مشروع قانون تكميم الأفواه إلى أين؟

مشروع قانون تكميم الأفواه إلى أين؟
الأربعاء 29 أبريل 2020 - 20:11

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة تحمل موادا من مشروع قانون رقم: 20- 22، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، الذي قدمه السيد وزير العدل، متذرعا بسد الفراغ التشريعي الذي تعاني منه المنظومة القانونية الوطنية لردع كافات السلوكات المرتكبة والجرائم الإلكترونية، وصادق عليه المجلس الحكومي بتاريخ 19 مارس 2020، وبعد تضارب الآراء حول مدى صحة تلك المواد المسربة، خرج مستشار رئيس الحكومة في الإعلام نزار خيرون ليؤكد على جدار صفحته صحتها في صيغتها الأولى، وقد أحيل المشروع على اللجنة التقنية لدراسته من جديد ثم على اللجنة الوزارية المحدثتين لهذا الغرض، وقد قطعنا الشك باليقين بعد اطلاعنا على مذكرة وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، التي تتضمن ملاحظات بشأن هذا المشروع، بتاريخ 27 مارس 2020.

والسؤال المطروح: لماذا لم ينشر المشروع على الموقع الرسمي للأمانة العامة للحكومة؟ أين هو حق الحصول على المعلومة؟ وأين هي الديمقراطية التشاركية التي يتبجحون بها؟ وأين هو إشراك الفاعلين من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والمجلس الوطني للصحافة، والجمعيات الحقوقية والجمعيات المدنية المهتمة بحرية الإعلام؟ وأين هو رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان…؟

هل تسعى الدولة بهذا القانون لحماية نظامها الاقتصادي؟ وهل هناك ضغوطات مارستها الشركات الكبرى التي سبق أن تضررت من حملة المقاطعة، بغية ضمان حماية مصالحها مستقبلا؟ وكيف نسي الوزير الاتحادي اليساري كل إرثه الحقوقي، وإرث المدرسة العريقة التي ينتمي إليها ليضرب كل ذلك عرض الحائط؟ أين المبادئ وقيم النضال ودولة الحق والقانون والحريات؟

كل الأسئلة تبقى مشروعة في ظل غياب الصيغة النهائية للنص القانوني، وفي ظل استمرار حكومة الكفاءات في الانغلاق على ذاتها، وفي ظل غياب الشفافية وعدم الوضوح، وتبقى كل الاحتمالات واردة حول مستقبل الحريات بالمغرب بعد جائحة كورونا، لأن السرية وتكتم الجانب الرسمي عن المعطيات يفتح الباب أمام الباحث لكل القراءات والتأويلات.

إن اعتماد هذه الصيغة أو صيغة أخرى مشابهة لها، يعتبر جريمة في حق حرية التعبير، وردة حقوقية لا مثيل لها، فمتى كانت الدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات والبضائع والخدمات جريمة يعاقب عليها القانون؟ وكيف تكون النصيحة للمواطنين بسحب أموالهم من بعض المؤسسات البنكية، أو التذمر من جودة بعض المنتوجات والبضائع جرائم يعاقب عليها بالحبس والغرامة؟

إنها كارثة بكل المقاييس، لأنه لا يعقل مناقشة مشروع قانون يتضمن مقتضيات تشكل تراجعا عن المكتسبات التي جاء بها دستور 2011، الذي نص على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، وهو نص يجعل هذه الحريات مرتكزا أساسيا للمجتمع الديمقراطي، وشرطا لازدهار الفرد في اعتماد واختيار الموقف الذي يريده.

إننا أمام حكومة تشتغل بسوء نية واضحة، وتستغل الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد لتمرير قانون يقيد حرية التعبير والرأي، في حين كان عليها أن تسعى إلى توحيد الصف والحفاظ على اجتماع الكلمة، وتعبئة طاقات الشعب وراء مؤسسات البلاد، ورفع حسهم الوطني لمواجهة الوضع الصعب الذي تجتازه البلاد لإنقاذ السفينة من الغرق بمن فيها ومن عليها.

وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نقول: إذا اعتمد هذا القانون بصيغته المتداولة، فكلنا في السراح المؤقت.

*باحث في القانون العام

‫تعليقات الزوار

5
  • الطنجي
    الجمعة 1 ماي 2020 - 03:12

    لم أفهم لحدود الساعة كيف يمكن لوزير اتحادي من مدرسة بوعبيد واليوسفي… أن يأتي بهذا القانون الرجعي.

  • أبو مريم
    الجمعة 1 ماي 2020 - 15:31

    بما أن جميع الأحزاب تستنكر قانون 22/20 إذا فالشعب هو المسؤول وهو من وضع القانون وهو من قام بتسريبه .. والآن نضع هذه القوانين لمشاركتها على أوسع نطاق حتى يتم تطبيقها في الحكومة
    عوض 22/20 نقترح لكم مشاريع:
    قانون ضريبي على الثروات
    قانون إلغاء تقاعد الوزراء والنواب ومحاربة الريع السياسي.

  • حسن
    الجمعة 1 ماي 2020 - 18:02

    مشروع القانون لم يكن وليد اللحظة بل كان في المطبخ من شهر مارس. تسجيل الهدف تم في لحظة مناسبة . أقصد أنه كان مدروس وباعداد قبلي . والاتحاد يؤدي الوظيفة التي من اجلها تم الدفاع عنه في الدخول للحكومة ولا شيء يتم بالصدف.

  • AHMED
    الجمعة 1 ماي 2020 - 20:01

    كنا في جو تسوده المحبة والاخاء والتضامن ، وكنا نفتخر بالتفاهم والثقة التي حصلت بين المواطتين والسلطات العمومية للقضاء على هذا الوباء اللعين وكنا جميعا نرفع اكف الدراعة للعلي القدير ان يرفع هذا الوباء على بلدنا الحبيب ، لكن جو الاخاء والتضامن سرعان ما تلاشى وتبخر وسيطرت عليه القرارات التعسفية التي يشوبها الظلم والقفز على الحريات وحق التعبير لارضاء خواطر لوبيات التجارة والباطرونة . الله اخلص اللي كان سباب .

  • KARIM
    السبت 2 ماي 2020 - 03:22

    الشعب في أمس الحاجة إلى مشاريع قوانين لبناء مستشفيات ومدارس ومصانع والزيادة في أجور العمال والموظفين والقضاء على الفقر والبطالة وتشجيع البحث العلمي والاستفادة من مداخيل الفوسفاط وأموال الضرائب والثروة السمكية والمعدنية ….

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس