مُسْتَفِزُّونَ وَمُسْتَفَزُّونَ .. وَتَسْتَمِرُّ التَفَاهَاتُ!

مُسْتَفِزُّونَ وَمُسْتَفَزُّونَ .. وَتَسْتَمِرُّ التَفَاهَاتُ!
الخميس 17 أكتوبر 2019 - 02:55

تعيش بعض صالونات المغرب السياسية والفكرانية، في هذه الأيام، على هامش اهتمامات المغاربة، وانشغالاتهم، بل على هامش التاريخ، والجغرافيا، والحياة. فقد انبرت أصوات من داخل السياسة والفكر(السوسيولوجيا)، تعالج انتظارات المغاربة من زاوية “اللامفكر فيه”، لتوهمنا بأن مشاكل المغاربة، ليست مع الشغل، ولا الخبز، ولا الصحة، ولا حتى مع الديمقراطية، وحقوق الإنسان،… ولكن مشاكل المغاربة مع فروجهم. ولا بد من إيجاد حلول لها، ولكن ليس من خلال مشاريع للتنمية، أو من خلال رؤى استراتيجية، اقتصادية واجتماعية، ولكن من خلال تحرير علاقاتهم الجنسانية، وتمكينهم من استراق المتعة المتاحة، من المثلية، ومن العلاقات الرضائية بين الذكور والإناث،…. فهذا ما سيحقق خبزهم، وشغلهم، وصحتهم، ويقيهم من أمراض الكبت، والتطرف، والظلامية التي يٌشَرْعِنُ لها الدين حينما يحرم العلاقات الرضائية، خارج مؤسسة الزواج، ويشرعن لها القانون حينما يجرم هكذا علاقات، ويعاقب عليها!.

إذن، مشكلتكم أيها المغاربة، وجدناها. تحرروا من مكبوتاتكم الجنسية، وناضلوا من أجل إسقاط عصا الدين والقانون؛ ستتحرر حياتكم، وتتحقق انتظاراتكم في الصحة، والشغل، والتنمية، والديمقراطية،.. يقول لكم السياسي التائه، والسوسيولوجي التافه !! .

ليس غرضنا، هاهنا، أن نرد بالدين والقانون، ولا حتى بالعقل والمنطق، على تفاهات، لأسماء مغمورة في سجل معارف المغاربة؛ فنقيم لها وزنا، ونحن نعلم أنها من أجل “البوز” انبرت تخالف دين المغاربة، وحضارتهم، وتقاليدهم، والتزاماتهم الاجتماعية، وقوانين بلادهم، بعد أن فشلت في تدبير ما أُؤْتُمِنت عليه. فكان السهل عندها هو الإثارة، للفت الأنظار، وإيجاد مواقع ذكر وسط الناس، ولو عن طريق اللعنات. ولكن غرضنا أن ننعى على من تساقط على عقبه يرد في حماسة منقطعة النظير على من ضل به سبيل الحق، وظن أن في مخالفة نواميس الكون، وسنن الله في خلقه، خلاصا لهذه الأمة؛ فانطلق يرد بشراسة، وكأن دين الأمة، وقانون البلاد سيتبخران بصيحة خرقاء من تافهين وتافهات، غايتهم إثارة الانتباه، لكسب شيء من الاعتبار، بعد أن فقدوه في سوق المدافعة والتدافع من أجل الانعتاق، والتنمية، والكرامة.

لقد قرأنا ردودا على هذه الإثارات، فكانت عبارة عن صواعق من لُعَب عاشوراء، تتساقط لتحدث أصواتا دون آثار، مما زاد في الهياج الفارغ للمُدَّعين، وأعطاهم ذكرا بعد غمور، وتحول الرد إلى ظلم مبين، وهجوم على الحريات الفردية التي كفلها الدستور، والقانون، بل والدين،… وأصبح من استفز أخلاق المغاربة، ووعيهم الجمعي الديني، معتدىً على حقه في التعبير، وعلى حرية الناس في العيش كما يرغبون، ولو على خلاف ما تواضع عليه المغاربة، في علاقاتهم الاجتماعية التي ينظمها القانون، ويؤطر روحها الدين. فكانت زوبعة مقصودة الإثارة، وكان لهم ما أرادوا بعد أن التقطت مصيدتهم (الإثارة)، جماعة من متعصبي الفكر، وحراس المعبد، يردون، في بلاهة، بثمار على حجارة، كما القرود على أغصان الأشجار المثمرة؛ سواء بسواء !!.

فلا الذين استفَزُّوا وأثاروا الخصوم بلغوا شيئا مما أمِلوا، ولا الذين استُفِزُّوا وانبرَوا يردون، في جوقة طفولية، على تفاهات، هي لدى أصحاب العقول، مرثية ضائعة، ما استطاعوا أن يحركوا من راكد الهوس العلماني شيئا . فكلا الفريقان سقط في فخ الشرود، والتهافت، في وقتٍ حاجة المغاربة إلى الأهم، والأنفع؛ أبلغُ، وألحُّ.

لقد ران زمانٌ على الصراع الإيديولوجي بين خصوم اللعبة السياسية، ظننا أنه قد انتهى إلى الأبد، وحسبنا، في بلاهة سياسية ربما، أن القوم قد ترفَّعوا عن مواطن الخلاف غير المنضبط إلى عقل وسياسة واجتماع، وقد استقر الصراع على أرض المشاريع والبرامج، والعقبى لمن يقدم أحسن، ويقترح أفضل، من أجل حياة المغاربة المعيشية؛ صحة، وتعليما، وشغلا، وحقوقا سياسية واقتصادية،… لكن يظهر أننا نعيش الوهم. فلا زال البعض يحنون إلى الصراع البائد، ويستدعونه كلما أعوزتهم ساحة العطاء المفيد، أن يقدموا شيئا للمغاربة، ينتشل انتظاراتهم من درك الملل، إلى فضاء الأمل.

فكلما تحرك الخصم الأيديولوجي نحو ساحة العطاء المفيد، كلما أثار خصمُه “ما لا علاقة”، وأحدث حَواليْهِ ضجيجا، ليُلفت الانتباه، ويشغل القوم بالتفاهة، ويكسب من الناس ما قد يفرمل اندفاع الطيبين نحو العلى، والتَّمَكُّن. وقد يحدث أن تُجارَى تفاهاتهم، وتشغل بعض الطيبين العقلاء، إلى حين. ليتحقق المقصود الخبيث لإياهم. وهو ما يحدث هذه الأيام، وربما سيشتد أكثر على مشارف ما يفصلنا عن ساعة الحسم الانتخابية (2021). وهو ما بدأنا نتحسس سريانه في ساحة المدافعة الحزبية، والسياسية، تحت غطاء الخصام الفكراني/ الأيديولوجي النكد.

أجل، سيخطئ كل من جارى هذه التفاهات، وظن أن الحق الذي معه، كفيل بأن يَتَلَقَّفَ باطل ما عندهم، في مجالٍ الصوابُ فيه حق، والخطأ فيه باطل. وقد نبهنا، في أكثر من مقال سابق، إلى أهداف هذا الفريق، وأرشدنا إلى عدم الالتفات إليه، وعدم إعياء النفس والتفكير بالنبش في خلفياته، والبحث عن قواصم الرد عليه، فإن الباطل (ونقصد به، هاهنا، ما خالف إجماع الأمة، وما قره الدين والقانون )، لا أخلاق تؤسس له، ولا منطق يصلح لحواره ومحاججته، لأنه، بكل بساطة، باطل وكفى!!.

لو كلُّ كلبٍ عوى ألقمتُه حجرًا ** لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينارِ

دمتم على وطن.. !!

‫تعليقات الزوار

5
  • Arsad
    الخميس 17 أكتوبر 2019 - 09:32

    هي لعبة سياسية تتقمص دور الصهيونية والماسونية بأسلوب وفكر ظاهره مشع وبراق وباطنه جمر من الفولاد لا ينطفئ .
    تشتيت الافكار واشغال الأي ومنع للالفة وتشويش على المصدقيات وتفريق المسارات حتى لا يكون الهدف واحد .

  • ملاحظوس
    الخميس 17 أكتوبر 2019 - 17:35

    على الاقل هؤلاء "التافهون" صرحاء مع انفسهم ومع الواقع ،فهم يتناولون مشاكل موجودة واقعيا بمجتمعنا ويعطون آراءهم قد تصيب وقد تخطأ ،على الاقل هم لهم الشجاعة لفتح نقاش مجتمعي صريح اما المتأسلمون ففي الواجهة خطابهم ديني لكن سلوكهم لا أخلاقي اي خطاب سكيزوفريني
    فلازالت فضائحهم لم تنته بعد وللذكرى السيد طارق رمضان النموذج الأمثل للكثير من الإسلاميين يركن حاليافي السجن بفرنسا بتهمة الاغتصاب
    ولا ننسيى الداعية متلبسا مع رفيقته الداعية،
    ثم قضية الصحافي توفيق بوعشرين المقرب من حزب العدالة والتنمية
    عبد الله الحمزاوي عضو بارز في اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين وأحد المقربين من أحد شيوخ السلفية، بتهمة الخيانة الزوجية مع سيدة منقبة بعد اعتقالهما ليلة الوقوف بعرفة العام الماضي في منزله بالمدينة نفسها.
    نزوات الشيخ السلفي محمد الفيزازي مع شابة تدعى حنان زعبول (18 عامًا)، قالت إن الشيخ أنكر زواجها منها، بعدما عاشرها لمدة 5 أشهر في منزل بمدينة طنجة، بدون وجود أيّ عقد زواج رسمي.

  • Maria
    الخميس 17 أكتوبر 2019 - 19:29

    تجريم تعدد لزوجات و تحليل او عدم تجريم الخيانة الزوجية??! اي انهم يريدون ان يكون للمراة ايضا عدة ازواج في وقت واحد و يختلط الحابل او الحامل بالنابل ههههه و لا تكون اي مسؤوليات في العلاقات بين المراة و الرجل و كل واحد يفعل ما يشاء, اذن الزواج اصلا لن يكون له اي معنى, ما عدى المصالح, يعني زواج المصالح الشكلي, اذن لا داعي من الزواج اصلا و نصبح مثل الحيوانات في لطبيعة و لا داعي للملابس ايضا و نعيش في الغابة و الكهوف…و لا داعي للعمل اصلا ونعيش على اكل الجيفة وعلى القنص و اكل ثمار الاشجار كالشعوب الطبيعية قبل ظهور الحضارات الانسانية

  • أبوندى
    الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 20:08

    يتبين من هذاالمقال أنه لا زال هناك فكريحن الى الماضي وثراثه ويطمح الى أن يتبلور باستمرارفي الفكر والسلوك ويبقى مستمرا الى الابد بدون تغيير وهذه ميزة المجتمعات المحافظة.
    نحن لسنا ضد أية محافظة على الثراث بجميع مستوياته وانواعه الا أن الركون الى نفس العادات والتقاليد واعادة انتاجها باستمرارسيؤدي لا محالة الى الانطواء والانعزال وتكريس الجهل والتسبب في ضعف الانتاجية وفي تكريس التخلف الاقتصادي والسياسي والفكري وفي النهاية الخروج من دائرة العالم المعولم .
    لابد من أن ننشد التغيير من اجل البقاء ولوتطلب ذلك بعض التضحيات وبالتخلي عن بعض السلوكات التي نراها أساسية ومن صميم التراث ويراها غيرنا شادة.عندما نعطي لنفسنا الأحقية في امتلاك المطلق من الحقائق فيصبح ذلك غرورا ستكون نتائجه قاتلة على المستوى البعيد وهذا ما نلمسه في المجتمعات المقفلة اليوم.
    القفزات النوعية الى الامام كيفما كانت هي المحرك الاساسي لتطوير المجتمعات في مجالات الفكر والسياسة والاقتصاد.
    التشبت بالماضي والحرص على أن لايمسه جرح والحلم بتحديث المجتمع في نفس الوقت هو من باب الاحلام الوردية.

  • شوبنهاور
    الجمعة 18 أكتوبر 2019 - 20:09

    الخبز مهم والجنس تافه وكلايهما غريزتين طبيعيتين ،بدونهما سينقرض النوع البشري في وقت وجيز،لكن،ما الفرق بين الغريزتين،الاولى غير قابلة للمقاومة ، والثانية يمكن كبتها،وبما ان هدف الدين هو كبت وقتل الغرائز الطبيعية في الانسان وجعله يشبعها وفق قواعد خاصة فقد حاول كبت غريزة الجوع بفرضه للصوم في محاولة لتسفيهها بعدما ان عجز عن وضع قواعد مماثلة لقواعد الجنس في تلبيتها، لذلك ترى اللاهوتي يسفه كل ما هو طبيعي عند الانسان ويعتبره جريمة في حق السماء تحت حجة الفساد والميوعة وما ذلك من تافه الكلام
    الجنس مثل الخبز ، ضرورة طبيعية لابد منه من اجل ممارسة الانسان لحياته بشكل طبيعي ودون تعقيدات نفسية وجسدية، وما تتحججون به لمنع الحريات الفردية حاصل في الدول التي تحرم او تجرم الجنس خارج اطار الزواج ، وما عليك الا القيام بدراسة لطبيعة القضايا المعروضة على المحاكم لتتأكد من ان المنع والقمع لم يحلا الشكلة وانما يزيد من تعقيداتها ، اللاهوتي يمنع ويجرم وحله للمعضلة هو مزيد من القمع ، جوابه عن مشكل غير القادر على الزواج هو الصوم ،اي مزيد من الكبت،اما مشكلة الانثى غير المتزوجة فلا تدخل في حسابته قطعا

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة