اجتماع "التحالف الدولي" ينعقد بالرباط للتغلب على خطر "داعش"

بفُقدانه السَّيطرة نهائياً على أحد أهمّ مَعَاقله الحيوية في الشرق الأوسط، وفي وقت يُواصلُ فيه التحالف الدولي العمل مع الشركاء الإقليميين لتحرير باقي المناطق في سوريا، دخل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” مرحلة الأفول؛ لكن هذا لا يعني أن الخطر الإرهابي لم يعُد قائماً، فالتنظيم الإرهابي بات يأخذ لنفسه موطئ قدم في إفريقيا ودول الساحل تحديداً، وهو ما دفع إلى تنظيم اجتماع رفيع المستوى بالرباط، سيخصص لمناقشة تهديد هذا التنظيم في إفريقيا.

وستستقبل الرباط، اليوم الثلاثاء، اجتماعا جهويا للمديرين السياسيين للتحالف الدولي ضد “داعش”، سيخصص لمناقشة تهديد هذا التنظيم في إفريقيا، ويضع أجندة لسبل التغلب عليه بمختلف أقطار العالم. وحسب الخارجية الأمريكية فإن بريت ماكغريك، المبعوث الخاص للائتلاف العالمي لمحاربة “داعش”، سيقود وفدا إلى الرباط لحضور الاجتماع.

وتُواجه دول شمال إفريقيا خطر عوْدَة المُقاتلين إلى بُلدانهم الأصلية بعد “تَقَهْقُرِ” التنظيم الإرهابي؛ وهو ما يتطلَّب من السلطات سنَّ إجراءات قانونية من أجل تقييد حُرِّياتهم ومحاكمتهم في حال ثبوت ارتكابهم لأعمال عنف خلال إقامتهم في “الشام”، وهو تحدِّ مُشترك بين بلدان المغرب العربي ودول الساحل الإفريقي، خاصةً مع تَصَاعُدِ نجم بعض التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، ما يجْعَلُ سقوطَ “العائدين” في أيْدي شبكات إرهابية نشيطة قائم، خُصُوصاً أن عددا منهم خَبِرَ حرب العصابات وامتلك قدرة تحمُّل كبيرة.

في هذا الصدد، يعتبر حليم المذكوري، الخبير الهولندي في قضايا التطرّف والعنف الديني، أن “تنظيم مثل هذا اللقاء في المغرب ليس بغريب لأسباب مختلفة”، ويضيف أن “المغرب يترأَّسُ حاليا مع هولندا المنتدى الدولي لمحاربة الإرهاب Global counterterrorism forum، ومحاربة الإرهاب من الأوراق الأساسية في السياسة الخارجية للمغرب ، إذ إن هذا الأخير شكَّل أحد المفاتيح في الموجات الإرهابية التي ضربت مختلف الدول الأوروبية في الأعوام القليلة المنصرمة، وبالتالي تنظرُ الدول الغربية بارتياح إلى سياسة المغرب في ميدان محاربة الإرهاب”.

وتوقف المذكوري عند خطر “داعش” كتنظيم بقيادة مركزية وقواعد تَرَاجَعَ بشكل ملموس بعد القضاء على معقله في الشرق الأوسط، وقال: “هذا لا يعني القضاء على الخطر الإرهابي، فالخلايا والشبكات الموالية لداعش في إفريقيا وجنوب شرق آسيا لم تكن يوماً مرتبطة ارتباطاً عضوياً بداعش، وبالتالي فهي لم تتأثر باندحار القيادة المركزية إلا معنويا”.

ويورد الخبير ذاته في حديثه لهسبريس: “هذا يعني أن الخطر الإرهابي في إفريقيا لم يزل بعد”. وقال: “ما يحدث في ليبيا ودوّل الساحل لشاهد على ذلك، كما أن أسباب الجنوح إلى العنف ما زالت قائمة، سواء الأسباب السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية والدينية كذلك”. كما يقرّ بأن “الاجتماع المزمع عقده في المغرب هو اجتماع ذوي المصالح الأمنية المشتركة التي يلعب فيها المغرب لمدة ليست بالوجيزة دورا رياديا يعترف له به في مختلف المحافل الدولية”.

ويقول المذكوري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “سياسة المغرب في مجال الإرهاب تقوم على قوته الاستخباراتية التي تعتمد هي كذلك على العنصر البشري أكثر من وكالات الاستخبارات العالمية الأخرى”، وتابع: “ويُمكِّنُه هذا، في كثير من الأحيان، من إجهاض شبكات وخلايا إرهابية عديدة؛ حتى قبل أن تتحرك في اتجاه تنفيذ مخططاتها الإرهابية”.

ويرصد الخبير ذاته مزايا هذه “السياسة الاستباقية/ الاحترازية التي أمنت للمغرب وضعاً أمنياً لا يوجد في البلدان الأخرى وجعلها موضع درس وتحليل لجهات أمنية غربية مختلفة، خاصة أن مجهودات المغرب تعود كذلك بالنفع على تلك الجهات”.

وأكمل الأستاذ الجامعي: “هناك مقاربة أخرى تتجلى في تحقيق مراجعات فكرية وإيديولوجية لقيادات الجماعات المتطرفة واستعمال تلك القيادات بعد تراجعها في سياسة محاربة التطرّف، عن طريق نشر قراءات جديدة للنصوص الدينية التي كان يعتمد عليها في تبرير أعمال العنف”.