لا نريد لعب دور الإستراتيجيين والمنظرين الكبار في مجال التعليم، الذين يرددون باستمرار أن دور التعليم والتربية بالغ الأهمية، وحاسم في حياة الشعوب.. سيكون من اللغو، إذن، ترديد وتكرار مثل هذه العبارات والشعارات الرنانة؛ فالأمر معروف وبيّن بذاته، لا ينكره سوى جاحد أو مختل.
الأمر الذي دفعنا إلى كتابة هذه الأسطر هو التذكير بمسألة بسيطة لا تعقيد فيها ولا غموض يلفها، وهي أن التعامل مع قطاع التربية والتعليم بمنطق المقاولة وحسابات الربح والخسارة المادي هو أمر غير مستقيم، ولا يمكن أن ينتج لنا غير جيش من التقنويين ضيقي الأفق ومحدودي التفكير.
فرض التعاقد على آلاف من الشباب قصد القيام بمهمة التربية وتنوير عقول الشباب والأطفال قرار يكرس مرة أخرى منطق الرأسمالية المتوحش، الذي يجعل كل شيء مفتوحا في وجه السوق الذي لا تبقي أمواجه ولا تدر.
قد يعترض علينا البعض بالقول إن التعاقد لم يفرض على أحد، وأن المعنيين وقّعوا بكامل إرادتهم دون إكراه، بالإضافة إلى أنهم اطلعوا على جميع البنود التي يتظاهرون ضدها اليوم. قول كهذا ينسى أو يتناسى الشرط الاجتماعي المغربي، ويُنَظر كأن أمام الشباب اختيارات لا حسر لها عند تخرجهم من الجامعة، والحال أن الشباب المتخرج هو مدفوع بطريقة غير مباشرة إلى التوقيع على تلك البنود المجهولة (التي أتقن خبراء السوق صياغتها) ما دام هذا الشباب لا يجد اختيارات أخرى أمامه.
هذا إذن طرح غير واقعي، ويجتهد لكي يحصر القضية على كبرها وأهميتها البالغة في زاوية قانونية ضيقة جدا، ساهيا مرة أخرى عن أن القانون يضعه المجتمع ويغيره أيضا هذا المجتمع إذا اقتضى الحال، خصوصا إذا كان هذا القانون يهدد سلامة وأمن المجتمع برمته؛ لأنه لا يمكن التضحية بأشياء ثمينة كهذه من أجل صون قانون مجحف. القلة القليلة التي اجتهدت في وضع مثل هذه البنود لا يتقنون غير العمليات الحسابية، وبهذا جعلوا مصير أمة بكاملها في معادلة رياضية.
التعاقد شرط فرضه السياق الدولي الكوني، وبذلك فهو شيء حتمي يتجاوز الحدود الوطني الضيق، لا يد للدولة فيه، دول عظمى تفوقنا تطورا بكثير اعتمدته. هذه حجة الذين يعتبرون أنفسهم إستراتيجي الوطن. المقارنة هاته لا تستوفي أدنى شروط الموضوعية التي تفترض حينما نود عقد مقارنة بسيطة.
المغرب لم يعرف المدرسة بشكلها الحديث إلا مع الاستعمار الفرنسي، وعندما تحصل على الاستقلال تم رفع الشعار الشهير، التعريب، المجانية، التعميم. شعار رنان بدأت بوادر التراجع عنه مع التقويم الهيكلي منتصف ثمانينيات القرن الماضي. هكذا استقبل المغرب المدرسة الحديثة؛ ولكن الدول التي نقارن معها أنفسنا انبثقت المدرسة الحديثة من عمق مجتمعها، وتطورت بشكل طبيعي في حضنها قرون، حققت نوعا من الإشباع المعرفي والتعليمي.
مسألة تعميم التمدرس لم تعد تطرح هناك منذ أمد بعيد، لذلك حتى وإن بدأ الحديث عندهم عن “التعاقد” فهو نتيجة لصيرورة تاريخية طبيعية. الأمر عندنا كما لا يخفى على أحد مختلف تماما، فما زالت أمور من قبيل: تعميم التمدرس وحتى لغة التدريس تطرح دون الحسم فيها. أشياء بسيطة كهذه هي المشاكل الحقيقية في نظامنا التعليمي، ونود مع ذلك الدخول في متاهة “التعاقد”، كان من الأفيد للجميع لو تعاقدنا جميعا على أسس متينة لدمقرطة التعليم، وتصحيح مسار المدرسة المغربية التي أتعبتها القرارات الأحادية.
حينما نبين تهافت هذه الحجج التي تلوكها الألسن دون فهم وتمحيص، فإننا لا نستخف بعقول خبراء الأرقام وإستراتيجي السوق، وإنما تذكير بأن المدرسة ليست مقاولة، ولا يمكن أن تكون كذلك، وإن كانت فهي بذلك تتخلى عن رسالتها وأهدافها النبيلة التي تسمو عن منطق العرض والطلب.
ربما ليس المجال هنا لهذا القول، ولكن الرياضيات وحدها لم تحل أي مشكل إنساني. الإنسان أكثر تعقيدا من تقزيمه في أرقام، فهو أكبر من ذلك بكثير، الإنسان روح وإحساس ورغبات وأحلام وطموحات… هذا الكل المركب.
حينما يدخل أستاذ قاعة الدرس ومستقبله مجهول، فماذا يمكن أن ننتظر منه؟ ألا يفكر هذا الأستاذ في مستقبله، ومصيره وطموحاته؟ أليس لهذا الأستاذ أحلام؟..
أصبت كبد الحقيقة.
مما لا يخفى على أحد أن المديونية تسقط الإنسان في التبعية وبالتالي غياب السيادة على الوطن وبالخصوص على القرارت ، لذلك نقول إن التعاقد سياسة أو قرار لا وطني؛ لأنه مرتبط بإملاءات خارجية…
في علاقة بالمدرسة والتعليم فإن نفسية المدرس فوق كل إعتبار لماذا؟ لأنه يتعامل مع الأفكار وليس الأشياء الجامدة وأبسط شيئ يقذفه خارج التربية والتعليم وكذلك رهاناته.
بخصوص المظاهرات والمتظاهرين فبغظ النظر عن المطالب وشكلها فهو نضال يحترم لأنه يحمل نوع من المبادئ إذا ما نظرنا الى الخونة والإنتهازيين والإنتهازي الحالي الذي باع القضية الصغيرة هو نفسه الذي باع الوطن من قبل.
تحياتي
التعاقد تقوم به جميع دول العالم ليس هنال شيء اسمه :رسمي مدى الحياة في التعليم من اموال دافعي الضرائب,عقلية الترسيم تشجع ثقافة الاساتذة الكسالى الذين يلهثون وراء راتب نهاية الشهر ولا يهمهم جودة التعليم او بذل اي مجهود لان الراتب مضمون,في الدول الاوربية الاستاذ يكون له CVويبحث عن عمل بنفسه ويتم امتحانه واذا نجح يتعاقد مع المدرسة لمدة معينة ويتم تقييم مردوده بطريقة دورية كما يخضع باستمرار لدورات تدريبية مهما كانت خبرته اذا انخفظ مستوى تلاميذه يتخلى عنه ويعوض بمن هو اكفأ .التعاقد يجب ان يكون في جميع الوظائف العمومية لان الترسيم يشجع الخمول وتبذير المال العام
عندما عرض عليكم التعاقد قبلتم به ووقعتهم طواعية على بنوده انتم الان من انقلب على الاتفاق انتم لا من لايراعي الاكراهات الدولة اخدت العصا من الوسط لم تترككم عاطلين ولم تقدم لكم ملعقة من ذهب عليكم ان تكونوا وطنيين وتشتغلوا دون ضغط لاستنزاف مداخيل القطاعات الاخرى الحوية الصحة والفلاحة مثلا عليكم الا تنقلبوا على الاتفاق فالعقد شريعة المتعاقدين والعصا لمن عصا هنا ليس ظلما وانما دفاعا عن دولة الحق والقانون
بسم الله الرحمن الرحيم
وزعوا موظفي المغرب على الجهات ثم الحقوا بهم المتعاقدين وليس العكس
حينها يكون لكل جهة نطامها الأساسي ويكون للجهوية معنى
سلسلة متصلة من القرارات.بداية الحد من الاضراب كوسيلة للحرمان من الاحتجاج.الرفع من سن التقاعد للقضاء الصندوق المغربي للتقاعد.وهذه اجراءات تمهيدية للتعاقد لان وضعية المتقاعد غير قارة والصندوق المغربي للتقاعد انما قام على اساس الوظيفة القارة.والتعاقد بدوره اجراء تمهيدي لتخلي الدولة عن تمويل القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها التعليم.والتخلي يعني خوصصة التعليم تدريجيا وتمرير المدرسة العمومية للخواص وتحويل المعاقدين الى الخواص.والنتيجة النهائية هي القضاء على التعليم وتكريس الجهل والفقر اكثر مما هو عليه.وهذا ما يمكن ان يحدسه الانسان كما يحدث.والله اعلم.
لا يمكنني أن أزورة هذا الموقع دون أن أترك لك بصماتي ،مع ذلك يبقى عنوان التعاقد قضية أساسية تستحق التعبير لك الشكر يا أستاذي على هذا العمل الباهر ،في الحقيقة يجيب معالجتها إلى حين
ونحن كاتلاميذ لن يرضين هذا الوضع القائم . وشكرا
من جديد
تحياتي لك أستاذي العزيز
ماذا يستفيد التعليم من التعاقد؟ هل التعاقد سيغير المنظومة نحو الأحسن؟ هل التعاقد سيداوي جروح من يمارسه، ومن يتلقاه؟ هل التعاقد سيعد خطوة ستعيد التعليم إلى الريادة؟ أم أنه سيرميه في بحر الظلمات ويقتله رويدا رويدا؟ أسئلة جوهرية أعتقد بأنها ستضع اليد الجرح، ما الغاية من هذا النظام الجديد؟ لا يهمنا بأنه خيار استراتيجي، أم أنه كتب في الوثائق؟ او وضعته فرنسا، أم المغرب إذا التعاقد سينفع التعليم كما نفع الفراهيدي سيبويه، فأعتقد بأن المغاربة سيقبلونه بصدر رحب، ولكن الأبين أن التعاقد سيدمره ويفككه ويقضي عليه نهائيا، فلا مرحبا به.