ليس دفاعا عن الهمة

ليس دفاعا عن الهمة
الخميس 5 يونيو 2008 - 23:02

مجرد محاولة لوضع النقاش على سكة الأفكار

لما قام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في مستهل شهر غشت 1990 بغزو دولة الكويت، نصح المرحوم الحسن الثاني صدام وذكره بالحكمة المغربية “الحمية كتغلب السبع”،لم يفهم صدام جوهر المثل وكانت نهايتها مأساوية كما يعرف الجميع. 

ربما كان صدام صادقا و مقتنعا في قرارة نفسه بأن ما أقدم عليه هو الصح،لكنه كان يجهل أن الجماهير العربية و النخب السياسية والثقافية و الإعلامية التي تزلفت إليه و نافقته ساعة القوة ستتخلى عنه بسهولة ساعة الشدة.  

مع استحالة القياس،بلغة المناطقة، بين صدام حسين و فؤاد عالي الهمة القائد الفعلي لحركة كل الديمقراطيين، أقتبس وأحور المثل قائلا للسيد فؤاد بأن “حمية المتملقين كتغلب حماس السبع’.

الدافع لخوضي هذا الموضوع، ليس البتة دفاعا عن الهمة، ففي اعتقادي السيد”قاد بشغالو”، و لكن من منطلق حرصي، كمواطن متواضع، على إلا يتم إجهاض مبادرة ، لا أشك  لحظة،لاستبعادي سوء الظن و نظرية المؤامرة، في أن النوايا الصادقة هي التي تحكمت في الأصحاب الحقيقيين للمبادرة. إذ من العار أن تهدر بلادنا وقتا كبيرا و طاقات تفكير في الانشغال بمبادرة مجتمعية ذات طبيعة سياسية لتكون النهاية خيبة و فشلا في بداية الطريق. 

الفكرة في بداياتها كانت جد مقبولة، بحكم وصول كل ذي عقل سليم إلى خلاصات تفرض عدم الاستكانة إلى الواقع  و تدفع إلى استنهاض الإرادات الحسنة في هذه البلاد من أجل إحداث قطيعة نهائية مع ممارسات ميعت الفعل السياسي في بعده النبيل، في مقاربة تسعى إلى تأهيل الجسم السياسي المغربي دون السقوط في مطب الإقصاء و غرور ادعاء التفرد أو الانفراد بالقدرة على التغيير، فداخل الأحزاب طاقات و نيات صادقة، و في التعميم حيف و إجحاف.  

شخصيا،وهذا ما أكشف عنه لأول مرة، كنت من السباقين إلى مراسلة السيد فؤاد عالي الهمة أياما قليلة بعد انتخابات 7 شتنبر 2007 ، وقبل الإعلان عن حركته بكثير، و قلت له بالحرف بأن تواجده بالبرلمان يمكن أن يعطي للعمل البرلماني قيمة إضافية، ولكن شرط الاعتماد على المغاربة الذين يتساءلون كل مساء قبل الخلود إلى النوم عما قدموه للمغرب و ليس عما استفادوه من المغرب.  

كان المأمول أن يكون الوضوح السيد منذ البداية، و أن يكشف عن طبيعة و غايات المبادرة، باعتبارها دعوة صريحة إلى الانخراط الحقيقي و الصادق في تفعيل الإشارات القوية التي مافتئ جلالة الملك محمد السادس يعبر عنها في مختلف خطبه منذ اعتلائه العرش. 

لذلك كان على السيد فؤاد عالي الهمة تفادي أسلوب نقطة نقطة“goutte à goutte” المعتمد في السقي في تسويق المبادرة، لاسيما ألا احد يمكن أن يتهمه بالانتهازية أو الوصولية،مادامت الأقدار قد سخرت له سبل الوصول إلى أقصى ما يمكن أن يحلم به كل مغربي( نيل ثقة الملك و الاشتغال بقربه). 

أسلوب نقطة نقطة المنتهج إلى حد الآن لم يعمل سوى على تكوين حكم، كما نقرأ في وسائل الإعلام، بكون سيادة الارتباك والحيرة على المبادرة، علاوة على تشتيت قابلية الفهم لدى الرأي العام الشعبي المفترض أنه هدف وجوهر ومحرك المبادرة. 

غياب الوضوح وضبابية الخطاب ليسا وحدهما من يهدد فكرة ترمي إلى استنهاض حماس و إرادة المغاربة، بل الخطر الأكبر يكمن في  فلول الانتهازية الصغرى والكبرى ( قياسا على الرشوة الكبرى والصغرى) الذين يسيئون إلى المبادرة  والفكرة. 

الانتهازية الكبرى تتمظهر من خلال الباحثين عن الريع الاقتصادي، أما الانتهازية الصغرى فقد بدأ أصحابها يشتغلون في المناطق، ليس كما يدعو إلى ذلك الهمة، و لكن باستعمال صور التقطوها معه للنصب على اليائسين المحبطين، ولقد نبهت القيادية في حركة لكل الديمقراطيين الأستاذة خديجة الرويسي إلى هذا التفصيل الصغير، لأنه من التفاصيل تدخل الشياطين. 

على السيد فؤاد عالي الهمة أن يجعل معركته الأولى محاربة الهالة و الصورة النمطية التي يحاول المتملقون إلصاقها به، و أن يرسخ فقط صورته كبرلماني وكمواطن متحمس لخدمة بلاده إلى جانب كل الغيورين على الوطن، و أن ينصب النقاش على الفكرة لا الأشخاص.  

أدرك صعوبة هذه المهمة، لكن أهمس في أذن السيد الهمة: لا تواضع مع الانتهازية و “حمية المنافقين كتغلب حماس السبع”.

بقلم : محمد مشهوري -إعلامي وسوسيولوجي

[email protected]

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب