أية مكانة للتلميذ والمدرس في المنظومة التربوية في ضل التكنولوجيات الحديثة؟

أية مكانة للتلميذ والمدرس في المنظومة التربوية في ضل التكنولوجيات الحديثة؟
الجمعة 6 دجنبر 2013 - 11:03

بدأت الدعوات المرتبطة بإدماج تكنولوجيات الإعلام والاتصال تأخذ منعطفا جديدا، بالنظر للعلاقة الوطيدة التي تربط بين مكون الإعلام والاتصال بورش الإصلاح المأمول للمنظومة التربوية، لاسيما بعد الخطاب الملكي لذكرى 20 غشت، والذي أبرز فيه أن الأداء العام للمنظومة التربوية ليس على ما يرام وبالنظر لما يمكن أن تتيحه التكنولوجيات من إسهام قد يطال مجموع المكونات التربوية والإدارية وفي دعم فاعلية النظام التعليمي وتعزيز كفاءته الداخلية والخارجية، وقد تزيد من ترسيخ مكانة التلميذ باعتباره محورا للعملية التربوية ككل كما سبق وأن أكد ذلك البرنامج الاستعجالي.

وإذا كانت وزارة التربية الوطنية قد استندت في وضع إستراتيجيتها للإدماج التدريجي لهذه التكنولوجيا في قطاع التعليم منذ سنة 2005 على العناية بكل من البنيات التحتية وعلى محاور التكوين وتطوير المضامين الرقمية، حيث تم تحقيق إنجازات هامة على هذا الصعيد تمثلت في تجهيز العديد من المؤسسات التعليمية بالحواسيب وبالقاعات متعددة الوسائط، وبالسبورات الحائطية، وكذا بشبكة الربط بالانترنت، بالإضافة إلى استفادة عدد هام سواء من أطر التدريس والتفتيش والإدارة من مصوغات التكوين المعدة لهذا الغرض ومن الاستعمال البيداغوجي لهذه التقنيات.

إلا أن واقع الحال يشهد بأن المعلوميات لم “تتغلغل” بالشكل الكافي في شرايين المنظومة التربوية، بحيث لازال ينظر إليها كدرس أو كمادة مستقلة في حاجة إلى الاستيعاب ليس من طرف التلاميذ فحسب بل من طرف العديد من الأطر التربوية والإدارية أيضا، وهو ما يجعل العملية التربوية عموما لازالت في الغالب محكومة بمنطق تقليدي صرف ولم تدخل الإعلاميات لحد الساعة في “خلخة” علاقة الأستاذ بالتلميذ وعلاقة التلميذ بالفصل والمحيط وببيئة التعليم هموما.

وقد لا نحتاج إلى التذكير بالقيمة المضافة التي بإمكان التكنولوجيات الحديثة أن تحدثها في صميم العملية التربوية، من خلال إسهاماتها فيما يخص الانتقال من الطابع اللفظي إلى استعمال الوسائط في التدريس وحسن استعمال شبكات الربط والاتصال، بما يتاح من إمكانيات في مجال خلق نوع من التشويق والإثارة في شكل إعطاء الدروس بالاستناد إلى المؤثرات السمعية البصرية وبعض العناصر الثابتة والمتحركة، وكذا من خلال التعديل الذي قد يطال العديد من المفاهيم المتداولة كالتغيير الذي قد يطال مفهوم “زمن التدريس” حيث سيتسع مجاله لينفتح على مجموع الساعات التي يكون فيها التلميذ أو الطالب “مرتبطا” بالحاسوب، نفس الأمر ينسحب على الكتاب المدرسي ومختلف المراجع حيث لم تعد هذه الأخيرة مرتبطة ببعض كتيبات خزانة القسم أو المؤسسة بل صارت مرتبطة بالخزان الكبير من المعلومات المتاحة بواسطة الانترنت، حتى دور المدرس قد عرف هو الأخر نوع من التعديل حيث لم يعد “محورا للمعرفة” ولم يعد دوره مرتبطا بنوع من التدريس العمودي المباشر “أقول، تسمع” بل أصبح دوره مرتبطا بمدى قدرته على إدارة وتدبير نوع من “العرض البيداغوجي” المستند على التنشيط، والتيسير والتنظيم ومحاولة إكساب المتعلمين مهارات التعلم الذاتي.

التلميذ هو الآخر لم يعد في منأى عن هذا التحول، حيث لم يعد ذاك العنصر المنغرس ويتم التحدث عنه عرضا وبصفة نكرة عند الحديث عن أعداد التلاميذ في القسم فقط، بل لقد ساهمت تكنولوجيا الإعلام والاتصال في أن يأخذ التلميذ مكانته داخل العملية التربوية، وأصبح محورا توجه مجموع الدعامات نحوه، كما أصبح دوره هاما من خلال مشاركته التفاعلية في إعداد الدروس وفي الاعتماد على ذاته عند البحث عن المعلومة وفي طرق معالجتها واستغلالها في مختلف مراحل الدراسة.

كما ساهمت التكنولوجية في ملامسة وتأهيل بعض الجوانب الخفية والباطنية في شخصية “الطفل التلميذ” وصقل مواهبه، كتنمية حسه الجمالي، والإدراك الحسي، وتنمية قدراته في الفهم والاستيعاب، وفي حل المشكلات، وفي تنمية مداركه وملكاته في النقد وفي اكتسابه روح المبادرة، كما بإمكان التكنولوجيا أن تلعب أدوارا رائدة في ما يخص دعم المبادرات المرتبطة بالإبداعات التلمذية وفي طريقة تقديم العروض في شكل مشاريع صغيرة بالاستعانة من المتاح من أفلام قصيرة أو على شكل مطويات مصورة على سبيل المثال، كما بإمكانه المساهمة في مواضيع لها علاقة بإذكاء روح المواطنة والاهتمام بالبيئة وقضايا التضامن، وقد تلعب هذه التكنولوجيات دور “استقطاب” التلاميذ إلى قاعات الدرس وفي محاربة بعض جوانب الهدر المدرسي في صفوف بعض الأنواع من التلاميذ، كما بإمكانها أن تخلق علاقات تعاون جديدة فيما بين الطاقم الإداري والتربوي والتلاميذ والآباء والأمهات ومع ربط قنوات اتصال وتواصل مع المجتمع المدني ومع المنتظم الكوني.

على الجانب الآخر، قد تكون للمدرس أدوارا جديدة مرتبطة بتلقين التلميذ بعض الأبعاد التربوية الحمائية من الآثار السلبية لهته الرسائل الإعلامية، أو تلقينه بعض الطرق والمناهج فيما يخص سبل تفكيك الرموز وعدم “الهضم بيسر” كل ما يقدم له من معلومات، لاسيما في ظل الوفرة التي باتت توفرها التكنولوجيا في هذا المضمار، كما بإمكان المدرس أن يلعب دور إكساب التلميذ بعض المهارات في الجوانب المرتبطة بطرق التعرف على مصادر المحتوى الإعلامي وأهدافه السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية.

كما يمكن لشبكة الربط أن تعطي مدلـولا جديدا لمجموع الشراكات والعلاقات والتعاقدات التي تنسج حول الفضاء العام للمؤسسة التعليمية وهو ما يدفع التلميذ لاكتساب بعض الأدوات التفاعلية والمدنية التي تجعله أكثر ارتباطا والتصاقا بقيم الدمقرطة، حقوق الإنسان والحريات وينمي قدراته في ما يخص المشاركة في الحياة المدرسية و الاجتماعية وهو ما سينعكس لا محالة بشكل إيجابي في تأهيل المشهد الاقتصادي والسياسي والتنموي ببلادنا…

إذا كان كل هذا ممكنا، إلا أن ما يؤسف له حقيقة أنه في الوقت الذي ما فتئ فيه المغرب يواصل مجهوداته في ما يخص رفع الرهانات المرتبطة برفع نسبة التمدرس والقضاء على الأمية، أمية القراءة والكتابة، ننسى بأننا لازلنا في بدايات المشوار في مواجهة الأمية الرقمية مع الأهمية البالغة التي تكتسيها هذه التقنيات في بلوغ الأهداف ورفع التحديات، وبذل أن تنصب مجهوداتنا في مناقشتها وتسريع الخطوات في اعتمادها واستثمار إمكانياتها، تجدنا منشغلين في قضايا جانبية لها علاقة باستعمال الدارجة وأشياء من هذا القبيل وكأن قدرنا أن نمعن في التعنت وأن نستمر في معاكسة مصالحنا وفي الإصرار على إرجاع عقارب الساعة من حولنا إلى الوراء.

مهتم إعلامي

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 21

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات