التربية الجنسية في المدرسة

التربية الجنسية في المدرسة
الجمعة 23 فبراير 2018 - 22:35

دأب مركز التعلم والتواصل المعروف اختصارا بـCLC منذ إنشائه سنة 2003 على إصدار تقارير سنوية ترصد أشكال العنف الجنسي الذي يطال النساء والأطفال، من خلال الملفات المعروضة على القضاء، والترافع من أجل تربية جنسية للأطفال في المدرسة والحماية القانونية لضحايا الانحرافات الجنسية.

لقد رصدت خلال عملي بـCLC معيقات تحول دون القضاء على الانحرافات الجنسية، منها رجال دين وفقهاء لم يعاقبوا بقوة القانون على خلفية مسهم بحرمة أجساد أطفال ونساء يستعملن باسم “الرقية الشرعية”، وتمييز سلبي بين الجنسين بسبب غياب المساواة بينهما؛ كل هذا يؤدي إلى المس بالكرامة الجسدية التي تنتهك بشكل شبه مشروع، سواء خلال العلاقة الزوجية أو عند انحلالها.

بالفعل، لقد أبان السكوت المطبق عن موضوع الجنس بروز انحرافات جنسية ارتفعت أرقامها مع الوقت، منها اغتصاب الأطفال والحيف والظلم الممارس على جسم المرأة والمثلية الجنسية وغيرها، وهي مظاهر لم تسلم منها القرى والمدن.

في هذا السياق، أصبح من الضروري فتح ورش إصلاح القوانين المرتبطة بالمرأة والحريات الفردية وفق مقاربة حقوقية يؤطرها الدستور والمواثيق الدولية ورفع كل أشكال التضييق الذي يشوب نقاش الجنس، خصوصا في المدرسة. في حين سجلنا مؤخرا وجود نقاش شجاع حول موضوع الجنس بالتلفزة الرسمية المغربية.

الإصلاحات القانونية

وفقا للقانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي صادق عليه مجلس النواب قبل أيام، فإن “الإمعان في مضايقة الغير بأفعال أو أقوال أو إشارات جنسية أو لأغراض جنسية، والمرتكبة في الفضاءات العامة أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية يعاقب عليه بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من ألفي درهم إلى 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين”.

في الاتجاه نفسه، “يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة بين ألفي درهم إلى 10 آلاف درهم كل مرتكب للعنف أو الإيذاء ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد امرأة حامل، وتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الجريمة زوجا أو خاطبا أو طليقا أو أحد الأصول أو الفروع وغيرها، وفي حالة العود”.

هكذا تَيَسَّرَ للمرأة المظلومة منذ مدة طويلة، واليوم، بعد تنامي نداءات تعليم التربية الجنسية من طرف منظمات غير حكومية، أبرزهاAMDH وعشرات الجمعيات بهوامش المغرب، أود أن أساهم من موقعي بمجموعة من التصورات والمقترحات باعتبار التربية الجنسية في المدرسة من شأنها تجفيف منابع الانحرافات المجتمعية المرتبطة بالجنس بمختلف أشكاله وضمان علاقات جنسية رضائية متوازنة، سواء في إطار مؤسسات الزواج أو خارجها؛ بالإضافة إلى تجاوز التخبط والعشوائية التي تنتج مظاهر التخلف والعنف.

عـلميا:

يتعرض الأفراد لمدى واسع من الميولات والاتجاهات والاعتقادات حول الجنس في أعمار مبكرة، هذا يؤدي بهم إلى التشويش والاضطراب في قضايا الجنس، ما ينتج عنه خطر مرتبط بنشاطهم الجنسي.

ينبغي أن تطرح التربية الجنسية في توقيت مبكر لدى الأطفال لخلق حالة من الوعي بالنوع الاجتماعي، وتغيير الصورة النمطية المألوفة عن مصطلحي الجنس والغريزة؛ فالعملية المعرفية تمر بحالة من البناء منذ السنوات الأولى لعمر الطفل ونظرته لمفهوم الحياة التي تجمع الذكر والأنثى، وهي مرحلة لا يتطلب الخوض فيها الحديث عن التركيبة الفسيولوجية للجسم، وإنما تنمية الحالة الثقافية للمجتمع.

إن اكتساب معلومات وتشكيل اتجاهات واعتقادات حول الجنس والهوية الجنسية والعلاقات العاطفية، وتطوير مهارات الأفراد في سن مبكرة، يؤدي بالضرورة إلى حماية أنفسهم ضد الاستغلال والاغتصاب والعلاقات غير المشروعة والأمراض المنقولة جنسيًا.

وإذا كان الإسلام يدعو إلى الثقافة في موضوع الجنس وكل النواحي ويحذر من التورط في التهلكة، فإنه لا يوجد ما يعرقل إدراج مادة للتربية الجنسية في المدرسة المغربية؛ بدعوى أن سبب اغتصاب الأطفال من قبل المحارم لمدة تتجاوز أحيانا سنتين هو غياب تربية جنسية في الأسرة والمدرسة.

من العار أن يكون المغربي لم يتلق أي معلومات حول الثقافة الجنسية في المدرسة في ظل غياب دور الأسرة في التوعية الجنسية.

*باحثة في مركز التعلم والتواصل

[email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • Lamya
    السبت 24 فبراير 2018 - 10:34

    شكرا للباحثة شادية الرامي للتطرق لهذا الموضوع الهام.

    انا من مؤيدي التربية الجنسية في المدارس, و لكن بشكل علمي مدروس يراعي سن الطفل. و انا اميل الى الطرح الذي تقدم به الدكتور جواد مبروكي في هذا الخصوص. حيث انه يجب مرافقة الطفل نفسيا فيما يخص نظرته لعلاقته بوالديه و علاقة والديه فيما بينهما و توعيته بطريقة غير مباشرة بالعلاقة الطبيعية التي يجب ان تكون و حمايته من الاستغلال الجنسي و عدم تركه وحيدا ومهملا عند ملاحظة اختلالات في نفسيته…مثلا اذا قلت لطفل صغير "ارسم نفسك مع عائلتك" فماهي الالوان التي سيستعملها هل زاهية ام غامقة و اين سيرسم ابوه و امه هل كل واحد في جهة ام جالسين مع بعضهما و هل يلعبان معه و هو فرح ام انه بعيدا عنهما…في سن المراهقة ايضا يبدا التحول البيولوجي و الاحساس بالرغبة الجنسية, فيجب ملاحظة هل المراهق مثلا يتعامل مع زميلته باحترام ام يتحرش بها ام انه منغلق على نفسه او متطرف..و المراهقة هل تفرض وجودها بالتركيز على شخصيتها و افكارها ام تركز على جسدها بشكل مبالغ فيه بلباس مثير او المكياج و حركات انثوية مثيرة للانتباه و هل هي طبيعية و رياضية و تهتم بصحتها ام تهمل نفسها..

  • Lamya
    السبت 24 فبراير 2018 - 11:09

    …تتمة

    و اذا كانت المراهقة ترتدي الحجاب مثلا, هل عن قناعة دينية ام لانها تريد فرض احترامها, لان الشباب يتحرشون بها ام عندها مشكل او متطرفة و منغلقة ام يفرضه عليها والدها…

    و يجب توعية المراهقين و الشباب بان العلاقة الجنسية مسؤولية من الناحية النفسية و الصحية و المجتمعية و ان علاقة لمراة بالرجل لا تقتصر على الجنس او لا يمكن اختزالها في الجنس و الاعجاب بالمظهر و انما علاقة اعمق من ذلك بكثير.

    و كذلك يجب مرافقة الطفل و المراهق نفسيا, اذا كانا الابوين غير متفاهمين او قررا الطلاق و بان هذا ليس نهاية العالم و انه من حقه الحفاظ على العلاقة مع كليهما حتى بعد الطلاق و ليس من حق احد الابوين تحريض الطفل على الطرف الاخر و منعه من ابقاء علاقة معه.. و ان للطفل شخصية مستقلة فيما يخص علاقته بوالديه

    الاطفال والمراهقين و الشباب لديهم فراغ فيما يخص هذه المواضيع و مناقشتها و التحسيس بها و لا يجدون من يرافقهم في هذه الرحلة, لذلك فهم معرضون لمخاطر كثيرة.

  • ع عبد العدل
    السبت 24 فبراير 2018 - 21:26

    الإسلام يدعوا إلى الثقافة في موضوع الجنس، لكنه لا يدعوا إلى ما يسمى ''علاقة جنسية رضائية بين الذكر والأنثى'' والتي هي الزنا، ولا يدعوا كذلك إلى ما يسمى ''المثلية'' والتي هي الشذوذ الجنسي.

    وأعتقد أن من بين أهداف إدخال التربية الجنسية في المدارس هي تطبيع الأطفال مع الزنا ولما لا الشذوذ الجنسي كذلك، عن طريق تغيير مصطلحاتهما لتحبيبهما إلى قلوب المراهقين.
    فبالتالي الزنا سيصبح ''علاقة رضائية''، والشذوذ الجنسي سيصبح ''مثلية''.

  • sifao
    الإثنين 26 فبراير 2018 - 08:53

    الجنس،من "الثالوث المحرم" والتحريم هنا ليس المقصود به تجريم الجنس خارج حدود القانون او الشرع وانما المقصود به هو "الممنوع التفكير فيه" حسب تعبير "ميشل فوكو " فموضوع الجنس في التراث العربي والاسلامي لم يحض بالاهتمام لاعتبارات دينية واخلاقية …
    التربية الجنسية يجب ان تبدأ من الاسرة قبل المدرسة ، الاسرة هي الفضاء الامثل لتغيير نظرة الابناء الى الجنس من كونه فعلا لا اخلاقيا الى كونه جزء من العلاقة الطبيعية التي تجمع الذكر بالانثى وعلاقة الاب بالام هي المنطلق الاساسي لبناء هذا الانطباع في نفسية الاطفال ، من خلال مجموعة من الممارسات اليومية ، كتوزيع قبل المحبة بالتساوي بين الابناء والبنات والوالدين وتعود الابناء على رؤية الابوين نائمين جنبا الى جنب على نفس السرير والاستحمام الجماعي في المسبح او البحر ، وكذلك طريقة اللباس داخل المنزل
    والحديث عن الاعضاء التناسلية كما نتحدث عن باقي اعضاء الجسد…كل هذه الامور ستعمل على جعل "الطابو" الجنسي امرا عاديا… تساعد على النظرالى التربية الجنسية في المدرسة كمادة تعليمية مثل باقي المواد الدراسية ، لن يخجل التلاميذ من اثارة الموضوع من قبل استاذتهم..

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 1

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز