أكاديمية المملكة تثير من وجدة "تجليّات الغيريّة في الثقافة العربية"

أكاديمية المملكة تثير من وجدة "تجليّات الغيريّة في الثقافة العربية"
السبت 23 فبراير 2019 - 02:00

قال محمد الكتاني، أمين السر المساعد لأكاديمية المملكة المغربية، إن موضوع تجليات الغيريّة في الثقافة العربية “موضوعٌ شغل الفكر العربي على امتداد القرن الماضي، ضمن ثنائيات شتّى في سياق المواجهة الحضارية التي عرفها الشرق العربي والإسلامي بعد الغزو الأوروبي لبلدانه”، مضيفا أنه “رغم ذلك، ما يزال هذا الموضوع يتّصف براهنيّته”.

وبيّن الأكاديمي المغربي خلال ندوة بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بمدينة وجدة، نظمتها مساء الخميس أكاديمية المملكة بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، أن اختيار هذا الموضوع روعي فيه “كونه من القضايا التي كانت موضوع سجالات لم تتوقّف عرفها الفكر العربي عند اشتغاله بالثنائيات المعروفة كالتّراث والحداثة، والذّات والآخر، والخصوصيّة والكونية، والهوية والغيرية”، مذكّرا ببحثِه في الدكتوراه “في القديم والجديد” الذي كان ثنائية رائدة في فتح المجال للنقاش في هذا الباب.

ولم ينحصر بحث “موضوع الغيريّة” في إطار محدود، بحسب أمين السر المساعد بالنيابة عن أمين السرّ الدائم لأكاديمية للمملكة عبد الجليل الحجمري، بل “تمَّ تناوُله، لا سيما في الفكر الأوروبي، على مستوى علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والفلسفة والاقتصاد”، ووضّح أنه “مفهوم يفتح المجال أمام نقاش واسع، لا سيما حين استحضار كون التراث العربي الإسلامي حافلا بالأمثلة الدالة على تجسيد الغيرية”.

واعتزّ المتحدّث بـ”رمزية الاحتفال بمدينة وجدة كعاصمة للثقافة العربية”، مبيّنا أنها “مدينة ظلّت من حواضر المغرب الكبرى وقلعة من قلاع الوطنية”، موضّحا أن “الأكاديمية تقدّر الدور الذي ساهمت به المدينة في إغناء الثقافة المغربية، وتغتنم المناسبة لتنظيم ندوة تزكية وتحية لساكِنَتِها، ونُخبتها الثقافية، وجامِعَتها العريقة، وأطرها، وطلّابها”.

وذكّر الكتّاني بما عرفته أكاديمية المملكة المغربية منذ ثلاث سنوات من “انطلاقة جديدة بعد تعيين الملك محمد السادس أمين السر الدائم عبد الجليل الحجمري خلفا للمرحوم عبد اللطيف بربيش، وتزويده بتوجيهات ملكية حتى تستأنف الأكاديمية نشاطها المعهود، وتكون الانطلاقة الجديدة على مجموعة من المستويات”، مذكّرا بـ”مواصلة تنظيم الندوات الدولية الكبرى في القضايا الوطنية والإقليمية والدولية كل سنة، والانفتاح على مختلف الأكاديميات والمؤسسات العلمية الخارجية والتعاون معها، ومواصلة إصدار أعمال الندوات والكتب الجديرة بالنشر فيما يتعلّق بالمغرب حضارة وتراثا وفكرا وتاريخا، وتنظيم لقاءات أساتذةٍ مبرّزين من مختلف الجامعات في المشرق والمغرب وأوروبا، وفق برنامج يقوم على تطبيق استراتيجية تهدف للانفتاح على مختلف الثقافات والقضايا الحضارية الراهنة، ولا سيما حين يتعلق الأمر بندوات دولية يجب تهييئ الرأي العام لها للمشاركة فيها، أو إحاطته علما بأهميّتها”.

وتحدّث الأكاديمي عن “الاهتمام المتواصل بحماية التراث الوطني، ولا سيما فن الملحون، واستكمال طبع دواوينه والعمل على إدراجه ضمن التراث العالمي الذي ترعاه منظمة اليونسكو، وتكليف الأكاديمية لجنة خاصة للعمل على مواصلة العمل في هذا الاتجاه، برئاسة عضو الأكاديمية عباس الجراري”، وزاد مبيّنا أن الأكاديمية “تعمل على الانفتاح والتعاون مع الأساتذة الباحثين من غير أعضائِها، والمؤسّسات العلمية ذات الصّلة، وفتح الأبواب أمام الشباب من الطلبة الباحثين المسجّلين في سلك الدكتوراه، لحضور نقاشاتها وحواراتها، ومحاضراتها العلمية التي يلقيها أساتذة متميّزون في اختصاصاتهم قصدَ تمكين هؤلاء الطّلاب من معرفة مختلف المناهج والإفادة من الخبرات العلمية ذات الصّلة”.

وقال مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، إن من واجب الناس أن يعرفوا ما قدّمه الأساتذة الحاضرون، وعدّد أسماء مجموعة منهم، قبل أن يذكر أنهم “رجال أسعدنا لقاؤهم”، و”حضورهم شرّف المدينة”.

وأثار بنحمزة كون وجدة عاصمة للعلم والثقافة، مبرزا أن وزارة الثقافة سطّرت برامج ونزّلتها وأتاحت حضور فعاليات كثيرة. واسترسل مبيّنا أن لهذه المدينة “لقاء مع هذه المؤسسات في اشتغالها الدؤوب مع المعرفة اشتغالا شعبيا، لا رسميا فقط”، مستحضرا “ائتلاف سكانها على كل مشروع يخدم العلم، وتعاونهم على تشييد البناية التي نظّم بها النشاط، وجعلها صرحا مفتوحا للجميع يتحدّث فيه كل من شاء بما شاء”.

وذكر المتحدّث أن وجدة “مدينة أسهم الناس فيها في بنايات كثيرة، وساهمت امرأة محسنة ببناء كلية”، وشدّد على كون “كل اشتغال على مستوى آخر من غير المعرفة يكون خطوة في الفراغ”، مضيفا أن “البداية من نشر المعرفة وتعميمها في المدن والبوادي”.

وافتخر مراد الريفي، المنسق العام لوجدة عاصمة الثقافة العربية، الذي تلا كلمة وزير الثقافة والاتصال، بـ”ازديان عقد وجدة عاصمة الثقافة العربية المنظّمة تحت الرعاية الملكية بدُرّة فكرية نفيسة”، وتحدّث عن “ما تستحقّه المدينة من اهتمام معرفي وشغف فكري”، مذكّرا بـ”ضمّ أكاديمية المملكة كوكبة من كبار أهل العلم والفكر على الصعيد العالمي، أنتجت وما تزال سنام الحصيلة الفكرية بالمغرب، إلى جانب ثلّة من العلماء ونساء ورجال النبوغ المغربي الذي لم ينضب معينُه على مرّ التاريخ”.

ويكتسي موضوع تجلّيات الغيرية في الثقافة العربية أهميته، بحسب كلمة وزير الثقافة والاتصال، من “راهنيّته وتشعّب دروبه ومسالكه بما يجعله مرتبطا بطموح الكيان العربي، والثقافة العربية التي سيفتح بساطها اللامتناهي لتُسْتَكْنَهَ منهُ تجليات الغيرية التي يُقارَب فهمُها من زاويتين، هما زاوية الثقافة العربية كإنتاج حضاري عالِمٍ ذي صلة بحصيلة الإنتاج الفكري والفني العربي وتطوّره عبر العصور، وزاوية الإنتاج الثقافي المنبثِق من حياة المجتمعات والجماعات في طرائق عيشها وعاداتها ومعتقداتها وتمثّلاتها للعالم من حولها”.

وتفتح زاويتا الفهم هاتان أمام العمل الثقافي، يقول المتحدّث، “مسارين مختلفين من حيث طبيعة المسلك، متكامِلَيْن من حيث التوجّه نحو أفق جامع”، ثم استرسل مبيّنا أن المسار الأوّل هو: “مجموع السِّمات الروحية والمادية والفكرية المشتركة بين الشعوب العربية، وقاطِرَتُها الأساسية التي هي اللغة العربية باعتبارها خزّانا هائلا لهذه السّمات التاريخية والحضارية المشتركة تحت لواء دين موحِّد جامع”، مشيرا إلى كون السير في هذا المسار “يتطلّب الاحتياط من السقوط في مطبّ الاستغلال الإيديولوجي الذي يحجب تلوينات طيف السمات المشتركة بين الثقافات العربية، ويطمس تنوّع تعابيرها من خلال تناول مؤَدلَج يحاول أن يُلبس العروبة لَبوس الأصل العربي الخالص”.

وينظر المسار الثاني، تضيف كلمة وزير الثقافة والاتصال التي ألقاها مراد الريفي بالنيابة، إلى “الروافد المغذّية لهذه القواسم المشتركة من حيث خصوصياتها البشرية والجغرافية المتشعّبة بمسيراتها التاريخية الطويلة التي تجعلها حلقة متفرّدة في فسيفساء الثقافة العربية”، موضّحا أن هذا المسار “ينأى عن التّصور الجَوْهَرَانِيّ للثقافة العربية باعتبارها مناط ثقافات متعدّدة ومتنوّعة تفاعلت فيما بينها على مرّ العصور، وما زالت مسيرةُ تفاعلها متواصِلة بأشكال وتعابير مختلفة تحفظ للثقافة العربية حيويَّتها وتجدّد معينها”.

وأشارت الكلمة إلى “المنعرج الخطير” في المسار الثاني المتمثّل في “تحويل الخصوصية الثقافية والتنوّع الثقافي والحقوق الثقافية إلى ذريعة للتّقوقع على الذات، ورفض الآخر، وتأجيج الاختلاف، مما يؤدّي إلى تصلّب هويّاتي لا تُحمد تداعيّاته”، مضيفة أن “في رحم الفهم المتجاوِزِ للتصوّر الجوهراني للثقافة العربية تشكّلت الرؤى الفلسفية والفكرية المجدِّدة عن الذّات والآخر، والنّقل والعقل، وتدبير الاختلاف وبناء الائتلاف”.

ومبيّن وزير الثقافة أن الآخر لم يعد حصرا هو الغربُ الأعجمي المستعمِر المُستشْرِق، “بل جعلتِ الحقوقُ الثقافيّةُ لِكلّ شِرْعَته ومنهاجه داخل صفوف المجتمع الواحد”، مقابلا هذا مع “سعي العولمة، تحت مسمّى المواطنة العالمية إلى بناء حيّز ظاهرُه التآلف والانسجام، وباطِنُه ذوبان الآخر المختلِفِ في قالب الحضارة المسيطِرة بعلومها وتقنياتها”.

‫تعليقات الزوار

8
  • Haine et racisme
    السبت 23 فبراير 2019 - 03:06

    Votre langue Arabe est morte
    Votre "culture" c'est un mixte de racisme, haine et terrorisme
    Tout le monde le sache

  • مصطفى لوليشكي
    السبت 23 فبراير 2019 - 05:10

    يعيش الفكر العربي في وقتنا الراهن نكوصا لا مثيل له والسبب أن الإنسان العربي يجد أن ما يملكه لا يضاهي الآخر وبالتالي يتحول إلى مقلد للغرب أكلا وشربا وملبسا ومسكنا…إلخ ويبقى للإنسان العربي في يده سوى العقيدة التي إن خرج عنها سيرميه الله في العذاب يوم القيامة حسب التربية الإسلامية .

  • مواطن عربي
    السبت 23 فبراير 2019 - 09:20

    غيرة على العىربية و الموشحا الانداسيات و الطرب الاندلسي و الغرناطي و الخليجي
    فاين الغيرة على الاملزيغية اللغة الاصلية للبلاد .
    حضور الكاءن الذي قال عن الامازيغية انها لغة الشيخات مؤتمركم دليل على عنصرية بعضكم .

  • الدوسري
    السبت 23 فبراير 2019 - 09:48

    شكرا للإهتمام بثقافتنا و تراثنا العربي، نحن السعوديون و المغاربة شعب واحد. كم أحب المغرب العربي و مدنه: طنجة مراكش، كزبلانكا، فاس اغادير….

  • خالد
    السبت 23 فبراير 2019 - 10:40

    اللغة العربية هي خامس لغة على المستوى العالمي، بعكس بعض اللغات الاثنية الشفاهية التي توجد في طور الانقراض، أبى من أبى و كره من كره٠

  • مسلم مغربي
    السبت 23 فبراير 2019 - 10:44

    حبذا لو يستن مثقفونا سنة ببلادنا كموسم خاص تسود فيه الثقافة بفضاءات وأزمنة تربط شمال المغرب بجنوبه وشرقه بغربه،يحتفأ فيه بالكلمة على غرار الاحتفالات التي تنشط مواسم السادات الأموات بالأهازيج والحيدوس والشطحات…؛لكل جهة رجالاتها الموهوبين بالعطاء الإلهي الخاص والذين امتثلوا لأمر ه:" اقرأ " فقرؤوا ويقرؤون ؛نرغب كمحبين في الحضور إلى جانب الفعاليات الثقافية الوطنية والضيوف الأجانب من المفكرين للارتواء من الجلسات العلمية والأدبية العظمى بتواجد مثقفي الجهة المنظمة المعنية حتى وإن كانوا مبتدئين،ليلتقي المجربون بالوافدين الجدد فتكتمل الفرحة بالعرس الثقافي السنوي؛"ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"؛انها القراءة…؛والأنا والغير قضية؛لنتأمل قول الفيلسوف الوجودي جون بول سارتر :" الآخر هو الجحيم "-l'enfer c'est l'autre – ،وقول الشاعر السريالي أرتور رامبو :" الجحيم هو الأنا "؛-l'enfer c'est soi -même -كلاهما صادق؛فأصل البلاء منا بدءا ومن غيرنا ثانيا؛لنقتلع الشر من أصله لتصفى لنا الطريق أنذاك نتعامل مع الغير بالند للند؛" عندي عندك؛أرى وهاك…والبقاء للأصلح؛وسيكون إن شاء الله ان عرفنا الله.

  • السبت 23 فبراير 2019 - 10:45

    هل وجدة مدينة في الخليج لكي تكون عاصمة للثقافة العربية….مند الطفولة و نحن نسمع الوطن العربي،الجلمعة العربية ،القومية العربية ووووو…و النتيجة هو التخلف و الارهاب….نحن في شمال افريقيا يجب ان نكون كتلة موحدة و الخروج من ما يسمى بالجامعة العربية….التخلف الدي نعيشه هو نتيجة القومية العربية …و المغرب لم يكون يوما وطننا عربيا حتى جاء مايسمى القومية العربية التي عربت الاخضر و اليابس…

  • zayyani
    السبت 23 فبراير 2019 - 17:30

    الثقافة واللغة العربية متجذرة في المغرب وهذا ما يقتل العنصريين الذين يدعون أنهم أمازيغ
    لا علاقة لهم بالأمازيغية بل هم إلي العنصرية قريبون
    شكرا لأكاديمية المملكة شكرا لمركز الدراسات
    شكرا لوجدة عاصمة الثقافة العربية
    وسنكون فرحين لو أتى الزور على مدينتنا خنيفرة لتصبح عاصمة لهذه الثقافة التي أعطت الكثير لكل المغاربة
    سيكون ذلك شرف لنا ما بعده شرف

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين

صوت وصورة
الماء يخرج محتجين في أزيلال
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:30

الماء يخرج محتجين في أزيلال