التّدَيُّنُ وَالتَّعْلِيمُ وَظَاهِرَةُ التّطَرُّفِ الدِّينِيِّ

التّدَيُّنُ وَالتَّعْلِيمُ وَظَاهِرَةُ التّطَرُّفِ الدِّينِيِّ
الأربعاء 16 يناير 2019 - 08:28

بِسمِ الله الرّحمنِ الرحيمِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ على رَسولِ الله.

يشْهد العالمُ في العقودِ الأخيرةِ تناميّاً حادّاً للفِكر المُتَطرِّف، الذي يميل إلى الإقصاء وكُرهِ الآخر، والعملِ على مصادرةِ الحقِّ في الرّأيِ وعدمِ قبولِ الاختلافِ. إلّا أنّ ظاهرةَ التّطرفِ ليْستْ دِينية دَائماً -كما يظُنّ البعضُ- إذْ في الوقتِ الذِي نَجدُ فيه متديّناً متَطرِّفا نجدُ أيْضا عَلمانيّا متطرِّفاً ومُلحداً متطرِّفا، فالتّطرفُ صفةٌ قبيحةٌ وناشزةٌ تَعتَري مُختلفَ التّوجهاتِ الدّينيةِ أو الفِكريّة، لكنْ هدفَنا في هذه المقالةِ بيانُ مردِّ التّطرف الدينيّ ومنشئهِ.

أولا: فطريةُ التّدينِ.

يقول ابنُ منظور في لسانِ العَرب: ” والفِطرةُ مَا فطرَ اللهُ عليهِ الخلقَ، من المَعرفةِ بهِ، وقد فَطرَهُ يفطُرهُ (بالضَّم) فَطْراً أيْ خَلقَهُ” ]1 [ فَالفِطرةُ هِي الخِلقةُ التي خُلق عَليهَا الإنسانُ، والسّجيّةُ التي جُبلَ عليهَا المرءُ منذُ ولادتِه، وتَتَمثَّل في المُيُول إلى التّديُّنِ والنُّزوع الغَريزِيِّ إلى السُّلوكِ الدِّينيّ. ولوْ دَقّقْنا أكثَر لقُلنَا إنّ الفِطرةَ التي خُلقَ عليْها الإنسانُ فِي جَانبِها الدِّينيِّ هِي التّوحيدُ، وإِنّ اعتناقَ غَيرِها اِنحرافٌ عنْها. ومِصدَاقُ ذلك في الذّكر الحَكيم قوله تعالى: ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ) ]الأعراف/172 [ ، يقول العلامةُ المكّي الناصِري رحمهُ اللهُ: “أقْدَمُ وأَوَّلُ ميثاقٍ أخَذَه اللهُ عَلى كافَّةِ العِبَادِ وهُم لا يَزالونَ فِي أصْلابِ آبَائِهم سرّاً مِكنوناً فِي عَالم الغَيبِ، وهذا المِيثاقُ هُو ميثاقُ فِطرةِ اللهِ التي فَطرَ النَّاس عليها، وهُو يتضمّن في جَوهرهِ الإقرارَ بِربوبيّة اللهِ وبِعبوديةِ الإنسانِ، على أساسٍ من التّوحيدِ والإيمانِ. فما مِن إنسانٍ إنسانٍ وُكِلَ إلى فطرتِهِ الأولى، ولم تتعرَّض فطرتُه لعواملِ التَّشويهِ والإفسادِ، إلَّا وَهو مُقِرٌّ بألوهية اللهِ ورُبوبيّتِهِ للعبادِ، ومُعترِفٌ منْ أعمَاقِ قلبِهِ بِهذا المِيثَاقِ” ]2 [ فَانطِلاقاً من هذا الكلامِ نَعِي أنَّ التَّدينَ سُلوكٌ فطريٌّ لازمٌ لِلإنسانِ منْذ نَشأتِه على هذه الأرضِ. وقَد أقَرَّ الفيلسوفُ الفَرنسيّ هِنْري بِرغْسون بِهذهِ المُلازَمةِ الضَّاربَة في المَاضي السَّحيقِ فيَقولُ: (فَلقَد نَرَى في السَّابِق أوْ في الحَاضِر مُجتمعاتٍ إنسانيةً لا حَظَّ لَها مِن علمٍ أو فَنٍّ أو فَلسَفةٍ، ولكنّا لا نَعرِفُ مُجتَمعاً لا دِينَ لهُ) ]3 [، ويُحاولُ الدّكتور عبد الله الخَريجي أنْ يُقدِّم تفسيراً نفسيّاً واجتماعيّاً لهذه المُلازمةِ المطَّرِدَةِ بيْن الإنسانِ والتّدَيّن فيَقولُ: (إنّ الإنسانَ بفِطرتِه لا يُمكنُ أنْ يَستَقِرَّ في هَذا الكوْنِ الهائلِ ذّرةً تائهةً معلَّقةً ضائعةً، إذْ لابدَّ لهُ من رِبَاطٍ مُعيَّنٍ في هذا الكونِ يضْمنُ له الاستقرارَ ومعرفةَ مكانِهِ في هذا الكونِ الذي يعيشُ فيهِ، ولذَلك لابُدَّ له منْ عقيدةٍ تُفسِّر له ما يُحيطُ به وتُفسِّر له مكانَه فيما حولهُ، فالدِّين ضَرورةٌ فطريَّةٌ شعوريَّةٌ لا علاقةَ لهُ بمُلابَساتِ العصْرِ والبِيئةِ، وكمْ كانَ شقاءُ الإنسانِ وحيرتُه وضلالُه حينَ اخْطأ في فَهمِ حقِيقةِ هذا الارتِباطِ وهذَا التَّفسيرُ، أيْ أنَّ حاجةَ الإنسانِ إلى الدِّين حاجةٌ فطريّةٌ مُركَّزةٌ في طبيعتِه النّفسيّةِ ومغروسَةٌ في شعورِهِ) ]4 [

إنَّ فِطريَّةَ التَّديُّن حقيقةٌ يُقرُّها القُرآنُ الكريمُ، وتُؤكدُها مختَلفُ العلومِ، ويُصدِّقهَا الوَاقعُ، فلا سَبِيلَ لاعتِقادِ أَنّ التّديّنَ أمرٌ عَارضٌ أو سُلوكٌ مكْتَسَبٌ يُمكنُ الاسْتِغْناءُ عنه بسُهولةٍ، كَلَّا إنَّهُ شعورٌ فطريٌّ راسخٌ، يستحيلُ تَبديلُه، قال اللهُ تعالى:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ]الروم/30 [

ثانيا: تَدبِيرُ الشَّأنِ الدِّينيّ، نَماذجُ ونتائجُ.

عطْفاً على مَا تَقدَّمَ ذِكْرُه في المِحورِ السّابقِ من قَاعدةِ فِطريّةِ الشُّعورِ الدِّينيِّ والنُّزوعِ الجِبِلِّيِّ إلى التَّديُّن الرّاسِخِ فِي الكَائنِ البَشريِّ، فإنّه لنْ يَبْقى أمَامَنا سِوى التّعامُلِ الإيجَابيِّ معَ الدِّينِ في حُدودٍ معيّنَةٍ تُراعي منهجَ الوسطيّةِ. إِلا أنَّنَا في هَذا المَقامِ آثَرنَا أنْ نَدرسَ نَموذجيْن في التَّعاملِ مع الدِّين، أحدُهما سلَك مسْلكَ الإفْراطِ والتَّشدُّد فيهِ وهُو النَّموذجُ الدِّينيُّ السّعوديُّ، أمّا ثانيهما فقَد سَلكَ مسلكَ التّفريطِ فيهِ ومُواجهتهِ وهو النّموذجُ التّونسيّ. وسَيَتَبَيَّنُ لكَ أيّها القارِئُ الكريمُ كمَ سَاهَم هذان النّموذجانِ في إنتاجِ المُتَطَرِّفين والمُتَشَدِّدينَ، إما بطريقةٍ مُباشرةٍ أو غيرِ مُباشرةٍ.

1 – النّمُوذَجُ الدِّينيُّ السّعودِيُّ.

إنّ النَّموذَجَ الدِّينيَّ السَّعوديَّ يقومُ عَلى الإفراطِ في كُل مِن التَّبْدِيعِ والتَّحريمِ والتَّكفيرِ، وهيَ أحْكَامٌ تَتَرتَّبُ عليها نتائجُ ثقيلةٌ كَوجُوبِ المُحاربَةِ واستِحْلالِ الدَّمِ وغيرِها، وَهو أسْلوبٌ أبْعدُ ما يَكونُ عنِ الحكمةِ والوسطيَّة والاعتِدالِ التي دَعَتْ إليها الشّريعةُ السَّمْحةُ. وبسبَبِ الإفراطِ فيمَا ذكرنَاهُ، نَهج مُحمدُ بنُ سعودٍ -المُؤسِّسُ الأولُ للدولةِ السّعوديةِ – وأتباعَه مِمَّن تَأثّروا بالشيخِ محمّد بنِ عبدِ الوهاب مَنهجَ العُنْفِ والقتالِ بالسّيفِ ضدَّ المُخالفينَ بدعوى كَونِهم أَهلَ بِدعٍ ومحدثاتٍ، ويُبَيِّنُ الدّكتور أبُو زُهرة -رحمه الله- أنماطَ تَشَدُّدِهم، وذَكرَ منْ بينِها أنَّهم: (لمْ يكتَفُوا بِجعلِ العبَادَةِ كمَا قرَّرهَا الإسلامُ في القُرآن والسُّنَّة وكَما ذَكرَ ابنُ تيْميةَ، بل وأرادُوا أنْ تَكونَ العباداتُ أيضاً غيرَ خارجَةٍ عن نطاقِ الإسلامِ، فيلتزم المسلمون ما لتزمَ، ولِذا حرّمُوا الدُّخانَ، وشَدَّدوا في التَّحريمِ، حتّى أنّ العامّة منهم يعتَبِرونَ المُدَخِّنَ كالمُشركِ، فكانوا يُشبِهونَ الخَوارجَ الذينَ كَانوا يُكفِّرونَ مُرْتَكبَ الذَّنْبِ) ] 5 [. فهذِه أهمُّ سِماتِ النَّموذجِ الدِّينيِّ المُتَشدِّدِ الذِي تَتَبَنَّاهُ السّعوديّة، وقد فَصَّل في المَوضوعِ أكثرَ الدّكتور أحمد الرّيسُونِي في مَقالٍ لَه بِعنوان “الإسلامُ السّعودي، من الازْدهارِ إلى الاندِحارِ” وقد نُشِرَ في مَواقعَ إلكترونيةٍ كثيرةٍ.

2 – النّموذجُ التّونسيُّ في التَّعامُل مَع الدّينِ.

لم نُسَمِّه نَموذجاٌ دِينيّاً، بسببِ أنَّ الدّولةَ التّونسيّةَ في زمنِ حكمِ كلٍّ منْ بُورقيبَة وبْنعلي، وَقَفتْ في مواجهةِ الدّينِ وتَحدِّيهِ، ومُحاربَة مظاهرِ التّديُّن في البِلادِ، وحَاولتْ بالقوَّةِ طمسَ المَعالمِ الظاهرةِ للإسلامِ في المُجتمعِ التّونسيِّ المُحافِظِ، وعليهِ فإنّ تُونُس آنذاكَ لمْ تَتَبنَّ علمانِيةَ (محايِدةً) تُعطي الحرّيّة للأفرادِ والجَماعاتِ، بلْ تَبَنَّتْ علمانيةً متَطَرِّفةً ومتَشدِّدَةً، نَصَبَتْ العدَاءَ للدِّين فأغلقتْ المُؤسّساتِ المُهتمَّة بالتّعليمِ الدِّينيّ من بينِها جَامع الزيتونة، وفَرضَت الرَّقابَةَ على المساجدِ والخُطَب واضْطَهَدتْ الأحزابَ والحركاتِ الإسلاميةَ ومنَعتْ المُحَجّباتِ من وُلوجِ الجَامعاتِ والمُؤسسّاتِ العموميةِ … فعمِلت على استبدال الهُوية الغَربيةِ بالهويةِ التّونسيَّةِ، دُون تفويضٍ من الشّعبِ المُسلمِ.

3 – حَصِيلةُ النّموذجَينِ.

إذَا تأمّلنا النّموذجينِ السّابقينِ في التّعاملِ معَ الدّينِ فإنّنا سنُلاحظُ أنّ النّموذَجَ السّعوديَّ يَطْبَعُهُ الإفرَاطُ والتّشدّدُ في الخِطابِ وفي المُمَارسَةِ، وأنّ النّموذَجَ التّونُسيّ يطْبَعُهُ التّفريطُ في الدّينِ بلْ مُحارَبتُه. فكِلاهُما مُنحرِفٌ وزَائغٌ عن المنهجِ الوَسَطيِّ المَطلوبِ، وكِلاهُما مُتَطَرّفٌ. أمّا على مستوى النّتائجِ والحَصيلةِ فقدْ كانتْ ثَقيلةً للغايةِ، فلنْ نَستغربَ إذا عَلِمنا أنّ السّعوديّة هِي المُصدِّر الأول للمُقاتلينَ في التّنظيمات المُتطرِّفةِ (على المُستوى العَربِي) كتنظيمِ القاعدَة وتنظيمِ الدَّولة الإسْلامية (داعش) وغيرِهما، وهذا أمرٌ متَوَقَّع خاصّةً إذا أخَذنا بِعينِ الاعتبارِ سِمة الخِطابِ الدِّينيّ السّعوديّ في تَعليمِها وإِعلامِها، ومَكانَتها المَركزيةِ في العالمِ الإسلامي، وكثافتها السُّكانيةِ غيرِ القليلةِ. لكن من المُثيرِ للاستغرابِ حقّاً هو احتلال دولةِ تونُس المرتبةَ الثّانيةَ عَربيّا بعد السّعوديةِ مباشرةً في تصديرِ المًقاتلينَ إلى التّنظيماتِ القِتاليةِ في سورية والعِراق وغَيرها، رغم قِلّة كثافتِها السُّكانيّة، وصِغَر مِساحتِها الجغرافيةِ، ونَموذَجها العَلمانِي المُتَطَرِّف، الذي جعل شبابَها لم يتلقّوْا تعليماً دِينيّاً كافِيّا ! وقد ذَكرتْ العديدُ من المواقعِ الإلكترونيةِ إحصائياتٍ تؤكدُ ما قُلناهُ، ولإثبات ذلك أكثرَ أنقلُ فقرةً من كتابِ “الدولة الإسلامية” -يقصِد داعش- للإعلامي الدّكتور عبد الباري عَطوان جاءَ فيها: (ويُشكِّل المقاتلونَ الأجَانِبُ جانباً مُهمّا من تركيبةِ “الدّولةِ الإسلاميّة” وهيئاتِها الإداريةِ والقِتاليّةِ … ويحتَل السّعوديّون النِّسبةَ الأكبَرَ بين العربِ والمسلمين، حيث يزيدُ عددهم عن سبعةِ آلافِ مقاتلٍ، يليهم التّونسيّون، وعددهم خمسةَ آلاف مقاتلٍ) ]6 [

ثالثا: النِّظامُ التّعليميُّ الجَيِّدُ في مُواجَهةِ التَّطرُّفِ.

إذَا تأمّلنا النّموذجين السّابقين في التّعامل مع الدِّينِ، فإنه لا يخلو الأمرُ من توظيفِ المَنظومةِ التّعليميةِ لإذكاء خِطاب التّطرف الدّيني في النَّموذج السّعودي، أو التّطرف العلماني المُؤدي بطريقةٍ غير مُباشرة إلى تَطرف دينيٍّ في النّموذج التّونسي. فالتّعليم يُعَدُّ من بَينِ القَنَاطِر الكُبرى لتَمريرِ الأفكارِ، سواءٌ كانت إيجابيةً أو سلبيةً، ولتَرسيخِ القِيم سواءٌ كانت مُعْتدِلةً أو متَطَرِّفةً.

وإنّنا هُنا لا نُقلِّل من شأنِ المُقاربَاتِ والإجراءاتِ الأمنِيَّةِ التي تَنهَجُها الدّولةُ غالباً لمواجهةِ هذه الظّاهرةَ، إلّا أنّها ليستْ كافيةً. فالتّطرّف فكرٌ، والفِكرُ لا يُهزَمُ إلّا بفكرٍ أقوى وأثْبَتَ منه. وعليه يَتَعيَّن على الدّولة والمُجتمعِ تَوفيرَ نَموذجٍ تعليميٍّ مَبنيٍّ على قِيم الوَسطيَّةِ والاعتدالِ، وأقصِد هُنا بالتَّحديدِ الجَانبَ الدِّيني والقِيميّ من المَنظومةِ التّعليميّة، كالتّربيةِ الإسلاميةِ والفَلسَفةِ والتّاريخ …وغَيرها.

وقَد أخْطأ كثيرٌ من النّاس حينَما زَعَموا أنّ مَحو التّعليمِ الدّينيّ وإزالةَ مادّة التّربيةِ الإسلاميةِ من البرامجِ الدّراسيةِ هو السّبيلُ للتّخلصِ من ظَاهرةِ التّطرفِ ! ومحلُّ خطئِهم هُنا يَكْمُنُ في جهْلِهم بِفطريّةِ التّدَيُّن في الإنسانِ، وبأن العَالمَ أضحى كغُرفةٍ صغيرةٍ يَتِمُّ تداولُ الأفكارِ فيها بسُهولةٍ ودُون أدنى تَكلُّفٍ. فإنْ منَعتَ إنساناً من تَعلُّمِ دِينِهِ في مؤسّسةٍ تعليميةٍ عُموميةٍ، ترعاها الدّولةُ وتَحرُسُها، فإنّه لا شكَّ سيبْحثُ عن أماكنَ أخرى غيرِ آمنةٍ، لتلقِّى التّعاليمِ الدّينيةِ قصْدَ إشباعِ حاجاتِه الرُّوحية والفِطريّةِ، وفي هذه الحالةِ سيسْقطُ ضَحيّةَ الخِطابِ المُتَطَرِّف، ورُبَّما سينْخرِط في تَنظيمٍ عنيفٍ للقتالِ. وعليهِ فالسبيلُ الصَّائبُ، بل الأصْوبُ هو تقويَّةُ مكانةِ التَّعليمِ الدّينيِّ، مع تجْويدِ مناهجهِ، وملاءمتها مع الواقعِ المُعاصِرِ. وذلك هُو أقوى مناعةٍ يُمْكنُ أنْ نُزودَ بها الشَّبابَ ضدَّ خِطابِ الغُلوِّ والتّطرُّفِ.

الهوامـــش:

1 – “لسان العرب” ابن منظور، ج:5، مادة “فطر”.

2 – “التيسير في أحاديث التفسير” العلامة المكي الناصري، ج:2/ص:290.

3- “منبعا الأخلاق والدين” برغسون، ص:113.

4 – “علم الاجتماع الديني” عبد الله الخريجي، ص:37.

5 – “تاريخ المذاهب الإسلامية” أبو زُهرة، ص:199.

6 – “الدولة الإسلامية، الجذور، التوحش، المستقبل” عبدالباري عطوان، ص:18.

‫تعليقات الزوار

10
  • سعيد المغربي
    الأربعاء 16 يناير 2019 - 09:31

    تحية لكاتب المقال وبعد، فقد أوردت ما يلي: إنَّ فِطريَّةَ التَّديُّن حقيقةٌ يُقرُّها القُرآنُ الكريمُ، وتُؤكدُها مختَلفُ العلومِ، ويُصدِّقهَا الوَاقعُ، فلا سَبِيلَ لاعتِقادِ أَنّ التّديّنَ أمرٌ عَارضٌ أو سُلوكٌ مكْتَسَبٌ يُمكنُ الاسْتِغْناءُ عنه بسُهولةٍ، كَلَّا إنَّهُ شعورٌ فطريٌّ راسخٌ، يستحيلُ تَبديلُه…
    فهلاّ أسهبت في ذكر بعض العلوم التي تؤكد ’’فطرية التدين‘‘ لأنني لم أجد إليها سبيلاً.
    وتحية هسبريسية

  • Peace
    الأربعاء 16 يناير 2019 - 11:09

    متفقة معك ان التطرف مرده الى تبديع كل شيء بغيرعلم و ايضا تسفيه اصحاب البدع الحسنة و عدم التمييز بين محدثاث الامور و بذلك يصبح الاسلام متحجر و راكد و متصلب. و ايضا تكفير مرتكبي المعاصي من المسلمين, رغم ان هناك عقاب خاص بالمسلمين على المعاصي التي يرتكبونها, و هذا ان دل على يء فانما يدل على ان المسلمين ايضا يرتكبون يرتكبون المعاصي فليسوا كلهم اولياء صالحين او انبياء و ملائكة و تكفيرهم يعد خروجا عن الاحكام القرانية اي انه لا يجوز يدخل في اطار خلق الفتنة و التفرقة, خصوصا اذا تعلق الامر بتكفير حاكم مسلم او ولي امر او عالم ديني او فقيه…

    و لكن هناك شيء اخطر ن ذلك و هو تعريف الشرك بالله. فاتهام المسلمين بالشرك فقط لانهم يزورون الزوايا و الاضرحة و يتبركون بلانبياء و الصالحين او لانهم يمدحون النبي و يصلون عليه, لانهم اساسا يؤمنون بالتبرك و التوسل و الشفاعة و بان الروح لا تموت, رغم ان الانسان متوفي, فهذا ايضا مخالف للقران و السنة و قلب للحقائق, حيث ان الصحابى و ال بيت رسول الله صلى عليه و السلام عليهم جميعا, كانوا يتبركون و يزورون قبر النبي و كل هذه الامور.

  • الى سعيد المغربي
    الأربعاء 16 يناير 2019 - 15:38

    اولا, اريد ان انبه ان اغلبية التعليقات في الانترنت هي تعليقات آلية ليست لها اية قيمة مضافة.ارجوا ان لا تكون منهم.
    ثانيا, جوابا على سؤالك, انظر الى الامم الذي يسمونها بدائية فلها نظام محدد لدفن الموتى مثلا, لذلك يستنتج منه ان لهم معتقد ما.من الاحسن ان تقرأ على نظريات نشوء الدين في الكتب.

  • Peace
    الأربعاء 16 يناير 2019 - 16:28

    الى 1 – سعيد المغربي

    ليس التدين هو الذي فطري و لكن الايمان بالله الواحد و لقد استدل لكاتب بالاية القرانية ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ) ]الأعراف/172 ا
    ما الاستدلال العلمي و التجريبي, فهو في تجربة, الذين كانوا لا يؤمنون او ملحدين او مشركين و عندما يتعرضون لاخطار يلجؤون الى الله و حده و يدعونه, مثلا سمعت لالمغني المشهور كات ستيفنس مرة في حوار له يحكي فيه كيف اصبح مسلما و سمى نفسه يوسف اسلام فقال انه كان في رحلة في البحر و فوقعت له حادثة فدعى الله وجده و لما اراد التدين بدا في لبحث ن الديانة التي تناسبه, فلما قرا الاية "فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) العنكبوث فاعتنق الاسلام. هذا مثل فقط فكل واحد تقع احداث معينة فيستفيق من سباته.

  • Alucard
    الخميس 17 يناير 2019 - 01:07

    حول فطريةُ التّدينِ. لنبدأ بتحديد بعض الأمور
    بيولوجيا: الميل إلى العقلية القبلية هي ناتجة عن "أنظمة التعرف على الأنماط" Pattern recognition اكتسبها البشر تطوريا وهي تنفع لتمييز الحلفاء من الأعداء في بيئة طبيعية وهي حاسمة جدا في مسألة الانتخاب الطبيعي. القبلية هي النسخة البشرية عن هذا النظام، والدين (وأيضا اللغة)هو مستوى آخر لتلك القبلية بدأت الحاجة إليه تزداد مع الانتشار المدنية (العيش في المدن) كمنظومة "سلطوية" وقوانين بدائية proto-laws كطريقة لحماية تلك المجتمعات من الانهيار.(بالمناسبة هذا بتحديد ما قصده هِنْري بِرغْسون)
    نفسيا: الميل إلى تفسير الأمور بالغيبات هو ميل في البشر تفرضه حاجاتهم النفسية المبنية على الاطمئنان لحالة الاستقرار والخوف من التغيير والغموض. (الرغبة في العيش في نظام)
    اجتماعيا: الميل إلى التناغم هو ميل في البشر تفرضه حاجاتهم الاجتماعية. اعتناق نفس الدين يعني نمط العيش ذاته (نفس المقدسات+نفس الاخلاقيات).
    رغم كل ما قلناه هنا… لا شيء في كل العلوم يرى في الدين شيئا فطريا كما تقدم به الكاتب (رغم ادعائه العكس).
    أكثر من ذلك فطري≠طبيعي≠ضروري
    يتبع..

  • Alucard
    الخميس 17 يناير 2019 - 04:00

    تابع
    المشكلة الأساسية هي الخلط ما بين الفطري (والصاقه بفكرة الطبيعي) والضروري.. الفطرية هي الميل الطبيعي نحو شيء ما، أي احصائيا اتجاه الغالبية إليه سلوكيا، لكن لا يعني أنه حتمي أو صحيح (ان كان هذا ما يريده اقناعنا به).
    الكاتب استعمل مصطلح فطري في إطار لغة انفعالية Loaded language ليقنع القارئ بصواب فكرته.
    الطبيعي أيضا يعني -فقط- أن أمرا ما يوجد في الطبيعة ولا يناقض قانونا من قوانينها.
    زد على ذلك أنه منطقيا، التذرع بالطبيعة فقط appeal to nature هو مغالطة.
    الكاتب لم يفعل سواء محاولة اقناعنا بأن الطبيعي/الفطري=ضروري فيما الأمر مختلف عن ذلك في الواقع. الضروري هو ما يفرضه قانون-وأعني هنا قانونا فيزيائيا-وعكسه الاستحالة.
    لا أحد سيحاسبك إن استعملت تلك المصطلحات بشكل تبادلي في حياتك اليومية، لكن في مقال يتبنى طرحا Rhetoric استعمال مصطلح ثم تلغيمه فهذا محظور.
    المقال اعتمد في استهلاله على رجل مكسورة، ما تبقى كان بلا جدوى.

  • التعليق الآلي
    الخميس 17 يناير 2019 - 09:58

    اولا, ان الطرح الاختزالي للتعليقين السابقين في حصر العلم في قوانين العلوم التجريبة هو طرح مجانب للصواب, فلماذا لم يتم التطرق على الروح اولا, لان ليس لها وجود حسي (طبيعي)وهي الاولى في جملة الكاتب. والانطلاق من جملة من الفرضيات المعينة وليس كل الفرضيات العلمية المعتبرة هو ايضا مفهوم ناقص.
    ثانيا, ان كلمة فطرية في المفهوم الاسلامي, لغويا صحيحة في الاستعمال.
    ثالتا, ان المقال له موضوع أخر غير ما يصبو اليه المعلقون الآليون .وشكرا

  • عبد العليم الحليم
    الخميس 17 يناير 2019 - 11:00

    "الاطفال يولدون مؤمنين بالله ولا يكتسبون الأفكار الدينية عبر التلقي "
    كما يقول أكاديمي

    الدكتور جاستون باريت,باحث متقدم في مركز علم الانسان والعقل في جامعة أوكسفورد,يقول بأن الأطفال الصغار لديهم القابلية المسبقة للايمان ب"كائن متفوق" لأنهم يعتبرون أن كل ما في هذا العالم مخلوق لسبب.
    ويقول هذا الباحث بأن الأطفال الصغار لديهم ايمان حتى اذا لم يتم تلقيمهم ذلك عبر المدرسة او الأهل, و يضيف بأنه حتى اذا نشأو بمفردهم على جزيرة صحراوية فسيتوصلون للايمان بالله.

    "غالبية الأدلة العلمي في العقد الماضي أظهرت أن الكثير من الأشياء تدخل في البنية الطبيعية لعقول الأطفال مما ظننا مسبقا,من ضمنها القابلية لرؤية العالم الطبيعي على أنه ذو هدف ومصمم بواسطة كائن ذكي(1) مسبب لذلك الهدف", كما قال لراديو BBC
    ويضيف بأن ذلك يعني بأن الأطفال يميلون للايمان بالخلق و ليس بالتطور, بغض النظر عما سيقوله لهم المعلمون أو الأهل.
    و يقول الدكتور باريت بأن علماء الانسان قد وجدوا في بعض الثقافات أطفال يؤمنون بالله مع أن التعاليم الدينية ليست في متناولهم

    صحيفة التلغراف البريطانية

    (1):الله سبحانه ليس كالبشر
    بل هو عليم حكيم

  • سعيد المغربي
    الخميس 17 يناير 2019 - 11:27

    يبدو أنني لم أفهَم ولم أُفهِم! فكاتب المقال يقول إن فطرية التدين تؤكدها مختلف العلوم. وسؤالي ما هذه العلوم؟ أهي الرياضيات أم البيولوجيا أم الجيولوجيا أم علم الجينات أم الطب أم الفيزياء أم علم النفس أم السوسيولوجيا…؟
    فما هي إذن هذه العلوم التي تقر فطرية التدين؟ ومن هم العلماء أو الأكاديميون الذين كتبوا عنها؟ وما هي الكتب العلمية التي تقول بذلك؟
    وشكراً

  • الى سعد
    الخميس 17 يناير 2019 - 17:59

    هل هو استجواب ام ماذا, هناك العلوم التجريبية والعلوم الانسانية, فابحث بنفسك عن فطرية التدين , اعطيتك نصيحة في التعليق الثالت

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة