كلنا اليوم على بينة من تأثير الجريمة السيبرانية على حياتنا اليومية، بدءا بالبرامج الخبيثة التي تستهدف حواسيبنا من كل حذب و صوب، تحذف ملفاتنا، و تسرق بياناتنا، وصولا إلى الهجمات التي تبتزنا وتفرغ حساباتنا البنكية.
من خلال هذه المقالة، سنعالج موضوع تطور أمن الأنظمة الحاسوبية والشبكات المعلوماتية خلال الخمسين سنة الأخيرة.
دعونا نبدأ بعصر الحاسوب المركزي أي فترة الستينيات إلى الثمانينات من القرن المنصرم، إذ كانت الحواسيب المركزية محمية وراء جدران، جدران مادية تحفظها من عبث المتطفلين، وحيث أن الولوج إليها كان محدودا، فقد تم الاحتفاظ بقوائم بأسماء من من سيمح لهم بالولوج ممن لا سيمح لهم. لقد كان أمن المعلومة برمته يمر عبارة عن آلية أمنية مادية متحكم فيها.
وما إن حل منتصف منتصف الثمانينيات، حتى بدأنا نرى أجهزة الكمبيوتر المكتبي تتكاثر، و أصبح تبادل المعلومات ضرورة حتمت علينا استخدام شبكات نقل المعلومات مبتكرة كالسنيكرنت، إذ كان لزاما النتقل بالأقراص بين المكاتب للمشاركة المعلومة المخزنة بها مع شخص آخر، لقد كان الخطر الوحيد على المعلومة آنذاك هو فقدانها سواء عبر فقدان القرص أو عبر تعرضه للمغنطة؛ إذ أن تواجد مغناطيس قرب قرص كان كافيا لتحويل كل المعلومات المخزنة داخله إلى ذكرى من الماضي..
و بما أن الاعتماد على نقل المعلومات على قرص كانت طريقة محرجة وغير مريحة،فقد بدأنا بربط الحواسيب، لتصبح المنظومة المعلومية بأكملها عرضة للخطر..
و مع حلول عصر الأنترنيت، و على الرغم من أن الجريمة الحاسوبية قد بدأت قبل ظهور الشبكة العالمية، إلا أن ربط الحواسيب و تركيزها حول شبكة عالمية واحدة، جعلها سهلة الاستهداف، فالأفراد و البنوك، والمدارس أضحت جميعها مرتبطة بشبكة وحيدة، ما أوجد للجريمة المنظمة مرتعا خصبا لتكاثرها، فالمجرمون قد أدركوا سهولة سرقة البنوك عبر الإنترنت، فمرورهم عبر الحاسوب أسهل من دخولهم عبر الباب الأمامي للأبناك مشهرين سلاحا ناريا ومهددين حياتهم و حياة غيرهم للخطر..
إن تطور الجريم المعلومية سائر في الطريق نفسه الذي بمر عبره التطور التكنولوجي، لذا أصبح من الضروري إرفاق كل تطور تكنولوجي بتدابير احترازية تقي من جعله أداة في يد المجرمين.
