سياسيون: التكتلات كفيلة بتجنيب الدول المخاطر الأمنيّة والاقتصادية

طغت التهديدات الأمنية على نقاشات نخبة من الخبراء والمسؤولين السياسيين العرب والأفارقة خلال الندوة الرئيسة للدورة 36 لموسم أصلية الدولي، حيث دعت مداخلاتهم إلى ضرورة تشكيل تكتلات إقليمية باعتبارها الكفيلة بتجنيب الدول هذه المخاطر التي تهدد كياناتها.

ودعا هؤلاء خلال مناقشتهم لإشكاليات “الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب”، إلى إنشاء فضاء إقليمي وخصوصا على المستوى الإفريقي والعربي في ظل العولمة، مشيرين أن التكتلات الإقليمية تتطلب إرادة قوية من طرف جميع الدول وذلك لاتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذها على الصعيد الوطني.

وطالب المسؤولون بتعزيز التضامن بين الدول الإفريقية رغم النقائص والتحديات، مبرزين أن لإفريقيا فرصة لتحقيق تكتلات مهمة كقوة محركة في العديد من المجالات والاقتصادية منها على وجه التحديد.

فتح الله أولعلو وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق قال في مداخلة له في الندوة التي احتضنها قصر الثقافة بأصيلة، أنه “لابد للأقطار أن تدخل في اتحادات إقليمية لمواجهة جميع الأخطار وفي مقدمتها الأمنية منها”، مسجلا أنه “لا يمكن لأي دولة لوحدها التحكم أمنيا في ما يهددها من مخاطر”.

وأبدى القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبة وعمدة مدينة الرباط، تفاؤله بإمكانية العمل الأفقي بين دول جنوب البحر الأبيض المتوسط والشمال والتي لا بد من خلق شروط للتعاون لمواجهة المخاطر الأمنية التي تعيشها المنطقة، موضحا أن “الأمل معقود لخلق الشروط السياسية من أحل وضع مسار جديد للاتحاد والذي لم يعد من الممكن وضع نموذج اقتصادي تنموي في إطار الدول القطرية وحدها”.

وتأسف الوزير المغربي الأسبق على توقف المشروع المغاربي رغم المحاولات التي كانت في الستينيات والثمانينات، مشيرا أن المنطقة العربية في حال استمرار حالة اللاوحدة ستعيش مخاطر تقسيم أقطارها إلى دويلات وفي مقدمتها العراق وسوريا وذلك بعد فشل المشروع القومي والإسلامي.

التجربة العربية الوحيدة التي تعيش نوع من الاتحاد ممثلة في مجلس التعاون الخليجي كانت حاضرة بقوة لدى مداخلات المسؤولين الخليجيين الحاضرين في منتدى أصيلة، حيث اعتبر عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، “تجربة المجلس ناجحة لكونها استطاعت الجمع بين إقامة منظومة إقليمية والحفاظ على السيادات الأعضاء رغم التحديات التي تعيشها”، موضحة أن “مجلس التعاون أصبح منظومة إقليمية راسخة قطعت مسافة طويلة في جميع المجالات الأمر الذي ساعد مواطني الدول الأعضاء في تحقيق التكامل”.

وأكد المسؤول الخليجي أن التجمع العربي المذكور “استطاع تخطي العديد من التحديات الداخلية وفي مقدمتها الإصلاحات السياسية والوحدة الوطنية والتصدي للطائفية وتحقيق فرص الشغل والأمن الغذائي والمائي”، مضيفا أن المنطقة مازالت تواجه تحدي تدخلات بعض الدول في الشؤون الداخلية لبعض أعضائه وكذا التقلبات السياسية التي تعيشها.

وبعدما سجل العام لمجلس التعاون الخليجي أن التحديات الدولية التي تواجه دوله الأعضاء تتجسد بالأساس في الجرمية المنظمة والأسلحة النووية وغيرها، اعتبر الزياني أن “هذه التحديات تعد فرص لمزيد من التعاون لذلك نسعى إلى صياغة مواقف موحدة التي تخدم مصالحنا”.

“لابد من احترام سيادة الدول وعدم التدخل فيها ورفض العنف وتبنى الحوار والسلم لحل النزاعات”، يقول المسؤول الخليجي الذي قال إن دول المجلس مستعدة “للتصدي للتهديدات الأمنية الداخلية والخارجية وفي مقدمتها الجرمية وتحصين الدول الأعضاء لإيمانها أنها كل لا يتجزأ وأي تهديد لأي منها يعد تهديدا لها”.

وسجل في هذا السياق أن التنسيق الأمني الموحد والتعاون المشترك بين دول المجلس أفضى إلى إنجاز منظومة أمنية متكاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف المصحوب بالإرهاب كما تم إنشاء شرطة موحدة، معتبرا “هدف هذه المنظومة هو زيادة النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط”.