ثابت الخيار الديمقراطي في خطاب 9 مارس وأزمة الإستقلال

ثابت الخيار الديمقراطي في خطاب 9 مارس وأزمة الإستقلال
الثلاثاء 14 ماي 2013 - 17:41

كان أهم منطلق دفع جلالة الملك محمد السادس إلى إجراء المراجعة الدستورية نابعا من ثوابت المملكة المغربية المتمثلة في الإسلام وإمارة المؤمنين والنظام الملكي وحماية الوحدة الوطنية والترابية للمملكة، لينضاف إليها ثابت خامس، جديد، وهو ثابت الخيار الديمقراطي، وذلك بفضل الرؤية الثاقبة للعاهل المغربي، حيث جاء في نص خطابه :

” أجل، لقد حقق المغرب مكاسب وطنية كبرى، بفضل ما أقدمنا عليه من إرساء مفهوم متجدد للسلطة، ومن إصلاحات وأوراش سياسية وتنموية عميقة، ومصالحات تاريخية رائدة، رسخنا من خلالها ممارسة سياسية ومؤسسية، صارت متقدمة، بالنسبة لما يتيحه الإطار الدستوري الحالي.

كما أن إدراكنا العميق لجسامة التحديات، ولمشروعية التطلعات، ولضرورة تحصين المكتسبات، وتقويم الاختلالات، لا يعادله إلا التزامنا الراسخ بإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق، جوهرها منظومة دستورية ديمقراطية.

ولنا في قدسية ثوابتنا، التي هي محط إجماع وطني، وهي الإسلام كدين للدولة، الضامنة لحرية ممارسة الشعائر الدينية، وإمارة المؤمنين، والنظام الملكي، والوحدة الوطنية والترابية، والخيار الديمقراطي، الضمان القوي، والأساس المتين، لتوافق تاريخي، يشكل ميثاقا جديدا بين العرش والشعب.

ومن هذا المنطلق المرجعي الثابت، قررنا إجراء تعديل دستوري شامل”.

وكان للحراك العربي في كل من تونس ومصر صدى عميق لدى الشعب المغربي، فكانت المطالبة بمحاربة الفساد والاستبداد الذي تترجمه التقارير الدولية سواء في مجال الرشوة والحكامة الإدارية أو في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، فأضحى الخيار الديمقراطي ثابتا من ثوابت الوطن.

وهذا ما تمثل من خلال الدستور المغربي الجديد دستور 2012، الذي أقر مجموعة من الإجراءات التي ترمي إلى دمقرطة الشأن السياسي والحكامة الإدارية ومأسسة المجالات والفئات الحيوية وتوسيع مجال الحريات وحقوق الإنسان.

ولئن لم يكن لهذا الدستور من أثر حقيقي من خلال صعوبة في تنزيله، إلا أنه تظل مضامينه خادمة لثابت الخيار الديمقراطي والمقاربة التشاركية التي كان عاهل البلاد سباقا في ترسيخ هذا المبدأ من خلال تشكيل لجنة متخصصة في صياغة الدستور، وفتح المقترحات لكافة قوى المجتمع من أحزاب ومجتمع مدني وكافة المؤسسات الحيوية في شتى المجالات، وكان لذلك الأثر البالغ في التماس انعطافة حقيقية للمغرب على عدة مستويات، رغم التركة الثقيلة التي تركتها الحكومات السابقة ولوبيات الفساد والإستبداد، خصوصا مع الأزمة الإقتصادية العالمية وردة جيوب مقاومة الإصلاح بعد انتكاسة نسبية للربيع الديمقراطي، واستغلالهم هذه الإنتكاسة وعودتهم بقوة في صيغة جديدة وهي صيغة لم تكن بالأمس متداولة بحدة إلا حينما أتى رجل دولة اسمه بنكيران، وهي صيغة العفاريت والتماسيح، هذا الرجل – بنكيران – الذي أثار القيل والقال بين مؤيد ومعارض، بين مساند ومقاوم، ورغم كل ذلك يمكن القول أن هذا الرجل أعاد للنسق السياسي المغربي هيبته، ولم يعد متعلق بدوالب المخزن فقط ومن خلال أجندة ضيقة كما كانت الحكومات السابقة، فأضحى دور لوبيات الفساد ولمساتهم واضحة في ظل هذه الحكومة من خلال عملية ” التشويش” المباشر وغير المباشر.

وبذلك يبدو أن المعركة كانت جد شرسة، كللت بمحاولة حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة وعدم القدرة على تحمل عبء تقشف بنكيران ووزرائه، فكان المغرب بين سندانين، سندان الوقت الزمني العصيب الذي جاءت فيه هذه المحاولة التي إن تكللت بالنجاح وخلصت إلى انتخابات وشيكة فقد تقلب حسابات المخزن من جديد، في حالة اكتساح العدالة والتنمية وانفراده بالحكومة مع ائتلاف شكلي أو تزوير للانتخابات وهذا شيء جد مستبعد، وبالتالي لا يمكن الجزم إلا بتوافق جديد أو عودة الاستقلال الى جحره عبر تعديل حكومي او ضغط الجهات العليا.

وسندان الأزمة الإقتصادية العالمية والوضع الحرج الإقتصادي الحرج الذي يعيشه المغرب اليوم، خصوصا مع دخول الحكومة الحالية عدة أوراش إقتصادية حساة أهمها إطلاق النقاش حول صندوق المقاصة ومناظرة وطنية حول الضريبة وبعض المبادرات الإجتماعية للحد من انتشار الفقر.

إذا الخيار الديمقراطي كثابت من ثواب المملكة يفرض نفسه منذ تاريخ 9 مارس 2011، وبذلك نكون اليوم أمام مفترق تاريخي يقدم لنا صورة مصغرة حول عمق النسق السياسي المغربي وطبيعة ردود أفعاله عند حدوث نازلة كالتي حدثت الآن بقرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة، وترك طريقة تصريف القرار للجنة التنفيذية للحزب، وفي الوقت نفسه طلب تحكيم ملكي حسب الفصل 42 بدل الفصل 47 الذي ينظم طبيعة الاجراءات المنصوص عليها في حالة استقالة الوزراء أو انسحاب حزب، وما يثير الاستغراب هو أن قرار كهذا لم يكن إلا حبرا على ورق، في ظل تواجد عاهل البلاد في فرنسا، وانتظار لقاء مرتقب بين عاهل البلاد وأمين عام حزب الاستقلال وشروط شبه تعجيزية لأمين عام الحزب، الشيء الذي يثير التساؤل وهو هل كان حزب الاستقلال يعي جيدا تكاليف القرار الذي اتخده ؟ ويعلم مسبقا أنه مجرد حبر على ورق ما لم يتم دفعه والدفاع عنه من الجهات العليا من أجل الضوء الأخضر لتطبيق الإجراءات الدستورية المنصوص عليها المتعلقة به؟ في ظل غياب الإستقلال التام والواضح لقرارات الأحزاب بالمغرب والأزمات الداخلية التي تعيشها اليوم خصوصا التاريخية منها؟

‫تعليقات الزوار

1
  • اسماء
    الثلاثاء 14 ماي 2013 - 19:54

    من يعرف شباط جيدا يعلم انه سيد التخلويض فمن غيره قلب النقابة الاستقلالية رأسا على عقب, من غير شبيبيط اصبح امينا عاما للحزب رغم انف الاستقلاليين , و الآن يحاول اللعب بالدستور و بفصول واضحة في محتواها مع اخد قرار جد جبان و هو نصف انسحاب من الحكومة اذ انه لا يريد ان يجر الى انتخابات مبكرة فهو ادرى بغيره ان شعبيته اقل من شعبية الاحزاب الهامشية و ان العدالة و التنمية سيكتسح , اللعب بالدستور كاللعب بالنار و هو سحر سينقلب على ساحره كما قال توفيق بوعشرين في مقاله و لم يكذب هذا الاخير حين قال ان شباط رمى العار على الملك فقد ياس ان يرضخ اليه بن كيران لتحقيق مطلبه المقدس الا و هو اغنية التعديل الحكومي "ملي المعارضة لم تساندك و عييييييييييق "كما قال اساتذتنا

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 93

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 86

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة