هاميس يستعرض اختلافات المصاحف الإفريقية بأكاديمية المملكة

هاميس يستعرض اختلافات المصاحف الإفريقية بأكاديمية المملكة
الخميس 27 يونيو 2019 - 07:00

قدّم كونستون هاميس، أستاذ باحث في الأنثروبولوجيا بالمعهد العالي للدراسات في العلوم الاجتماعية والمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، نتائج دراسته لحوالي 30 مجلدا مخطوطا قرآنيا، أصلها من موريتانيا والسينغال ومالي وشمال نيجيريا وإثيوبيا المسلمة وكينيا…

ووضّح هاميس، في محاضرة ألقاها، الأربعاء، بمقر أكاديمية المملكة المغربية في الرباط، أنه اعتمد نسخا أقدمها موريتاني يعود إلى القرن الثامن عشر، وأحدثها في بداية القرن العشرين، بينما معظمها يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، جلبها من مكتبات عمومية وخاصة، في غياب مصاحف بلدين مثل: السودان ومدغشقر، التي لم يستطع توفيرها رغم جهده وطلبه من زملاء له يعملون بهما توفيرها، بينما وجد مصاحف قد أُتلِفَت بسبب ظروف الصيانة مثل قرآن إثيوبي أكلته العثة.

ومن بين الفروق التي وجدها الباحث في دراسته لمجموعة من القرآنات الإفريقية اختلافاتٌ في التَّسْفيرِ أو عدم التَّسْفيرِ، فبينما توجد مصاحف غرب إِفريقية غيرُ مسفّرة؛ وهو ما يجعل من الممكن ضياع كثير من أوراقها، كان المفضَّلُ هو تسفير القرآن في المجال الممتدّ من موريتانيا إلى التشاد مرورا بالنيجر ونيجيريا.

ويذكر هاميس أنه بينما كان يفضَّلُ أن يكون القرآن في نسخة واحدة، بموريتانيا، كانت توجد بإثيوبيا نسخ تقسّمه إلى أربعة أجزاء في بعض الحالات، بينما وجد في كينيا وخاصة في منطقة الساحل نسخا قرآنية في سبعة أجزاء، وزاد موضّحا أن من بين التقسيمات البارزة للقرآن تقسيم وُجِدَ في إفريقيا الغربية يقسّمه لأربعة أجزاء لكلّ جزء منها زخرفة خاصة.

وتحدّث الأستاذ الباحث في الأنثروبولوجيا عن تعابير رأى فيها تقاطعا بين كتابات القرآن وكتاب “دلائل الخيرات”، مثل: “هنا انتهى نصف القرآن”، التي لا توجد في مصاحف إفريقيا الغربية، ثم استرسل متحدّثا عن التقسيم عبر الجزء والحزب؛ لأن هناك تمييزا بين مختلف المناطق الإفريقية التي تعطي بعضها أهمية التقسيم للأحزاب دون الإشارة إلى الأجزاء، وهو ما وصفه بالتقليد الذي انتقل إلى المغرب الكبير ثم إفريقيا الغربية.

وقدّم كونستون هاميس في عرضه مثالا بقرآن أخذ من تشاد، داعيا الجمهور إلى تصوّر وجود حوالي ستين دائرة كل واحدة منها تتضمن اسم سورة مختلفة، وأضاف قائلا إن وحدة الحزب هي التي تتم الإشارة إليها بالدائرة، بينما يشار إلى الأجزاء على جوانب تلك الدوائر، وتُستخدَم بعض الصور والرسوم للإشارة إلى أجزاء تلك الصور.

وبيّن الباحث الفرنسي أن سبب الاهتمام بالحزب هو الرغبة في تركيز قراءة القرآن صباحا ومساء، بينما يأتي التقسيم لأخماس، في أماكن مثل المغرب، للحاجة إلى قراءة القرآن قراءة جماعية، ومن التقسيمات أيضا تقسيم بالإشارة إلى سُبُعِ الحزب في موريتانيا ومالي ونيجيريا وتشاد، وحالة وحيدة وقف عليها الباحث، لتقسيم بدوائر في إفريقيا الغربية؛ في حين أن إفريقيا الشرقية تركّز على الأجزاء السبعة المرتبطة بأيام الأسبوع، بتقسيم سباعي يسمى “سبع الجمعة”، و”سبع الخميس”…

ويرى الأستاذ الباحث أن نسخ القرآن وتناقل روايته جيلا بعد جيل، وتقسيم سوره في إفريقيا لا يختلف كثيرا عن باقي مناطق العالم الإسلامي؛ فهو تقسيم مرتبط بالوحي بدرجة أولى، ثم استدرك قائلا إنه لا يُعرَف كيف تم إعطاء الصور أسماء وعناوين، بعيدا عن المعايير التي فرضها الأزهر في وقت متأخر، وقدّم أمثلة باختلافات بسيطة يعني تكرّرها وجود تقاليد تختلف من منطقة لأخرى في تعريف أو عدم تعريف “شورى”، أو استعمال “المنافقون والمؤمنون”، أو “المنافقين والمؤمنين”، واختلافات أخرى في نحو بعض المصاحف، أو في شكل أسماء السور، مثل: المُلْك، التي تكتب في بعض مناطق تشاد ونيجيريا، “المَلِك” متبوعة بـ”عز وجل”.

وقدّم المتحدّث، في محاضرته بأكاديمية المملكة، أمثلة على الاختلافات القوية بين إفريقيا الغربية والشرقية؛ فتحل سورة “داوود” محلّ سورة “صاد”، و”السّجدة” في محلّ “فُصِّلَت”، وتسمّى سورة بـ”العقود” في منطقة المغرب، وتوجد سورة أبي لهب، أو سورة التكاثر، أو سورة اقرأ بدل سورة العلق، وهو ما يحتاج أبحاثا معمّقة وفق المتحدّث، بينما هناك تمييز بين قراءتي ورش عن نافع وحفص عن عاصم، بين الغرب الإفريقي الذي يفضّل ورش، والشرق الإفريقي الذي يفضّل قراءة حفص، باستثناء الصومال.

وفي ما يتعلّق بالخط فرّق الباحث بين المناطق الصحراوية التي تتكلّم الحسانية وخطها البيضاني متّسم بصغر الحروف ودقة النقاط والتشابه مع الخط المستخدم في جل البلدان المغاربية بكتابة القاف بنقطة واحدة، وطريقة كتابة التاء المربوطة، ومنحنيات الباء مرسومة نحو الأعلى، بينما كتابة القرآن في تشاد وشمال النيجر معروفة بسلطنة خط كانيمي الذي من بين مميزاته أن الحاء أو الهاء يتم تكبيرهما في وسط الكلمات مقارنة مع الألف، وفي شمال نيجيريا الكتابة كبيرة ومنتظمة في سطور متتابعة ومستقيمة، وحرف الكاف ذو زوايا حادة إلى درجة معينة، وهناك ألوان تستخدم أحيانا في الكتابة. وأثار في هذا السياق الحاجة إلى معيرة الكتابة وتوحيدها للكشف عن الخصائص المشتركة بخطوط هذه البلدان.

وأشار كونستون هاميس إلى الحدود الفاصلة بين إفريقيا الشرقية والغربية في طرق الكتابة بين تبني تشاد الطرق المغاربية في كتابة الفاء والقاف، بينما كتبت إثيوبيا والحبشة الفاء والقاف بالطريقة الشرقية، وتمّ استخدام المسطرة لتنظيم الكتابة في السطر الواحد، على عكس إفريقيا الغربية التي تُشكَل الكلمات فيها بشكل مائل لتُمَيَّزَ عن الكلمات الأخرى.

وأكّد المتحدّث أن ورق المصاحف أمر لا يخلو من أهمية؛ لأن أطنانا من الورق قد استعملت منذ فترة المرابطين، وتم استيراد الورق الذي وزّعه الإيطاليون منذ نهاية القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر، مشيرا إلى أن ما يهمّ في هذا هو “إمكانات تأريخ المصاحف انطلاقا من الورق، بتبين العلامات التي طبعت فوقه”. كما وضّح الأكاديمي الفرنسي أن مراجع أو فهارس الخط غير متوفّرة بشكل مطلق، مما يعني أن هناك تأخرا ينبغي تداركه من خلال تناول بعض الأطروحات هذه القضايا والمواضيع.

تجدر الإشارة إلى أن محاضرة كونستون هاميس، المعنونة بـ”مصاحف القرآن وكتب العبادات الخاصّة بالرسول صلى الله عليه وسلم في إفريقيا المسلمة”، قد عقدت في إطار سلسلة تنظمها أكاديمية المملكة المغربية بعنوان “كنوز الإسلام بإفريقيا من تومبوكتو إلى زنجبار”، قصد الإعداد لمعرض حول التعبيرات عن الجانب الإسلامي في القارة الإفريقية.

‫تعليقات الزوار

9
  • طرزان
    الخميس 27 يونيو 2019 - 08:04

    المصحف الكريم كتاب انزله الله تعالى عن نبيه المصطفى الكريم عليه افظل الصلاة والسلام بالحق ودين الهدى وجعله دستورا ومنهجا وتعاملا وقمة الحياة لمن أراد اتباعه
    للأسف أصبحت هذه الأمة فقط تهتم بالزخرفة والقول بالألسنة والقلوب ميته فبدلا من ان تتصالح مع الله صارت له خصما عنيدا ولا تحب ان تطبق من كتابه سوى الادعاء بانها مسلمة وتابعة لمنهج الرسول( ص) ويكفي ما نراه ونعيشه يوميا فنجد أنفسنا اكثر من الضالين وأكثر من المغضوب عليهم الا من رحم الله
    اللهم اجعلنا من من تشملهم رحمتك وظلك يوم لا ظل الا ظله

  • عبد الخالق
    الخميس 27 يونيو 2019 - 08:45

    ما سر بحث هذا الرجل عن وجود نسخ مختلفة من القرأن في إفريقيا و إشارته إلى كتاب دلائل الخيرات المليء بالخرافات و الشركيات و الكذب على رسول الله.أفيقوا يامسلمين من غفلتكم فهناك من يعمل ليل نهار لتشكيك في دينكم.

  • كمال
    الخميس 27 يونيو 2019 - 08:53

    بالنسبة لعلمائهم كل شيء قابل للبحث والتقصي من أجل معرفة الحقيقة، وعلماؤنا يتفننون في وضع الخطوط الحمراء، وعلامات قف وممنوع المرور.

  • هدى
    الخميس 27 يونيو 2019 - 09:15

    حتى لو بحثت الدهر كله لن تجد إختلاف في القرآن الكريم لأنه كلام الله المنزل على رسوله وقد وعد الله عز وجل ان يحفظ هذه المعجزة "انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " بخلاف الكتب السماوية السابقة التي تعرضت للتحريف. اعتقد أن الباحت كان يمني النفس بوجود إختلاف في جوهر القرآن الكريم و لكنه لم يعتر على شيء فحصر بحته في الشكل و أنواع القراءات و هو الشيء الذي يعرفه الجميع.

  • goslim
    الخميس 27 يونيو 2019 - 09:22

    الم تجد اكاديمية المملكة الا باحثا فرنسيا ولا يتقن اللغة العربية للقيام بتمحيص القران الكريم. ام ان الاكاديمية تنوي فرنسة الدين بعد فرنسة التعليم.

  • ABDOU KOS
    الخميس 27 يونيو 2019 - 11:05

    لقد تتبعت لمدة غير قصيرة مجموعة ممن يدعون انهم باحثون ، في محاولتهم اجاد اختلاف بين نسخ القران الكريم على غرار الانجيل والثوراة ، لزرع الشك في ذوي النفوس والايمان الضعيفين ، ولكي يؤكدوا لهؤلاء ان لذيهم الحجة والدليل على ادعاءاتهم ، هو انهم وجدوا مصاحف في اليمن واثيوبيا والنيجر وموريتانيا فيها اختلاف في ترتيبها وترتيب سورها . فعلى الجميع التنبه الى هذه الهجمة الشرسة على الدين الاسلامي من طرف الجماعات الصهيونية والمسيحية لتشكيك المسلمين في دينهم ورسالة نبيهم ، ان الاختلاف في الترتيب ممكن ولكن في المتن فهذا مستحيل . فالله انزل الذكر وهو الحافظ له .

  • RALEUR
    الخميس 27 يونيو 2019 - 12:54

    القرآن يحفظ في الصدور، ومثل هذا الباحث إنما يريد الإساءة للدين الإسلامي مثل ما فعل السابقون من المستشرقين٠ الله سبحانه من أنزل القرٱن و إنه له لحافظ مهما تربص به المتربصون، المسلم غير محتاج لمثل هذا التحليل فالتفاسير تملئ المكتبات في كل مكان و الرسم القرآني لايفسده ولا نحتاج لهذا التطفل والفضول الذي ينظر بخبث الى الشكل و ليس الى المضمون٠

  • الشك الممنوع
    الخميس 27 يونيو 2019 - 14:00

    بعيدا عن إفريقيا وامريكا وجنوب أسيا وعن الكتابات السومارية والمسمارية وعن حذيث زاراتوسترا وحجم بودا . أين توجد أفران الحرب العالمية الثانية ومن القادر على الخوض في مضامينها ؟

  • كاره الظلام
    الخميس 27 يونيو 2019 - 20:22

    إلى السي عبد الخالق الذي طلب من المسلمين أن يستيقظوا أقول : من يشككنا هل هو هذا الباحث الأكاديمي الذي هو يبحث ويفسر ما وجده موجودا عند الناس الذي هو القرآن ودلائل الخيرات أم أنت الذي يغيظك أن يوجد هناك شيء اسمه دليل الخيرات ؟ الذي هو كتاب موضوعه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم٠
    فإذا كنت فعلا عبدا للخالق عز وجل، فهذا الخالق هو الذي أرسل هذا الرسول وأمرنا بالصلاة والسلام عليه، وهذا كتاب في الصلاة على النبي، وإذا كنت لا تعجبك الصلاة على سيد الخلق فهناك من تعجبه٠
    وبالتالي فالمشكك والمسيء هو أنت لأنك كلامك لا دليل عليه بيما صاحب الموضوع هو باحث ودارس ويتحدث بحقائق٠

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات