علاقات المغرب والفاتيكان ترسّخ قيم التسامح و"دبلوماسية الأديان"

علاقات المغرب والفاتيكان ترسّخ قيم التسامح و"دبلوماسية الأديان"
الإثنين 25 مارس 2019 - 08:00

من المرتقب أن يزور البابا فرانسيس، أسقف روما ورأس الكنيسة الكاثوليكية رئيس دولة الفاتيكان، المغرب في نهاية شهر مارس الجاري، ويلتقي بالملك محمد السادس ومجموعة من المسؤولين والمؤمنين من الديانات الثلاث بالمملكة.

هذه الزيارة المبرمجة في يومي 30 و31 من مارس، بشعار “البابا فرانسيس خادم الأمل- المغرب 2019″، سوف “تسمح بمواصلة وإحياء رسالة السلام بين المسيحيين والمسلمين”، كما تؤكد على “تثبيت علاقات الترحاب والتفاهم بين المملكة المغربية والكنيسة الكاثوليكية التي استمرت لقرون”، حسب منشور للجنة المنظمة للزيارة.

وتأتي زيارة البابا للمغرب بعد مرور أربع وثلاثين سنة على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للمغرب في عام 1985، وإلى جانب إثارتها مواضيع: “الإصلاح الديني”، و”ترسيخ قيم السلام والتسامح”، و”الترحيب بالمهاجرين وحمايتهم، وتعزيزهم، ودمجِهِم”، تتوِّج هذه الزيارة علاقات تاريخية بين البلدين.

علاقات تاريخية

ترجع العلاقات بين ملوك المغرب والكنيسة الكاثوليكية إلى عهد المرابطين، حسب منشور عمّمته اللجنة المنظّمة يسرد تاريخهما المشترك. وفي عام 1980، قام الملك الحسن الثاني بزيارة رسمية إلى الڤاتيكان، تعدّ أول زيارة إلى الحبر الأعظم بروما من قِبَل رئيس دولة مسلمة.

وبعد أربع سنوات من زيارة الملك الراحل دولةَ الفاتيكان صدر ظهير ملكي يؤكد “مركزيةَ الكنيسة الكاثوليكية بالمغرب، وحقَّها في ممارسة مهامها بحُرّيّة خاصة في ما يتعلق بالعبادة، والتعليم الديني، وإنشاء إطار قانوني للتعايش السلمي بين المسلمين والكاثوليك”؛ وهو ما تلاه في سنة 1985، حسب المصدر نفسه، زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للمغرب.

العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والكرسي الرسولي، أي الكرسي البابويّ، بدأت عامَ 1976، وشهدت افتتاح السفارة البابوية، التابعة للكرسي الرسولي، في الرباط في 1988، وعرفت في سنة 1997 افتتاح المغرب سفارته لدى هذا الكرسي. ثم بعد ثلاث سنوات، أي في مطلع الألفية الثالثة، زار الملك محمد السادس رسميا مقرّ الفاتيكان، والتقى البابا يوحنا بولس الثاني. كما عُيِّنت، في غشت من السنة الماضية 2018، الأكاديمية رجاء ناجي مكاوي سفيرة للمملكة بالڤاتيكان، حسب المصدر ذاته.

كنيسة عريقة

يذكر الملف التعريفي لزيارة البابا المرتقبة إلى المغرب أن وجود المسيحية في شمال إفريقيا قد “أثبت صحته منذ نهاية القرن الثاني؛ فقد تمَّ العثور على أدلة وجودها قبل وصول الإسلام، في طنجة وأصيلة وسبتة والعرائش وتطوان وسلا..”، ثم يضيف موضّحا أن “الطوائف المسيحية الصغرى ظلت حاضرة بعد وصول الإسلام إلى المغرب حتى القرن الثالث عشر في بعض الأماكن، على الرغم من الزوال التدريجي للتسلسل الهرمي في الكنيسة”.

وعرف عام 1219، في عهد القديس فرنسيس الأسيزي، “دخولَ أول فرنسيسكان إلى المغرب بناء على طلب من سلطان مراكش لضمان حرية العبادة للأسرى”، حسب المنشور التعريفي، ثم عيَّن الكرسي الرسولي أسقفا من الدومينيكان في عام 1225 على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الموحدين، واستمر المرسلون الإسبان في ممارسة رسالتهم بين الأسرى المسيحيين من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر.

وتطوّرت الكنيسة الكاثوليكية بسرعة، حسب المنشور الذي قدّم مثالا بعام 1923 حيث أنشأ البابا بيوس الحادي عشر نيابَتَيْن رسوليّتَين: الأولى مقرُّها الرباطُ موجّهة لمنطقةِ المحميات الفرنسية، والثانيةُ في طنجة لمنطقة المحميات الإسبانية ومنطقة طنجة الدولية، مع حرص المقيم العام ليوطي على “احترام الكنيسة نظام الحماية الخاص بالمغرب؛ بأن لا يكون الهدف منها جعل المسلمين مسيحيين”.

الكنيسة بالمغرب

يحصر المنشور المرافق لزيارة البابا عدد الكنائس التي وضعت رهن تصرف 500 ألف أوروبي بالمغرب، بحلول سنة 1955، في 200 كنيسة، مذكّرا بموقف الكنيسة بالمغرب، من خلال رسالة أسقفها المونسنيور لوفيفْر خلال الفترة التي سبقت استقلال المغرب، المعبّر عن “ضرورة احترام الشعب المغربي”، و”واجب العدالة في تنمية البلاد”، والمعتبر أن “الحق في الاستقلال مشروع عادل”؛ وهو ما وافق عليه السلطان محمد الخامس، ودعا المطران من أجل حضور الاحتفال بعيد وطني يوم 18 نونبر 1952 حيث طالب بالاستقلال، لتكون هذه “المرة الأولى في تاريخ المغرب التي يتم فيها استدعاء النائب الرسولي إلى الرباط من أجل حضور العيد الوطني للمغرب”.

وعرج المنشور نفسه على ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مذكّرا بما رافقها من “عمل مكثف للحوار بين الأديان”، توِّج بزيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى الدار البيضاء في 19 من شهر غشت في عام 1985، واجتماعه مع 80 ألف شاب مغربي في ملعب محمد الخامس بالعاصمة الاقتصادية.

وبيّن المنشور أن السنوات الممتدّة ما بين 1975 و1990 شهدت “رحيل المسيحيين من المغرب مع رحيل العديد من الرهبانيات وإغلاق عدد كبير من الكنائس”، واسترسل مذكّرا بأن هذه المرحلة شهدت “أحيانا هدم كنائس أو بيعها مع حرص الدولة المغربية على أن تصبح هذه الكنائس أماكن للأنشطة الثقافية أو الاجتماعية”، قبل أن تتطوّر المسكونية، التي تعني في التعبير المسيحي جهود مختلف الكنائس لإعادة نسج الوحدة المفقودة منذ قرون، في دينامية المجتمع الڤاتيكاني الثاني، بين الكنائس الأنجليكانية والأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية؛ وهو ما أدّى في عام 2012 إلى “إنشاء مجلس كنائس مسيحية في المغرب”، وإنشاء معهد “الموافقة” لعلم اللاهوت بالرباط.

‫تعليقات الزوار

15
  • observateur
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:14

    le pape â l èpoque de hassan 2 (la photo) a un visage exprime la crystianisme et la forte euroupe aussi montre la solidité par contre actuellement on voit une faiblesse au niveau de l ètablissement de pape .

  • hmmadi
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:24

    وما علاقتنا مع بابا عيشور ، هل هي دولة صناعية أم ديموقراطية ،مجموعة من المكبوتين "القس" مغتصب الأطفال …تلات بالمغرب ربما سيستعمر يوما بهذه السياسة الجاحفة ..ذللنا كان العالم يهاب المغرب واليوم صرنا خرفان لما اصبحنا نعطي القيمة للشاد والنيجر…نحيي إيران مرفوعة الرأس رغم الحصار. المرض أصافي.

  • ابو مروة-ج-ن
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:34

    عجيب امرنا و الله عجيب – وحدنا من يمجد و يمدح المسيحية في الوقت الذي نلاحظ المحاكمات للكنيسة في معاقلها و لشتى الفضائح التي لا تنتهي..و نحن هنا زوينين ظريف متسامحين منفتحين نتكلم اللغات و عندنا التنوع اللغوي و الديني (الا الشيعة فهم اخطر من المسيحيين..يا سلام سلم على الانفتاح…متشددين مع المسلمين و متسامحين مع النصارى و اليهود…يا سلام سلم على قلب المفاهيم و العقول و القيم و الافكار)..انه الانبطاح و غياب العزة و الانفة و الشخصية – انه الاستسلام للصهيونية و النصرانية و الخضوع لصفقة القرن و كل المشاريع التخريبية و الدخول في احالف ضد ايران و ضد تركيا و ضد سوريا…اين الاسلام؟ لماذا لا توجد و لا جامعة اسلامية بالمغرب؟؟ واش خايفين…هل نحن بلد اسلامي امن منخرط في مشاريع الصهيون-مسيحية المتطرفة…لم نسمع كلمة واحدة حول نقل سفارات بلدان معينة الى القدس…علاش التسابق و الحماس في تخريب اليمن ايران سوريا تركيا السودان الخ الخ…المغرب زوين بزاف بزاف و تلميذ نجيب للقوى المعادية للعرب و الدين الاسلامي…بيع روح البلد من اجل البقاء فوق الكرسي…

  • مغربي
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:34

    تغمد الله بالواسع الرحمته العبقري الخالد الراحل الحسن الثاني و ادخله الفسيح الجنان مع النبءين و الصديقين و الشهداء و الصالحين الراءد بالجميع المقاييس في خدمة الاسلام و المسلمين باني المغرب المغاربة الاحرار الحديث مبدع المسيرة الخضراء و سدود مربي الاجيال الصالحة الرائدة بالجميع المقاييس.

  • hossin
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:39

    كان المغاربة ومازالوا متعايشين ومتسامحين مع الناس كيف ما كانت ديانتهم وعلاقتهم مع اليهود والنصارى علاقة أخوية كيف لا ومنهم مغاربة أما عن هجرة المؤمنين للكنائس فذلك ليس في المغرب فقط ففي أوروبا بلآلاف ورجع ذلك لسبب بيدوفيليا بعض رجال الكنيسة وإن لم نمحي الظلم من دولتنا المسلمة ستغلق المساجد ويتردى المؤمن نرجوا الله أن تكون هذه الزيارة سبب في إطفاء الحروب والنيران وإستقلال فلسطين

  • عبدو 23
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:44

    هم يعتبرون الاسلام دين الارهاب ونحن نتمسح بأياديهم باسم التسامح..
    لست أكره المسيحيين على الاطلاق ولكن لا يمكن أن ننكر أن حملات منظمة ضد العقيدة الاسلامية وأتباعها يتم تغذيتها انطلاقا من المؤسسات الدينية المسيحية اليعقوبية منها خاصة وكان أشد تجلياتها تهجم البابا بينيديكتوس 16 علانية على الاسلام وعلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
    الاستعمال السياسوي لزيارة البابا لا يجب أن تخفي حقيقة ما يحدث في العالم ضد الاسلام.

  • anas
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:47

    ترحيب الشعب المغربي بزيارة البابا_فرانسيس _للمغرب ناجم عن إرث الشخصية الوطنية المغربية الحقة ونابع من الأساس الفكري والأخلاقي للشعب المغربي مند الأزل .

  • badr
    الإثنين 25 مارس 2019 - 08:55

    بسم الله الرحمان الرحيم ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الفاهم يفهم

  • عبد الحميد
    الإثنين 25 مارس 2019 - 09:01

    أخطأ صاحب المقال أعلاه من البداية، أقصد عنوان المقال:
    فليس هناك شيء اسمه "أديان"، وإنما هناك دين واحد، وديانات بمعنى عقائد، وهذه هي المتعددة كمًّا والمتنوعة كيفًا.
    والمسيحية عقيدة انحرفت عن إسلام عيسى، واليهودية تحولت إلى قبلانية حرّفت قبل ذلك ما جاء به موسى من الإسلام…
    لا مجال إذن لوضع عقيدة محرفة على قدم المساواة مع عقيدة إسلامية كتابها محفوظ ضد التغيير والتحريف…
    على صاحب المقال أن يتحدث بلغة الدبلوماسيا ويترك السجال أو العلاقة بين العقائد جانبًا لأنه بمجرد خوضه في هذا الأمر انطلق من خطأ مبدئي لا يقبله عقل ولا منطق!!!

  • Samir r
    الإثنين 25 مارس 2019 - 09:16

    مع مجيئ الاديان كان من المفروض أن يعم السلام جميع بقاع المعمورة. لكن ما حصل هو العكس. الحروب والتناحر والتطاحن بين بني الإنسان هو السائد .اي لم يتغير شيئ قبل وبعد بل زادت الامور اكثر تعقيدا.
    اذن والحاله هذه لا بد من اعاده النظر اتجاهها.
    البشريه تريد التعايش السلمي والتسامح في ما بينها وليس شيئا آخر.

  • كريم
    الإثنين 25 مارس 2019 - 09:18

    زيارة #البابا_فرانسيس _للمغرب تكريس لشأن المملكة ومنزلتها كنموذج في التعايش الحضاري بفضل القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين، الملك محمد السادس.
    #المغرب_وطن_التسامح

  • moul chfanj
    الإثنين 25 مارس 2019 - 14:30

    يبدو أن ذاكرة الكاتب تبدأ فقط من 1976 ونسي معركة وادي المخازن مثلا وتحريض (مباركة) بابا الفاتيكان لملك البرتغال ومرتزقته لاحتلال المغرب والتنفيس عن حقدهم واشفاء غليلهم تجاه "المورو" مع أن مؤرخي ايبيريا لم يجدوا دليلا واحدا على اظضهاد وتنكيل المسلمين بالسكان الاصليين بعد انتصارهم على القوط.

  • عابر سبيل
    الإثنين 25 مارس 2019 - 14:47

    أمر الله تعالى الأميين وسائر البشر أن يتبعوا هذا الرسول قال – تعالى -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158] – فلا يهودية ولا نصرانية ولا أي دين لا يقبله الله – سبحانه وتعالى – فكيف نجمع بين كفرٍ وإيمان. كيف تجمع بين من يقول الله ثالث ثلاثة أو الله هو المسيح ابن مريم ومن يقول (لا إله إلا الله) كيف تجمع بين هذا وهذا. كيف تجمع بين من يقول: إن الله فقير ونحن أغنياء، كما قالت اليهود، ومن يقول: يدُ الله مغلولة، كيف تجمع بينه وبين مسلم موحد لله – سبحانه وتعالى -..قال – صلى الله عليه وسلم -: «لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار». قال – عليه الصلاة والسلام -: «لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي»

  • محمد المغربي
    الإثنين 25 مارس 2019 - 15:19

    التسامح جميل ومستحب مع كل الشعوب التي تحترمنا, ولكم قدوة ومثال في الرائعة الوزيرة الاولى لنيوزيلاندا.لكن , ابداوا بنشر التسامح فيما بينكم, في المغرب اولا; بدل النار المستعرة بين عصيد وجماعته, الحاقدين على العروبة والاسلام, والمتشددين المتطرفين داعمي الطائفية والتحريض ضد الشيعة وايران باسم الدين وغير الدين…و..و…افشوا المحبة والسلام فيما بينكم اولا..

  • عبد الله
    الإثنين 25 ماي 2020 - 22:26

    حسبي الله ونعم الوكيل ولاحول ولا قوة الا بالله العالي العظيم
    اللهم لاتؤخدنا بما فعلوا السفهاء منا

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب