أكاديمي جزائري ينتقد "قوقعة الجنرالات" ويُنادي بالاستجابة للشعب

قال عبد الرحيم قادر، أستاذ العلوم السياسية في باريس المتحدر من الجزائر، إن بلاده تعيش وضعا متصدعا على خلفية الحَراك الذي وصل شهره العاشر، موردا أن “النظام السياسي بالجزائر سجن نفسه منذ الحصول على الاستقلال، لأنه لم يُواكب التطورات الجيو-استراتيجية التي يشهدها العالم، بحيث لا يتوفر على مشاريع نوعية تجيب عن تطلعات الشعب”.

وأضاف قادر في ورشة علمية نظمت على هامش الملتقى الدولي السادس للداخلة، أن “الجزائر تعيش بْلُوكاج منذ عقود طويلة على صعيد السياسات المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية، لأنها حصرت نفسها في الاعتماد الكلّي على البترول والغاز”، ثم تابع بلهجة حازمة أن “الوضع عبارة عن دراما حقيقية”.

وأوضح الجامعي الجزائري أن “الجزائر لم تستطع تطوير اقتصاد وطني حيوي ذي استقلالية”، مبرزا أن “الحَراك الجزائري الذي دام قرابة عشرة أشهر فريد من نوعه في المنطقة، بحيث فوجئتُ بالاحتجاجات الشعبية التي تُنظم ثلاث مرات في الأسبوع الواحد منذ عشرين فبراير الماضي، بالموازاة مع خوض وقفة احتجاجية في باريس كل أحد”.

وتابع المتحدث أن “الحراك الجزائري عميق للغاية، لأنه ساهم في تغيير سلوك الجزائريين الذين خرجوا للاحتجاج على غياب المشاريع السياسية وشخصنة السياسات التي ينهجها القادة”، موردا أن “سبعين في المائة من الجزائريين يحتجون كل جمعة، لكن النظام السياسي لم يغير بعد طبيعته، من خلال إضعاف صبيب الأنترنت وقطعه خلال بعض الفترات بالحَراك”، على حد تعبيره.

ولفت الأكاديمي الجزائري إلى أن “الشباب غيّروا الممارسات السياسية بالجزائر من خلال الرجة التي أحدثها المجتمع طوال فترة الحراك، فضلا عن البلوكاج الذي أحدثه الشعب نتيجة عدم الاستجابة لمطالبه السياسية والاجتماعية”، معتبرا أنه “لا يمكن تحقيق مصالحة بدون إقرار العدالة”.

وأورد المتحدث أن “الجيش لن يجازف باستعمال العنف خلال الظرفية الراهنة، لكن التلاعب ممكن في الفترة المقبلة، لأن انتخابات 12 دجنبر ليس عليها أي رهان، لكننا نتمنى استلهام تجربة السودان التي تعد نموذجا للانتقال السياسي”.

أما إدريس الكراوي، رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة، فقد أشار إلى أن “التحولات الكبرى التي شهدها العالم خلال الفترة الأخيرة أرخت بظلالها على الرؤية المغاربية للعالم، ما يستوجب تغيير كل البراديغمات المعتمدة ونهج مقاربات جديدة في تحليلنا للاندماج الجهوي”، موضحا أن “المجتمعات المغاربية تعيش دينامية متجددة بخصوص تحقيق التوازن بين الديمقراطية والدين والعصرنة”.

وقال الأكاديمي المغربي إن المنطقة المغاربية هي التكتل الوحيد الذي لم يندمج فعليا إلى حد الساعة، موردا أن “غياب الثقة بين البلدان المغاربية عنصر محوري لتفسير ذلك، ثم انعدام الأمل المستقبلي بشأن هذا التكتل الذي يعد وسيلة مؤسساتية للإجابة عن الإشكاليات الكبرى في المنطقة، ما يعكس عدم التزام الفاعلين المؤسساتيين والنخبة المثقفة تجاه موضوع الوحدة المغاربية”.

“الدول المغاربية لا تتقاسم مع بعضها البعض طموح الوحدة في وقت تعرف فيه المنطقة تحديات جوهرية، في مقدمتها الهشاشة والتطرف الديني والإرهاب وتنامي المفارقات الاجتماعية وإشكاليات الحكامة، وغيرها من النقاشات التي تشهدها المجتمعات المغاربية”، يقول الكراوي.

وبخصوص تحديات منطقة المغرب الكبير، أشار رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة إلى ثلاثة تحديات أساسية من وجهة نظره، أولاها تحدي التعقيد، مبرزا أن “الواقع السياسي يستدعي تحقيق التوازن بين الديمقراطية والعصرنة والدين، في ظل النظام الدولي الجديد الموسوم بالموجة التكنولوجية العالمية”.

التحدي الثاني، وفق المتحدث ذاته، يتجسد في العامل الأمني، لأن “التطرف والإرهاب والمخاطر الطبيعية، وغيرها من الحروب الجديدة، تواجه أكثر المنطقة المغاربية”.

أما التحدي الثالث، فيتعلق بـ”ندرة الموارد المالية لتلبية متطلبات المواطنين، فضلا عن ندرة الكفاءات والنخب المثقفة لمواكبة طموحات البلدان”، وفق الكراوي الذي لفت إلى أن “الرأسمال المؤسساتي والرأسمال الاجتماعي والرأسمال البشري عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار من لدن بلدان المنطقة”.