بوصوف: المسرح يصون روافد الهوية الوطنية للجاليات المغربية

بوصوف: المسرح يصون روافد الهوية الوطنية للجاليات المغربية
الأربعاء 23 يناير 2019 - 03:00

عندما نكتُـب مصطلح “المسرح” فإننا نقرأ عـدة أشيـاء، منها الواقع ومرآة الحقيقة، وانعكاس الحقيقة والحُلم والخيال والـبـديـل والحرية والهوية وغيرها، كما نجد له عـدة قـراءات مثل شكسبير الذي يقول إن “الدنيا مسرح كبير”، وكذا نجيب محفوظ الذي يرى “السر أننا صرنا جميعا ممثلين…”. وقد اتفق الجميع منذ الإغريق والرومان على قـراءة واحدة هي أن “المسرح هو أبو الفنون”، وهي القراءة التي استحقها بإعلان يوم 27 مارس كيوم عالمي للمسرح منذ سنة 1962.

إن المسرح/الرُكْـح، حيث يفقـد الفضاء/الـزمن الكثير من حدوده ويصبح الفرد الواحد (المشاهد) جزء من أحداث العمل المسرحي وينتمي إلى أحد شخوصه؛ لذلك فلا غرو في أن كبار الكتاب المسرحيين العالميين هم أيضا “سُـفراء فـوق العـادة” لـدولهـم بكتابـة مسرحيات خالدة حملت الكثير من تفاصيل الحياة اليومية لشعوبهم ولأحلامهم وطموحاتهم، وحافظوا من خلال مسرحياتهم على مقومات هويتهم، وساهموا في تصدير لغتهم وأفكارهم وطريقة عيشهم، طبعا كل حسب طريقته في الكتابة، سواء بالسخرية أو التراجيديا أو الكوميديا أو الجمع بين أكثر من صنف، وأيضا حسب تعدد أنواعه ومدارسه بين التعبيري والواقعي والطبيعي والعبثي والوجودي…

لذلك، فإن أعمال كل من شكسبير وموليير و كارلو جولدوني وداريُـو فُـو وغـوته وبيرتول بريخت وصامويل بيكيت ونجيب محفوظ ومارون النقـاش وجون كوكتو وآرثـر ملير وتشيخوف، وغيرهم، ليست ملكا لهم فقط، بل هي إرث مشترك لجميع العالم.

وباعتبار المسرح وعاء مهما للثقافة والهوية، نلاحظ مدى الاهتمام الذي توليه البعثات الثقافية الأجنبية في المغرب، والدعم المادي والإعلامي الذي تحظى به الأنشطة المسرحية، سواء في برامج المركز الثقافي الفرنسي أو معهد سرفانتس الإسباني أو غوتة الألماني أو دانتي الإيطالي… أو عن طريق برامج ثقافية ومهرجانات مسرحية عالمية أو جامعية.

ويدفعنا هذا الأمر لنتساءل كيف يمكننا توظيف هذا الصنف الإبداعي في المحافظة على الهوية المغربية الأصيلة ورعاية حُسن انتقالها بين الأجيال بسلاسة؟ وهي مهمة تزداد صعوبة عندما نتكلم عن الأجيال الجديدة من مغاربة العالم المنتشرين في كل بقاع هـذا العالـم الفسيح متعدد الثقافات والديانات واللغات والعادات.

ولا بد هنا من التوقف عند طبيعة ومضمون النصوص المسرحية، وضرورة تقييـم تجارب المسرح المغربي كإحدى القنوات المهمة في معادلة الحفاظ على مقومات الهوية المغربية لمغاربة العالم، بالنظر إلى الأهمية التي تحظى بها مسألة المحافظة على الهوية الوطنية التي تبرز من خلال تناولها أكثر من مرة في الخطب الملكية، وأيضا دستور المملكة في فصله 163، وكذا في بلاغات مختلف المؤسسات وفي السياسات العمومية للحكومة.

وفي هذا السياق، نرى من المهم التساؤل حول مدى استفادتنا من تراكمات الدول الأخرى في موضوع المسرح وعلاقته بالهوية الوطنية؟ وهل كل الانتاجات المسرحية صالحة لتفي بغرض الحفاظ على الهوية المغربية بدول المهجر؟ وهل من الضروري تناول المسرحيات الموجهة إلى مغاربة العالم لبعض الظواهر الاجتماعية والسياسية السلبية بتصور تيْـئيسي ورؤيـة سوداوية ولـغة غيـر راقيـة؟

وهـل تُـؤخد بعين الاعتبار الحالـة النفسية لمغاربة العالم، خاصة المزدادين في دول الهجرة، ومدى خطورة الصورة التي ترسمها في مخيالهم بعض العروض المسرحية والانطباع السلبي الذي قد تتركه في نفوس الشباب؟

لا بأس في أن تكون للعروض المسرحية وظيفة فرجوية وكوميدية للترويح عن النفس، لكـن هذا الطابع لا يمكنه أن يطغى على دور المسرح المحوري في المحافظة على الهوية المغربية ونشر القيــم الكونية، بقالب يحترم المتفرج عامة ومغاربة العالم خاصة، لا مسرحيات تُسيء إلى صورة المغرب بالخارج بمبرر الواقعية عبر صور للسخرية الرديئة.

ولا بأس أن تكون هناك عروض مسرحية هادفة بطابع ساخر وأنيق وحاملة لرسالة نبيلة، إلا أن هذه العروض التي تستفيد من الدعم العمومي، عليها في المقابل أن تكون وسيلة للمحافظة على الهوية بجرعة كافية من الرقي والإبداع، باعتبار المسرح كقنطرة آمنة نحو الهوية المغربية المتسامحة والغنية بالروافد والتقاليد الراقيـة. والجالية المغربية في أمس الحاجة إلى مشاهدة عروض ذات جودة تعكس أصالة الشخصية المغربية وتسلط الضوء على قيم الهوية المغربية، كالإخاء والكرم والعيش المشترك واحترام الآخر.

هنـاك ضرورة ملحة اليـوم، أكثر من أي وقت آخـر، إلى لحظات تأملية في جــودة ونوعية الإنتاج المسرحي الموجه إلى مغاربة العالـم، والقيام بوقفة مع الـذات بكل تجرد وموضوعية، ووضع حصيلة وتـراكم السنوات الماضية أمام مرآة التقييم، بإيجابياتها وسلبياتها والتساؤل عن الكيفية التي نُقــدم بها صورة المغرب لمغاربة العالــم، وخاصة الشباب منهم، وهــل بهذا المنتوج المسرحي سنُـرسخ عناصر الانتماء والوفــاء لــدى شباب مغاربة العالــم؟

في الوقت الذي تزخر فيه بلادنا بطاقـات قوية في مجال الإبداع والعمل المسرحي، يُـمكنها الاشتغال والتعاون مع مُبدعين مسرحيين من مغاربة العالم في أعمال مسرحية مشتركة تكون فرصة لتبادل التجارب من جهة، ولـتواصل حبل الوطنية وصلة الرحم مع الوطن وتحسين صورة المغرب عند شباب وشابات مغاربة العالم من جهة أخــرى.

‫تعليقات الزوار

7
  • برق الليل زين العابدين
    الأربعاء 23 يناير 2019 - 06:30

    في اعتقادي ان ما قيل في العرض مهم جدا لدرجة الاهتمام والمراعاة بابي الفنون لازم لامفر منه الارتقاء والتواصل وبلوغ المطلوب في زمن المعرفة

  • hassia
    الأربعاء 23 يناير 2019 - 10:16

    نريد حقوقنا السياسية قبل التقافية وأنتم كعضو فى مجلس الجالية.لم تكتبو يوما عن هدا الموضوع,تلهينا بالمواضع الجانبية,أغلب مغاربة العالم متشبتين بالوطن.يقطعون آلاف الكلمترات بكل وسائل النقل ويتحملون المصاريف لزيارته وزيارة الأقارب,الأصدقاء والسياحة(بش حنا مغاربة)بمرحبا
    من الجيل الأول المانيا

  • رشيد
    الأربعاء 23 يناير 2019 - 12:44

    الحفاظ على الهوية ما غادي يكون غير بتشجيع ولاد الجالية يزورو البلاد ماشي بالمسرح السي بوصوف. نعاونوهم يجيو كل عام… راه الطيارة تمشي خاوية وما ينزلو التمن خصوصا فالصيف. اللي عندو جوج وليدات راه خصو 3 ولا 4 المليون كل صيف باش يزورو البلاد.. خلينا نهضرو فالمعقول ماشي المسرح

  • ملك الحزين
    الأربعاء 23 يناير 2019 - 13:55

    تكلم عن حق الجالية في الانتخاب. وتمثيلها في البرلمان المغربي. اما الكلام عن المسرح فكلام لا يهمنا.هناك مشاكل جمة يتعرض لها مغاربة العالم.في نقط الحدود والقنصليات.والادارات المغربية. وانت يا سيد بوصوف تتكلم عن المسرح، يقول المثل تركوا الحمار وامسكوا في البردعة.

  • مصوف
    الأربعاء 23 يناير 2019 - 15:38

    كيف لأولاد المهجر ان يفهموا العروض المسرحية و هم لا يتكلمون و لا يفهمون الدارجة؟
    كيف للفنانين المهمشين ان يبدعوا عملا يثير اهتمام شباب المهجر؟
    القيم الاسلامية تلقن في ارض الواقع ابتداء من نقطة العبور الى ارض الوطن، عبر المعاملة الجيدة. شباب المهجر يصدم فعليا لما يزور المغرب. كل عام تزداد نظريته السلبية على المغرب تأكيدا.
    هذا الأخ بوصوف " معرفتش واش عايش معانا ، اولا مع غانا ".

  • Simsim
    الخميس 24 يناير 2019 - 04:56

    الجالية تحتاج لحقوقها المغصوبة من طرف الدولة وأكبر الحقوق المغصوبة وهي حق المشاركة في الإنتخابات التشريعية
    أنت ياسيد لم تنتخبك الجالية لتمثلها
    أنت متسلط وتتكلم باسم الجالية دون حق
    أما المسرح فاتركه لأصحابه بالحي المحمدي
    أنت في مقالك هذا تُميز بين المغاربة بين أصيل وغير أصيل
    وبالتالي فلا تمثل إلا الحركات العرقية المقيتة
    تقول وبالحرف:
    ويدفعنا هذا الأمر لنتساءل كيف يمكننا توظيف هذا الصنف الإبداعي في المحافظة على الهوية المغربية الأصيلة ورعاية حُسن انتقالها بين الأجيال بسلاسة؟
    وكأن الهوية الصحراوية والريفية والعربية والأطلسية وكلها مغربية ليست بأصيلة
    نحن نعرف القراءة بين السطور فلا تُلهينا بمسرحك فيما تدس سمومك العنصرية
    إذا كان المسرح أبوا الفنون
    فأنت أبو المغالطات والوهم

  • Mohamed catalunya
    الخميس 24 يناير 2019 - 09:48

    نحن نناضل من اجل ادماج ابناءنا في المجتمع الذي نعيش فيه. نطمح الى ترسيخ قيم حضارة البلاد التي نعيش فيها. لماذا؟ لكي لا يعيش ابناؤنا ازمة هوية و ازمة نفسية تؤذي بهم الى التطرف و ممارسة العنف. سؤال؟؟ علاش لمغاربة كيتخطفوا على سكسو للي كيجبو الناس ف ليلة 27 رمضان؟؟؟ كفانا من الثرثرة يا بلاد المتحرشين!!!

صوت وصورة
شاطئ الرباط في حلة جديدة
الإثنين 25 مارس 2024 - 00:30 1

شاطئ الرباط في حلة جديدة

صوت وصورة
خارجون عن القانون | قتل أخوين
الأحد 24 مارس 2024 - 23:30 1

خارجون عن القانون | قتل أخوين

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | صمود أندلسي
الأحد 24 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | صمود أندلسي

صوت وصورة
كاريزما | محمد الريفي
الأحد 24 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | محمد الريفي

صوت وصورة
ملهمون | لم يفت الأوان
الأحد 24 مارس 2024 - 22:00

ملهمون | لم يفت الأوان

صوت وصورة
دوري رمضاني يخلق الفرجة
الأحد 24 مارس 2024 - 20:30 1

دوري رمضاني يخلق الفرجة