باحث مغربي يرصد التعاقدات بين "مُمثل الأمة والسدة العالية"

باحث مغربي يرصد التعاقدات بين "مُمثل الأمة والسدة العالية"
الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 10:00

لا زالت الندوات والمحاضرات، كما الكتب الأكاديمية والمقالات المحكمة، تثرى بخصوص دستور 2011 رغم مرور 4 سنوات على ظهور الوثيقة الدستورية التي جاءت في سياق انبثاق حركة 20 فبراير، النسخة المغربية للحراك الذي عصف بأنظمة عربية، تلتها فوضى عارمة في بعض الدول العربية..

ومن هذه المتابعات دراسة تحت عنوان “ممثل الأمة والسدة العالية” عن منشورات سلسلة مجلة “وجهة نظر” من توقيع عبد المنعم لزعر، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، وتناقش الدراسة إشكالية طبيعة التعاقدات الجديدة بين المؤسسة الملكية والأمة، في ضوء دستور 2011.

واعتمدت الدراسة في منطلقها على فرضية موجهة تؤكد بأن الصيغ الدستورية التي تمت بها تبيئة هذه التعاقدات، مازالت تنهل من نفس المعين الرمزي والديني والسياسي …، الذي ظل على امتداد عمر الممارسة السياسية والدستورية بالمغرب حاميا ومكرسا لعلو سدة الحكم، ودنو مرتبة ممثل المحكوم.

لزعر قدم، على امتداد 3 فصول و132 صفحة، تحليلا متعدد المداخل ينهل من منطلقات علم السياسة، ومقدمات القانون الدستوري، مستعرضا دعائم سمو سلطة السلطان، ومحددات علاقة السلطان برعيته، وخريطة توزيع مراكز وصيغ الفعل والتفاعل الدستوري والمؤسساتي بين مجال تحرك السدة العالية بالله، ومجال تحرك ممثل الأمة.

سلطة السلطات

في الفصل الأول من هذه الدراسة، يشير الباحث إلى أن السلطان سواء باعتباره أميرا للمؤمنين أو ملكا أو رئيسا للدولة، يعتبر في النظام السياسي المغربي مركز كل السلطات، بل أكثر من ذلك، يعتبر سلطة السلطات، سلطة سابقة لوجود الدستور والقانون والمؤسسات السياسية والدستورية.

هذه السلطة بمشروعيتها الدينية والتاريخية والكفاحية، وبتجلياتها وامتداداتها ومضامينها المختلفة، جعلت علاقة السلطان بالرعية من جهة، وعلاقته بالمؤسسات الدستورية ” حكومة، برلمان، أحزاب سياسية، جماعات ترابية…” من جهة أخرى، علاقة حاكم بمحكوم ومالك بمملوك وسلطان برعايا، فمن حيث المبدأ، هو الذي يأمر وما على الرعية وممثليها إلا الولاء والطاعة والتنفيذ.

وتستعرض الدراسة الآليات التي اعتمدت من طرف النظام السياسي، للحفاظ على هيمنة وسمو المؤسسة الملكية، وضمان مراقبة وضبط مساحات تحرك الفاعل المؤسساتي والسياسي، بما يجعل سلطة السلطان تعلو على جميع مكونات المشهد السياسي، انسجاما مع الرهان الأساسي للنظام السياسي، حسب تعبير جون واتربوري، المتمثل في الحفاظ على استقرار سلطة السلطان.

مقومات المؤسسة الملكية

وفي الفصل الثاني من الدراسة استعرض مؤلف الكتاب مقومات المؤسسة الملكية المعقلنة في ضوء مقتضيات دستور 2011، مبرزا التغييرات الجوهرية التي مست بنية ومضمون الصيغ الدستورية المؤسسة لحضور الملك في الوثيقة الدستورية، سواء بوصفه رئيسا للدولة أو بوصفه أميرا للمؤمنين.

وسجل الباحث أن العلاقة بين الملك كمؤسسة دستورية والبرلمان كممثل للأمة، عرفت بعض التغيير مقارنة بالوثائق الدستورية السابقة لدستور 2011، خاصة بعد تمييز تمثيلية الملك عن تمثيلية البرلمان، بمعنى الانتقال من ازدواجية التمثيل إلى تمايز التمثيل، وكذا فصل مجال تحرك مؤسسة إمارة المؤمنين عن مجال تحرك مؤسسة رئاسة الدولة.

وبحسب لزعر، فإن الدستور أرسى، في هذا الإطار، صيغ الانتقال من حالة الخلط بين الدين والسياسة “الفصل 19 من دستور 1996” إلى واقع الفصل بين الدين والسياسة “الفصل 41 و 42 من دستور 2011″، وأخيرا الانتقال من هيمنة الدستور الضمني إلى هيمنة الدستور الصريح.

حيث أصبح الملك يمارس صلاحياته بنص الدستور، وليس خارج الدستور، فالملك بموجب هذه الحركية الدستورية أصبح يمنع عليه التدخل في المجال السياسي أو اتخاذ قرارات سياسية بصفته أميرا للمؤمنين، فهذه الصفة تمكنه فقط من التدخل في مجال حفظ الملة والدين ولا تتعداها إلى تدبير أمور الدولة والحكم التي أصبحت محددة بواسطة مقتضيات دستورية صريحة.

هذه المقتضيات، يضيف الباحث، “جعلت من الملك فاعلا مركزيا في الفضاء البرلماني”، فعالية تجد ترجمتها في العديد من الصيغ التي تؤطر العلاقة بين الملك والبرلمان، حيث مازال الملك يضطلع بدور هام في رعاية وحراسة المنظومة الفلسفية المغذية للعقلنة البرلمانية.

ويتم ذلك من خلال “آلية افتتاح أشغال البرلمان الفصل 65 من الدستور، وآلية طلب القراءة الجديدة الفصل 95 من الدستور، وآلية الطعن بعدم دستورية القوانين الفصل 132 من الدستور، وآلية إصدار القوانين الفصل 50 من الدستور”، بالإضافة إلى دوره في مراقبة المراقبين، ومن بينهم ممثل الأمة وغيره من المؤسسات..

نخب ضعيفة

وفي الفصل الثالث قدم الباحث تشريحا دقيقا لوضع ممثل الأمة بالمغرب، في ضوء النصوص الدستورية والواقع السياسي، مبرزا دور دستور سنة 2011 في تعزيز مكانة البرلمان، الذي أصبح مؤسسة دستورية لها سلطة حقيقية بعدما كان مجرد مسرح يقوم بأدوار رمزية.

وبين الباحث في دراسته أنه وبالرغم من مستجدات دستور 2011 على مستوى تدعيم بنية الفعل البرلماني، من خلال تكريس الفصل بين مجال البرلمان ومجال الحكومة، وتحصين دور المعارضة البرلمانية، فإن المؤسسة البرلمانية مازالت رهينة نخب سياسية خدماتية، بنزعة محلية، ونخب سياسية ضعيفة، غير متفرغة تعاني نقصا في الاستقلالية، زاهدة في السلطة التي وضعها الدستور رهن إشارتها.

وهم هذه النخب الأول والأخير، وفق لزعر، هو الحفاظ على الرصيد الانتخابي والمقاعد البرلمانية بكل السبل والوسائل، ولو تطلب الأمر التضحية بكل المهام والالتزامات التي تفرضها مستلزمات التمثيلية النيابية، وهو ما جعل الجميع قديما وحديثا ينظر إلى البرلمان المغربي بجميع صوره كفضاء خال من أي رهان.

‫تعليقات الزوار

8
  • jah
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 10:55

    يعانون من الفقر , الجوع , الجهل , المرض , الأهمال , التحرش

    ثم يتناسلون بعشوائية بحجة ان الطفل يولد و رزقه معه !!
    و أن كثرة العيال هي عزوة ؟؟

    فالنتيجة هي :
    شوارع مليئة بالأطفال الجوعى ,
    المشردين على ارصفة الطرقات
    المعرضين للتحرش و للاستغلال الجنسي ,

    اما بالنسبة لمستقبلهم :
    فهم اما سيصبحون قتلة او مجرمين او لصوص او ارهابيين
    او ان يسلكوا طريق الدعارة
    إلا من رحم ربي و هم يعدون على عدد الاصابع
    فعلا في مجتمع الجهل و الفقر حيث ارخص وسيلة للتسلية هي الجنس
    تراهم يتناسلون بعشوائية , و على رؤوسهم تجار الدين يشجعونهم على هذا الغباء
    تكاثروا … تكاثروا … فأن في تكاثركم قوة و عزوة للأمة !!
    تناكحوا … تكاثروا … تطبيقاً لقول محمد " "تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" (1) أو حديث " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة " (2) .

    انهم ليسوا بحاجة للمزيد من التناسل فالقاع مزدحم ,
    هم بأشد الحاجة للتوعية , و لوسائل منع الحمل ,
    و للحد من ظاهرة المثنى و الثلاث و الرباع ,

  • متتبعة
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 11:21

    المقال

    يستغني عن

    اي

    تعليق

    البديهيات لا تحتاج الى ابحاث

    النخب " ضعيفة …!.."

    و ا مغرباه….وا مغرباه….!

    متتبعة

  • asmae
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 12:38

    احسن مقال قراته لحد الان لقد وصفت المجتمع بعلاته المرجوا من المسؤولين توعية هذا الشعب بكل الوساءل فنتاءج الجهل بدات في الظهور السيبة الجشع الشعودة اتهام الاخرين لاعاد التهمة سخط الوالدين………….

  • كما تكونوا يول عليكم
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 12:56

    أصح ما ورد في الكتاب: (المؤسسة البرلمانية مازالت رهينة نخب سياسية خدماتية، بنزعة محلية، ونخب سياسية ضعيفة).
    السياسة فن وليست بعلم، وما يمكن إعتباره علما هو "التاريخ السياسي للمجتمعات البشرية".
    قيادة الشعوب كقيادة الجنود ،بدون إستراتجية وإنضباط تحل بها الهزيمة.
    وحتى يقوم القائد بدوره لا بد له من سلطة تمكنه من ضبط الأمور. فأكبر خطر على الشعوب هو تعدد القادة.
    قال تعالى: "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا".
    بالنسبة لفقهاء الإسلام كل السلط تكون بيد ولي الأمر إما بالرضى أو الغلبة،ولا يشترطون إلا الشورى و العدل.
    أما الديموقراطية والسيادة للشعب وفصل السلط والبرلمان ،فهي أشكال للحكم ظهرت وتطورت في سباق تاريخي معين إمتزج فيه التقدم العلمي بالرخاء الإقتصادي،
    "العلم" و"اليسر" شرطان أساسيان لنجاح أي شكل من أشكال أنظمة الحكم. لا ديموقراطية مع الجهل و الفقر.
    كثيرا ما ينقل الباحثون عن أدبيات الثورة الفرنيسة لسنة 1789 ويهملون ثورة
    الأنجليز السلمية لسنة 1688 التي حافظت على رمزية الملك كرئيس للدولة والكنيسة وأصدرت إعلان حقوق الرعايا تجاه العرش. هذا العرش الذي تربع على أمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.

  • aboutorok
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 14:11

    الوضع السياسي في المغرب ضعيف جدا سببه اولا الاحزاب السياسية قيادتها ليست في المستوى.واطرها مجموعة من الانتهازيين لا غير يبحثون عن مصالحهم الخاصة. نلاحظ ذلك في مناقشة المواضيع المتعلقة بالبلاد. ثم هناك حكومة ليست لها دراية كاملة في التسيير ولا في السياسة الخارجية والداخلية و هناك امور كثيره لا داعي لذكره.

  • أكنوش
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 17:37

    أتساءل إن كان هذا الأستاذ الفاضل يحلل دستور المملكة الصادر عقب الربيع أو الخريف العربي في يوليوز 2011 أو دساتير ما قبل هذا التاريخ؟!!!

  • هارون يحيى
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 21:48

    لولا حركة 20 فبراير لما تغير الدستور .20 فبراير زعزعت عروشهم تحت اقدامهم وحاولوا قتلها بجميع الطرق من السجن الى شراءهم ماديا ونعتهم بالشواد ووكالين رمضان .دائما يستغلون الدين وتدين المغاربة لكسب تعاطف الشعب .

  • عبد اللطيف حسني
    الأربعاء 8 يوليوز 2015 - 13:47

    ان الامر ﻻ يتعلق بدساتير الربيع وﻻ الخريف انه يتعلق بمشروع دستور 1908 .وللتاكد اكثر يتعين الرجوع الى مجلة الشرطة والى فقيه المجلس الدستوري المدعو محماد . المحمل بالزيت اركان واملو والعسل طلبا للجاه

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين