ضرورة إعداد مخططات محلية لتدبير المياه المخصصة للاستعمال الفلاحي بجماعة امي نولاون

ضرورة إعداد مخططات محلية لتدبير المياه المخصصة للاستعمال الفلاحي بجماعة امي نولاون
السبت 2 مارس 2019 - 02:49

تعتبر جماعة امي نولاون منطقة قروية تقع في سفوح جبال الأطلس الكبير .

يخترق نفوذ هده الجماعة وادي تقع منابعه ضمن قبائل ايت عفان و يمر على عدة قبائل امي نوارك و قبائل تاركة سكورة ليصب في سد المنصور الدهبي بورزازات .

على امتداد هدا الوادي توجد حقول يملكها سكان المنطقة و يستغلونها في إطار الفلاحة المعيشية التي تعتمد على محاصيل القمح و الشعير شتاءا و محصول الذرة و الخضروات صيفا مع محاصيل الأشجار المثمرة كاللوز و الجوز و التين …

يعتمد الفلاحون في سقي أراضيهم على مياه الوادي و السواقي الذي يعرف جريانا و فيضانا في فصل الشتاء حيث تساقط الأمطار و شحا و نذرة المياه في فصل الصيف .

إن سكان منطقة امي نوارك الممتدة من قبيلة بورمان حيث تقع إعدادية بورمان نزولا إلى غاية قبيلة اكرض حيث يتواجد مقر الجماعة خلال بمجرد نقصان مياه الوادي يطبقون نظام النوبة في استغلال المياه .

إن هدا النظام وضعته قبائل المنطقة مند الاستعمار الفرنسي و لم يشمله أي تعديل أو تغيير يذكر رغم التغييرات التي عرفتها المنطقة .

إن نظام استعمال المياه في إطار النوبة يحدد عدد أيام دورة السقي في 15 يوما .

إن هدا النظام ثم العمل به لعدة عقود عرفت خلالها المنطقة عدة تغييرات ديموغرافية و مناخية و جرف لمساحات شاسعة من الحقول التي تقع في جنبات الوادي .

انه أمام هده التغييرات ظهرت مند عقود خلت عيوب هدا النظام و التي يمكن استعراض بعضها فيما يلي :

أن نظام استعمال المياه يقسم أيام استغلال المياه حسب العائلات في بعض القبائل .

يعمل نظام النوبة بشكل عشوائي دون أي ترتيب في استغلال المياه حسب ترتيب الحقول.

لا يراعي نظام النوبة في توزيع الأيام عدد و مساحة الحقول المستفيدة في كل يوم .

نظام النوبة يتسبب في ضياع كميات مهمة من المياه بسبب عدم عمله وفق ترتيب الحقول .

بعد جرف مساحات شاسعة من الحقول في جنبات الوادي اختل توازن توزيع المياه و أصبحت حقول صغيرة تستفيد من يومين أو أكثر من الاستعمال في حين أن حقول كثيرة قد تستفيد من يوم واحد فقط .

لا يشمل نظام النوبة جميع القبائل التي تقع على الوادي إلى غاية منبع المياه .

القبائل التي لا يشملها نظام النوبة تنعم خلال فصل الصيف باستغلال مفرط للمياه دون حسيب أو رقيب و تسقي أراضيها الفلاحية بشكل يومي بل تسقي بها مساحات عارية لتوفير العشب و الكلأ للماشية .

في حين أن القبائل أسفل الوادي لا تجد ما تسقي به بهائمها و حقولها الصغيرة المخصصة للخضر و أشجارها لإنقاذها من الموت خلال فصل الصيف.

إن قبائل أسفل الوادي يسمح لها بجلب المياه في الليل فقط في إطار من الإذلال و طلب الصدقة في حين إن قبائل المنبع من حقها استغلال المياه مند الصباح و طيلة اليوم .

إن هدا النظام تتولد عنه عدة صراعات بين المستغلين و قبائل المنبع و خصومات بين المستغلين تفرق بين السكان و تزرع نار الفتنة بينهم و تولد فيهم الأنانية و الأحقاد.

إن نظام النوبة الحالي يفوت على المنطقة فرص تنمية حقيقية و ترشيد لاستغلال المياه و يؤدي إلى حرمان فلاحين صغار من محاصيل الصيف و زراعاتهم الصيفية المعيشية .

إن الجفاف الذي يعم قبائل أسفل الوادي بسبب نظام النوبة الحالي تسبب و لا يزال بشكل مباشر في هجرة السكان إلى المدن .

إن هده العيوب ما هي إلا جزء بسيط من المساوئ التي تميز هدا النظام الاستعماري الذي لا زال السكان يعملون به في غياب نظام جديد عادل و منصف و دقيق .

انه بعد استقلال المغرب ظهرت نخب جديدة بالمنطقة قادرة على حمل المشعل و المساهمة في تنمية المنطقة .

كما عرفت المنطقة خلق عدة جمعيات تعمل على تسيير توزيع الماء الصالح للشرب بنجاح و جمعيات تنموية و أخرى لبناء المساجد و جمعيات فلاحية .

إن قوانين المملكة التي تركها الاستعمار عرفت كلها تعديلا جذريا مند الاستقلال إلى اليوم و لا يعقل أن يسمح بالعمل بنظام سقي عرفي استعماري غارق في النزعة العائلية العنصرية و مغلف بالقداسة من طرف بعض ضعاف العقول .

أن تغيير هدا النظام لا يمكن أن يتم من طرف المواطنين المتضررين دون تدخل مباشر من طرف مختلف السلطات المحلية و الإقليمية التابعة لوزارة الداخلية و مصالح وزارة الفلاحة و المنتخبين و المجتمع المدني لان كل دعوة لتغيير هدا النظام ستواجه بالتسفيه و نعتها بأنها مجرد محاولة خلق نزعات قبلية في المنطقة .

أن الدولة ملزمة بتطبيق القانون 15-36 المتعلق بالماء الذي يشكل قانونا متقدما لم يجد بعد طريقه إلى بوادي المغرب .

أن هدا القانون نجد من بين أهدافه مراعاة حاجيات ساكنة المناطق الجبلية من المياه وفق مقاربة صون-تنموية تروم الاستدامة .

و أن هدا القانون في إطار بابه السابع المتعلق بالتخطيط المائي و خاصة المادتين 91 و 93 وضع التزاما على عاتق وكالة الحوض المائي بضرورة إعداد مخطط توجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه على مستوى كل حوض و عليها إعداد مخططات محلية لتدبير المياه بتنسيق مع الإدارات المحلية المعنية و لجنة العمالة الإقليم .

أن وكالة الحوض المائي لسوس ماسة درعة و معها الإدارات و السلطات المحلية مدعوة بشكل مستعجل إلى تفعيل مقتضيات قانون الماء و إعداد مخططات محلية لتدبير المياه المخصصة للاستعمال الفلاحي بجماعة امي نولاون لكونها الجماعة المتضررة كثيرا في العقود الثلاث الماضية .

كما أن وكالة الحوض المائي مدعوة أيضا لإعداد مخططات محلية لتدبير المياه بجميع الجماعات التي تعرف نفس أنظمة الاستغلال العشوائي للمياه حتى تساهم في القضاء على أهم المشاكل التي تقف عثرة في تنمية منطقة الجنوب الشرقي .

في انتظار إيفاد لجنة مختلطة إلى جماعة امي نولاون باعتبارها متضررة كثيرا من جراء نظامها الحالي

قصد إعداد دراسة بشان النظام الحالي لاستعمال المياه فإننا سنظل نطرق جميع أبواب المسؤولين المحليين و المركزيين إلى حين أخد مقترحاتنا و تظلماتنا بعين الاعتبار .

*محام بهيئة الدار البيضاء

‫تعليقات الزوار

1
  • المعين عبد الرزاق
    السبت 2 مارس 2019 - 23:56

    اتمنى لكم التوفيق استاد هشام
    و اجركم عند الله كبير.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس