رسالة اعتذار لمعالي وزير التعليم العالي

سلام صادق يليق بكم سيدي ؛

كنتم معالي الوزير، ضمن ضيوف يوم دراسي حول موضوع:

“تدبير اللغات، وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغة على ضوء الدستور”. ليوم الأربعاء 21 نونبر 2012 بمقر مجلس المستشارين، كان موقفكم شجاعا، صراحتكم تبعد عنكم عن تهمة “الساكت عن الحق شيطان أخرس.”

الحقيقة التي بحتم بها مثل حبل من غسيل، صعبة ومرة، قابلة لتغضب أولئك الجالسين على الأريكة المريحة بقة المستشارين، لكن قد تنزل درجات الغضب حين نعلم أن معالي وزير التعليم العالي، قال بعضمة لسانه أنه سيفشي السر كما هو، سيقول “الحقيقة كما هي”. حقيقة تؤهل صاحبها ليكون ضمن قائمة الصرحاء بموسوعة كنيس.

معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، يعلن أمام الجميع، أنه وزير أمي، وهذا ما أثار غضب إخواننا في الحركة الأمازيغية.والحالة هاته فإن الأمر يفرض التريث واستقراء الوقائع. بداية أخبركم معالي وزير التعليم العالي أنكم كنتم في أبهى حلل الصدق والصراحة، تحسدون عليها. لذا سأمارس اليوم مهنة الدفاع عن أميتكم التي بحتم بها في يوم مشهود، أمام أعداء الصدق والصراحة.

-1- أنتم أمي سيدي الوزير لأنكم لا تعرفون القراءة والكتابة بلغتكم الأم الامازيغية، حتى وإن كانت هذه اللغة حاضرة في المدرسة العمومية، حاضرة في الدستور، حاضرة في الحياة اليومية… إذن أنتم مرآة تعكس بجلاء مفهوم الأمية، لذا أوافقكم وأشهد لكم معالي الوزير أنك أمي مادمت لا تعرف القراءة والكتابة باللغة الأمازيغية وحروفها تيفيناغ، لذا لم يكن من حق الحركة الثقافية الأمازيغية الإحتجاج عليكم فقد شهد شاهد على نفسه.

-2- أنتم أميين معالي الوزير في مفهوم الوطنية أيضا، لأنه حين دعوتم في مجلس المستشارين إلى التراجع عن المكتسبات التي حققناها في حقل الحقوق اللغوية والثقافية ببلدنا تمهدون للمساس بمواطنة المغاربة الذين اخذو يجدون ذاتهم في التعليم والإعلام والحياة العامة… وقد تقوى لديهم عنصر الإنتماء الذي كاد أن تعصف به بعض السياسات القديمة من قبيل” تعريب المجال والمحيط”.فيما مضى .

الدعوة إلى فتح نقاش جديد حول أبجدية تيفيناغ، يفقدنا الكثير معالي الوزير أولها عدم صلابة القرارات التي تتخذها الدولة المغربية مما قد يمس الكينونة المغربية ببعض الجروحات؛

الشك في مؤسسة ملكية أعطت للمغرب إشعاعا دوليا من جانب التنوع الثقافي واللغوي رغم ما لها وما عليها؛

فتح النقاش حول الأمازيغية من جديد يدعونا معالي الوزير إلى قطع أوراق اتفاقية الشراكة حول تعليم الأمازيغية، يدعونا إلى تكسير حواسيب وندواز التي برمجت تيفيناغ، نقطع قرارات المنظمة العالمية لتنميط الحروف والتي نوهت بمجودات الدولة المغربية في هذا الإطار، نحرق كتب “تيفاوين اتمازيغت” ومئات الأدوات البيداغوجية، نغتال عشرات الآلاف من التلاميذ الذين درسوا الأمازيغية وتعلموا الكتابة بتيفيناغ نقطع اللوحات الجميلة التي رسمها لحبيب يشو بتيفيناغ…

لنبدأ النقاش من جديد نزولا عند رغبتكم معالي الوزير دون أي اهتمام بالوطن والمواطنين.

لم يكن من اللائق أن يحتج عليكم مادمت أميين في المواطنة معالي الوزير، واسمحوا لي أن أعطي برهانا آخر للأمازيغ يؤكد أميتكم في المواطنة كي لا يحتجوا مرة أخرى، لكن هذه المرة في مقام آخر.

الإقرار الرسمي لتيفيناغ أخرج المغرب من فتنة كان يريد أن يحدثها حزب العدالة والتنمية والذي هدد في أكثر من مرة بالخروج إلى الشارع إذا لم يتم إقرار الحرف الارمي – والمعروف جهلا بالعربي- واليوم وقد مر على ذلك عقد من الزمان يعود معالي الوزير ليثير الفتنة من جديد وذلك بهدم مطالب قال عنها أنها “مطالب شعب”. وهو ما ينم عن أمية في المواطنة.

-3- أمي في تقدير الأشياء حق قدرتها

لم يكن سيدي الوزير المقام يسمح للبوح بأميتك؛ فأنتم إذن في حاجة إلى دروس في محو أميتكم الثالثة من زاوية معرفة المقام وآداب الحديث، لأن الطريقة التي تحدثتم بها في لقاء يرعاه صاحب الجلالة، بمجلس المستشارين لا يليق بكم كوزير عليه أن يزن الأشياء ويتصرف وفق ما يفرضه المقام من احترام وتقدير، فالمكتسبات التي تحدثتم عنها بسخرية لاذعة، ودعوتم إلى مسحها من قائمة الإنجازات الوطنية كانت وليدة قرارات ملكية سديدة، اعتبرها الأعداء تاريخية في حين ترفضونها أنتم معالي الوزير في حكومة جلالته،
استدعيتم إلى لقاء 21 نونبر 2012 بهدف التعريف بانجازاتكم في حقل التعليم العالي وتكوين الأطر الأمازيغيين، لكن اخترتم الطعن في كل شيء من دون معرفة لماذا جلستم إلى حوار الصافي مومن علي في قبة الغرفة الثانية، لذا فأنتم لم تقدروا الأشياء حق قدرها ومارستم جهلكم في مقام لا يسمح بذلك.

ذلك المقام الذي دعي فيه صاحب الجلالة في أكتوبر عدم “اخضاع الأمازيغية للحسابات الضيقة أثناء افتتاح البرلمان، هو المكان ذاته الذي وضفتم فيه القراءات الضيقة لموضوع جدي يستوجب أبعاد الأحكام الجاهزة بوصاية ملكية تاريخية. لم تكونوا مرة أخرى في مستوى الحدث، في مستوى طموحات ملك يليق بنا جميعا.كونكم لم تكترثوا بالتوصيات الملكية وصرتم عكسها تماما.

كنتم ثالثهم ضمن الوزراء المحسوبين على حزب العدالة والتنمية في لقاء مجلس المستشارين وزعتم الأدوار على طريقة الفيلم الشهير”الطيب، القاسي، اللئيم” أحدكم يقر بإشباع الرؤية البصرية للمغاربة بتفيناغ ، والترويج للامازيغية الموحدة، والأخر يطلب منا أن نمنح الوقت للوقت في إصدار قانون تنظيمي للامازيغية ؛ وانتم السي الداودي تعلنون إنهاء المشروع من أصله وفتح حوار من جديد حول الخيارات الكبرى للامازيغية؛ دون اكتراث بما حققناه من انجازات تجعل من المغرب دولة متميزة في اقرار التنوع الثقافي واللغوي.

كانت مسرحية فاشلة، تنم عن تناقض في الموقف داخل الحزب الواحد وداخل الحكومة الواحدة، من دون تقدير للجمهور الذي احتج عليكم بعد أن أصبح يعرف الوجه من القناع في زمن الشفافية والوضوح وهو مؤشر أخر يثبت أميتكم الثالثة والمتمثلة في سوء تقدير الأشياء حق قدرها

إذن سيدي الوزير إن نتيجتكم في هذه الدورة الدراسية: صفر في تعليم الامازيغية، صفر في مفهوم المواطنة وصفر في تقدير الأشياء حق قدرها… في حين تستحقون في الصدق والصراحة درجة امتياز مع التنويه ما دمتم قد اعترفتم بأنكم أمي في لغتكم الأم.

*عضو لجنة البيان الأمازيغي