أبو بكر ازعيتر .. مدرسة يجب أن تدرس

أبو بكر ازعيتر .. مدرسة يجب أن تدرس
الإثنين 15 أكتوبر 2018 - 15:38

أبو بكر ازعيتر، شاب مغربي الأصل ترعرع في كولون، بألمانيا، من مواليد 10 مارس 1986، قصته ومراحل حياته منذ بدايتها إلى ما هو عليه الآن فيها معان كثيرة يصعب علي أن أوفيها حقها في مقالي هذا. أعلم أن العنوان مثير، وقد يقول البعض إنها مبالغة، سأجيب: أتمم المقال بنهم، وستدرك أنه فعلا كذلك.

بداية بأب، حلم أن يوصل أبناءه إلى طريق صحيح بتعاليم إسلامية دينية واعية، كما حرص على تدريسهم، ما جعله يتكبد عناء السفر كل يوم من مدينة كولون إلى بون لمدة 13 سنة، وغير ذلك من التوجيهات الصارمة والمتابعة الدائمة من أجل الحصول على أولاد يقومون بواجبهم أمام الله وأنفسهم؛ كما لم يضيع فرصة النهوض بهم من أجل ممارسة الرياضة كما كان يمارسها، مع التزامه بشغف بأن يدرب أولاده تداريب مكثفة منذ سن العاشرة.

وبدون أي شك أنه كانت للأب ازعيتر أهداف من أجل الوصول إلى رؤية واضحة تجاه أبنائه، وهذا في حد ذاته قبل أن يكون إنجازا فهو حكمة ربانية يؤتيها الله من يشاء أن يحرص الأب على أبنائه بتعليمهم أسس الحياة وبنائهم على تعاليم دينية واعية، وهي الأصل في نشأة الفرد المسلم وتحصينه؛ فرغم المغريات والتقلبات التي يواجهها في حياته تنبثق تلك المعاني الربانية لتذكرك بحق الطاعة لربك، وحق نفسك عليك.

كما لم يجعل الأب ازعيتر تركيزه على تعليم أولاده واجبات دينيهم الإسلامي وحسب، بل أصر أن يتمموا دراستهم، وهذا حتما كان هدفا يخدم رؤيته، فالتركيز على الدراسة والتعليم المستمر لأب تجاه أبنائه يصنع جيلا مخضرما، وأن يكون واعيا بما يقول أمام نفسه وأمام الناس وأن يطبق دينه بوعي وليس عن جهالة.. أما بالنسبة لحرصه على التداريب الرياضية لأبنائه بالتزام، ومرونة وإصرار، فهذا تحد ووعي لكي يعيشوا وفق عقلية إنسان رياضي، أن يعيشوا مع هواية، فالهواية تصنع إنسانا له مبدأ ورؤية في حياته، كما أنها قد تكون مهنته المفضلة التي غالبا ما يكون الإبداع فيها خياليا.

كما لا يمكن أن ننسى فضل الأم في كل هذا، فعندما يضع وزير التعليم منهجا محكما فما على الأستاذ إلا اتباعه، وخلق جو مناسب للتلاميذ، حتى إنه يبتكر طرقا لاستيعابهم له؛ فالأم وبلا شك حرصت على تنفيذ المنهج وبجدارة. (أطال الله عمرهما).

الدين الصحيح، الحرص على الدراسة والتعليم، صقل الهواية والموهبة، ثلاثة مبادئ أساسية لمنهج تربوي مثالي.

ومن هنا ننتقل، إلى أبو بكر ازعيتر، الذي خلال مراحل حياته مر وكأي شاب من أيام صعبة، تغلب فيها النزعة الشبابية والإحساس بالذات والأنا (حديثي عن الفترة العمرية ما بين 19 و21 سنة).. كان يعمل في نوادي الاحتفالات، ما سبب له مشاكل وصراعات نتيجة الدفاع عن نفسه، أدت به إلى السجن أكثر من مرة خلال هذه الفترة؛ وهذه المرحلة كانت كفيلة بأن تجعله شابا متمردا على نفسه وعلى عائلته، وأن يتبنى فكرة أن مستقبله ضاع، إلا أن المنهج السليم في التربية يكسر هذه القاعدة، فجعل من هذه الأزمة بداية جديدة جعلته يقرر وبحسم ممارسة هوايته المفضلة كعمل جاد وفق معايير عالمية، وأن يستغل هوايته وقوته البدنية في ما ينفعه في المستقبل؛ ورغم أنه كان يعيش حياة كريمة، أصر على أن يعتمد على نفسه ويشق الصعاب لتحقيق هدفه السامي. وهنا يكمن النجاح، في أن تمتلك الشغف في ما تعمل، وليس العمل فقط للحصول على مورد عيش أو منصب من أجل وضع اجتماعي، أو عمل فقط من أجل الشهرة والمال؛ فالشغف في أي عمل شخصي، إنساني، إبداعي، رياضي… يصنع التميز، الإبداع، والانفرادية سر معظم الناجحين والمتميزين على مر العصور.

عندما يبدأ الشخص والغاية في ذهنه تسهل عليه رؤية كيفية تحقيق هدفه؛ وذلك ما كان لأبو بكر ازعيتر.. حبه وشغفه للرياضة بداية من “الكينغ بوكسين “إلى “إم إم أ”، وطموحه وإصراره على الوصول إلى الرؤية التي رسمها والقرار الذي أخذه على نفسه بأن يكون بطلا عالميا، لم يكن تطبيقه سهلا، وخصوصا أنه يريد وضع بصمته المغربية في ألمانيا؛ ففي أوج الصعاب، المطبات والمكائد التي كانت تلاحقه، يأتي الإصرار، العزيمة، الالتزام، المرونة، الاستمرارية لتكون عنوان شخص ملتزم أراد أن يكتب اسمه في التاريخ؛ وفعلا أتبث لنفسه وللعالم أنه بطل عالمي بامتياز، بطل حصد ثلاث سنوات على التوالي لقب أحسن لاعب في ألمانيا، وألقابا وجوائز عديدة في فترة وجيزة، بطل توجت كل نزلاته بالفوز إلا واحدة فقط، ونجاح أسطوري لأول مغربي في أكبر منظمة لـMMA ، وهي UFC على خصم محترف؛ ما جعله يرفع العلم المغربي بنجاحات مرصعة من ذهب.

“كل هذا وأسرار تبقى في جعبة صاحبها لعلي أكتشفها قريبا بإذن الله، لأن أبو بكر ازعيتر يبقى حكاية طموح لا تنتهي”.

والسؤال هنا، هل السعي الجسدي كاف ليحول شابا تائها إلى بطل عالمي بهذا الحجم؟.

قال الله تعالى‏:‏ “‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ” ‏(‏سورة الطلاق‏:‏ 2- 3‏).

وقال سبحانه وتعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (الآية 30 سورة الكهف).

وقوع في أخطاء، والقيام منها بدرس، وسلك طريق سليم، ومحاولة تطبيق قيم أخلاقية جميلة والعبادات، منها المداومة على الصلاة وصلاة الفجر، كما صرح البطل في عديد من المقابلات بأن أهم نزال كسبه هو دوامه على صلاة الفجر، واحتساب كل نجاحاته وقوته البدنية لله عز وجل من قبل ومن بعد، والإفصاح عنها في كل منابر العالم. كل هذه معان يجب التفكر فيها، لأن حب الله يكمن في فهم وتطبيق المعاني التي خصها في كل شخص منا، وأن نذكر فضله علينا في السراء والضراء، ونفهم أن ما نحن عليه لم يكن لو لم يرد الله. إن الله خلق الخير والشر، الغنى والفقر، السعادة والحزن، الصحة والمرض، الليل والنهار، قال الله عز وجل: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) الذاريات/ 49، وميزنا كإنسان بأنا لنا عقلا يدبر ويختار ما يريد وله ما يشاء سواء خير أم شر… فمثلا أبو بكر ازعيتر قرر أن يبتعد عن دائرة السوء ويجعل لحياته معنى وهدفا يعيش لتحقيقه وتوكل على الله، فمكان له إلا أن يحصد الخير الوفير وأن يمكن الله له في الأرض. التوفيق والنجاح وحب الناس الذي هو من حب الله للعبد. كما للشكر معنى خاص، فباختصار هو السر للمحافظة على النعم وتكاثرها، وهذا ما توضحه جل تعاليق الإخوة ازعيتر على الصور والفيديوهات.

وكل هذا ليس من خيالي أو مبالغة مني أو أنني أصفه بالكمال، فأنا أعلم جيدا أن الكمال لله عز وجل وحده، وما أوتيت من العلم إلا قليلا. فلكوني باحثة في التنمية الذاتية بمنظور إسلامي وعلم النفس أثارني الشغف لأدرس كيف لهذه الأسرة الكريمة الحرص على العيش في توازن في هذه الحياة؟.

وأخيرا، رسالتي من هذا المقال أن يعيش هذا الجيل بعقلية شابة صافية لله عز وجل وبقلب مؤمن مطمئن.

*باحثة في التنمية الذاتية بالمنظور الإسلامي، كاتبة وطالبة في علم نفس، رئيسة جمعية الكوثر للتنمية البشرية وتطوير الذات.

‫تعليقات الزوار

2
  • قنيطري
    الإثنين 15 أكتوبر 2018 - 19:16

    لم أستطع تكملة قراءة المقال. دعاية فجة. حشو مجاني للدين . يتعلق الأمر بشخص أحرز بعض النجاح في رياضة معينة، في بلد يتيح الفرص لدوي المواهب، يتيحها لمثله ولغيره في عدة ميادين. وكفى مغالطات

  • yass
    الثلاثاء 23 أكتوبر 2018 - 08:09

    نعم اوافق تعليق (القنيطري)كل هذا ما هو الا اجتهاد في التطبيل والتغياط لواحد من المنعم عليهم ،و هذه صفة معروفة عندنا في العرف،(تبحليس)،يجتهدون في اقتناص فرص تبحليسية ربما لتفتح لهم ابواب،بعد كسب رضا ،وهذه ثقافة اجتهادية موجودة خصوصا في الجسم الجمعوي والحزبي المغربي ،( المشي مع التيار)رضا عليه المعلم صاف ،

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس