ندوة تناقش بالرباط "استقلالية السلطة القضائية"

ندوة تناقش بالرباط "استقلالية السلطة القضائية"
الأحد 11 نونبر 2018 - 07:10

شهدت مدرجات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط تنظيم ماستر “القانون والممارسة القضائية”، الذي يشرف عليه الأستاذ منير مهدي، لندوة علمية في إطار برنامجه “الضيف المتميز” حول موضوع “استقلالية السلطة القضائية من خلال التجربة المغربية”، قام بتأطيرها الأستاذ محمد الخضراوي، نائب رئيس الودادية الحسنية للقضاة التي يشغل باسمها نائب رئيس مجموعة استقلال السلطة القضائية بالاتحاد الدولي للقضاة، والذي يعمل مستشارا بمحكمة النقض ويشغل منصب رئيس شعبة التواصل لديها.

وأشرف على تسيير هذه الندوة محمد محبوبي، أستاذ التعليم العالي ورئيس شعبة القانون بالكلية ذاتها، والذي عرض توطئة للموضوع تطرق عبرها للإطار الفكري الذي تحكم في إبراز مكانة مفهوم استقلال السلطة القضائية على مستوى الفكر الإنساني، إذ عرض لتأصيل تاريخي له انطلق مع مفكري عصر الأنوار، وعلى رأسهم الفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو، صاحب نظرية فصل السلط، والذي دافع عن هذه الاستقلالية من خلال أشهر مؤلفاته في هذا الباب “روح القوانين”.

وشدد محبوبي على أن استقلال السلطة القضائية مقرر من خلال الفصل 107 من الدستور الذي ينص بدوره على أن الملك هو الضامن لهذه الاستقلالية، والذي مافتئ يؤكد من خلال خطبه ورسائله على تعزيزها، موضحا أنها لم تقرر لتكون نعمة يتمتع بها القضاة، بل لتكون نعمة على المتقاضين، ومعززا نظرته بما ذهبت إليه المحكمة الكندية سنة 1915، إذ أعلنت أن “القضاة خادمون للشعب وليسوا أسيادا عليه”، داعيا إلى ضرورة ربط ممارسة تلك السلطة بالمسؤولية.

وفي عرضه تطرق الأستاذ محمد الخضراوي لمفهوم استقلال السلطة القضائية كما أطره الدستور المغربي من خلال الفصل 107 وكذا القانون التنظيمي رقم 13-100 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي نص على أن هذه السلطة تمارس من قبل القضاة الذين يزاولون فعليا مهامهم القضائية بالمحاكم التي يشملها التنظيم القضائي للمملكة، وأنها مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، مبرزا من خلال ذلك أهمية النص على مستوى الدستور والتشريع على كون الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية؛ كما أوضح أن هذا المقتضى لا يقتصر على التجربة المغربية، إذ أوكلت مجموعة من التشريعات المقارنة ذلك لرئيس الدولة.

كما أوضح المحاضر أهمية تعيين رئيس منتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي هو الرئيس الأول لمحكمة النقض، تجنبا للاصطدام بالإشكالية المتعلقة بعدم قابلية قرارات الملك للطعن، تعزيزا لدور المجلس في بناء دولة الحق القانون، وأضاف في معرض مداخلته تميز التجربة المغربية حتى على العديد من الدول التي سبقت المغرب في إقرار مفهوم استقلال القضاء تنظيرا وممارسة، وذلك بتبني خيار جعل هذه الاستقلالية شأنا لا يتعلق بالحياة العملية الخاصة بالقضاة، وإنما شأنا مجتمعيا عبر انفتاح المجلس الأعلى للسلطة القضائية بإرادة ملكية على مؤسسات وشخصيات غير منتمية إلى الجسم القضائي، وكذا من خلال وضع حد لعضوية وزير العدل والحريات داخل المجلس على اعتبار أن انتماءه للسلطة التنفيذية كان لا يتماشى ومبدأ فصل السلط.

غير أن المتدخل أكد على بقاء بعض المناطق الرمادية في ما بين الاستقلالية والتبعية للسلطة التنفيذية التي أطرتها المادة 21 من القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي من خلال النص على منصب الكاتب العام باعتباره خاضعا إداريا لسلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل، الذي عهد إليه بمهام التسيير والتدبير الإداري للمحكمة وضبط عمل مصالح كتابة الضبط والمصالح المحاسبية بها والإشراف على موظفي هيئة كتابة الضبط، إذ اعتبرها مجرد مرحلة انتقالية يفرضها تدبير المرحلة التي تمر منها هذه الاستقلالية.

كما لم يفوت محمد الخضراوي الفرصة دون إبراز دور المرأة في صنع استقلالية القضاء المغربي عبر عضويتها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية بضمانة دستورية وفق المادة 117 من الدستور التي تنص على وجوب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين، بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي، والذي نصت على إجراءاته المادتان 23 و45 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مشيرا إلى أن هذا الأمر مازال مستبعدا في العديد من التجارب الدولية.

وفي الختام عرفت الندوة مجموعة من مداخلات طلبة الكلية التي طرحت منظور استقلالية القضاء من زاوية الممارسة وأثرها الواقع على نفوس المواطنين وعموم المتقاضين، وكذا حول دور مؤسسة النيابة العامة في تعزيز هذه الاستقلالية واللبس الذي خلقته في علاقتها بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. كما تم طرح مجموعة من الإشكاليات القانونية التي تعترض تنظيم هذه الاستقلالية من خلال تداخل الاختصاصات بين بعض الأجهزة القضائية، كما بين بعض المؤسسات القضائية وغير القضائية.

‫تعليقات الزوار

4
  • الوافي
    الأحد 11 نونبر 2018 - 08:13

    هذه الأقوال والشعارات نسمعها منذ الاستقلال ولحد الآن لم يتغير شيأ، فوق الورق كل شيء على أحسن ما يرام ولكن الواقع شيء آخر حيث المواطن يعاني من غياب الاستقلالية في القضاء وإرشاء القضاة والمحسوبية والحالة المادية والاجتماعية التي تلعب دورا مهما في الأحكام الصادرة ناهيك عن الأحكام المنحازة للدولة التي صدرت في حق النشطاء والمناضلين في الحراكات الأخيرة.

  • معلق
    الأحد 11 نونبر 2018 - 11:50

    اتحدى اى شخص في العالم أن يكون القضاء مستقلا ولو لدى اعتى الديمقراطيات ولكن الحدة تختلف باختلاف هامش الديمقراطية والقطر فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن المحاكم المغربية وقضاءها لايتمتعان بهامش من الاستقلال بفعل السلطة والمال فإن القضايا التي تكون أخطاء في حق أفراد لا يعلمون انهم معنون بقضية ما قيبقى القضاء حنا طليقا( ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر) فالمخالف هنا تكون سلطته المال بل الأخطر أن المحكمة نفسها هي التي تبحث للمتهم عن مخرج مادامت أنها تعلم انه لن يكون هناك مطالب بالحق مدني ولن يكون هناك تعليق صحفي عن الواقعة …..

  • عادل اسطرلاب
    الأحد 11 نونبر 2018 - 18:46

    الشفوي ولا شيء غير الشفوي.. ان المواطن المغربي لم يستشعر اي فرق بين زمن وصاية وزارة العدل على القضاء وزمن استقلال القضاء عن وزارة العدل.. فنفس الوجوه بقيت موجودة .. مع تغيير في مواقعها ولغتها .. قلتها من البداية الشفوي ولا شيء غير الشفوي.

  • حميد
    الأحد 11 نونبر 2018 - 20:37

    "تميز التجربة المغربية حتى على العديد من الدول التي سبقت المغرب في إقرار مفهوم استقلال القضاء تنظيرا وممارسة"
    بصراحة بعض المنظرين يطلقون العنان للسانهم ويطيرون بخيالهم خارج الواقع … بالله عليكم واش التجربة المغربية في القضاء افضل من التجربة في الدول التي سبقته في اقرار استقلال القضاء، هل يكفي ان نقول في الدستور ان القضاء مستقل، ثم ما الفرق بين ان ينص الدستور على ان القضاء مستقل (دستور 96) أو ان السلطة القضائية مستقة (2011)، الم تكن كافة الدساتير السابقة تنص على استقلال القضاء ورغم ذلك تم الزج بالقضاء لتصفية الخصوم السياسيين ومحاكمة الشرفاء والزج بهم في السجون؟ ماذا تغير بين الامس او اليوم ؟
    نحتاج الى كلام واقعي ..

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة