لا شك في أن المتتبع للواقع التعليمي ببلادنا يرى حجم المشاكل التي تتخبط فيها وزارة التعليم، المتمثلة أساسا في غياب رؤية واضحة للاشتغال وإخراج المنظومة التعليمية من الأزمة البنيوية التي تتخبط فيها منذ زمن ليس بالقريب. وهنا يجب التساؤل عما إذا كانت السياسة التعليمية ببلادنا تملك رؤية واضحة للرفع بالمنظومة التعليمية بالمغرب أم إنها تسير وفق التغيرات والتحولات التي تطبع كل مرحلة بحثا عن التوازنات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها العولمة والتزامات المغرب مع المؤسسات الدولية الداعمة والمقرضة. كما يَحِقُّ لنا أن نطرحَ السُّؤال الآتي: هل تتطلع حكومتنا ووزارتنا إلى نهضة تنموية حقيقية يحظى فيها الجميع بالحقوق والحريات أم إنها تكتفي بشعارات تُطربُ بها أسماعنا من خلال الواجهات الإعلامية والندوات والملتقيات والمؤتمرات الاحتفاليَّـة؟
وفي ظل عدم استجابة الوزارة لمطالب الأطر التعليمية بمختلف فئاتها (حاملو الشهادات، الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، الزنزانة 9، الأطر الإدارية…) فماذا ننتظر غير ركوب التخلف والرجوع القهقرى، لأن تخلف الشعوب يكون بتحطيم التعليم، وتحطيم التعليم يتم من خلال قهر الأستاذ والقضاء على مكانته الرمزية في المجتمع.
إن حكومتنا، إذن، تريد أن تجعل من رجل التعليم أستاذا كسولا لا أستاذا رسولا. تريده شخصًا نَكرةً، لا يتطلع إلى تطوير ذاته وغير منشغل بهاجس البحث والمعرفة؛ ومن شواهدِ هذه “الإرادة الحكومية” يمكن أن نذكر مسألة وقف الترقية بالشهادة منذ 2015، الأمر الذي يحمل رسالة خطيرة يُرادُ إبلاغها لرجال التعليم ونسائِه مفادها: “لا تجتهد، ولا تبحث، ولا تعمل. فقط اجتر. واهضم مقرراتك جيدا. ولازم مقهاك. وركز كل تفكيرك على البطاطس والقرض والكراء، وليكنُ أعلى طموحاتك وإنجازاتك هو الالتحاق بالزوج!”.