الإدارة القضائية في ضوء قانون الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية

الإدارة القضائية في ضوء قانون الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية
الثلاثاء 12 ماي 2020 - 16:51

تمهيد

مما لا شك فيه أن الحاجة إلى إحداث طرق جديدة في التقاضي أصبحت ضرورة ملحة، خاصة مع الوضعية التي يشهدها العالم جراء تفشي فيروس كورونا المستجد المعروف بكوفيد -19، والذي أثر بشكل واضح على جميع الميادين والقطاعات الحيوية، صناعيا وتجاريا واقتصاديا واجتماعيا؛ بل إن مرفق العدالة لم يسلم من تعطيل أجهزته بسبب الاضطراب الذي ساد منذ بداية ظهور الفيروس.

لذلك بادر المشرع المغربي إلى إصدار مشروع قانون يقنن أسس وضوابط المحكمة الرقمية التي تعد من أهم الأوراش الكبرى لميثاق إصلاح منظومة العدالة بالبلاد، وذلك في الهدف الرئيسي السادس الرامي إلى تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها. لكن وإن كان المشرع المغربي يحسب له هذا التدخل الاستثنائي فإن الظرفية التي تم إصدار فيها هذا المشروع أثارت نقاشا واسعا لدى ي والممارسين، خاصة أن المشرع لم يكن مستعدا لمثل هذه الوضعية التي يمكن أن نسيمها القوة القاهرة، والتي تحول دون استمرارية مرفق العدالة بمكوناته البشرية كما كان معتادا عليه سابقا.

ولكن قبل تناول الموضوع يجب أن نعرف التقاضي الإلكتروني، فالمقصود بهذا الأخير هو “سلطة لمجموعة متخصصة من القضاة النظاميين بنظر الدعوى ومباشرة الإجراءات القضائية بوسائل إلكتروينة حديثة، ضمن نظام أو أنظمية قضائية معلوماتية متكاملة الأطراف والوسائل، تعتمد منهج تقنية شبكة الربط الدولي وبرامج الملفات الحاسوبية الإلكترونية للنظر في الدعاوى والفصل فيها بغية الوصول إلى فصل سريع والتسهيل على المتقاضين”.

من الخلاصات الأساسية التي يمكن استنتاجها من الندوة الوطنية حول موضوع “الإدارة القضائية في ضوء قانون الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية”؛ والتي نظمها الدكتور الفاضل أحمد قيلش، يمكن إجمالها النقط التالية:

أولا: ضرورة التمييز بين المحكمة الرقمية والتقاضي عن بعد

لقد نص ميثاق الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة لسنة 2013 على ضرورة إرساء مقومات المحكمة الرقمية، وذلك في الفرق الثالث من الهدف الرئيسي السادس المعنون بـ”تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها”. ومن ثم فإن هذا المشروع القانون لا علاقة له بهذه بالتقاضي عن بعد. وتكمن أوجه الفروق في كون المحكمة الرقمية تشمل العديد من الإجراءات التي يتم اتخاذها إلكترونيا، والتي تتصل بالدرجة الأولى بجهاز كتابة الضبط وتداول الوثائق بشكل إلكتروني؛ أما التقاضي عن بعد فهو مجرد تدبير استثنائي يستمد مرجعيته من المادة الثالثة من المرسوم رقم 2.20.292 المتعلقة بسن مقتضيات حالة الطوارئ الصحية التي تعرفها بلادنا، والتي تنص على ما يلي: “على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تقوم الحكومة، خلال فترة إعلان حالة الطوارئ، باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وإعلانات وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوطنية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم”.

لا تحول هذه التدابير المتخذة المذكورة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.

وبالتالي فإن مفهوم المحكمة الرقمية أشمل من مفهوم التقاضي عن بعد، أي إن كلا المفهومين لهما خصوصية معينة، ذلك أن تحديث الإدارة القضائية التي يتحدث عنها الميثاق تشمل فقط تبسيط الإجراءات للحصول على الوثائق بشكل إلكتروني ثم تجسيد لامادية الإجراءات والمساطر.

ثانيا الدوافع الأساسية من وراء تبني هذا المشروع

إن تبني مقومات المحكمة الرقمية لا يمكن أن يتم إلا من خلال استعمال الوسائط الإلكترونية في إجراءات التقاضي في بعده المدني والجنائي على حد سواء، وهو ما نلمسه من خلال قراءة المشروع الذي عدل كلا من قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية. كما أن المحكمة الرقمية تعد أحد تجليات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة كما سبقت الإشارة إليه، أي إن تنبي هذا المشروع وإخراجه إلى حيز الوجود جاء تنزيلا لأحد توصيات هذا الأخير. بالإضافة إلى ذلك فإن تبني هذا المشروع جاء ليكرس مجموعة من المبادئ الأساسية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، ومن أهمها الشفافية والمساواة في الاستفادة من الوثائق وتحميلها، والحق في الحصول على المعلومة بصفة عامة والمعلومة القضائية بصفة خاصة. ولعل أبرز مثال هو استخراج السجل العدلي.

ثالثا: بعض الملاحظات الأساسية على هذا المشروع

الملاحظة الأساسية التي يمكن إثارتها منذ البداية، والتي هي ملاحظة شكلية تتعلق بالتسمية التي تبناها المشرع المغربي من خلال العنوان، حيث كان عليه بالأحرى استبدال التسمية الحالية “استعمال الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية” بتسمية “إجراءات التقاضي الإلكتروني”

من خلال تفحص هذا المشروع وقراءة مواده يمكن القول إنه يزخر في طياته بالعديد من المصطلحات والمفاهيم الأساسية والجديدة على الممارس القانوني، وهي لها علاقة وصلة بكل ما هو رقمي وإلكتروني، وبالتالي كان على المشرع المغربي أن يقوم بوضع مادة فريدة لشرح هذه المصطلحات على غرار المشرع المغربي في مدونة التأمينات التي خصص فيها المادة 1 لذلك.

من خلال تفحص هذا القانون فإن أهم الثغرات التي طبعته تتمثل في الطعن بالاستئناف، وذلك على مستوى أجل احتساب بدء سريانه، هل من تاريخ التبيلغ الحكم أم من تاريخ نشر الحكم، إذ إنه وبمراجعة المادة 6-41 نجدها تنص على ما يلي: “يمكن أن تأمر المحكمة بالقيام بإجراءات التبليغ بواسطة الوسائط الإلكترونية تلقائيا أو بناء على طلب أحد الأطراف”.

ولكن مع ذلك يمكن القول إن المشرع المغربي كرس لامادية المساطر كذلك على تقديم طلبات الاستئناف، وذلك من خلال مراجعة الفصل 141 من المشروع الذي ينص على ما يلي: “يقدم الاستئناف أمام كتابة الضبط المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ويثبت في سجل خاص ورقي أو رقمي”.

ومن الإشكاليات الأخرى التي يطرحها تطبيق المقتضيات المتعلقة بالتبليغ هي صعوبة توفر العديد من المتقاضين على بريد إلكتروني، إذ إن الواقع العملي يثبت عدم توفر المواطنين المغاربة على بريد إلكتروني تجرى فيه كل وسائل التبليغ. فهذا القانون كرس قاعدة أساسية هي أن التبليغ بالبريد الإلكتروني هو الأصل حسب الظرفية الراهنة..وهذا ما يمكن أن نستشفه من خلال مراجعة العديد من المقتضيات القانونية، من قبيل المادة 7-41 التي تنص: “تقوم المنصة الإلكترونية بإرسال إشعار بالتوصل بمجرد وضع التبليغ رهن إشارة المرسل إليه بحسابه الإلكتروني…”، وأيضا مقتضيات المادة 6-41 التي تنص على ما يلي: “يمكن أن تأمر المحكمة بالقيام بإجراءات التبليغ بواسطة الوسائط الإلكترونية …”.

المشرع كذلك لم يحدد آجالا للتبليغ، كما يتضح من خلال مراجعة أحكامه.

بالإضافة إلى ذلك يمكن إثارة ملاحظة أساسية، وهي تلك المتعلقة بالمادة 66 من المشروع، والتي تنص في فقرتها السادسة على ما يلي: يمكن لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك، بغرض تمديد الحراسة النظرية، الاستماع إلى الشخص المعني عن طريق تقنية الاتصال عن بعد”. فمن خلال قراءة هذه المادة يلاحظ أن المشرع المغربي استعمل مصطلح “يمكن”، ما يعني أنها مجرد إمكانية يمكن للنيابة العامة– وكيل الملك بالنسبة للمحاكم الابتدائية، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف-، اللجوء إليها من عدمه، ومن ثم كان على المشرع المغربي أن يحذف مصطلح يمكن وأن يقتصر فقط على الصيغة التالية: “لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك، بغرض تمديد الحراسة النظرية، الاستماع إلى الشخص المعني عن طريق تقنية الاتصال عن بعد”. .

من الإشكالات الأساسية التي يمكن إثارتها في هذا الصدد تلك المتعلقة بمقتضيات المادة 329 من المشروع، والتي تنص على أنه: “يعين تلقائيا بواسطة النظام المعلوماتي المعد لهذه الغاية، بمجرد إيداع المقال بكتابة ضبط المحكمة درجة ثانية، إلى جانب تاريخ أول جلسة، مستشار مقرر يسلم إليه الملف داخل أجل أربع وعشرين ساعة”.. فالملاحظ أن طريقة تعيين المستشار المقرر تثير نوعا من اللبس، وخاصة في ظل وجود مبادئ يتعين احترامها، ولعل أبرزها حياد القاضي. ومن ثم كان على المشرع أن يضع صياغة أكثر دقة وأن يستبدل هذه الطريقة بأخرى تكون أنجع، وذلك تكريسا لحقوق الدفاع والمتقاضيين. الملاحظة الأخيرة التي يمكن أن نثيرها في هذا الإطار هي تلك الضمانة القانونية التي جاء بها المشرع حماية منه للمتهم، والتي يمكن أن نستشفها من خلال المادة 139 في فقرتها الثالثة من المشروع التي جاء فيها ما يلي: “يجب أن يوضع ملف القضية ورقيا أو على دعامة إلكترونية، إذا أمكن ذلك، رهن إشارة محامي المتهم، قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل.

يجب أن يوضع ملف القضية ورقيا أو على دعامة الكترونية، إذا أمكن ذلك، رهن إشارة محامي الطرف المدني، قبل كل استنطاق بيوم واحد على الأقل”.

من أهم المستجدات التي جاء بها كذلك المشروع، وذلك تفعيلا للتوصية رقم 327 من إجراءات التنفيذ “وضع نظام لتدبير التوقيع الإلكتروني على صعيد مكونات الإدارة القضائية”. وتكريسا لذلك فإن المشروع نص في الفصل 339 مكرر على أنه: “يوقع محضر الجلسة وسجلها بعد كل جلسة يدويا أو إلكترونيا من طرف رئيسها وكاتب الضبط”. كما أن الفصل 51 في فقرته الثانية ينص على ما يلي: “يوقع محضر الجلسة وسجلها يدويا أو إلكترونيا من طرف رئيسها وكاتب الضبط “. بالإضافة إلى ذلك ينص الفصل 50 من المشروع في فقرته العاشرة على ما يلي: “تؤرخ الأحكام وتوقع يدويا أو إلكترونيا، حسب الحالات من طرف رئيس الهيئة المكلفة بالقضية، والقاضي المقرر، وكاتب الضبط، أو القاضي المكلف القضية، وكاتب الضبط”.

من التوصيات كذلك التي نص عليها الميثاق ضرورة اعتماد الأداء الإلكتروني لاستيفاء الرسوم والمصاريف القضائية والغرامات، وبالفعل فإن المشروع جاء بهذا المقتضى الصريح، والذي نص عليه المشرع في الفصل 528 منه الذي جاء فيه ما يلي: “يمكن اعتماد نظام الأداء الإلكتروني في جميع الأحوال التي تستوجب تأدية وجيبة قضائية أو إيداع مبلغ”؛ مما يعني أنه إذا كانت القاعدة العامة أن أداء الرسم القضائية عند تقديم المقالات والمذكرات الدفاعية يتم بالوسائل التقليدية من أداء من يد إلى أمام، فإن الاستثناء الذي جاء به هذا المشروع، وكضمانة أساسية لتكريس الزمن القضائي وتفادي البطء في الإجراءات، هو الأداء الالكتروني بشكل يضمن السرعة والفعالية، ما يجعل مبدأ الولوجية إلى القضاء قد تم احترامه في مواجهة المتقاضين.

رابعا: مآل مبدأ العلنية والحضورية

من المبادئ الأساسية التي كرسها قانون المسطرة المدنية المغربي، والتنظيم القضائي المغربي الحالي، مبدأ علانية الجلسات، ومبدأ التواجهية، بل إن الوثيقة الدستورية كرست لهذه المبادئ الكونية.

وبخصوص دستور 2011 نجده ينص في الفصل 123 على ما يلي: “تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي يقر فيها القانون خلاف ذلك”.

أما على مستوى مشروع قانون المسطرة المدنية فإن المشرع كرس لمبدأ التواجهية، الذي يقصد به أن أي شخص لا يمكن الحكم عليه دون الاستماع إليه أو على الأقل توجيه الاستدعاء إليه؛ إذ إن هذا المبدأ يؤسس كذلك لمبدأ حقوق الدفاع المكفولة دستوريا كما يتضح من خلال الفصل 120 من الدستور في فقرته الثانية التي تنص على: “حقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم”.

أما مبدأ علانية الجلسات، الذي كرسه التنظيم القضائي للمملكة، فالمقصود به أن تتم مناقشة القضية والنطق بالحكم فيها في جلسة مفتوحة للجميع، مع إمكانية إعلام الرأي العام بما راج فيها عن طريق النشر في الصحف وباقي وسائل الإعلام الأخرى؛ وهو ما كرسه المشرع المسطري من خلال الفصل 43 من ق.م.م المغربي الذي جاء فيه: “تكون الجلسة علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك. لرئيس الجلسة سلطة حفظ النظام العام بها، ويمكنه أن يأمر بأن تكون المناقشة في جلسة سرية”؛ بل إن مشروع التنظيم القضائي15-38 هو الأخر كرس لهذا المبدأ من خلال المادة 11 منه: “طبقا للفصل 123 من الدستور، تكون الجلسة علنية ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك”. من خلال مراجعة هذا المشروع يمكن القول إن المشرع المغربي حافظ على هذه المبادئ الدستورية بالإضافة إلى مبادئ أخرى كقرينة البراءة، وكرس لمبدأ العلانية والتواجهية كما يتضح من خلال العديد من المقتضيات، بل إن المتهم إذا كان مودعا بالسجن فإنه لا يمكن محاكمته في غيبته، بل يجب تفعيل وسائل الاتصال عن بعد، وذلك حتى يتمكن من تتبع أطوار الجلسة ويشارك في مناقشة أطوارها.

ومن المقتضيات والمؤشرات القانونية التي تؤكد الطرح السابق مراجعة مقتضيات المادة 1-423 التي تنص: “يمكن لغرفة الجنايات استعمال تقنية الاتصال عن بعد قصد الاستماع إلى المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير، وفقا لما هو منصوص عليه في المواد 4-347 الى7-347 من هذا القانون”.

بل إن مراجعة مقتضيات المادة 4-347 من هذا المشروع توضح أن المشرع المغربي حافظ على هذا المبدأ الدستوري حيث تنص: “إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير أو لبعد أحدهم عن المكان الذي تجرى فيه المحاكمة، فإنه يمكن للمحكمة تلقائيا أو بناء على ملتمس للنيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم تطبيق مقتضيات المادة 1-193 من هذا القانون”.

وبالرجوع إلى المادة 1-193 من هذا المشروع وهي بيت القصيد نجدها تنص: “إذا وجدت أسباب جدية تحول دون حضور المتهم أو الضحية أو المطالب بالحق المدني أو الشاهد أو الخبير أو لبعد أحدهم عن المكان الذي يجرى فيه التحقيق، يمكن لقاضي التحقيق تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو أحد الأطراف أو من ينوب عنهم أن يقرر تلقي تصريحاتهم أو الاستماع إليهم أو مواجهته مع الغير عبر تقنية الاتصال عن بعد بكيفية تضمن سرية البث”.

فكل هذه المقتضيات القانونية التي جاء بها المشروع تؤسس لما سبق أن ذكرناه في الأول من مبادئ دستورية كبرى تحمي المتقاضين والمتهمين، وباقي المبادئ الأخرى المنصوص عليها في القوانين سالفة الذكر.

خامسا- مكانة مؤسسة كتابة الضبط في المشروع :

مما لا يخفى على الجميع أن كتابة الضبط أضحت تشكل أحد أهم الأجهزة التي تسهر على تدبير شؤون المحكمة، من تبليغ وتلقي تصريحات والحضور في جلسات المحاكمة وتدوين ما راج فيها من أطوار، إلى غيرها من المهام والاختصاصات الأساسية.

وبالرجوع إلى ميثاق إصلاح منظومة العدالة نجده في أحد التوصيات نص على: “وضع مخطط مديري لإرساء مقومات المحكمة الرقمية، بما يضمن تقوية البنية التحتية التكنولوجية للإدارة القضائية، وتوفير الأنظمة المعلوماتية الآمنة، والبرامج المتعلقة بإدارة القضايا والمساطر، مع تأهيل الموارد البشرية، وتحديد آجال التنفيذ”. ولعل من أهم آليات التنفيذ التي نص عليها الميثاق لتنزيل هذه التوصية هي تلك المتعلقة بتقديم المقالات ومذكرات المحامين وتبادلها إلكترونيا. وأيضا ضمان سلامة وأمن وانتظام استعمال الأنظمة المعلوماتية.

وتكريسا لذلك فإنه بالرجوع إلى هذا المشروع يمكن القول إن المشرع المغربي قام بتنزيل هذه التوصيات في صلب المشروع، كما يتضح لنا من خلال القسم الثالث المعنون بالمسطرة أمام المحاكم الابتدائية من الباب الأول مكرر “التبليغ الإلكتروني”. حيث إن المادة 1-41 تنص على ما يلي: “تتولى منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد تأمين عملية التعامل اللامادي للإجراءات بين المحامين ومحاكم المملكة، بما يضمن موثوقية المعطيات المضمنة، وسلامة الوثائق وأمن وسرية التبادلات الإلكترونية وغيرها”. فمن خلال هذه المادة يبدو واضحا أن المشرع المغربي أسس لمقومات المحكمة الرقمية عن طريق تفعيل التوصيات الكبرى للميثاق؛ وذلك لضمان سلامة أمن التعاملات الإلكترونية بما يحفظ السرية والنزاهة، وخاصة أن المحامين ومن أهم الالتزامات التي يفرضها عليهم القانون 28-08 المنظم لمهنة المحاماة ضرورة الالتزام بالسر المهني تحت طائلة جزاءات تأديبية يتخذها في حقهم نقيب المحامين.

من جهة أخرى تنص كذلك المادة 2-41 في فقرتها الأولى على ما يلي: “تعتبر المقالات والمذكرات والمرفقات وكذا الإجراءات الأخرى المحررة على دعامة إلكترونية، المدلى بها أو المتوصل بها عبر الوسائط الإلكترونية، صحيحة ولها نفس الحجية التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على دعامة ورقية، مع مراعاة أحكام الفقرة الموالية”.

فكما يتضح أن المشرع المغربي جعل هذا المشروع بمثابة عمل جوهري لكتابة الضبط، لأن جميع الإجراءات التي ضمنت في هذا القانون تخص إجراءات كتابة الضبط، حيث تناول هذا القانون كيفية تلقي المقالات، وكيفية تسليم التبليغ والتنفيذ، وتعيين محل المخابرة، كما يتضح لنا من خلال مراجعة أحكام الفصل 33 من المشروع الذي جاء فيه ما يلي: “يجب أن يعين كل طرف أو وكيله موطنا للمخابرة معه بدائرة نفوذ المحكمة، وإلا اعتبر صحيحا كل تبليغ تم بكتابة الضبط”. ومن ثم فإن جهاز كتابة الضبط جاء حاضرا بقوة في هذا المشروع تنزيلا لتوصيات إصلاح منظومة العدالة، إلا أن ذلك لا يعني أن المشرع المغربي لم يقزم من دورها، وهذا ما يمكن أن نلمسه من خلال مراجعة المادة 1-432 من هذا المشروع التي تنص: “يقدم طلب التنفيذ إلى القاضي المكلف بالتنفيذ المختص محليا ….” فهذه المادة تم من خلالها تحويل اختصاصات كتابة الضبط بتلقي التصريحات والطلبات إلى قاضي التنفيذ.

*طالب باحث بكلية الحقوق السويسي -الرباط

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش