مستقبل العلاقات الأمريكية المغاربية

مستقبل العلاقات الأمريكية المغاربية
الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:00

اقتربت ساعة الحسم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في جو من الكساد الاقتصادي والانكماش السياسي، فالكل في العالم أصبح يتابع الأيام والدقائق الأخيرة في مباراة براك أوباما وجون ماكين، والكل يحاول الإجابة عن السؤال الرئيسي : من سيفوز بالانتخابات؟. فكثر النقاش والجدال حول سلوك الرجل الذي سوف يسكن البيت الأبيض وسياسته الدولية المستقبلية وكيف ستكون عليه أحوال الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، فإذا حللنا كلما يدور بهذه المناسبة، وإذا تتبعنا الخطب والمناظرات التي جمعت بين المتنافسين على البيت البيضاوي، نجد أن أمريكا الدولة لها مرتكزات ودعائم دبلوماسية تاريخية، تحرك علاقاتها الخارجية كيفما كان الرئيس و كيفما كان لون الحزب الذي ينتمي إليه. ضوابط تتحكم في علاقات أمريكا مع مختلف الدول والتي يمكن تلخيصها في مصلحتين اثنتين هما :

 الطاقة والأمن القومي، وقد تنضاف إليهما بعض السلوكيات والمواقف السياسية الظرفية الثانوية، فالطاقة هي كيف يضمن الرئيس الجديد لبلاده  لمواطنيه طاقة رخيصة و نظيفة، وما هي السبل الكافية لحمايتها وتأمينها من كل خطر خارجي.

 أما الدعامة الثانية في السياسة الخارجية تكمن في مدى استمرار هذا البلد في قيادة العالم الحر و مجابهة أعداءه في كل مكان و في كل زمان لوحده أو مع حلفاءه. فإذا اعتمدنا على نوايا التصويت من خلال استطلاعات الرأي التي قامت بها بعض المؤسسات المعروفة بشفافيتها واستقلاليتها و مهنيتها كوول ستريت جورنال Wall Street Journal و مركز البحث بوي Pew و الموقع المستقل المختص في سبر الآراء ريال كلير بوليتكس Real Clear Politics، نلاحظ أن 51% من الأمريكيين سوف يصوتون على براك حسين أوباما ضد 48% لجون ماكين، فإذا تحققت تخمينات و تنبوءات كل مراكز استطلاع الرأي، التي هي قبل كل شيء نتائج فنية أكثر منها عملية حسب قول سترويت جورنال، فان الرئيس المقبل سوف يكون الديمقراطي براك أوباما، أول رئيس من أصل إفريقي.

ومهما كانت النتيجة، يمكن القول أن العلاقات الأمريكية المغاربية سوف لن تعرف أي تغيير جذري لسبب واحد، أن أمريكا لها علاقات متميزة الآن مع جميع دول شمال إفريقيا باستثناء موريتانيا (تداعيات انقلاب 6 غشت 2008)، أو بعبارة أخرى لا يوجد مشكل سياسي بين أمريكا يدفعها إلى تغيير الإستراتيجية الحالية في شمال إفريقيا. في هذا السياق، ينبغي أن نشير أن العلاقات الخارجية لأمريكا تطبخ من قبل ثلاثة هيئات رسمية : وزارة الخارجية، البانتغون ووكالة الاستخبارات الأمريكية: CIA، وأن كل هيئة تقدم تقريرها إلى مجلس الأمن القومي، الذي يتخذ القرار المناسب الخاص بالمشاكل المطروحة في المنطقة المغاربية، ولقد كان للوبيات دورا مؤثرا في صناعة القرار السياسي الاقتصادي، المتعلق بمنطقة المغرب العربي خاصة لوبي شركات النفط القريب من الجنرالات في الجزائر.

أما الملفات التي سوف يديرها الرئيس الجديد و المتعلقة بالمغرب العربي، فهي ملف الطاقة في الجزائر و ليبيا، وهذا سيبقى من اختصاص الشركات العابرة للقارات التي سوف يتحرر من نفوذها الرئيس الجديد سواء كان أوباما أو ماكين، فلازال ملف النزاع حول المحروقات مفتوحا بين الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر التي باعت حصة مهمة من شركة سونطراك للأمريكيين، تم انقلبت عليهم في تصويت آخر للبرلمان الجزائري الذي رفض خصخصة قطاع النفط والغاز، أما الجماهيرية الليبية، فلقد طوت ماديا كل تداعيات قضايا لوكربي وبرلين والطائرة النيجيرية، فليبيا فتحت أبوابها للاستثمارات الأمريكية في كل المجالات وبشروط تفضيلية خاصة في مجال النفط والمعادن و الزراعة و البتروكيماويات، فالطاقة بالنسبة للأمريكيين جمهوريين أو ديمقراطيين هي عنصر أساسي في مقاربة أمنهم القومي.

أما من ناحية الأمن والدفاع، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تهتم بالحرب على الإرهاب إلا بعد أحداث 11 شتنبر 2003، و بدأت تكتشف أن هذه الظاهرة عالمية و عنكبوتية و لا يمكن مواجهتها لوحدها. ومن هذا الواقع، اعتبرت الجزائر من أهم ساحات المواجهة في حرب لا يعرف مكان العدو  لا سلاحه ولا تكتيكاته. المشكل الآخر الذي لا زال لم يعرف طريقه إلى الحل هو نزاع الصحراء المغربية، فموقف الإدارة الأمريكية المقبلة لن يتغير قط، فهي سوف تستمر في دعمها و تشجيعها للمبادرة المغربية القائمة على مقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الذي يلقى صدى ايجابي و متزايد في العالم وفي أروقة الأمم المتحدة، فالجزائر و من خلال إعلامها كانت و لازالت تؤمن بأن الديمقراطيين سوف يضغطون على حليفهم القديم في المنطقة، لتقديم تنازلات في المفاوضات القادمة بين الأطراف المعنية والمهتمة بنزاع الصحراء، وذلك بناءا على الموروث الثقافي والسياسي للديمقراطيين في ميدان حقوق الإنسان والحريات العامة، إلا أن موقف الحزب الديمقراطي من المغرب فهو في الواقع ثابت واستراتيجي و يخضع لمعايير أخرى، خاصة و المرشحان هما مستقلان عن تأثير ونفوذ لوبي البترول والغاز الأمريكي، الذي تحاول الدبلوماسية الجزائرية توظيفه في دعم أطروحة الانفصال و التفكك في المنطقة المغاربية. فالمرشحان يناديان معا بتحرير الولايات المتحدة الأمريكية من التبعية البترولية لدول المغرب العربي و الشرق الأوسط،و من هذا المنطلق، فالولايات المتحدة سواء كان أوباما أو ماكين، ستولي اهتماما كبيرا في المستقبل بوضع البوليساريو و علاقاته بالقاعدة وخرقه لحقوق الإنسان، ومطالبة إياه فتح مخيمات الصحراويين المحتجزين في تندوف (الجزائر) للمراقبة والتفتيش الدولي من لدن المفوضية العامة للشؤون اللاجئين و المنظمة العالمية للطفولة و منظمات المجتمع المدني، وتقديم كل مسؤول عن خور قات الإنسان إلى المسائلة الجنائية: انه كشف الحساب الذي سوف تطالب به الجزائر مستقبلا..

ختاما، إن الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية هي صناعة تعتمد على قوة المال و جماعات الضغط، فلا يمكن بيع جلد ماكين، الجندي السابق في فيتنام ولا تخفيض سقف شعبية براك حسين أوباما قبل 4 نونبر 2008.

ذ.عبد الرحمن مكاوي

أستاذ العلاقات الدولية/جامعة الحسن الثاني

خبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية

[email protected]

‫تعليقات الزوار

12
  • المغربي
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:20

    تحليل في محلهن وكامريكي مغربي أشجع كل المغاربة بالاقتراب لامريكا وعدم الانصياع لوسائل الاعلام العربية وخاصة الخليجية التي تحاول اخفاء فشلها بتشويه صورة امريكا ..الواقع هو ان امريكا امة عظيمة وشعبها شعب رائع للغاية بعيد كل البعد عن صناعة هوليود … يجب على اخواني المغاربة ان يكونوا ادكياء ويحبوا امريكا والتفتح عليها فهي المستقبل الجميل الرائع للجيل الجديد ..في امريكا لك كل الحرية لمزاولة عقيدتك بكل حرية وبدون تدخل المخزن كما في بلداننا المخزينية المحتقرة للانسانية

  • Noureddine
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:10

    the best country in this world is canada,,,is not america……..liar

  • Noureddine
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:12

    the best country in this world is canada,,,is not america……liar

  • American king
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:14

    أيها المغربي حتى الموت دعني أقر أنك سوف تبقى مغربي حتى تموت بعقليتك الحقيرة تضن أن أوباما مثل سيدك الذي يرعك في إسطبل كبير وسط مهرجون مستعدون لوضعك في السيرك كلما إنتهى عرضك…
    أوباما أخي ليس مقدس يمكن أن تلقاه وتكلمه ما عليك سوى أن تكون في أحد تجمعاته بل يمكن لك أن تراسله ويرد على رسالتك ويخاطبك بالصديق العزيز…
    يا أخي لا أريد قول الكثير سأتوقف هنا إني هنا لأمارس اللغة فقط لا يعنني جدال أحد الله يخليلك ديما ضحك لك تحية مني…

  • to American-Moroccan
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:18

    ملاحضة متواضعة،.. أراك جدّ مفتخر بقرعتك الأمريكية زائد عن اللزوم.. و أقترح عليك أن تكتب باللغة العربية حتّى تتحسن إنكليزيتك لأنّ نصّك ضعيف جدّا ومليء بالأغلاط الشكلية والنحوية، ومن المؤكد أنه يوجد هناك في أمريكا مدارس مجانية لتعليم اللغة,,, enjoy it brother and watch your weight

  • عابرسبيل
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:16

    الحقيقة هو أن النظام المخزني في المغرب والنظام العسكري في الجزائر متفقين فيما بينهما لإستمرارstatuquo فيما يخص ملف الصحراء، حيث نلاحظ أن هذين النظامين يعملون كل ما في وسعهما لإستمرار الوضع على ماعليه، لأن في ذالك يخدم مصالحهما الضيقة في إستعباد وإخضاع شعوبهم. شاهدنا كيف إستخدم الحسن الثاني ملف الصحراء لتتبيت ركائز حكمه في السبعينيات حيث قضى على المعارضة الحقيقية وجز بها في السجون بدعوة أن المغرب في حرب مع العدو وكل من يطالب بحقوق المواطنين آنذاك كان يعد من الخونة ويرسل إلى السجون. الجيش الجزائري كذالك إستخدم ملف الصحراء لتثبيت سيطرته على رقاب الجزائريين وقمع الحريات، وخيردليل هو الإنقلاب على الديموقراطية سنة 1992 وتنحية الشادلي بنجديد.
    أريد أن أضيف أن قضية الصحراء تعد مناسبة لاتعوض للإستغناء الفاحش لكل من النظامين على ضهر شعوبهم، حيث أن صفقات الأسلحة التي تعد بملايير الدولارات تدر عليهم الملايين من الدولارات من العمولات التي يتقاضاها الجنرالات وتحط في حساباتهم في كل من سويسرا والأبناك الأوروبية.
    أمريكا كغيرها من الدول تدافع عن مصالحها قبل كل شيء، نزاع الصحراء تعد مناسبة لها لبيع أسلحتها وخبرتها لكل من المغرب والجزائر، كما يقول المثل الشعبي إنهم يبيعون القرد ويضحكون عن من إشتراه. جيمس بيكر الوزير الأمريكي السابق نفض يديه من هذا الملف لأنه لاحظ وعرف حق المعرفة أن الحكومتين المغربية والجزائرية ليس لهم رغبة في حل مشكلة الصحراء.
    لهذا بإختصار شديد أمريكا أو أية دولة أخرى لايمكنها أن تحل مشكل الصحراء ما دام الطرفين المتنازعين أي المغرب والجزائر ليس لهم رغبة حقيقية في وجود حل لهذا المشكل، وكما قلت فإن أمريكا أو غيرها سوف يستغلون الموقف لبيع أسلحتهما والضغط على النظامين لإتباع أجندتها في المنطقة. في كل الأحوال الخاسرون هما الشعب المغربي والشعب الجزائري اللذين تنهب بلادهم ويستبد تخلفهم.

  • sayd zakaria
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:02

    مابقاتش غادي تفوزهيلاري كلينتون؟

  • fahde de blg
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:04

    والله حتى أضحكتني ستبقي مغربي حتى تموت جبتيها لصقة هههههه
    معجب بتعاليقك تحية مني أخي

  • محمدنو
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:06

    العلاقة ممتازة ومتناغمة ،،ولم نسمع عن مسؤول امريكي واحد ضد مشروع المغربي بشأن الحكم الذاتي ،وستظل امريكا بجانب المغرب الى ان يرث الله الارض ومن عليها..

  • الصيد زكرياء
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:24

    التباعداوالتقارب اوحلف الولايات المتحدةالامريكية .؟…لماذا؟لان مجتمعنا المغاربي المدني لايعرف ماذي يريدون هل المناطق للتبادلات الحرة؟.هل التعاون ؟ .لماذرفض المجتمع المدني المغربي مناطق التبادلات الحر1999 والله اعلم بلدان المغرب العربي بلدان التناقضات ولاتعرف مصلحتهااين هي ؟مابقاش الاختيار؟امامجتمعناالعسكري والله اعلم المغرب حليف الولايات المتحدةعسكريا يعني ينتمي الى حلف الناتوا؟ لماذالمغرب لم ينتمي الى حلف الوارسوا؟ مابقاش الاختيار..2008 هل المجتمع العسكري ي المغاربي يعرف الاختيار المجتمع العسكري لايعرف الاختيار ليس لديه” مبدأالاختياروالمجتمع العسكري المغربي”مابقاش الاختيار

  • عباس لعروسي
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:08

    لا ياسيد مكاوي إذا تراجعت الجزائر عن بيع حصة لها من سوناطراك لأمريكا فهذا كان مقابل تغيير موقف الإدارة الأمريكية الجمهورية من قضية الصحراء وبما أن أمريكا بوش لم تغير موقفها فقد تراجع الجزائريون عن إتمام الصفقة أما اليوم ونحن نعرف أن أسوأ أيام المغرب مع أمريكا في قضية الصحراء على طول 33 سنة دائما تكون أيام حكم الديموقراطيين فإذا عاد الديمقراطيون للحكم فإنهم سيعتبرون تغيير موقف أمريكا من المغرب إلى الجزائر منسجما مع موقفهم الدائم من هذه القضية لذلك لن يفرطوا في صفقة شركة سونطراك لأنهم في جميع الأحوال مع الاستفتاء في الصحراء ولا شئ غيره .فلماذا يضيعون صفقة سونطراك؟

  • الشابلي مولاي ارشيد
    الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 11:22

    لماذا اراسل اوباما ويرد بادب وراسلت عدة مسؤولين من جلدتي ولا يابه اي احد
    myrchid —
    I want you to be there with me on Election Night when the results come in.
    We’re planning a big event that will include tens of thousands of supporters in Grant Park in downtown Chicago.
    We’re saving some of the best seats in the house for 5 people who make their first donation to the campaign before Sunday at midnight.
    If you’re selected, you can bring a guest, and we’ll fly you in and put you up in a hotel for the night. You’ll go backstage at the big event and — no matter what happens — you’ll have a front row seat to history as we celebrate the supporters who got us over the finish line.
    Any donation counts — whatever you can afford. Show your support at this crucial time with a donation of $5 or more, and you could join me on Election Nigh/frontrow
    This movement for change has been a testament to the power of ordinary Americans coming together to achieve extraordinary things.
    I look forward to having you there on Election Night.
    Thank you,
    Barack

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 17

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة