من نافذة التاريخ نعرف إلى أين نسير

من نافذة التاريخ نعرف إلى أين نسير
الخميس 5 أبريل 2018 - 17:54

إن النافذة الوحيدة التي يستطيع من خلالها المرء أن يطل على مستقبله ويستشرفه هي ماضيه؛ وأقصد بماضيه تاريخه بالمعنى الأوسع، إذ إن الضائعين من بني الإنسان في غاب الحياة هم أولئك الذين نسوا آثارهم، فصاروا يتخبطون في سبلهم تائهين سائمين متعبين، يقتلهم الندم وتكفنهم الشكوك وتدفنهم الحسرات. أما الشعوب الضائعة فهي تلك التي أضاعت تاريخها فتاهت في حاضرها دون رؤية نحو المستقبل، حتى جعلت تأتي عليها المآتي فتحول مصيرها نحو وجهة لا تدريها، بل تدريها فقط الأمم التي ألمت بتاريخها وتاريخ غيرها فمسكت بزمام الكل. كذلك حين يمسك المبصر بيد الأعمى، فإن الوجهة تحددها إرادة الأول، وإن كانت للثاني عاطفة وعاقلة.

لنوسع إطار نقاشنا، متأملين في حال بلادنا بعيدا عن الرمي بسهام النقد والتقويم. إذا نظرنا إلى المغرب اليوم، إلى نموه الاقتصادي وسيره الثقافي والحضاري، فهل يغدو هو البلد نفسه الذي أراده أصحابه منذ عقود؟ خير مقياس لذلك يتحقق من خلال إلقاء نظرة تفحصية للدساتير القانونية التي سنت، والمواثيق التنموية التي نهجت، ورؤى النخب التي دونت.. أو إلى التاريخ القريب باختصار، ثم مقاربة كل ذلك وغيره بالواقع المعيش.. فتأتي حينئذ القدرة على إعطاء الجواب القويم.

نحن بعد كل شيء لن نقول إن هذا البلد تراجع، وفي الوقت نفسه لن نبالغ كثيرا في الإخبار عن تقدمه، وما يبقى لنا في الأخير سوى التشبث بفكرة “الاستقرار”. ليس استقرارا سياسيا وكفى، وإنما استقرار حضاري ثقافي معرفي أيضا، هذا النوع الأخير الذي نتج عن تيهنا. في الاستقرار الثقافي والحضاري تضعف الذاكرة وتتلاشى فتنسى ما رسمته من أهداف وما التزمت به من مقاصد. أو ليس أقطع دليل على ذلك التيه ضياع رؤيتنا نحو المستقبل المتوسط والبعيد !

من منا يخبرنا كيف سيكون تعليمنا بعد ثلاثة عقود؟! وإذا أخبرنا.. فكيف نصدقه وحاضر تعليمنا يصرخ بعكس ما أُخْبِرْنَا به قبل ثلاثة عقود؟!

لقد تغير المغرب شيئا قليلا، وكيف لا يتغير وتلك سنة الحياة في الإنسان والطبيعة!

أجل، قد حقق المغرب ما لم تحققه أغلب الدول العربية والإفريقية الأخرى على مستوى التنمية البشرية والاقتصادية، خصوصا في الآونة الأخيرة؛ غير أن هذا لا يقنعنا لحد بعيد بنتائج ما خططنا له منذ أكثر من ثماني عشرة سنة.. فهل منذ أكثر من ثماني عشرة سنة كنا ضائعين كاليوم؟!

إنه وإن كان في مقارنة دولة بأخرى شيء من الأهمية والفائدة، فمقارنة الدولة بمحطات تاريخها يبقى الأولى والأجدى. أهمية التاريخ لا يثبتها سوى التاريخ ذاته. حيث أول ما تهدف إليه البشر من أجل ترسيخ هزيمة أعدائها وذلها هو محو ذاكرتها وما يكمن فيها من التاريخ والحضارة والخطط والرؤى. مثل ذلك تصنعه الحروب بالشعوب حيث تقصي تاريخها وتعدله حسب ميول وقيم الغالبين.

ما يستطيعه الإنسان تجاه ماضيه إذن ليس تغييره، بل المحافظة عليه فقط كما تقول سيمون فيل. أما في هاتيك المحافظة فتنبع الأساليب لتغيير المستقبل.

إن الناظر إلى المنظومة التعليمية اليوم بالمغرب مقارنة بخطط الأمس لن يقتنع بأدائها ونتاجها، والمنصت إلى جل الشرائح المجتمعية والمشاهد السياسية فسوف يشك حتما في حركة الزمن!

ألسنا مغربا ضائعا بعد هذا وغير هذا الكثير؟! شعب يكتشف ضياعه كلما غاص في حقائق تاريخه.. لكن ينبغي أن لا ننسى، ففي الوقت الذي نقلب فيه صفحات التاريخ نحقق شيئا من توازننا، ونكتشف بعض ما ضاع منا. فما الحاضر سوى حلقة ترتبط بوثاقة إلى حلقات مسلسل انطلق منذ زمن، هذا المسلسل الذي وجب علينا معاودة مشاهدته حتى نستوعب مسارنا، فنكشف نقاب الضياع عنا، ونستعيد الرؤية المستقبلية. إنه على أساس الرؤية المستقبلية نزداد، من مواقع مسؤولياتنا أفرادا مستقلة وجماعات موحدة، تشبثا بمبادئنا، ونجدد معرفة مقاصدنا ومقاصد التضحيات التي نخوضها ضد الغموض والتمويه وأعداء الذاكرة.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة