حكومة العدالة والتنمية والتعايش السلمي مع سلطة الملك الدستورية

حكومة العدالة والتنمية والتعايش السلمي مع سلطة الملك الدستورية
الإثنين 28 نونبر 2011 - 14:38

أسفرت الانتخابات التي أجريت 25 نونبر 2011 على احتلال حزب العدالة والتنمية ذي المرجعة الإسلامية المرتبة الأولى ب 107 مقاعد في مجلس النواب، مما يعني دستوريا رئاسة الحكومة بعد التعيين الملكي وتزكية البرنامج الحكومي في مجلس النواب. غير إن الفهم السليم لهذا المسار السياسي يعيدنا للتحولات السياسية في العالم العربي وميلاد حركة 20 فبراير ومفعولها الاجتماعي والسياسي، الذي دفع الملكية للتجاوب بطريقتها على الحراك الشعبي وطرح وثيقة دستورية جديدة تمزج بين الوجه التقليدي للملكية، مع إضافة وجه دستوري عصري يعتمد على مركزة سلطة رسم السياسات العمومية بيد الملك مع البحث عن شركاء تنفيذيون للقرار السياسي يتحملون مسؤولية تقلبات الوضع السياسي والحقوقي والاجتماعي وإبعاد المسؤولية عن الملك بصفته ملك تنفيذي لا حكم سياسي فوق الفرقاء السياسيين.

يفوز إذن إخوان بنكران في وضع دستوري لا يجعلهم حكام المغرب، بل شركاء الملك في الحكم، شراكة غير متوازنة من حيث السلطة الدستورية باعتبار الملك سلطة فوق حكومية نابعة من رئاسته للمجلس الوزاري وفق ما جاء به الفصل 48 من الدستور. من جهة أخرى فا لعدالة والتنمية مجبر على التحالف مع أحزاب عدة تمثل الكتلة الديمقراطية على الأقل.

انطلقا مما سبق يمكننا القول أن العدالة والتنمية، يجد نفسه اليوم يتزعم الحقل السياسي بدعم شعبي واسع، وتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز كما هو منصوص عليه دستوريا في الفصل 47 يجعلنا أمام صيغة دستورية حسمت التنصيب الحكومي لجهة واحدة ، وهي مجلس النواب كما تنص على ذلك الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 88 من دستور 2011؛ صحيح أن رئيس الحكومة يتمتع بسلطات مهمة للغاية من اقتراح أعضاء حكومته على الملك وطلب إعفائهم مع إمكانية ترأس رئيس الحكومة للمجلس الوزاري؛ كما يساهم في التعيين الخاص بالمناصب العليا المدنية الخاصة بالولاة والعمال والكتاب العامون للوزارات والسفراء وكذا المؤسسات والمقاولات العمومية. وبالإضافة لهذه الصلاحيات الدستورية التي نصت عليها 08 فصول( من الفصل87 إلى الفصل 94) الخاصة بالسلطة التنفيذية بالدستور الجديد نجد أن صلاحية رئيس الحكومة تمتد إلى حل المجلس النواب كما نص على ذلك الفصل 104.

غير أن هذه الصلاحيات الدستورية المشار إليها هنا، لا تعني تمتع السلطة التنفيذية ورئيسها بكامل صلاحياتها المعروفة في النظام الدستوري الديمقراطي المعاصر؛ ولعل الفصل 49 من الدستور المندرج ضمن صلاحية الملك يحد بشكل فعال من دينامية السلطة التنفيدية ويجعلها تابعة لسلطة الملك المكلفة بالتوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، ومن هنا لا بد أن نتساءل عن أي برنامج حكومي سيصوت النواب لتعين حكومة العدالة والتنمية ، هل هو برنامج الملك الذي لا يعرض إلا في بعض الخطب الملكية في مناسبات معينة، أم البرنامج المتوافق عليه في التحالف الذي يعمل العدالة والتنمية على تكوينه؟

إن هذا السؤال يعيدنا إلى المربع الأول فيما يخص تاريخ الفعل الحكومي بالمغرب والحديث عن حكومة ظل تفعل فعلها في الواقع السياسي رغم انف الوزير الأول سابقا، ومن من شأن الصلاحيات العشرة التي يتمتع بها الملك في هذا الفصل(49 ) أن تجعل من مستشاريه رؤساء للحكومة الأولى بالمغرب أو على الأقل شركاء بنكران في رئاسة الحكومة المقبلة.

وارتباطا بالسؤال أعلاه نؤكد أننا أمام حالة تشبه إلى حد كبير ما تحدثت عنه المدرسة الفرنسية وعبرت عنه بالتعايش السلمي، مما يدفعنا إلى القول إن الوثيقة الدستورية الحالية تظل عاجزة على الإجابة على سؤال التداخل والانفصال بين سلطة الملك وسلطة رئيس الحكومة، كما أن الوثيقة الدستورية وفق منطوقها تجعل من رئيس الحكومة تابع لسلطة الملك من جهة ولقوة البرلمان من جهة أخرى، لذلك فان حالة التعايش السلمي لا بد وأن تنقل المغرب من الحرفية الدستورية إلى فكرة ومؤسسات تمارس السلطة الدستورية بعقلية ديمقراطية، تنقل التعايش السلمي بين الملك ورئيس الحكومة من حالة الأزمة في المدرسة الفرنسية لما بعد 1986 إلى حالة توافق ديمقراطي حقيقي بين الملك والأحزاب الوطنية المشكلة للحكومة المرتقبة ، وبالتاي الخروج من الدستورانية الشكلانية والدخول في عالم الدستور الديمقراطي الذي دشن في خطاب 09 مارس والذي تمت تزكيته في كثير من بنود الدستور الحالي، ومن المنتظر أن يأتي دستور جديد ينقل المغرب إلى وحدة السلطة التنفيذية ويجعل من الملك حكما بين الفرقاء السياسيين لا طرفا ممارسا للسلطة التشريعية أوالتنفيذية أو القضائية.

*باحث في العلوم السياسية

‫تعليقات الزوار

4
  • د حسن لهويوة
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 16:12

    أهنئ العدالة والتنمية على فوزه المستحق وأهنأنك على عمق تحليليك الرصين
    د حسن لهويوة

  • Boukkouri
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 16:15

    Au Maroc, de grandes étapes ont été franchies grâce à une pression interne et externe devenue incontournable et à une lueur de sagesse chez certains responsables, dont le roi, en premier lieu. L'idéal maintenent serait que cet élan bénéfique continue, que le roi et son entourage comprennent l'importance du moment et ne déçoivent pas les démocrates honnêtes à l'intérieur et à l'extérieur du pays. La nouvelle constitution, malgré ses faiblesses, devrait être toujours interprétée en faveur de la démocratie pour prouver les bonnes intentions. Le roi et le Maroc auraient tout à gagner si le pouvoir exécutif est mis en entier entre les mains du gouvernement choisi par le peuple et que le roi prenne son rôle non moins important d'arbitre impartial en cas de litige et de symbole suprème de l'unité nationale. Prions pour que cet entourage tant critiqué mettent enfin le bien de la nation au dessus de leur égo et des intérêts personnels et fournissent des conseils éclairés au souverain.

  • ملاحظ
    الإثنين 28 نونبر 2011 - 16:29

    يقول"العدالة والتنمية، يجد نفسه اليوم يتزعم الحقل السياسي بدعم شعبي واسع" حصل على 107 و فين هي 288 المتبقية؟ حصل
    حزب الاستقلال : 60 مقعدا
    حزب التجمع الوطني للأحرار : 52 مقعدا
    حزب الأصالة والمعاصرة : 47 مقعدا
    حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية : 39 مقعدا
    حزب الحركة الشعبية : 32 مقعدا
    حزب الاتحاد الدستوري : 23 مقعدا
    حزب التقدم والاشتراكية : 18 مقعدا
    الأحزاب اللبرالية الكبرى حصلت على 214
    الاحزاب الاشتراكية حصلت على 63
    PJD حصل على 27 % من المقاعد فقط وبالتالي فهذا هو سنده الشعبي حتى ولو جمعنا عدد الأصوات.
    هذه النتيجة هي ما ستفرزه الانتخابات المقبلة اذ لا يمكن لأي حزب أن يتجاوز عتبتها بحكم الخريطة السياسية المرسومة منذ الاستقلال.
    يجب أن نعلم أن الحكومة هي رهن اشارة الملك لمساعدته في تسيير البلاد ولا يمكنها التقرير فيها لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا سياسيا. الممارسة والدستور يوصحان ذلك.
    لذلك يبقى الصراع على الكراسي وليس على البرامج الحكومية مثل الوزراء مثل المزظفين مع رواتب سمينة وسيارات فاخرة وسفريات وامتيازات كبار الموظفين …

  • ياسين
    الثلاثاء 29 نونبر 2011 - 15:35

    يجب تسمية الأشياء بمسمياتها. لن يكون ل PJD الحرية الكاملة في إدارة شؤون البلاد، فالقصر و حاشيته من جهة، والأحزاب التي ستتحلف مع العدالة والتنمية من جهة أخرى، ناهيك عن المعارضة، ولوبيات الشركات الكبرى و ذوي النفوذ. خلاصة القول، لن تكون المهمة سهلة، نرجو من الله العلي القدير أن يلطف بهذه البلاد و يبعد عنهاكيد الكائدين. تحية للأخ يايموت.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين