أفــــتونا في أمرنا !!!

أفــــتونا في أمرنا !!!
الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:21

في المغرب كما في الجزائر كما في السعودية ودع المسلمون رمضان هذا العام على حمى فتاوى عجزت الفناجين عن تحمل زوابعها واستغربت الغربة من غرابتها ، لتأتي سرعة خروجها من أفواه بعض المشايخ مكسرة لكل جميل تميز به العقل الإسلامي على مر العصور ، وضاربة بعرض الحائط كل لوازم وشروط ومتطلبات الفتوى الشرعية وما يرافقها من تريث وتمهل وتحوط وميل للتؤدة والتأني والحلم والاحتكاك بالواقع المعاصر والتحرز والتحيز لمبدأ الشورى والتأسي بجهابذة المفتين من السلف الصالح في هذا المجال الخطير .


فما بين فتوى ” ملاك القنوات الفضائية ” وما أثاره حولها لفظ ” قد يحل قتل ” من لغط شديد وتناطح مبين بسبب سوء وضع المقال الأنسب للرد المناسب على سؤال سائل جر بسؤاله رئيس القضاء الأعلى للمملكة العربية السعودية نحو إعمال قياس بدا أنه حاد عن سكة الصواب وفتح الباب على مصراعيه للتهجم على دين الإسلام ووصفه بأبشع النعوت حين أوصى بتطبيق حد الحرابة على ملاك فضائيات المجون والخلاعة ،، وما بين فتوى قتل ” ميكي ماوس” باعتباره فويسقة من جند إبليس وواحدا ممن أمرت الشريعة السمحاء بقتله في الحل وفي الحرم وعدوا من أعداء الله وما جرته هذه الفتوى من سخرية لاذعة على صاحبها المفتي ،، ومابين فتوى جواز زواج بنت التاسعة وما تلاها من إغلاق لدور القرآن بالمغرب وتنديد لمجلسه العلمي الأعلى وتحرك للمنظمات والهيآت التي تعنى بشؤون الطفولة…


مابين تلك وتلك ولى المسلمون وجوههم قبل المشرق والمغرب في آن واحد وكلهم يستفسرون عن سر هذا التنافس المحموم بين بعض المشايخ على إعلاء شأن الاستهزاء بنا وبديننا وبفكرنا ويطرحون السؤال تلو الآخر عن الدور المنوط بكل إمام وعالم ويتساءلون عن الطرق الناجعة للإعلام عن رب الآنام دون اللجوء إلى فتاوى تنفر الناس من دينهم وتعسر عليهم ما يمكن تيسيره بآليات شرعية لو تم النظر إليها بعين الحكمة السديدة لكفت المومنين شر القتال .


في مصر فوجئ العالم السنة الماضية بفتوى ” رضاع الكبير” الأمر الذي أوقع المسلمين في حرج ما بعده حرج وأعطى الضوء الأخضر لكل متهكم وناقم على الإسلام ليلوك بفمه أعراض المومنين والمومنات مادامت الفتوى المذكورة قدمت له عنوانا مغلوطا للقضايا والمسائل التي يشتغل عليها العلماء والمشايخ وتنشغل بها عقول العامة والخاصة ، وما كادت تبعاتها تنسى حتى تزعم بعض الأئمة الركب من جديد فأفتوا وفي نفس القطر بجواز جلد كل صحافي تسول له نفسه الأمارة بالكتابة التشكيك في سلامة صحة فخامة رئيس الدولة في سابقة هي الأولى من هكذا فتاوى ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .


وفي المغرب وبعد إبعاد العلماء والفقهاء والمهتمين بالعلوم الشرعية عن دوائر صنع القرار تحت يافطات الإصلاح الديني وما جاوره من شعارات فضفاضة أمست الفتوى حكرا على مؤسسة علمية تضم في صفوفها نخبة من العلماء يوكل إليهم النظر في الفتوى الشرعية بضوابطها وشروطها فيما أسمي بعد ذلك بــ : المجلس العلمي الأعلى ، والمتتبع لمسيرة الفتاوى الصادرة عن هذا المجلس سرعان ما يلاحظ أنها تنقسم إما إلى أجوبة توضيحية لأسئلة تتمحور حول أركان وسنن وكيفية القيام ببعض الفرائض و الأمور الدينية الواجب على كل واحد منا تعلمها ، أو إلى فتاوى تنديدية تهدف إلى الرد على فتاوى أخرى جانبت الصواب أو أثارت حفيظة فرقاء ليسوا سواء ، كما هو الحال مع فتوى ” المغراوي” أو كما وقع سابقا مع فتوى الشيخ ” القرضاوي” القاضية بجواز امتلاك السكن بقرض ربوي ، وفي المقابل سيجد أن المجلس يهمل ويهمش العديد من الفتاوى التي لو قدرت لها الإجابة القيمة لتغيرت أحوالنا من أسوء إلى أحسن .


فمثلا طبقية قوم هرقل المتمثلة عندنا في تصنيف الناس إلى صالح وطالح أو عبد وسيد مع رمي الأخير بالرصاص الحي حتى وإن كان يسهر الليالي الطوال ليحمي حياة الأول تحتاج إلى فتوى تشرع حكما جديدا لهذه الطبقية فإما أن تنصفها إنصافا كاملا يحل لها ما تقترفه في حق الطبقات الأخرى من جرائم وانتهاكات ويحرم نقدها وانتقادها والحكم عليها والسخرية منها ، وإما أن تجرم تصرفاتها وتندد من يقف وراء صناعتها وحمايتها …


وتفويت أراضي الدولة بغير وجه حق لمن لا يستحقها أو بيعها بثمن بخس لا تشتم فيه مصلحة الوطن ولا تراعى فيه مصالح المواطن يحتاج أيضا إلى فتوى ليحل البيع أو يحرمه حتى نكون على بينة من أمرنا فإما أن نترك لهم الوطن ليبيعوه بالجملة وإما أن يردوا لنا ما باعوه بالتقسيط على مرأى ومسمع منا …


وجلد المواطنين غداة كل احتجاج أو مظاهرة ، وسلخ الدكاترة المعطلين آناء الليل وأطراف النهار ، وقطع رؤوس الأقلام الجادة ، ووضع العراقيل والعقبات أمام الغيورين عن الوطن ، واغتصاب النساء المناضلات وترويعهن لترويضهن على الخضوع والخنوع ، والهجرة السرية ومن يسيرها ، وغلاء الأسعار ومن يؤجج نيرانه ، والدستور الممنوح ، والسلط الفاسدة ، والبرلمان المعطل ، والحكومة المشلولة ،والقضاء الصوري ، والعصي التي تفوق ما لدينا من ملايين النسمات ، والملايير التي سرقت وهِربت ، والأمهات العازبات وأرقامهن ، والإجهاض ونسبته ، والفقر وسقفه ، والدخل الفردي وقيمته ، والتعليم ومرتبتنا المشرفة جدا ، والرشوة والمحسوبية والزبونية ،والمخدرات وأراضيها ،والعولمة ومن سيلاقيها ، والديموقراطية وماذا تعني حروفها ، كلها أمور وقضايا بحاجة إلى فتاوى تليق وطموح ومطالب هذا الشعب الأبي .


نعم هذه هي القضايا التي يجب أن يستفتى فيها العلماء والمشايخ الأجلاء لتفك عقد ألسنتهم وليخرجوا لنا بأحكام شرعية تؤسس لأوطان قوية تبعدنا عن الركوع للأوثان البشرية وتقربنا من حقوقنا الدينية والدنيوية.


فيا علماء الإسلام : اتقوا الله فينا وفي إسلامنا .


ويا علماء المغرب : أفتونا في أمرنا لا في بناتنا ، فنحن ولله الحمد شعب اختار شبابه رهبانية ما ابتدعها ولكن فرضها عليه واقع الجبر والجور والظلم فقرر عدم الزواج والإنجاب في زمن يسود فيه الرويبضة ويستفتى فيه رؤوس جهال فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون وتلك حكاية أخرى .

‫تعليقات الزوار

5
  • حسن
    الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:29

    أسي محمد ملوك حفظك الله
    أرجو عدم التسرع والتريث..ففتاوى “ملاك الفضائيات” و”ميكي ماوس” تحدثت أنت عنهما من وجهة نظر من عادى صاحبيهما وهما شيخان ورعان نحسبهما كذلك..وكان بإمكانك أن تبحث وتقرأ ماذا قالا بعد تلك الضجة التي أثارها الاعلام ..فقد هول الاعلام كثيرا من تلك الفتاوى خاصة فتوى “ميكي ماوس”..انظر بم رد الشيخ المنجد على تلك الضجة..الرجل قال بان الفأر الصغير يجب قتله لأنها “فويسقة” وهذا اسم سماها اياه الرسول عليه السلام نفسه في حديث نبوي شريف معروف وثبت أنّ النبيّ سمّاه قاصدا الفويسقة لخبثه ولخروجه عن الحرمة في الحلّ والحرم وقال: ” اقتلوا الفويسقة “.
    ..
    ..يعني الرجل لم يقل شيئا غريبا..اما مسالى “ميكي ماوس” فكان في سياق الحديث فقط ولم يفت بقتله لأنه الرجل يعرف أنه دون روح..وانما تحدث عن سلبيات وخطورة مشاهدة هذه الرسوم التي تعلم الخداع …
    ارجوك مزيدا من التاني قبل كتاباتك ..ووفقك الله

  • يوسف توفيق مدون مغربي
    الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:27

    امتعتنا و اضحكتنا اضحك الله سنك

  • عادل
    الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:25

    لا فض فوك أخي محمد ملوك
    إنه للأسف زمن أشباه العلماء،
    زمن المتفيهقون، زمن علماء عًُباد
    الدرهم والقطيفة، زمن العلماء المنبطحون المهرولون الراكعون الساجدون للأعتاب الشريفة المتواطؤون مع أنظمة الجبر والقهر والعسف على حقوق شعوبهم
    علماء سكتوا عن الظلم الذي حرمه رب العزة على نفسه سبحانه وتعالى وأعطوا الشرعية الدينية بفتاواهم الباطلة للشرك الأعظم ألا وهوالحكم بغير ما أنزل الله.

  • aldaif
    الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:31

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أحسنت أخي أحسن الله إليك.
    إن هؤلاء الذين يدافعون غن هؤلاء العلماء هم الذين لا يتورعون عن نعت غيرهم ممن خالفهم بأبشع النعوت واقذع الصفات. غفر الله لنا ولهم، فمن كان يرمي الناس بالحجارة فليستعد لتلقي الكثير منها. وهذا ما يقع لبعض هؤلاء “العلماء” اليوم.
    ولقد أعجبني كلام أحد الأشخاص قال: لم ار قط عالما يستفتى في أية قناة تلفزيونية وعلى الهواء واجاب بلا أدري… والحال أن جهابدة العلماء الاقدمين كمالك والشافعي بل من الصحابة أنفسهم من اجاب بلا أدري وفرح لذلك، مع أن واقعهم كان أقل تعقيدا من واقعنا بكثير. إذن ينقص كثير من التريث، ودقة النظر والتبصر بحال أهل البلد، بل ينقص الكثير من العلم.
    وأخيرا أذكر بالآية الشريفة:
    إن الله يدافع عن الذين آمنوا
    صدق الله العظيم.

  • مسك الليل
    الأحد 5 أكتوبر 2008 - 02:23

    عند الحق أخ محمد ملوك، هؤلاء العلماء يحرجوننا نحن المسلمون خاصة هنا في الغرب حيث تنقض وسائل الاعلام على مثل هاته الفتاوى العجيبة الغريبة، والصراحة لا نلوم الغربيين بل نلوم من يتفوه بمثل هاته الاشياء دون اعمال للعقل فالاسلام دين عقل كيف نلصق به أمورا
    وهاد العلماء اله يهديهم حصروا الدين في تكفير الشيعة و في الفتاوى للي من قبيل إرضاع الكبير

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب