زمن مكناس الضائع وأمل النموذج التنموي الجديد

زمن مكناس الضائع وأمل النموذج التنموي الجديد
السبت 7 شتنبر 2019 - 00:55

متوالية الإخفاق بمكناس:

تزيد إخفاقات مدينة مكناس بمتوالية ادفع نحو سياسة “التقزدير السياسي، وثقيب البغرير في التنمية”. مكناس التي اعتبرها مولاي عبد الرحمان المجذوب “طاجين حامي وفي السماء طارت شقوفو” تحقق النبوءة القديمة، فالمدينة أصبحت “تعيش التبرقيع في هندسة بنايات الشقوف”، أصبحت تنتج الطواحين الهوائية الكبرى بلا غبار دقيق. لا نعرف أسباب الإقصاء والتهميش الذي تتعرض له مكناس باستمرار.. لا نتكهن من الدولة لحظتها إعادة الاعتبار لها كمدينة للسلاطين، ومكناس مثل “حليمة التي تشد على عاداتها القديمة في متابعة تنمية التقزدير”.

هو إقرار من الساكنة مصادق عليه بأن الطواحين السياسية جربت كل شعار بمكناس ولم تقدر على إحياء طائر السلاطين من رماده. الكل حانق من آفة “الحكرة” الممارسة على المدينة، لكن الجميع يبقى كفيف السؤال عن سبل تحرير مدينة من أزمة كساد التنمية.

عفوا لهذه المقدمة التي تبكي أطلال المدينة الإسماعيلية، عذرا لكم فالموضوع الذي أبغي الخوض فيه ليس بالسياسي “النفعي”، ولا الاقتصادي “الريعي”، ولكن هو وضعية مكناس ضمن النموذج التنموي الجديد.

مكناس رفيقة درب كساد التنمية

مسلسل دراما التنمیة یصور بمداخل مدينة مكناس تحت عنوان (العام طويل)، يصور بالقرب من المعالم الأثرية الآيلة للسقوط؛ فيما لنسخة المسلسل الانتخابي القادم سيناريو محكم (سامحوني، باغي نعاود) سيستند إلى نفس النغمة ولغة “التسويف”. وممكن أن يتكرر اللسع من نفس الجحر ولا حكيم سياسيا منقذا.

من بين نقاط رؤية الإصلاح صناعة علامة حصرية لمكناس “مدينة الثقافة والسينما”.. علامة تلوكها الألسن بمكر وخديعة وفي مناسبات البذخ والترف، علامة الثقافة الهائجة في منصات تحريك “الطبل والبندير”، علامة ترمى بحلم المستقبل أملا في النهوض ولو بالتعثر.

فيتم التصفيق عند ذكر بناء المسرح الكبير، يتم التصفيق عند تعيين الملعب الكبير أمام اللجان العالمية، يتم التصفيق على جلب كلية طب الأسنان…صبرا لا عليكم، “لي باغي يربح العام طويل”. وما يزيد من صبر الساكنة خطابات المنصات الفنية التي تدغدغ المشاعر، وتبني قصور الأحلام الجليدية القابلة للتحلل.

مكناس “الحبيبة أمي” أضحت مغيبة حتى في النشرة الجوية، أضحت تعرف وطنيا حين تقفز الجريمة “النوعية” بها. هي مكناس التي من مائها وترابها وهوائها برزت وجوه سياسية وكوادر من طينة الفقه السياسي والقانون (ولا سند ظهر لها)، هي مكناس التي ممكن أن يترافع عنها أخ لها بالرضاعة أو بشرب الماء “لحلو” من بعيد.

الموروث العمراني:

لنكن أكثر عدلا ونقر بأن الدولة لھا المسؤولیة الأولى في حفظ ذاكرة وتراث مكناس التاریخي وھویة المملكة الممثلة بما یزید عن 15 %من الآثار الوطنیة التي تتمركز بها. لنكن أوفیاء أمام تاریخ مدینة السلاطین ونحدد أن المسؤولیة الثانیة تلحق بالمجلس الجماعي بمكناس ووزارة الثقافة والاتصال، وحتى الأوقاف، واللائحة ممكن أن تطول. نعم كل الأسوار الإسماعیلیة والأبراج تستغیث بأدوات الندبة التامة “وا محمداه” من جراء الأضرار والتخريب الذي تتعرض له.

التھالك والتدرج نحو الاندثار أصبح السمة الكبرى التي تلحق المأثور التاریخي للمدینة؛ حتى إن أعمال الصیانة التي تباشر ھنا وھناك طیلة السنة لم تستطع أن تحد من التشققات المتوالیة. ھي أسوار وقصبات وأبراج آیلة للسقوط بمكناس، والخوف التام أن تحصد أرواحا مثل ما حدث في فاجعة صومعة مسجد باب بردعیین.

ھي المعالم التاریخیة الخالدة بمكناس التي تطلب لجنة تضم خبراء آثار وتقنیین تطوف على شمولیة خارطة المآثر التاریخیة بالمدينة، تقف على كل المساوئ التي تلحقھا بالتآكل، توثق كل ملاحظاتھا بالترتیب وأولویات التدخل المستعجل، تكشف بالواضح حالة أسوار باب الرحى، ووضعیة الأسوار المحیطة بحبس قرى، والبرج الأیل للسقوط باب كبیش العویجة (قرب السویقة العشوائیة)، ووضعیة أسوار قصر المنصور؛ والبقیة تكمن في جل امتدادات الأسوار والقصبات الإسماعیلیة، فحدث ولا حرج.

بؤس تنمية السياحة:

وتشمل هذه الرؤية مقاصد تحويل مدينة مكناس إلى وجهة سياحية تمدد بها ليالي الإقامة بدل اعتبارها مدينة عبور. قد نتفق ولا نختلف حول عناصر تطلعات رؤية تطوير مدينة مكناس وتسويقها كمدينة سياحية أو بعلامات متنوعة، لكننا قد نختلف حين نكشف عن الفواصل الموضعية بين التنظير وبين واقع المدينة البئيس.

لن نعالج الموضوع من جانب تواضع الطاقة الإيوائية السياحية بمكناس، ولا من جانب انكماش مقومات الثقافة السياحية الحبيسة ضمن المنظور التقليدي، ولكننا اليوم سنطرح الموضوع من جانب وضعية التراث العمراني كموروث ثقافي إنساني بالمدينة. كیف یمكن لمكناس أن ترفع من جاذبیتھا الجمالیة؟. نتساءل مرة ثانية: ھل یجوز لنا القول إن ذاكرة المدینة محفوظة؟ ھل الأسوار الإسماعیلیة في وضعیة صحیة وتنافسیة سیاحیة؟ ھل مكناس تدیر ظھرھا حقا لتراثھا التاریخي (الأسوار والقصبات)؟ ھل ھناك رؤیة إستراتیجیة واضحة تھتم بالترمیم وإحياء الموروث الثقافي؟ ھل الاھتمام بالمخزون الحضاري للمدینة يمكن أن یفتح البوابات على السیاحة العالمیة؟.

حلم النموذج التنموي الجديد:

هنالك حكمة لركوب أمواج التغيير تقول: “لصناعة المستحيل لا بد من التصديق بأنه ممكن”. هي حكمة بسيطة لكنها يمكن أن تكون مثل دينامو يحرك التنمية بمكناس، يحرك البسمة الراكدة في وجوه ساكنة ومدينة. حكمة في نقل المأثور التاريخي من نقمة انغلاق المدينة على ناسها وأرضها نحو الانفتاح وتسويق حضارة مدينة وساكنة، نحو عيش نعمة الاستفادة من سواعد عمال السلطان المولى إسماعيل وذكرهم بالرحمة، والإصرار على أن تظل مآثر مكناس التاريخية شامخة شموخ ساكنة.

* باحث تربوي/مهتم بشأن الإصلاح التربوي

[email protected]

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة