حزب العدالة والتنمية والفقر للمعادل المعرفي

حزب العدالة والتنمية والفقر للمعادل المعرفي
الخميس 4 أكتوبر 2012 - 13:32

المعادل المعرفي يكمن في الطرح الأيديولوجي والمعرفي الذي ينطلق منه ويستند إليه تكتل حزبي معين في بلورة فهمه للواقع ومشاكله، وقد يستمد منه حلول تساعده على تدبير الواقع وحل مشاكله، ففي السابق استندت الأحزاب الشيوعية والاشتراكية على النظرية الماركسية، والغريب أن الواقع المغربي مليء بأحزاب لا تستند على أي مستند أيديولوجي، أي ما يعرف بأحزاب “الشكارة”. ومع الأسف فالمشهد الحزبي اليوم يغرق في الشعبوية التي يمارس أصحابها السياسة من أجل السياسة وليس من أجل أهداف مرسومة وإستراتيجية مسبقة تخدم الصالح العام. مع الشعبوية يحضر خطاب التبرير والفكاهة والتهريج والتنكيت والتصريحات المتناقضة ربما في اليوم الواحد. ويغيب الخطاب السياسي المسؤول الذي يحتكم إلى المرجعيات السياسية ويحترم عقول المواطنين. ويفي بما قطع على نفسه من وعود.

جاء حزب العدالة والتنمية إلى السياسة مستندا على الإسلام، طبعا الإسلام كمعطى معرفي، وليس كمعطى اعتقادي أو أخلاقي لكون جل المغاربة يدينون بالإسلام ويتخلقون بأخلاقه، فالإسلام الذي يقصده الإسلاميي العدالة والتنمية، يكمن فيه حل مشاكل الواقع تحت شعار ” الإسلام هو الحل ” إذ بالاستناد على الإسلام سنجد حلا لمشكلة البطالة وسنجد حلا للمشاكل الفقر والهشاشة الاجتماعية وبه سنجد حلا لتحسين علاقتنا مع جيراننا في الغرب والشرق … ؟! السؤال هنا الذي يجب التقرير فيه عن أي إسلام يتحدث حزب العدالة والتنمية، الإسلام القديم والموروث بالعودة لما كان عليه السلف ليس إقتداء بهم وإنما تقليدا وإتباعا لهم كما تحلم الحركات الأصولية، أم الإسلام المعاصر الذي قال به الكثير من ذوي المشاريع الفكرية المعاصرة.

البديهي الذي لا ينبغي القفز عليه أونسيانه في هذا السياق هو أن العدالة والتنمية امتداد لحركة التوحيد والإصلاح التي ضخت تصوراتها وأفكارها في الحزب، بالتحاق الكثير من أعضائها وأطرها للحزب بدءا من سنة 1996، ومن الملاحظ أن هذه التصورات لم تحتضن قدماء الحزب المحسوبين على الحركة الشعبية الدستورية ، إذ انسحب الكثير منهم، وهذا يأخذنا إلى موقف الحزب من الحداثة ككل ومن الآخر ومن الفقه والفهم الموروث لقضايا الدين والمجتمع، فحزب العدالة والتنمية لحد الآن لا يختلف عن حركة التوحيد والإصلاح والدليل على ذلك أنه لا زالت له صلة وطيدة جدا بها فهي سنده الشعبي، فهو لم يفك صلته بها، ويبني تصورات وفق أرضية المواطنة والتعددية في انسجام مع الفكر الكوني والإنساني، فموقفه من تطبيق الشريعة هو موقف الإسلاميين حتى وإن كانت أوراقه التنظيمية لا تعلن ذلك. وموقف هؤلاء موقف يقيس الحاضر على الماضي، إذ تأخذ نماذج التقدم من السلف وبالنظر إلى الوراء بدل الأمام، وهذه النظرة يترتب عليها مشكل معرفي مع كل ما هو جديد وحديث، والحقيقة أننا في حاجة إلى فكر معاصر يتعاطى مع الدين وفق الأرضية المعرفية التي تحكمنا اليوم، و نؤسس بذلك لمقاربات معاصرة في فهم القرآن والواقع وحل مشاكله الاجتماعية، أما ما جاء في التراث الإسلامي فينبغي العمل على قراءته قراءة نقدية يحصل معه استيعابه وتجاوزه إلى ما يتوافق مع الزمن الحالي، وهذا ما لم يتسع له فكر الإسلاميين.

حزب يتبنى الخيار الإسلامي في القرن الواحد والعشرين أمر جميل، ولكن بأي معنى وبأي شكل سيكون تصوره لمنظومة حقوق الإنسان، وللمعتقد والدين والتدين، مثلا هل يسمح هذا الحزب لمواطنين مغاربة غير مسلمين مسيحيين أو يهود لينضموا إلى صفه؟ هل يمكن لهذا الحزب أن يفتح الباب في وجه فآت شعبية لا تتفق مع إيديولوجيا الحركة الإسلامية فيما يخص الزي الشرعي والفن وقضايا أخرى ترتبط بحرية التدين لدى الفرد ؟ هل يمكن للحزب أن يتخلص من آليات الفقيه والداعية الذي يهمه شرع الله أكثر ما يهمه عباد الله وأسئلتهم الوجودية والواقعية، أليست الروح المؤطرة لخطاب العدالة والتنمية هي الدعوة و والعمل على أسلمت المجتمع ؟ هذه الأسئلة وغيرها لا ينبغي تجاهلها لكون الفكر سابق عن الفعل، فمن الأولى العمل على تقريب الهوة بين مكتسبات الفكر العلماني وجوهر الفكرة الدينية، إذ ليس بالضرورة التعاطي مع الإسلام كنقيض للعلمانية، وهمنا من كل هذا هو ترشيد هذا الفعل الموصوف بالإسلامي، فنقاش الجانب الثقافي أو المعادل المعرفي أو الإديولوجي لحزب العدالة والتنمية في واقع الأمر ينبغي أن ينفصل عن عباءة الداعية والفقيه المغرق في التعاطي مع الواقع بمقاربة الحلال والحرام، ويرتبط بأسئلة الإنسان المحلية والكونية.
للتواصل: [email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • محمد كريم
    الخميس 4 أكتوبر 2012 - 17:46

    بسم الله والصلاة والسلام على محمد وآله
    اريد ان اشير اني ليس لي اي انخراط حزبي او ديني لئلا يفهم تعليقي باني ادافع على العدالة والتنمية .
    اريد ان استرجع مقالك في الجمل التي كتبت والتي ترد على كل تساؤلاتك وهي : ومع الأسف فالمشهد الحزبي اليوم يغرق في الشعبوية التي يمارس أصحابها السياسة من أجل السياسة وليس من أجل أهداف مرسومة وإستراتيجية مسبقة تخدم الصالح العام .
    واريد ان اضع بعض التساؤلات :
    هل هناك عضو من العدالة والتنمية في الحكومة او خارجها يستغل منصبه لمصا لحه الشخصية على حساب الصالح العام ؟اما كونهم لهم ثقافة دينية فهدا امر ايجابي وليس العكس .
    اما بالنسبة للكلام المبسط للسيد بن كيران في خطاباته وحواراته السياسية هل يضر الصالح العام ؟اني اقدر كثيرا طريقته الصادقة البسيطة والتي لا علاقة لها بالشعبوية بل احبها لرقيها بالتواصل السياسي وايصال المعلومة بوضوح تام
    هل الصالح العام رهين بالسيد بن كيران والحكومة التي يترأسها ؟اوهو رهين بكل مكونات المجتمع المغربي ؟هل الفساد وسياسة الريع والمصالح الشخصية والتي تنخر كيان التقدم والتطور تخدم الصالح العام ؟ فعلينا ان نكون موضوعيين وصادقين .

  • عبد الحق
    الخميس 4 أكتوبر 2012 - 23:00

    بغض النظر عن كثرة المغالطات الواردة في المقال، وهذه عادة أهل علمان، "خلط وجلط "حتى يصدقك الناس، وبصراحة لقد أصابتني التخمة من كثرة الافتراءات والتهم المعلبة التي يقذفها هؤلاء على كل ما هو اسلامي،
    ثم إني والله أزداد إيمانا عند قراءتي لمقالاتهم، لأنهم يحيلونني دائما على آيات قرآنية تعبر عن حالهم أدق التعبير، لكني لن أذكر الآيات حتى لا اتهم بالتكفير.
    كما أود ان أعلق على مغالطة حاول الكاتب تمريرها وهي الواردة في قوله: "هل يمكن للحزب أن يتخلص من آليات الفقيه والداعية الذي يهمه شرع الله أكثر ما يهمه عباد الله وأسئلتهم الوجودية والواقعية"
    يا للعجب! ألا تعلم ان شرع الله نزل لينظم حياة عباد الله؟!!
    ثم إن عباد الله ليست لديهم أسئلة وجودية، لأن قلوبهم مطمئنة بالإيمان، ومسألة أصل الوجود محسومة عندهم ،
    وما عزفكم على هذا الوتر إلا دليل على اضطراب إيماني وحيرة تعيشونها وتحاولون إسقاط واقع لا يجري إلا في أذنهانكم على واقع المسلمين المطمئن بالإيمان،
    والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا
    انشروا

  • عقدة الغربي
    الجمعة 5 أكتوبر 2012 - 02:30

    السلام عليكم

    لو إفترضت غرس نخلة من نخيل مراكش..في اصقاع سيبيريا المنجمدة ، فلا شك انكم ستقذفونني بشتى التهم المعلبة ،أهونها اتهامي بالجنون

    وبعد ها أبادركم بسيد الأسئلة: لماذا؟

    بلا شك ستسارعون إلى إجابتي قبل أن أكمل سؤالك بمنطق الخبير:لان طبيعة النخل لا تتحمل بيئة جليدية قاسية مثل سيبيريا..

    لكنكم ستحيرون بالتأكيد حينما أرشقكم بسؤال عن كيفية اعتناقكم فكرا مستوردا من البورصات الفكرية للغرب أو الشرق لا تتحملها بيئتنا الثقافية ولا يقبلها مجتمعنا المحافظ.

    ولا تحارون لي حرفا.. رغم كونكم تحيلوننا إلى فئران تجارب لتقليعات النيوليبرالية .. أو الاشتراكية المودرن ..وآخر مستحضرات ( صيدلية) فرانسيس فوكوياما للفكر والتنظير..

    ان واحدة من اكبر المشاكل التي تواجه البناء الفكري لمجتمعنا هي(عقدة الغربي)

    اي الإحساس بالنقص الثقافي والحضاري المعرفي واجترار فكرة استنساخ النمط الغربي في العيش والتفكير..والتبعية للنموذج الغربي بالمطلق. وضياع الهوية والاتكال بل والتطفل الثقافي على نتاج الاخرين..

    على أي حال وكما يقول امير المؤمنين عليه السلام :الحكمة ضالة المؤمن …خذ الحكمة حتى من الفاسق .

    سيد يوسف

  • abed1
    الأحد 7 أكتوبر 2012 - 01:47

    لكون الفكر سابق عن الفعل، فمن الأولى العمل على تقريب الهوة بين مكتسبات الفكر العلماني وجوهر الفكرة الدينية، إذ ليس بالضرورة التعاطي مع الإسلام كنقيض للعلمانية، وهمنا من كل هذا هو ترشيد هذا الفعل الموصوف بالإسلامي،

    إنها ببساطة سديدة كل القصة وللأسف من الإسلاميين من لن يفهمك وستتعرض لا شك لبعض الإساءة؛
    تذكر أخي ما قلته لك في موضوع الرسول؛ ذكِّرِ الأهلَ والجيران فالكثير منا حتى نحن المسلمون ويا للأسف، كأننا لا نقرأ القرآن
    العلمانية هي التي فضحت تخلّف وجهل وطغيان الكنيسة؛ ولولا الحداثة لما كان التواصل بيننا؛ والحداثة من كل ما هو حديث والقرآن أحسن الحديث…

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة