على عجَلٍ يموت الناس، وعلى عجل يقطر الحبر دمعا، يبكي القلم الفقيد، والصوت العنيد…
بدءا من اليوم، لن تجدوه قرب السارية، وحتى ولو تلفّتم أو ناديتم لن يجيبكم إلا الخواء والطحين الذي يطحن في المقاهي في الشرق والغرب، وإنْ أردتم أن تحافظوا على طمأنينتكم المؤقتة فلا تتلفّتوا واتركوا الذكرى تسكن سكينتكم.
اليوم ينقص منا واحد، رقم صعب التعديل أو الاستبدال.
في كل جمعٍ، في كل ملتقى، يعتلي صوتَه ليُدلي بصوته. كان لِزاما أن يقول ما يدور في باله، وفي بال الآخرين، ولا يشتهي تصفيقا من أحد. كان وحده منبرا، كلمة ثقيلة يُسارع إلى تدوينها المحبّرون، ويحاول فكها المُخبرون.
كان للمدينة وجهان، وجهها المعروف (قبل أن يصيّروها أرضا يبابا)، ووجهها الآخر ترسمه “الملفات”، الملفات التي تولد مرّتين في الشهر، ينتظر صدورَها بضعٌ من أحرار ماسكين على الجمر، ويعافها الذين في كروشهم “مضغة عجين”. فابنُوا صروحكم، فلا صروح لكم، وتطاولوا فلن تفوتوا أعناقكم.
“ملفات تادلة” وجه المدينة السّاني، ورمقها الأخير، ومن يستطيع أن يتصور المدينة من غير “ملفّاتها”؟ نسير على وقع صدورها، ونضبط عقاربنا على إيقاع شروقها الذي لا تُخلفه.
في المرّتين يتأبط كومة الورق الحارق، ليذيق العارفين ويُشرب العطاشى، ويسقيهم من راح الفكر والعرفان، في زمن ٍ يسابق الناس فيه أنفسَهم نحو الزيف والوهم والخديعة.
سي محمد… بحّة الصوت المتفرّدة، وزاوية النظر المستعصية، وذاكرة المدينة التي لا تمحى، يرتجلُ فيتفوق على عبيد الكلمة، ويتفكّر فيأتي الصوت قاطعا كمضاء السيف.
ويشهد التاريخ أنه كان منبرَ من لا منبر له، ومساحة نشر تسع المقصيين والذين لا حظوة لهم، يحضنهم ويمدّهم بالدواة والقرطاس، ليقولوا كلمتهم كما قال كلمته.
رحمك الله سي محمد، وأدخلك في عباده الصالحين، “وإنا لله وإليه راجعون”.
كما يقول إمام الصلاة وراء جنازة من كانوا يعرفونه (رجلا او امرأة)، لا أملك الا ان اقول مثله: لنودع رجلا كنا نعرفه، لا أصدق أنه كان يعاني من مرض عضال (كما ورد في ورقة و
كالة الأخبار)، فهذا ينقص من فائدة كلمة الوداع، و الأزمة القلبية تعطي لمفهوم الوداع معناه الاقصى (الوداع من أفعال الصدفة، و لا يخفي معنى التواطأ (كنا نعرف أنه سيموت، يوم علمونا أن مرضه مرض عضال)
آه يا رفيقي ما أقسى الموت! وما أثقل العزاء! رثاؤك بعض البلسم، حفرت نوستالجيا حارة في قولبنا عزيزي عبد الحكيم؛ وكأنك قدفت كرة من ذكريات في مرمى الحرقة المفاجئة.
– يايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي انا لله و انا اليه راجعون –
من اجل هدا فليتنافس المتنافسون – وليكد و يجتهد المجتهدون – نعم انه الاخ و الصديق الدي يعبر عن راي من لا يستطيع او يتفادى البوح بما في الصدور -وداعا ياخي – وداعا الى الملتقى عند الرب الاعلى