رمزية الحمار في المشهد الحزبي الأمريكي والمغربي

رمزية الحمار في المشهد الحزبي الأمريكي والمغربي
الإثنين 30 شتنبر 2013 - 13:23

تلعب الأحزاب السياسية دورا مهما في المشهد السياسي بمختلف الأنظمة السياسية، ديمقراطية كانت أو شبه ديمقراطية أو حتى الديكتاتورية، وتكمن هذه الأدوار في توفير قنوات للمشاركة الشعبية والرقي بها إلى درجة من التنظيم الفاعل بشكل يسهل للأفراد التفاعل السياسي من خلال طرح الأفكار والإختيارات للنقاش والتداول.

أضف إلى ذلك أن تقييم عمل الحزب السياسي يرتبط بمدى قيامه بتحقيق الوظائف والمهام العامة والمنوطة به (التعبئة،دعم الشرعية، التنمية، التنشئة السياسية)، لكن السؤال المطروح هل فعلا الأحزاب السياسية تعمل وفق منظور وتصور واضح المعالم من أجل لعب أدوارها وتحقيق الأهداف المجتمعية، سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ؟

بالرجوع إلى واقع المشهد الحزبي المغربي سنجد أنه يعاني من بعض الإكراهات التي تحول دون قيام الحزب بأدواره ومهامه كما هو متعارف عليه عالميا، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، الشيخوخة الفوقية، والانغلاق حول الذات الحزبية فانخفاض منسوب الدفاع عن المصلحة العليا للوطن لدى جل الأحزاب السياسية ، باستثناء بعض الخرجات المحتشمة خصوصا بعد كل إعلان لصاحب الجلالة عن خارطة طريق أو إستراتيجية تدبير لقضية وطنية أو اجتماعية معينة.

إن الحقيقة أو الجزء من الحقيقة التي تبدو واضحة بخصوص المشهد الحزبي المغربي أننا ا في حاجة ماسة إلى أحزاب تتماشى في تصوراتها ومبادئها مع متطلبات المرحلة وطنيا ودوليا، فلا يمكن الحديث عن مطلب الديمقراطية كجزء من الخطاب أو البرنامج الحزبي في غياب أسس ومكونات هذا المطلب خصوصا بعد ميلاد دستور جديد يستدعي تنزيله أحزاب وطنية غيورة وتفكير عميق جاد ومسؤول.

ويسجل في الآونة الأخيرة أن التراكم الحاصل على مستوى العبث السياسي في المشهد الحزبي المغربي قد ازداد منسوبه واكتملت حلقته في ظل أول حكومة الدستور الجديد، وصاحبة بحر واسع من الصلاحيات مع تحقيق نقطة من المنجزات، مما يطرح التساؤل حول الجدوى من الإبقاء على الأحزاب السياسية ؟ التي تبدو عاجزة عن التنزيل السليم للدستور الحافل بالقوانين التنظيمية التي تحتاج إلى السرعة النهائية –الفكرية لا اللغة الشعبوية الأكثر زنقوية.

واستمرارا في الحديث عن العبث السياسي – الحزبي ،فقد نظمت مسيرة قيل عنها إحتجاجية في قلب العاصمة المغربية والتي عرفت مشاركة أدرع غير آدمية ( حمارية) إلى جانب بعض الفعاليات السياسية والمدنية والشعبوية، للتنديد بالسياسة الحكومية بل الحكومة برمتها خصوصا بعد الإعلان عن نظام المقايسة ، وإذا كان الإحتجاج حق مشروع ومكفول قانونا فلابد من إثارة السؤال حول جدوى إقحام الحمار في الإحتجاج وما رمزية ذلك في المشهد الحزبي ؟

وتلجأ الأحزاب السياسية إلى اعتماد بعض الرموز logos الخاصة بها كشعار يميزها عن غيرها من التنظيمات والمنظمات الأخرى ، وليس من العيب اعتماد “الحمار” كرمز للحزب وهذا لا يعبر دائما عن الغباء والبلادة التي ترسخت في ذهنية المواطن المغربي بكون هذا الكائن بليد وغبي ، لأنه لو كان الأمر كذاك ما اتخذه الحزب الديمقراطي الأمريكي شعارا له.

ويعود تاريخ إقحام الحمار في الحياة السياسية والحزبية إلى سنة 1828 عندما اختار آنذاك ” أندرو جاكسون” المرشح الديمقراطي خوض سباق الرئاسة ذلك أن هذا الأخير اختار حمارا رماديا وألصق على ظهره شعار حملته الانتخابية وقاده وسط القرى والمدن المجاورة لمسكنه من أجل الدعاية لبرنامجه الانتخابي.

واستمر توظيف الحمار في السياسة والأدب والفلسفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر ( أبوليوس، توفيق الحكيم،…) استعانوا بالحمار في كتاباتهم ومؤلفاتهم للتعبير عن مواقف ربما كانت الظروف آنذاك لا تسمح بتمريرها في قالبها الحقيقي والواضح، وإذا كان الأمر كذلك فالحمار في السياسة الحزبية في المغرب ووفقا لصورته السلبية في ذهنية المواطن المغربي تعبر عن زمن الانحطاط السياسي ،ووجود خلل على مستوى ضبط الممارسة السياسية.

يتميز هذا الكائن بكونه أليف وصبور ووطني وليس بمتوحش أو قاسي القلب وخائن مثل الكثير من البشر، وعكس ما ترسخ في المخيلة الشعبوية – المغربية باتصافه بالغباء والبلادة، فقد أثبتت بعض الأبحاث الغربية كون الحمار دقيق السمع وذكي وربما هنا مربط فرس الخلاف بين الدلالة الرمزية للحمار السياسي في أمريكا والمغرب.

وإذا كان حمار الحزب الديمقراطي الأمريكي حظي بقسط وافر من الحضور الشعبي خلال الإنتخابات الأمريكية بل أصبح بطلا شعبيا يتم الإفتخار به على قمصان وملابس الأمريكان وأكواب فناجين القهوة وغيرها في إطار تشجيع ممثل الحزب والذي ليس لديه أي مانع من أن يكون حمارا لدى ناخبيه وفق الوعي بأهمية الحمار وخصاله، فهل سيرضى الحزب المغربي أن يكون حمارا عند الناخبين بمفهوم وبمنطق حمار الحزب الجمهوري الأمريكي!

*باحــث وفاعل جمعوي

‫تعليقات الزوار

4
  • عزالعرب
    الإثنين 30 شتنبر 2013 - 18:06

    لك مني كامل الإعجاب على هذا الطرح والمقارنة التي قدمتها وقد أصبت في الصميم كل أردت أن أسمعه في كل التعليقات لكل قارئي هسبريس على هذه الفضيحة الكبرى التي لجأت إليها أحزابنا بتوظيف الحمير ليس تعظيما لها ولكن تحقيرا لها وتحقيرا لساسة حزب آخر فبدل التنافس بالأفكار والمشاريع أصبحت أحزابنا توظف خلق الله وتضفي عليه مسحة من الإحتقار والذل …

  • أبو جهاد
    الخميس 3 أكتوبر 2013 - 22:50

    السلام عليكم,لقد اطمأن قلبي حين رأيت المسيرة الشباطية وهي تجول شوارع العاصمة,وتشيد بالحمار كرمز للحزب الحاكم,فكانت المقارنة منطقية – مع اختلاف الخلقة طبعا- فدل ذلك على وضع الرجل المناسب المكان اللائق به.
    يتميز هذا الكائن بكونه أليف وصبور ووطني وليس بمتوحش أو قاسي القلب وخائن مثل الكثير من الأحزاب -عفوا-البشر،فالحمار ذكي.وهذا ما تتميز به هذه الحكومة ,فهي أمينة ومتخلقة وغير ماكرة…فإذا كان الحمار يحمل المشاق والأتعاب والبشر إلى حيث يريد.فكذا هذه الحكومة فقد تهيأت لتحمل هموم منتخبيها وكذا هم المواطن المغربي الصامد في وجه أعدائه المتربصين به…..والحيوان الذي يحبه الناس ويثنون عليه,واقعه بليد,ألا وهو الغزال.
    أعانها الله سبحانه على تحمل المسؤولية.وأيدها وقائد البلاد بروح منه. وقصم ظهر من أراد إفسادنا وفتنتنا.آمين

  • jamal
    الجمعة 4 أكتوبر 2013 - 20:06

    مع الاسف الشديد ان الحمار يعد من اكبر المظلومين في مجتمعنا المغربي والعربي رغم ان دوره بارز جدا خاصة في الازمنة الماضية بل ولا زال هذا الدور مهما في المناطق القروية والجبلية بل و حتي في المدن التاريخية كفاس وغيرها من الحواضر القديمة .كان الحمار ،ولازال،حاضرا في الفلاحة ،الحرث والنقل للبذور والادوات والمنتوجات وللانسان /يلعب دور بوتي طاكسي واحيانا دور كران طاكسي، حسب المسافة/ ،حاضرا في التجارة عبر نقل السلع من..الى..، نقل الماء الصالح للشرب الى المنزل .على اية حال كان صاحب المهام الصعبة ،وهو ضروري خاصة ايام مجده قبل انتشار وسائل النقل الحديثة ،بل وقد استمر دوره الذي لاغنى عنه الى يومنا هذا .انما شاءت الاقدار ان ينعت الناس بعضهم بعضا باسمه تنابزا ،فكم من معركة حامية الوطيس وقعت بين الناس وكان السبب هو استعمال البعض لاسمه ضد الاخر سبا وشتما ،وكم من الناس دخلوا السجون وكان المتسبب هو استعمال اسمه ،وكم من منهم حملته سيارة الاسعاف الى قسم المستعجلات بسبب استعال اسمه ،وكم..وكم..الحمار في الواقع اسم مذموم في ثقافتنا ،وعليه يجب رد الاعتبار له وارساء ثقافة الود والاحترام له ..ياشباط

  • قطمير
    الأحد 6 أكتوبر 2013 - 02:42

    ارجوكم لا تلفظوا اقوال لا علم لكم بها الثقافة المغربية منبثقة جلها من الاسلام اللهم بعض الدسائس استعمارية اختلطت من بعد ….الحمار في القرءان الله سبحانه وتعالى يضرب به امثلة كثيرة منها قوله تعالى:<.. كمثل الحمار يحمل اسفارا…>وايضا قوله عز وجل :< …ان انكر الاصوات لصوت الحمير …> وقوله تعالى: < ..كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث وان تتركه يلهث..> وفي ايات اخرى …كالانعام او اضل سبيلا…

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة