حق الاحتجاج ما له وما عليه

حق الاحتجاج ما له وما عليه
الأربعاء 18 دجنبر 2019 - 10:49

بعيدا عن ورقة التحريم التي يشهرها البعض في وجه المحتجين ممن لا يجازفون بالخروج إلى الشوارع سوى من أجل حقوق عادلة، لا غبار على أحقيتهم في التمتع بها كغيرهم من أبناء شعوب الأرض ممن يحفظون للمواطنين كرامتهم. فمتى كان الدين يحرم المطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة؟ ومتى كان يحجر على الناس العيش الكريم في الدنيا قبل الآخرة؟ أليس الدين في جوهره جاء ليحرر الناس من كل أشكال العبودية. يرحم الله الفاروق لما قال “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” فأنى لجائع لا يجد ما يسد به رمقه، ولا مأوى لائق يأوي إليه، ولا مرض يجد ما يواجهه به أن تتحقق له كرامته وينعم بإنسانيته، ويؤدي شعائره التعبدية حتى؟

وبعيدا عن ورقة التجريم أو التخوين أو الاتهام بالعمالة للخارج التي عادة ما يرفعها مَنْ بطريقة أو بأخرى يستفيدون من الأوضاع القائمة. فليس في مصلحتهم تغييرها، بما أنها تصب في بحر مصالحهم. فكلما تحركت فئة للمطالبة ببعض حقوقها تُتهم في وطنيتها، كما نسمع في أكثر من نقطة مشتعلة بالبلاد العربية أو بدول أمريكا اللاتينية منذ شهور ولا شيء في الأفق يدل على الانفراج، مدعين أن الذي يحرك المظاهرات هي أياد خارجية مناوئة لمصلحة الوطن، وكأن الشوارع قاصرة لا حول لها ولا قوة، عبارة عن دمى على خشبة مسرح العرائس، يوجه أشرعتها كل من هب ودب في اتجاه رياح مصالحه.

وبعيدا عن تفسير التدخلات العنيفة لقوات الأمن أو الجيش باستعمال الذخيرة الحية والسحل والاعتقالات، كما نتابع بعض فصولها عبر وسائل الإعلام مدعين أن تدخلاتهم تتم في إطار القانون، ومن أجل حماية المظاهرات وحراستها من أن تزيغ عن مسارها لا أقل ولا أكثر. مما يطرح السؤال التقليدي مَنْ يَحْمي مَنْ ومِمّن وضِد مَنْ؟ وإن كان هذا لا ينفي أن هناك للأسف من المندسين ممن يستغلها من أجل النهب والسلب والتخريب، ومن ثم’ الإسهام في إبطال مفعول الاحتجاجات والحيلولة دون تحقيق أهدافها.

السؤال المحير كيف يصر حكام هذه الشعوب المنتفضة لشهور على معاكسة التاريخ،والتشبث بأساليب تقليدية موغلة في العتاقة والقدم في الحكم والتحكم؟ فبدل التعقل والمبادرة إلى الاستجابة لتحقيق مطالب الشعوب في حدودها الدنيا، تجدها تلجأ إلى القمع والترهيب.

فإذا كان في التربية نردد القول المأثور “لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم” فكيف في مجال الحكم والمسؤولية؟ هل يمكن القفز على نسبة الشباب في الوطن العربي التي تمثل حوالي 40% ؟ وهل يمكن تجاهل ولع الشباب بالتقنيات التكنولوجية الحديثة، بنقرات معدودات تجدهم يتنقلون في بلاد المعمور، ويطلعون على أخبارها أولا بأول.

فهل هؤلاء وهم يتابعون ما ينعم به الشباب من أمثالهم من حقوق وما يرفلون فيه من كرامة في البلاد الديمقراطية، يمكن إقناعهم بالتصبر على ظروف عيشهم القاسية، والتسليم بالقدرية كما كانت على عهد أسلافهم ممن خضعوا طائعين أو مكرهين لتأويلات متعسفة لكثير من النصوص الدينية، وتسليمهم بأن الدنيا دار فناء وأن الآخرة هي دار الحيوان؟

فكيف يُطلب منهم أن يذعنوا ويسكتوا وهم يعرفون ثروات بلدانهم بالأرقام، ويعرفون ترتيبها على سلم إنتاج الغاز والبترول وما تكتنزه أراضيهم من معادن، كما يعرفون بالتفصيل ما تجنيه الشركات من أرباح صافية بالملايير؟ فكيف يمكن إقناعهم بالفوارق الاجتماعية الفاحشة التي تستفحل يوما إثر يوم، وخاصة في صفوف نخبة من محترفي السياسة، المفروض فيهم خدمة المواطنين من أجل تحسين أوضاعهم وليس خدمة أرصدتهم البنكية.

أعتقد أن الاحتجاج حق مكفول بقوة القوانين الوطنية والدولية، لا يمكن مصادرته بأي وجه، لكن في المقابل فكلما حافظ على سلميته وتحضره، كان أجدى وأنفع. سلمية ليس في شقها المادي بالمحافظة على الممتلكات الخاصة والعامة، فهذه من البديهيات، لكن سلمية أيضا في شعاراتها، الواجب أن تنأى عن العنف اللفظي كيفما كان نوعه، واحترام رموز

البلدان، بما أنها الضامن لوحدتها واستقرارها وديمومة كينونتها. نعم قد يتأخر تحقيق المطالب، لكن أن تصل متأخرا سالما غانما، خير من أن لا تصل البتة، أو تصل على أنهار من الدماء وجسور من الجثث.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين