تدبير أزمات المقاولات..المقاطعة نموذجا

تدبير أزمات المقاولات..المقاطعة نموذجا
الإثنين 31 دجنبر 2018 - 07:55

من بين الأمور التي أصبح لزاماً تدريسها في المناهج الاقتصادية، وخاصةً منها الشق المتعلق بتدبير أزمات المقاولات، ظاهرة مقاطعة الاستهلاك.

ظهرت أولى مفاهيم المقاطعة منذ قرون؛ إذ إن بعض الوقائع في تاريخنا الإسلامي شهدت على ذلك؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم استعمل هذه الوسيلة مع بني النضير لإضعافهم، وأمم أخرى كثيرة استعملتها عبر العصور، كتلك المقاطعة التي قام بها الفلاحون في ايرلندا إبان حركة تحريرها من الاحتلال في أواخر القرن التاسع عشر حيث امتنعوا عن التعامل مع أصحاب الإقطاعات الزراعية الإنجليز، ثم ما قام به المهاتما غاندي حينما أمر الشعب الهندي بالعزوف عن استهلاك منتجات النسيج البريطانية كأسلوب مدني للمطالبة بالتحرير، وأمثلة عديدة لا يمكن سردها كاملة…

إن المقاطعة الاقتصادية لها نفس مقاصد مثيلتها السياسية؛ ذلك أن كلتيهما يعتبران شكلا من أشكال النضال السلمي الذي يكفله القانون للتعبير عن الاستياء والنفور من الجهات التي بيدها دواليب القرار.

إن التعبئة الكبيرة التي أصبحت تمنحها وسائل التواصل الاجتماعي أعطت للمقاطعة زخما كبيرا، فالمستهلك أخد بيده زمام المبادرة، خصوصا أن أداء الجمعيات المدافعة عنه أثبت ضعفه وعدم قدرته على لجم بعض الممارسات التي تقوم بها المقاولات، خاصة تلك التي تستحوذ على حصص كبيرة من السوق.

لقد بات من المهم استخلاص العبر وتقييم تجربة المقاطعة التي خاضها المستهلك المغربي خلال سنة 2018 والتي تعتبر حالة ناذرة في حد ذاتها يجب استيعاب دروسها لاستباق أحد أصعب المطبات التي يمكن أن تمر بها المقاولات، لما لها من تأثير مالي واجتماعي على العمال والمساهمين على حد سواء.

فالرؤية السائدة اليوم عند مسؤولي المقاولات ومكاتب دراسات الجدوى تعبر عن قصور ومحدودية فيما يخص الجانب المتعلق بتأطير حاجة الزبون بتجاهلها الجانب الأهم في المعادلة، ألا وهو ثمن المنتوج.

إن التدقيق في مفهوم الحاجة في الاستهلاك يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور أساسية:

1. الشركات اليوم مطالبة بالإجابة على معايير المستهلك التقنية ووضع الجودة كأولوية في سلسلة الإنتاج.

2. عدم إغفال القدرة الشرائية في تحديد سياسة الأثمنة ووضع رؤية مستقبلية لتطورها.

3. القيام بحملات تواصلية دائمة وليست ظرفية تجعل المستهلك على دراية بكل المتغيرات الاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على المنتوج وعدم الاقتصار على الوصلات الاشهارية التلميعية.

باختصار يجب على المقاولات أن تؤسس سياساتها الاقتصادية انطلاقا من دراسة السوق مرورا بالإنتاج ووصولا إلى التسويق، على مفهوم أساسه علاقة تلاؤم ومرونة بين الجودة والثمن.

كما على المقاولات مهما يكن حجمها أو طبيعتها أن تعلم أنها ليست بمنأى عن ارتدادات قد تكون لها عواقب وخيمة على وضعيتها المالية في حال أغفلت إشراك المستهلك ومتطلباته في استراتيجياتها، خصوصا أن السوق اليوم يمنح للمقاطعين إمكانية الحصول على سلع بديلة، سواء باللجوء إلى الشركات المنافسة لتلك المستهدفة بحملة المقاطعة أو تغيير جذري للعادات الاستهلاكية.

لقد أصبح حتميا على الشركات خلق خلايا تتبع لتطلعات المستهلك من قبيل تلك التي تشكل عادة لمراقبة المنافسين لكي تتمكن من استباق أي تغيير في سلوك الزبون.

لقد أعطت مثل هذه التجربة النوعية للمقاولة المغربية فرصة كبيرة من أجل إدخال مفهوم جديد في التسيير، إن اسْتُغِلَّ بالشكل الصحيح سيؤسس لا محالة لسبق ليس على مستوى المنظومة الاقتصادية المحلية فقط، بل حتى على المستوى الدولي لمفهوم تدبير الأزمات الفجائية للمقاولات كالمقاطعة.

فهل من مستفيد؟

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52

“أش كاين” تغني للأولمبيين

صوت وصورة
الماء يخرج محتجين ببني ملال
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:30

الماء يخرج محتجين ببني ملال

صوت وصورة
كورنيش يشتكي الإهمال في سلا
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:14 3

كورنيش يشتكي الإهمال في سلا

صوت وصورة
ابن يجهز على الأب بالجديدة
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 12:47 8

ابن يجهز على الأب بالجديدة

صوت وصورة
قصة | صابرين مزيكير
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 10:50

قصة | صابرين مزيكير

صوت وصورة
ملفات هسبريس | أزمة المياه
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:30

ملفات هسبريس | أزمة المياه