماعية قوية يحظى فيها كل مواطن بحقه وكرامته . وعلى المغاربة ألا يقفوا ” متفرجين” مكتوفي الأيدي أمام ما يعرقل مسيرة المغرب نحو النماء والتقدم واستكمال دعائم الديمقراطية الحقة وكما قال صاحب الجلالة : “وإذا كان من الطبيعي أن يعترض التطبيق السليم للدستور الجديد، كأي مسار تاريخي، بعض الصعوبات، وأن تقف أمامه بعض المعيقات؛ فإن على الجميع، كل من موقعه، التعبئة الشاملة، والمشاركة المواطنة والملتزمة في بناء هذا الصرح الدستوري المتقدم بروح الثقة والعمل الجماعي ؟

وتبقى مشاركة وتتبع المغاربة كافة لكل المشاريع هو الأصل من أجل تحقيق كل البرامج والأهداف، وكل عزوف وابتعاد عن المشهد السياسي – من طرفهم – سيشوه الصورة ويتلف الأمل في تحقيق غد أفضل . فحينما أعطى الدستور المواطن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي (الفصل 29) ، يكون قد مكنه من آلية دستورية للدفاع عن نفسه وعن وطنه ، ووضع رهن إشارته أداة سلمية وواقعية لوقوف في وجه الفساد.

المشاركة في الانتخابات واجب وطني والعزوف فراغ تكرهه الطبيعة وسيملئه (مالين الوقت بإي شيء) . فمن سيكون مرشحك المفضل إذن ، إن فهمتَ شيئا؟ ومن سيكون مرشحي المفضل أنا الآخر ؟ بالنسبة لي الآن وحصريا: “ذلك في العلم الغيب” ، لأنه ببساطة لا يوجد مرشح مفضل لدي وقتئذ ونحن على بعد أشهر من انطلاق حملة الانتخابات التشريعية ، ولأمر بسيط ، أني لا أتوفر الآن على برامج أحزاب قادرة على إقناعي، ولا يوجد حوالي ولم أصادف بعد، ولم أسمع عن ” رجل المرحلة” وهو يساهم سواء من خلال جمعيات غير حكومية أو نقابة أو هيئة في خدمة سكان المدينة ، وقد سلط عليه الإعلام والصحف الأضواء، والناس حوله يدعون له بالتوفيق ويشكرونه ويحسدونه على روحه الوطنية. شيمة غالبية المرشحين أو المنتخبين الاختباء ورفض تأطير الساكنة عدا قبل الانتخابات بأيام حيث ستغطي صورهم الملونة جدران المدينة كسائر السنوات السالفة، وسيملئون الدنيا ضجيجا ووعودا لحظات الحملة . الأمل كله أن تخرج الأحزاب عن هذا التقليد الأعرج ، وأن تضع – في أقرب فرصة -رهن إشارة الناخبين برامجها ومرشحيها مستغلة ” مواقع إلكترونية” ، من أجل التواصل والتعريف أكثر بكل مرشح والكشف عن بعض مفاجاءات برامجها وأعمال ومساهمات مرشحيها فيما يخص مساهماتهم في تنمية جهتهم ووطنهم. وستكون الأحزاب بذلك قد ساهمت في تنوير الرأي العام بإطلاعه عن برامجها ، وباقتراح زمرة من مناضليها ، جعلت فيهم ثقتها ، ووضعتهم رهن إشارة المواطنين ليختاروا بأنفسهم – من بينهم – من سيسهر على تسيير وتدبير شؤونهم سنوات ليست بالقليلة.

‫تعليقات الزوار

5
  • سعيد بورجيع
    الثلاثاء 2 غشت 2011 - 20:50

    "الفتنة نائمة، لعن -وليس نعل- الله من أيقظها ". ما أبعد حرف اللام عن حرف النون على لوحة الحاسوب حتى لا يقال خطأ مطبعيا. ومثل هذه الأخطاء ينبغي أن تكتشف قبل النشر من الجهة المكلفة بمراجعة النصوص. أليس كذلك؟ وشكرا.

  • GREG
    الأربعاء 3 غشت 2011 - 00:44

    لو كبرت نفوسكم لتفاخرتم بتزيين صدوركم بورد الجروح لا بوسامات الظالمين

  • WADI
    الأربعاء 3 غشت 2011 - 19:34

    كيفما كان الممثل المختار قل الى اي مسرح انت مقدمه؟؟؟؟ممكن ان نختار مثقفا واعيا عالما فان ذوابانه سريع سائل قبة مليئة بالمزور والمنكلم البارع والحاكم بالاراثة علينا اصلاح الدرب والدشرة والحي والدوار والمدينة والقرية ليفيق القروي والمدني والتابع والطامع والمرابي والفقير والله الموفق للجميع

  • agadiri
    الخميس 4 غشت 2011 - 14:49

    مرشحي المفضل هو نفســـــــــي (أنا) بذاتــــي و صفتـــي.

    شكرا

  • صلاح المغربي
    الخميس 4 غشت 2011 - 20:41

    1. مرشح فيه الأمانة والإخلاص وعبر عن حب الوطن، مرشح يدافع عن المواطن دون هوادة مرشح دافع عن المواطن ولم يكن يدافع فقط عل أسرته وأفراد حزبه
    2.مرشح مسلم مؤمن يدافع عن إسلامية الدولة وعن المرجعية الإسلامية بالمغرب
    3.مرشح نزيه لم يسرق ولم تمتد يده إلى المال العام وعبر عن نجاح في التسيير
    4.مرشح لا يتنازل عن الثوابت الوطنية الإسلام والوحدة الوطنية وإمارة المؤمنين
    5.مرشح ينتمي إلى أهل السنة والجماعة لا إلى أهل الخرافات والأحلام والبدع
    6.يدافع على استقرار المغرب ووحدة مكوناته ولا يعادي قيم الإسلام

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج