بنيس والمسعودي يناقشان الدستور بمعهد "غوته"

بنيس والمسعودي يناقشان الدستور بمعهد "غوته"
الجمعة 21 يونيو 2019 - 23:19

كانت حلقة النقاش التي نظمتها السفارة الألمانية بالرباط، مساء أمس الخميس، بمناسبة الذكرى السبعين لإعلان القانون الأساسي للجمهورية الألمانية الاتحادية، مناسبة لتقييم الدستور المغربي بعد مضيّ حوالي ثماني سنوات على اعتماده، ومقارنة التجربتين الدستوريتين المغربية والألمانية في عدد من النواحي.

بنيس: هناك أمّية دستورية

بحلول فاتح يوليوز المقبل، سيكون الدستور المغربي “الجديد” قد أقفل سنته الثامنة، لكنّ مضامينه لم تُستبْطن بعد بما فيه الكفاية وبشكل صحيح من طرف المواطنين المغاربة، كما يرى سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط.

وأوضح بنيس جوابا على سؤال لمديرة معهد “غوته” الألماني بالرباط، التي أدارت حلقة النقاش، حول مدى تملّك المغاربة لدستور بلدهم، بأنّ بعض فصول الدستور سُلط عليها الضوء على نحو مهم، كتلك المتعلقة بالهوية والمساواة بين الجنسين والديمقراطية التشاركية، لكن مضامين الدستور لم تُقرأ جميعها على النحو المطلوب.

وأشار في هذا الإطار إلى إشكالية الأمية الأبجدية التي ما زالت تعاني منها شريحة واسعة من المجتمع، و”الأمّية الدستورية” التي تحول دون استبطان المواطن العادي لمقتضيات الدستور، وهو ما أفضى إلى وقوع انزلاقات في تأويل نصوص الوثيقة الدستورية، بعد أن انتقلت عملية تأويل الدستور إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يفسّره كل واحد وفق نظرته الخاصة، نجم عنها عدم معرفة المغاربة بحقوقهم المنصوص عليها دستوريا بشكل صحيح ومدقق.

وعزا بنيس سبب عدم تملّك المغاربة لمضامين دستور المملكة إلى وجود إشكالية تواصُل بين المؤسسات الرسمية والمواطن، وعدم قيام محاضن التنشئة بالتعريف بالمقتضيات الدستورية للمواطن العادي وتفسيرها له، مشددا على ضرورة أن تقوم محاضن التنشئة بدورها في تلقين مقتضيات الدستور للجيل الصاعد، “حتى يشعر بالمواطنة وبالسعادة الاجتماعية التي تتأتّى من خلال تملك الدستور”، على حد تعبيره.

ارتباط تملك الدستور بالسعادة الاجتماعية، كما يرى بنيس، مردّه إلى أن المواطن حين يتملّك مضامين الدستور ويدرك أن هناك قوانينَ ضامنة لحقوقه ولكرامته، فإنّ ذلك يعزز التماسك الاجتماعي والعيش المشترك، ومن ثم تسود السعادة الاجتماعية.

ومن خلال المقارنة بين التجربة المغربية والألمانية، انطلاقا من مداخلات المشاركين في حلقة النقاش التي احتضنها معهد “غوته” الألماني، اتضح أنّ ألمانيا تولي اهتماما كبيرا لمسألة تمليك مواطنيها مقتضيات القانون الأساسي لبلدهم منذ مرحلة الطفولة.

في هذا الإطار، قال كريستيان كوشلر، الخبير الدستوري، إن كل تلميذ في ألمانيا يحصل على نسخة من القانون الأساسي لدولة ألمانيا الاتحادية، الذي هو الموضوع الأساسي في مادة السياسة المقررة في التعليم الإعدادي والثانوي، مبرزا أنّ الرأي العام الألماني لا يهتم بالرموز الوطنية كالنشيد الوطني والعلَم، بقدر ما يهتم أكثر بالدستور.

من جهته، شدد سعيد بنيس على ضرورة تملك المواطنين لمضامين الوثيقة الدستورية، وقال إن “الدستور المغربي متقدم، لكن هناك مشكلا في تقريب وتفسير مضامينه إلى المواطنين بشكل مبسط، ونحن على هذا المستوى ما زلنا في مرحلة جنينية”، مضيفا أن “تمليك مضامين الدستور للمواطنين يجعلنا نخلق مواطنا يفكر في حقوقه، وهناك فرق بين المواطن والساكن، ذلك أنّ هذا الأخير يمكن أن يذهب إلى المدرسة، ويعمل… لكنه لا يفكر في حقوقه، لأننا ربطناه فقك بالشغل ولم نربطه بالقيَم، وهذا يؤدي إلى خلق تنمية محصورة في المفهوم الاقتصادي الضيق، وليس مفهوما الشمولي”.

المسعودي: الدستور قابل للتفعيل

أمينة المسعودي، أستاذة القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، بدتْ متفائلة بشأن تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية، خاصة ما يتعلق منها بالحقوق والحريات، على أرض الواقع، قائلة إن “أغلب المواطنين لا يتمتعون بالحقوق المنصوص عليها في الدستور، ولكن لا يمكن القول بأنَّ بإمكان أحد أن يقول باحتمال تطبيق هذه الحقوق في ظرف وجيز”.

وألقت المسعودي مهمة تفعيل مضامين الدستور على كاهل المواطنين، عبر اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وممارسة حق الدفع بعدم دستورية القوانين، المنصوص عليه في المادة 133 من دستور المملكة، مضيفة: “يجب أن يكون هناك تفاؤل، أما إذا اكتفينا فقط بالانتقاد فلن نتمكن من التقدم إلى الأمام، لأن المسألة مسألة تراكم”.

واعتبرت المتحدثة أن دستور 2011 أرسى ضمانات تتيح تفعيل الحقوق الواردة ضمن مقتضياته، بتنصيصه على الفصل بين السلط، واستقلال السلطة القضائية، ومنح المواطنين حق الطعن في القوانين إذا كانت تتعارض مع مقتضيات الدستور، مضيفة أن “الحقوق والحريات هربت من قبضة السلطة التنفيذية”.

وترى المسعودي أن وضع ورقة الدفع بعدم دستورية القوانين بيد المواطن سيجعله يشعر بأن حقوقه مضمونة، لكون القانون يخوّل له حق التقدم بدعوى إلى المحكمة الدستورية للنظر في مدى قانونية القانون المعتَرض عليه، وإلغائه في حال عدم دستوريته، علما أن قرارات المحكمة الدستورية مُلزمة ونهائية ولا يمكن الطعن فيها.

وقارنت المسعودي بين وضع الحقوق والحريات في الدساتير المغربية السابقة وبين وضعها في الدستور الحالي، لتخلُص إلى أنّ الحقوق “كانت هشة في الدساتير الأولى إلى غاية التسعينات من القرن الماضي، تاريخ بداية الانفراج السياسي، حيث تضمن دستور عام 96 إضافة نوعية في الديباجة، فحواها تشبث المغرب بجميع الحقوق والحريات المعترف بها عالميا.

وختمت بالقول إن “دستور 2011 أكثر تقدما في مجال الحقوق والحريات المحصّنة بمقتضى الفصل 165، الذي ينص على استحالة مراجعة الدستور في الشق المتعلق بالحقوق والحريات”، مضيفة أن “الدستور الحالي مضت عليه ثماني سنوات فقط، ويمكن تطويره وتعديل فصوله لتطوير منظومة الحقوق والحريات، وتفعيله تدريجيا، وهذا يقتضي أن نكون متفائلين، أما إذا أغلقنا الآفاق فيصعب علينا أن نتقدم إلى الأمام”.

‫تعليقات الزوار

2
  • RAJ
    السبت 22 يونيو 2019 - 00:18

    السلام عليكم الدستور ليس نصا مقدسا مثل القران، الدستور يحتوي على عدة تناقضات وثغرات، بعض المواد يجب تغييرها خصوصا المتعلقة بالقضاء والاسرة ولا تقارنوا دستوركم مع دستور المانيا فلو تفحصتموه ستجدون انه يضمن للمواطن الالماني حقوقا اكثر مما يطالبه بالواجبات، من الافظل مناقشة الدستور الفرنسي والمغربي لان اغلب مواده في القضاء والاسرة مستمدة منه .

  • بني ملال janteloven
    السبت 22 يونيو 2019 - 15:46

    رغم التوافق النظري بين الدستور الألماني و المغربي في الإشتراك في نفس القيم والمبادئ الأساسية والتي هي الحرية والديمقراطية والحقوق المدنية والعدالة الإجتماعية لكن التفعيل لنصوصه أسهل في المانيا وشبه مستحيل في المغرب أو لنقل صعب جدا ، الإختلاف يكمن في طبيعة النظام الفيدرالي الألماني الغير الممركز فالولايات الفيدرالية الألمانية لها برلمانات خاصة بها وقريبة من المواطن ، غياب ثقافة العلوم الإنسانية أو العلوم الإجتماعية لذا معظم النخب السياسية في البلد وعند معظم الشعب(سيطرة الفكر الشعبوي )يؤدي بالضرورة إلى غياب العقل النقدي وبالتالي تفاعل غير إيجابي مع الدستور ، مفهوم السعادة الإجتماعية متجاوز تطبيقيا في الدساتير الغربية ، فهي لا تأتي لا من الدولة أو الدستور، فالمواطن حتى بدستور متقدم لن يحصل عليها لأنها مسألة ذاتية وغير موضوعية، من الممكن التحدث عن التعايش الهادئ بين الطبقات .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة