مـن اختلالات المـوارد البشريـة فـي المراكـز الجهويـة لمهـن التربيـة والتكويـن

مـن اختلالات المـوارد البشريـة فـي المراكـز الجهويـة لمهـن التربيـة والتكويـن
الإثنين 8 يناير 2018 - 00:42

نشرت إحدى الجرائد الوطنية الأسبوع الماضي مقالا كشفت فيه معطيات مُرِيبة بخصوص المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، فحواها أن لوبي الفساد والريع والمحاباة الحزبية هو الذي يقف وراء مذكرة الترشيح لشغل 36 منصبا بهاته الأخيرة، تهم 12 منصب كاتب عام، و24 منصب مدير مساعد، مما وصفتْه بالفضيحة، لا سيما أن تلك المراكز “مؤسسات شبح”، و”فارغة”، و”مشلولة”، و”دون أية قيمة مضافة”، بحسب الصحيفة، لأن التكوين بها مُعطَّلٌ منذ ثلاث سنين، بعد أن اتجهت الدولة إلى التوظيف بالتعاقد!

بعدها مباشرة ردَّت وزارة التربية الوطنية ببلاغ أوضحت فيه أن المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ليست مشلولة، لأنها “تضطلع بمهام تكوين وتأطير هيئة التدريس، [وهذا غيرُ صحيح منذ ثلاث سنين]، وكذا المترشحين لاجتياز مباريات التبريز للتعليم الثانوي التأهيلي [وهذا لا يشمل إلا مراكز محدودة للغاية، بينما لا تعرف المراكز الأخرى وفروعها، ومنها المركز الذي أشتغل به، شيئا اسمه التبريز]، وكذا أطر الإدارة التربوية وهيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي، فضلا عن كونها تقوم بتنظيم دورات للتكوين المستمر لفائدة مختلف فئات موظفي الوزارة [كثير من المراكز قاطعت تكوين المتعاقدين لأنه من اختصاصات الأكاديميات الجهوية التي هم تابعون لها]، وأنشطة البحث العلمي التربوي النظري والتطبيقي، إضافة إلى إنتاج الوثائق التربوية، واقتراح مشاريع إصلاح وتجديد مناهج وبرامج التكوين، كما أنها مقبلة على استقبال حوالي 20000 متدربة ومتدرب بصفة رسمية إلى غاية شهر يوليوز2018.”

وإذا كانت الوزارة قد ردت ببلاغ على ما كان من اللازم التحقيق فيه أولا، فإني أطالبها بفتح تحقيق حول النقط الآتية التي تجعل بالفِعل فئاتٍ مُعيَّنةً داخل المراكز الجهوية موظفين أشباحا، لا بإرادتهم، ولكن بإرادة من جاء بهم إلى المراكز، أو أبقاهم فيها بعد أن أدَّوْا مهامهم التي أوكِلت إليهم:

أساتذة الشُّعَب التي لم يعُدْ لها وُجود في أسلاك التعليم الثلاثة، كشعبة الموسيقى، والتي عُطِّلت منذ أربع سنين، ولا يزال أغلب أساتذة شعبة التربية الموسيقية بالرباط ومكناس مُعطَّلين تائهين بالمراكز، ولا يَعرفون لهم مهامَّ مُعيَّنة، اللهم إلا ما يُسنَد إلى بعضهم من مصوغات لا علاقة لها بتخصصهم، كالتشريع المدرسي أو الحياة المدرسية أو ما شابههما.

إغراق كثير من الشُّعب بأساتذة فوق الحاجة، بل بتضخم كبير للغاية، إلى درجة أن الواحد منهم – ومنهم كاتب هذا المقال – قد يشتغل العام كلَّه بساعتيْن أو أربع ساعات في الأسبوع! ومن العجائب – وعجائبُ المراكز جمةٌ – أن الوزارة أعلنت السنة الماضية عبر المذكرة 027/17 عن مباراة تعيين وإعادة تكليف لانتقاء دفعة أخرى من الأساتذة! لولا احتجاج النقابة الوطنية للتعليم العالي الذي أفضى إلى تجميد نتائج تلك المباراة، بسبب مخالفتها للمادة 14 من مرسوم إحداث المراكز، غير أننا لا ندري إلى اليوم مصيرَها النهائي، بفعل سكوت الوزارة عنها سكوتا مطبقا!

إغراق المراكز بكثير من الموظفين المُعفوْن بدلَ ردِّهم بكرامتهم إلى ممارسة مهامهم الأصلية التي تطابق تخصصاتهم، وآخرها المُديرُ المعفى الذي نزل بملحقة مكناس وسط همهمات حول الذراع السياسية المتنفذة التي تقف وراء تعيينه، وحول وُشوك “توزيع” 48 موظفا آخر على المراكز الأخرى!

إغراق إدراة المراكز بموظفين وإداريين لا حاجة إليهم بالبت والمطلق، حتى إن بعضهم ليس لديه لا مهمَّة محدَّدة، ولا مكتبٌ مُعيَّنٌ، وأحسنهم حالا إداريو الخزانة والمصالح المالية والحراسات العامة ممن لهم مهمة ومكتب، حيث قد تجد مثلا خمسة موظفين في الخزانة الواحدة، وهي لا يتطلب إلا موظفا واحدا، لا غير! وللإشارة المُريبة فإن هؤلاء الموظفين قد أتوا إلى المراكز دون مباراة، ولا مُذكرة ترشيح، وقد تم تغيير أطر كثير منهم إلى إطار ملحق تربوي أو ملحق الإدارة والاقتصاد، بموجب المادة 109 من النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، ولا يزال بعضهم يحافظون على إطار “أستاذ” في أحد الأسلاك الثلاثة، في الوقت الذي تعرف فيه المؤسسات التعليمية خصاصا يتحدث عنه القاصي والداني!! وهذا الخلل ينسحب على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، كما على مديرياتها الإقليمية.

وإذا كانت الوزارة هذه الأيام على قدم وساق في لقاءات مستمرة لتفعيل مبدإ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” – وقد استفاقت متأخرة للغاية بعد سبع سنين من صدور المبدإ الدستوري الجديد! – فإني أدعوها إلى ربط القول بالعمل عاجلا في الاختلالات المذكورة، ترشيدا للموارد البشرية بالمراكز، وإلا فإنه لا سبيل إلى إقناع أحد بالشعارات المجردة.

‫تعليقات الزوار

17
  • Hamid
    الإثنين 8 يناير 2018 - 07:39

    هناك مراكز جهوية تفتقر الى الموظفين بل شبه منعدمة من الاداريين .احدى هذه المراكز تتوفر على موظفة واحدة تعمل كراقنة على الحاسوب وكاتبة للمدير وتعمل احيانا بالمكتبة التربوية لعدم وجود مدبر شؤون هذه المكتبة.

  • حميدي
    الإثنين 8 يناير 2018 - 20:54

    الله يعطيك الصحة خاصة حينما تعترف بكل روح رياضية بأنك أنت أيضا ضحية هذا التضخم
    نحن في مكتبتنا 5 موظفات في الوقت الذي حتى عندما كانوا الطلبة المتدربين كانوا يأتون إلى المكتبة في الاستراحة فقط لاستعارة كتاب ما
    لماذا جاءوا؟ وكيف؟ ومن جاء بهم؟ وزيد وزيد
    فعلا ينبغي التحقيق في الأمر

  • أبو شيماء
    الإثنين 8 يناير 2018 - 21:08

    دمت للكلمة الحرة ذ سعيد الكلمة التي لا تخشى في الحق لومة لاءم
    أضيف على ما ذكرته مشكورا ولا يمكن ان ينكره الا أعمى او متعامي اختلالا أخر هو ايضا اغراق لكنه اغراق للمركز بموظفي الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين حيث في كل سنة يتم تكليف ثلاثة او اربعة او خمسة دفعة واحدة او على دفعات دون طلب من المركز وبعض الاحيان يتدخل زوج فلانة المتنفذ في وزارة ما ليبرم الصفقة لحساب زوجته لتاتي الى المركز لترتاح هكذا بهاذا التعبير وازيد ايضا ملفات سوداء كثيرة من المستحيل ان تكون الوزارة غير على علم بها
    تحياتي وكن بخير

  • أستاذ باحث
    الإثنين 8 يناير 2018 - 21:33

    تحية عالية لك وللصحافة الحرة ……………………………………………………………………………………….

  • الضاوية بنت جرادة
    الإثنين 8 يناير 2018 - 22:36

    الناس فالمراكز كتخدم بالعطل المدرسية و عطل نهاية الاسبوع و تشتغل بشكل دائم مع سلك الإدارة و كيمشيو للتداريب الميدانية من مالهم الخاص و نتا يلا ماخدامش ماتجمعش كلشي

  • Mohamed
    الإثنين 8 يناير 2018 - 23:19

    لو كنت موضوعيا وناقشت قضية تكوين الأطر كفلسفة من أجل المدرسة العمومية لكان بالإمكان أن يكون تدخلك في هذه النقطة دو جدوى … أما انطلاقك من ردود أفعال أنت جزء منها فهذا دليل على قصورك الفكري ومحدودة افقك المعرفي لأنك ترى الأمور في بعد واحد كالحلزون… المرجو منك ان كنت باحثا أن تنزه نفسك عن الخوض في الجزئيات التي لا تقدم حلا بقدر ما تشوش على المشروع برمته هذه ليست أخلاق الباحثين عن الحقيقة!!!!

  • مركز تطوان
    الإثنين 8 يناير 2018 - 23:22

    مركز وجدة في طليعة المراكز نضالا وتصديا للفساد بقوة وشراسة
    تحياتنا الأخوية للصناديد ونؤيد الافتحاص والتفتيش في كل الملفات المثارة محليا ووطنيا إذا أرادت الدولة حقا المحاسبة وربطها بالمسءولية

  • أستاذ
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 07:53

    إنك تتقن لغة واحدة هي لغة ابشكوى والبكاء على الأطلال ، حبذا لو ناقشت أمورا أخرى تعود عليك بالنفع .
    كما أستغرب عدم درايتك بالقوانين و المراسيم المنظمة للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين خصوصا عندما توقفت عند المادة14ونسيت المادة 15 ، فالوزارة عارفا أش كادير .
    وبالمناسبة نتمنى أن تعرض علينا مشروعك العلمي التربوي لنستفيد منه …

  • موظف
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 10:01

    لا بد من ربط القول بالعمل صدقت أيها السيد فلقد ولى زمن الشعارات الجوفاء
    هذه المراكز تضم الكثيرين ممن هم مختبئون لا عمل ولا هم يعملون ليس هناك إلا أباريق الشاي والملوي والتعويضات وووو
    نرجو أن تبدأ الوزارة تفتيشها من مراكزنا فمرحبا ولن يخاف من التفتيش إلا الذين في كروشهم العجائن المعجنة بحال دوك اللي بانو من تعليقاتهم

  • مكناسة الزيتون
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 10:13

    دمت ايها السعيد لكلمة الحق انت وشرفاء وجدة. تحياتي وشوقي

  • صليحة
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 11:05

    الفساد أكبر بكثير أستاذي ولكن ما لم يدرك كله… فعلى سلبل المثال كثير من الاساتذة انفسهم لم يدخلوا المراكز لا بمباراو ولا بحركة انتقالية ولكن على كتف فلان في الوحدة المركزية لتكوين الاطر او فلان في الاكادبمية او فلان في الداخلية او فلان في الحزب
    شكرا

  • الفساد توأم السرطان
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 13:42

    بمثل هؤلاء الرجال يبقى بصيص الأمل في يوم مشرق بهذا الوطن العزيز. و ليعلم كل من يحصل على امتياز بدون وجه حق و يستفيد من تعويضات من المال العام لا يستحقها سيخاصمه عليها الشعب المغربي كله غدا أمام الله. وكل من علم بخروقات وبفساد وسوء تسيير وتدبير وقام بفضحه فهو محب لهذا الوطن له منا كل التقدير .

  • PH...
    الثلاثاء 9 يناير 2018 - 18:35

    Un article fort comme d'habitude et je me demande où est le ministère
    de tout ce que les jaloux écrivent? il n'entend pas? il ne voit pas?
    Ou bien est-il satisfait de tous ces déséquilibres laids dans les
    centres et leur but est seulement de les attacher aux académies ??

  • مواطن
    الأربعاء 10 يناير 2018 - 07:45

    ايوا يا الله ا الوزارة ها هو الفساد ننتظر المحاسبة

  • متتبع
    الأربعاء 10 يناير 2018 - 14:34

    الغريب في الأمر أننا نجد مجموعة من الأساتذة بالمراكز إطارهم هو أستاذ التعليم الابتدائي، ولم يشتغلوا أساتذة في الثانوي أبدا، ولكنهم يكونون أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والإعدادي، ويكونون أطر الإدارة التربوية … وعوض أن يتقاعدوا يطالبون بالتمديد. أش غادي تفهم؟

  • محمد
    الإثنين 15 يناير 2018 - 11:09

    كلام جميل وذلك حين تطرقت إلى أن وزارة التعليم قامت بتفعيل مبدا "ربط المسؤولية بالمحاسبة" فمن سيحاسب من ؟ هل وزارة التعليم أم أشخاص خارج التعليم ؟ إذا كانت الوزارة فهي القاضي وهي المحامي وهنا قد ضاعت الحقوق كما هو الحال في الإعفاءات الأخير لأكثر من مئة إطار إداري وتربوي بدون سابق إنذار ، مع العلم أن أي موظف لا يعفى إلا إذا صدر في حقه ما يفيد أنه ارتكب مخالفة أو مخالفات عن طريق المجلس الـتأديبي وبمعاينة اللجان التي تقوم بزيارة الموظف ، والحال أن هؤلاء لم يسبق لهم أن عرضوا على المجالس ولم يتوصلوا بأي إنذار ولا توبيخ ، بل أكثر من ذلك كانوا يشاركون في تأطير الأطر الإدارية والتربوية وقد حصلوا على شواهد تقديرية من طرف رؤساءهم تحمل تنويها وتشجيعا ، ولم تشفع لهم مدة عملهم التي تجاوزت أكثر من عشر سنين من العمل في الإدارة التربوية فمن سيحاسب الوزارة الوصية إن هي حادت عن الصواب ؟

  • الزايدي ع العزيز
    الخميس 18 يناير 2018 - 00:50

    كلام في الصميم أستاذ عبيد دمت للحق منبرا صادحا

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 1

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 8

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء