العنف في زمن "كورونا"

العنف في زمن "كورونا"
السبت 28 مارس 2020 - 02:19

ابتهج العالم بحلول سنة 2020 مع المتمنيات بالازدهار والرخاء والصحة والسلام، لكن الأقدار كان لها رأي أخر حيث اجتاح العالم فيروس قاتل سمي لدى علماء الفيروسات بـ COVID19 وسمي اختصارا “بكورونا” نشأ وترعرع في الصين بالضبط مدينة “ووهان” وانتشر في جل بلدان المعمورة وسمى بالموت الأحمر حيث قضى على العديد من المصابين به نظرا لسرعة انتشاره بين البشر وانعدام وسائل العلاج، والمغرب وكسائر الدول التي وصل إليها الفيروس عن طريق توافد المصابين برا وجوا وبحرا من البلدان الموبوءة مثل الصين وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، فقد انتبهت السلطات الى خطورة هذا الفيروس وقامت بالإجراءات الاحترازية قصد الحد من انتشاره خصوصا مع توافد عدد كبير من حاملي الفيروس، حيث بادرت السلطات المختصة في مرحلة أولية إلى إغلاق كل المعابر الحدودية الجوية والبحرية والبرية في محاولة لمحاصرة انتشار الفيروس وأمام هذه الإجراءات الاحترازية لم يقف الفيروس مكتوف الأيدي سرعان ما سجلت أول وفاة وارتفعت أعداد المصابين حاملي الفيروس كما ارتفعت أعداد المخالطين لهم، الأمر الذي اضطر معه عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس إلى التدخل العاجل لإنقاذ البلاد والعباد فكانت أول خطوة هي إجلاء المغاربة العالقين في الصين وإجراء عزل صحي لهم، تم تسارعت الأحداث بعد تسجيل حالات جديدة مصابة بالفيروس، للتسارع أيضا وثيرة الإجراءات الاحترازية تمثلت في إحداث صندوق مكافحة وباء “كورونا” والذي خصص له مبلغ مالي مهم فاق كل التوقعات وأبان عن سخاء المغاربة المنقطع النظير ومن بين أهم الإجراءات الاحترازية إصدار دورية تمنع جميع أشكال التجمعات والمهرجانات والاحتفالات وخصوصا التي يفوق عددها 50 فردا كما تم إيقاف الدراسة واعتماد التعليم عن بعد وتخصيص مواقع إلكترونية لذلك كما تم إغلاق المقاهي والحمامات والمطاعم والمسارح وقاعات الحفلات والألعاب وملاعب القرب في وجه العموم وذلك حتى إشعار آخر، كما تم إغلاق المساجد في وجه المصلين وتم إيقاف حركة القطارات وغيرها من الإجراءات الاحترازية وفي السياق نفسه تم تأسيس لجنة اليقظة الاقتصادية كما تم التصدي لكل محاولة لإثارة الفتنة والرعب أو نشر الإشاعات من خلال وسائل التواصل الاجتماعية حيث تم اعتقال العديد من مروجي الإشاعات وحتى الرافضين لوجود فيروس اسمه “كورونا”، وصل عددهم إلى حوالي 50 شخصا أحيلوا على القضاء فقد تم التعاطي بحزم وقوة بخصوص هذا الموضوع لا تسامح سواء لدى السلطات العمومية أو جهاز الأمن الوطني أو الجهاز القضائي.

وهنا وجبت الإشارة إلى أن الأجهزة الرسمية أصبحت هي المصدر الحقيقي للمعلومة حيث أصبحت وزارة الصحة هي المخاطب الرئيسي حول وضعية هذا الوباء من خلال اللقاء الصحفي اليومي الذي ترصد فيه عدد الحالات المسجلة والحالات المشبه بها وعدد الوفيات وعدد المتعافين من الفيروس منعا لكل تحريف أو تزيف من طرف بعض المنابر الإلكترونية، ومع تسجيل ارتفاع في عدد الوفيات وعدد الإصابات المسجلة في مختلف جهات المملكة، في الوقت الذي فرضت فيه السلطات الحجر الصحي، ثم مباشرة بعد ذلك حظر التجوال خصوصا مع نزول الجيش إلى الشوارع من خلال بلاغ رسمي لوزارة الداخلية فرضت فيه حالة الطوارئ انطلاق من يوم الجمعة 20 مارس على الساعة السادسة مساءا لأجل غير مسمى وأكدت على ضرورة البقاء في المنازل خصوصا بعد تسجيل إصابة مواطنين غير وافدين من الخارج بفيروس “كورونا” وقد اتخذت وزارة الداخلية كل الإجراءات المواكبة لإنجاح حالة الطوارئ وبقاء المواطنين في منازلهم على مستوى التموين وفتح المحلات التجارية والصيدليات إلى حدود الساعة السادسة مساءا وقت الإغلاق وإيفاد لجان مراقبة الأسعار والجودة، كما تم فرض إجراءات ت إدارية لكل راغب في الخروج من المنزل شريطة توفره على أذن خاص من “المقدم” المتواجد بمحل سكناه بشرط أن يكون الخروج إما لتبضع أو شراء الأدوية أو زيارة الطبيب أو لضرورات قصوى لم يتم تحديدها وهنا كادت تكون الكارثة فأمام هذا الغموض خرجت الساكنة للبحث عن هذه الورقة الاستثنائية في المقاطعات والإدارات العمومية الآمر الذي شكل مجموعات بشرية هائلة كادت تعصف بكل التدابير والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية لمحاربة الوباء، فالجميع أصبح همه الشاغل البحث عن “المقدم ” لإمضاء ورقة الخروج والذي بدوره لم يكن يعلم بطبيعة هذه الإجراءات لعدم التوصل بنموذج معتمد من لدن وزارة الداخلية، وهو الأمر الذي شكل نوع من الفوضى والاستياء اضطر معه المواطن الى البحث اليومي عن المقدم والذي بدوره كان مجندا للقيام بالحملات الأمنية المشتركة بين الأجهزة الأمنية والسلطات العمومية تحت إمرة السادة المسؤولين بالإدارة الترابية كل من موقعه وكدا المسؤولين بالإدارة العامة للأمن الوطني كل من موقعه، وهنا يطرح السؤال وأمام حالة الفوضى هذه وأمام فرض حالة الطوارئ ومنع المواطنين من الخروج من منازلهم خصوصا على الساعة السادسة مساءا هل يحق لرجال السلطة والأجهزة الأمنية استعمال العنف لردع كل مخالف لحالة الطوارئ؟ وهل هذا العنف مبررا قانونا؟ وهل يجوز مقاومة العنف؟ وما هو السند القانوني الذي يبرر استعمال العنف؟ وهل هذا العنف انتهاك للحق في السلامة الجسدية والمعنوية للمواطنين؟

أسئلة عديدة تطرح اليوم ونحن أمام وباء يتسلل الى جسد المواطن المغربي، فمن حق كل دولة أن تضمن لمواطنيها الحق في الصحة والأمن والسلامة الجسدية وأن تتخذ كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على الصحة العمومية، وسلامة مواطنيها ولعل المغرب ومن خلال النظرة الاستباقية والاحترازية وتفطنه المبكر لخطورة هذا الفيروس على صحة الساكنة اتخذ العديد من الإجراءات لحماية المواطنين والتي سبق وأن فصلنا فيها ولعل عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس، وحسب العديد من الشهادات والمواقع الإلكترونية الدولية والجرائد العالمية وعلى رأسها “نيويورك تايمز” والتي أشادت بحنكته وتفطنه ووصفته بالملك الذي فضل شعبه على الاقتصاد، ومن حب الملك لشعبه فهولا يرضى لهم المساس بسلامتهم الجسدية والمعنوية أيضا ومعرض حديثنا عن ذلك هوما شاهده المغاربة والعالم أجمع على وسائل التواصل الاجتماعية للعديد من الانتهاكات للسلامة البدنية والنفسية للمواطنين من خلال استعمال العنف ضد كل مخالف لحالة الطوارئ حيث أظهرت عدة تسجيلات لمواقع إلكترونية محلية ووطنية خلال التغطية الإعلامية للحملات الأمنية لبعض رجال السلطة “القياد” وهم يعنفون المواطنين في العديد من المدن المغربية وذلك في إطار فرض حالة الطوارئ والتي تقتضي عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه إلا في حالات الضرورة القصوى التالية : التنقل من محل السكنى الى مقرات العمل، التنقل من اجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية للمعيشة بما في ذلك اقتناء الأدوية، التنقل من اجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحليلات، التنقل لأسباب عائلية ملحة وفي الفقرة الموالية تم منع التجمعات أو التجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص كما تم فرض إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم وذلك حسب مرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 24 مارس 2020 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا –كوفيد 19.

وفي هذا الصدد تم تعبئة كل الأجهزة الأمنية لفرض حالة الطوارئ من خلال الحملات الأمنية لجزر المخالفين لحالة الطوارئ وفي هذا الصدد وجب التذكير بأن وزارة الداخلية أصدرت مرسوما آخر = يتعلق بسن أحكام حالة الطوارئ رقم 2.20.292 الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020 والمتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية والذي جاء فيه بالمادة الرابعة الفقرة الثانية “يعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة، بالحبس من شهر الى ثلاث أشهر وبغرامة تتراوح بين 3000 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد”.

كما جاء في نفس السياق أنه يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية…. عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو التحريض بواسطة الخطب أو الصياح….” وفي هذا الصدد وجب التذكير بأن هناك فرق بين الإعلان عن حالة الطوارئ ودخول مرسوم حالة الطواري قيد التنفيذ، فلإعلان الرسمي لوزارة الداخلية عن حالة الطوارئ تم من خلال بيان رسمي صادر عن وزير الداخلية بتاريخ 19 مارس 2020 صرح من خلاله أن المغرب سيدخل حالة الطوارئ الصحية ابتداء من يوم الجمعة 20 مارس2020 كما أوضح وزير الداخلية الخطوط العريضة لحالة الطوارئ، والبيان الرسمي لم يصل بعد إلى مستوى القانون أو المرسوم بل هو مجرد بلاغ أو بيان موجه إلى عموم المواطنين، أما دخول حالة الطوارئ والأحكام المتعلقة بها حيز التنفيذ تم بمجرد نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 مارس 2020 أي أن حالة الطوارئ الفعلية كانت بتاريخ 24 مارس 2020 وليس بتاريخ الإعلان الرسمي لحالة الطوارئ والذي هو يوم 19 مارس2020 تاريخ البيان الرسمي لوزارة الداخلية، وبناء عليه فكل أشكال العنف الممارس من طرف رجال السلطة على المواطنين قبل هذا التاريخ أي قبل تاريخ 24 مارس2020 لا تدخل من الناحية القانونية في حالة الطوارئ، وبالتالي فهو عنف غير مبرر ولا يجد سنده ومبرره في حالة الطوارئ، الأمر الذي يتنافى مع فصول الدستور الحالي لسنة 2011 وخصوصا الفصل 22 منه والذي ينص على أنه ” لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أية جهة كانت خاصة أو عامة ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أولا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، كما جاء في نفس الفصل في فقرته الأخيرة- ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ومن قبل أي احد جريمة يعاقب عليها القانون…” وأعتقد أن هذا الفصل صريح ولا يحتاج للشرح خصوصا والدستور هو أسمى قانون في البلاد والذي جاء بناء على مطالب اجتماعية واقتصادية وحقوقية للشعب المغربي وإرادة ملكية حقيقية في التغيير حيث اعتبر دستورا متقدما بكل المقاييس وعليه فلا يجوز لأي سلطة تجاوز القانون الاسمى للبلاد، وهنا نستحضر المبدأ الفقهي لتدرج القواعد القانونية فلا يمكن لقانون ادنى مناقضة قانون أسمى وإلا فإنه غير دستوري، قد يقول قائل أننا في حالة الطوارئ وأن الظرفية تقتضي التعامل بنوع من العنف إن اقتضى الأمر ذلك، وأن كل ممتنع أو مقاوم لهذا العنف سيدخل ضمن خانة العصيان المدني والتي يجرمها القانون الجنائي في فصوله من 300 إلى 308 والتي تصل إلى عقوبات حبسية تصل إلى شهر حبسا إلى سنة حبسا مع الغرامة والحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين مع الغرامة.

نحن في ظرفية استثنائية فحالة الطوارئ التي فرضت قصد محاصرة انتشار الوباء لها خصوصيتها كما أن التدابير المتخذة لها صلاحيات استثنائية وظرفية تنقضي بمجرد انقضاء حالة الطوارئ وللجواب على ذلك يجب الرجوع الى المواثيق الدولية والقانون الدولي الذي تناول حالة الطوارئ من خلال العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية الصادر سنة 1966 والذي حدد الشروط الأساسية لفرض حالة الطوارئ وفي هذا الصدد منح للسلطات العمومية سلطات واسعة حيث ممكن لها منع التجمعات وغلق مرافق عمومية ووضع أشخاص رهن الإقامة الجبرية وإجراء مداهمات لمنازل الى غير ذلك من الصلاحيات الاستثنائية لكن بالمقابل قيدت هذه الصلاحيات بشروط حيث يشدد العهد الدولي على أن حالة الطوارئ يجب أن لا تكون في أي حال من الأحوال ذريعة لحرمان الأفراد من حقوقهم الأساسية مثل الحق في الحياة والحق في التفكير والاعتقاد كما يجب ألا تكون ذريعة للممارسات غير إنسانية أو الحاطة بالكرامة الإنسانية أو التعذيب أو العبودية والاضطهاد، والدستور المغربي كرس المرجعية الكونية لحقوق الإنسان وأكد عليها بل نص في ديباجة الدستور على أن المواثيق الدولية تسمو على التشريعات الوطنية، وحيث أن المغرب لم يسبق له أن فرض حالة الطوارئ.

وبالعودة إلى العنف الذي مارسه أحد “القياد” على أحد المواطنين المخالفين لحالة الطوارئ من خلال الصفع على الوجه والركل بالإضافة إلى العنف الممارس من بعض أعوان السلطة خصوصا في مدينة سيدي سليمان وجرف الملحة على مواطنين عزل لا ذنب لهم سوى أنهم ربما كانوا في المكان الخطأ أو ربما عن غير قصد أو علم بخطورة انتشار الوباء لعدم التوعية أو التحسيس أو لعدم تقدير المخاطر، أو لانعدام الوعي لدى فئة شابة لا عهد لها بمثل هذه الحالات والتي لم تمر على المغرب في العهد الجديد بل عاشها الجيل القديم عندما فرض المغرب حالة الاستثناء لسنة 1965 إبان تمرد القوى السياسية آنذاك على المؤسسة الملكية، وأعتقد أن الجيل الحالي لا عهد لهم بما جرى إبان تلك الحقبة من انتهاكات واعتقالات وتجاوزات خطيرة، وكما أعتقد أن كل أشكال العنف التي مارسها بعض القياد ورجال الشرطة على المواطنين البسطاء غير مبررة في هذه الحالة، ولكل فعل رد فعل فقد تحرت الجمعيات الحقوقية للمطالبة بفتح تحقيق في النازلة وبالفعل فقد تم فتح تحقيق في مدينة جرف الملحة حيث أظهر شريط مصور اعتداء رجال الشرطة بالهراوات على أحد المواطنين المخالفين لحالة الطوارئ، الأمر الذي اضطر المسؤولين الأمنيين حسب بعض المنابر الإعلامية إلى استدعاء رجال الشرطة والتحقيق معهم في المخالفات المهنية المنسوبة إليهم وفي السياق نفسه يحق لنا التساؤل وأمام هذا العنف غير المبرر هل يجوز مقاومة هذا العنف غير المبرر؟

وهنا نقف عند إشكالات فلسفية معقدة وهي ثنائية العنف والسلطة والعلاقة بينهما وفي هذا الاتجاه يرى “ماكس فيبر” بأن السلطة هي فعل عنف يهدف الى إجبار الخصم على فعل ما تريد والشرط الأساسي لوجود العنف هو “القيادة” فليس هناك سلطة لا تنبع من قوة وبذلك تصبح قيادة السلطة هي القوة المؤهلة التي تحمل صفة رسمية مؤسساتية، وفي هذا الصدد يمكن استحضار المفكر “كونور اوبريان” في كتابه “مسرح الأفكار” حيث يقول… “أحيانا يكون العنف الطريق الوحيد التي تؤمن سماع صوت الاعتدال حين يكون مستحيلا أن تحصل على ما هو ممكن…” ويضيف أنه يمكن اعتبار العنف سلاح إصلاح، لكن عندما تصل السلطة إلى ذروة إرهابها تبدأ بالتهام أبنائها وهذا ما نخشاه خصوصا وأن الفئة العريضة من المجتمع المغربي تعرف هشاشة خطيرة فكيف نمنع مواطن من الخروج من بيته دون توفير أدنى شروط الحياة الكريمة… أليس هذا كاف لمواجهة والتصدي لكل إشكال العنف غير المبرر؟

بعيدا عن الإشكالات الفلسفية يحق لنا طرح سؤال بسيط جدا هل كان ذاك “القائد” سيمارس العنف على أحد أعيان تلك المدينة أو الجماعة إذا وجد في حالة مخالفة لحالة الطوارئ أم أن العنف يقتصر فقط على المواطنين الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة….؟

وفي هذا الصدد اعتبرت بعض الجمعيات الحقوقية الأمر ضربا للمكتسبات الحقوقية وتراجعا خطيرا عن نضال الشعب المغربي في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية حيث طرح سؤال على وزير الداخلية عقب اجتماع له في لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، والذي صرح أن العنف الذي يمارسه رجال السلطة كالعنف الذي يمارسه الأب على أبنائه، وأن ظروف اشتغال رجال السلطة تحت الضغط هي سبب هذه التصرفات.

وبالعودة الى مرسوم سن أحكام حالة الطوارئ والذي سن عقوبات حبسية وغرامات مالية سبق ذكرها، كان من الأجدر على رجال السلطة تطبيق القانون خصوصا بعد صدوره بالجريدة الرسمية عوض تطبيق شرع اليد، أم قبل صدور القانون فكان من الأجدر التوعية والإرشاد والتحسيس والتوجيه واعتماد أساليب الترغيب بذل الترهيب.

وحتى لا نتهم بالتحامل على رجالات الإدارة الترابية من ولاة وعمال وباشوات وقياد وأعوان السلطة، وحتى نعطي لكل ذي حق حقه فهناك نماذج مشرفة جدا أبانت عن مهنية عالية وحس وطني منقطع النظير وهنا نتحدث عن القائد المواطن القائد الإنسان ونذكر هنا على سبيل الحصر والأمثلة عديدة ومشرفة، السيد القائد بمدينة خنيفرة والذي تدخل ليرجع امرأة ثم طردها من محل سكناها بدعوى عدم أداء السومة الكرائية والذي أصر على أن يؤدي السومة الكرائية من ماله الخاص وأرجع تلك السيدة إلى محل سكناها ونموذج أخر للقائدة المواطنة الإنسانة القائدة “حورية” التي أبانت عن وطنية وكفاءة عالية في التواصل ومخاطبة عامة الساكنة بلغة يفهمها الجميع حيث امتثل الجميع لنصائحها، ومثال آخر لقائد وفي إطار حملات التوعية والذي تعاطف مع رجل مسن من ذوي الاحتياجات الخاصة عندما علم انه ذاهب للتسوق وأن قفته خاوية على عروشها وقدم له مساعدة مادية رفقة قائدة كانت برفقته الأمر الذي خلف حالة الإعجاب والتقدير لدى من شاهد الشريط، وكل هذه النماذج تشرف المغاربة كما تشرف الإدارة الترابية ووزارة الداخلية عموما ناهيك عن” القياد والقايدات” الشباب والذين أبانوا عن مهنية عالية وحس وطني منقطع النظير في تعاملهم الإنساني مع المواطنين وحتى غير المستوعبين لحالة الطوارئ، ومن جهة أخرى تقوم السلطات العمومية ورجال الشرطة بتبادل التحية والتقدير للمواطنين المنضبطين لحالة الطوارئ في كل الأحياء والتجمعات السكنية بالعديد من مدن المملكة –الدار البيضاء – طنجة نموذجا وهي مشاهد ربما نراها لأول مرة في مجتمعاتنا غيرت تلك النظرة التصادمية بين المواطنين ورجال السلطة والتي كرستها بعض المواقع الإلكترونية من خلال بعض الأشرطة المصورة عن انتهاك رجال السلطة لحريات المواطنين والأمر الذي افقد الثقة بين الطرفين، ربما مصائب قوم عند قوم فوائد فقد جمعتنا الأقدار وجمعنا هذا الوباء وأصبح المغاربة اكتر تفهما ووعيا بأهمية تواجد نساء ورجال الأمن ونساء ورجال السلطة العمومية والوقاية المدنية ونساء ورجال الصحة، فالشعب المغربي أصبح أخيرا يفرق بين التفاهة والجدية و”المعقول “حين لم ينفع البلاد صناع التفاهة بل في الشدائد ظهر المعدن الأصيل، وفي الختام وأمام هذه الجائحة نؤكد مرة أخرى وكما صرح وزير الداخلية ” أننا بحاجة إلى بعضنا البعض خصوصا في هذه الفترة الحرجة فمصيرنا مشترك فنحن في سفينة واحدة إما ننجو جميعا أو نغرق جميعا ولذا وجب على رجالات السلطة ورجال الشرطة الأوفياء الغيورين على هذا الوطن التماس العذر وتغليب الجانب الإنساني على الجانب المهني خصوصا أننا أمام آفة صحية واجتماعية واقتصادية مع الإشارة إلى أن الفئة العريضة من المجتمع المغربي قوت يومها من الشارع ومصير أبنائها معلق على العمل اليومي لها فلا نزيد الطين بلة “لي فيهم يكفيهم”

وأختم بمقولة للمهاتما غاندي: “يجب أن لا تفقدوا الأمل في الإنسانية لأن الإنسانية محيط وإذا كانت بضع قطرات من المحيط قدرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذرا”.

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب