علماء أفارقة يقدمون صورة بديعة لتعايش المسلمين بالقارة السمراء

علماء أفارقة يقدمون صورة بديعة لتعايش المسلمين بالقارة السمراء
الأربعاء 22 يناير 2020 - 20:35

قدّم علماء من القارة الإفريقية، في الجلسة العلمية الثانية لمؤتمر “دور الإسلام في إفريقيا.. التسامح والاعتدال ضد التطرف والاقتتال”، المنعقد بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، صورة مشرقة عن التعايش الذي كان سائدا في ربوع دول إفريقيا جنوب الصحراء بين المسلمين وغير المسلمين، قبل ظهور جماعات التطرف والإرهاب، التي استعْدت المسلمين على غيرهم، واستعدتهم حتى على بعضهم بعضا.

من بين الصور المشرقة لسلوك المسلمين التي قدمها علماء إفريقيا في المؤتمر المنظم من لدن منتدى تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية، بالتعاون مع الحكومة الموريتانية، تلك التي جاءت في ورقة أبي بكر فوفانا، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في ساحل العاج، بإشارته إلى أن التاريخ لم يسجّل وقوع أي حرب دينية بين المسلمين وغيرهم في بلاده منذ أن بلغَها الإسلام.

وقال فوفانا إن الإسلام انتشر في ساحل العاج بفضل تحلّي المسلمين بالتعايش السلمي مع الوثنيين والنصارى، واحترامهم لتقاليد السكان الأصليين. وفي القرن الرابع عشر توسع انتشاره بشكل أكبر، حيث أقبل الناس على اعتناقه بطريقة سلمية، ليصير منظما، في كل أرجاء البلاد، خلال القرن السادس عشر.

واتّسمت العلاقة بين المسلمين مع غير المسلمين في ساحل العاج بالاحترام والتعايش السلمي، وفق ما بيّنه فوفانا، مبرزا أن المسلمين كانوا يستقبلون الوثنيين الوافدين على المدن من القبائل، وكانوا يعتبرونهم مثل إخوانهم، فشجع ذلك مثير من الوثنيين على اعتناق الدين الإسلامي، لما لقوه من معاملة حسنة من المسلمين.

وأردف المتحدث ذاته أن التعايش في ساحل العاج هو السائد، حيث يتعايش المسلمون مع النصارى والوثنيين في مدينة واحدة، دون أن تندلع صراعات ذات طابع ديني بينهم، مشيرا إلى أن دولة ساحل العاج تتسم بالتعدد العرقي وتعدد الديانات واللغات، إذ تعيش بها جاليات كبيرة من بوركينافاصو وغانا والنيجر والطوغو والبنين.. “ما يجعل التعايش يصبح ضروريا لا مفر منه بالنسبة إلينا”، يقول المتحدث، داعيا العلماء إلى العمل على توطيد هذا التعايش في مختلف ربوع القارة الإفريقية.

وتوقف يعقوب دكوري، عضو المجلس الإسلامي الأعلى في مالي، عند أسباب نشوء التطرف والعنف وسبل علاجه، إذ أشار إلى أن من أبرز أسبابه مخالفة دعاة التطرف لأئمة الفقه المعاصر، فضلا عن كون قادة الجماعات المتطرفة لا تتوفر فيهم الشروط العلمية التي تتطلبها القيادة والإمامة، وكذلك التعصب للطائفية واتِّباع غير سبيل جمهور المسلمين وجمهور علمائهم.

ومن الأسباب الأخرى لانتشار التطرف والعنف أن قادة الجماعات المتطرفة “لم يتركوا أي آية تأمر بالموعظة الحسنة والدعوة بالّلين إلى مكارم الأخلاق التي بُعث محمد ليتممها، إلا قالوا عنها نسَختْها آية السيف، ويتراموْن على الاجتهاد من غير توفُّر شروطه فيهم”، يوضح عضو المجلس الإسلامي الأعلى في مالي.

ويرى المتحدث ذاته أن علاج التطرف الديني ينبغي أن يقوم على العمل بنصوص القرآن الصريحة التي فصّلت في الأمور التي يتخذها المتطرفون مطيّة وذريعة لممارسة العنف والقتل، وفي مقدمتها الإكراه في الدين والجهاد، موضحا أن القرآن نصّ على عدم الإكراه في الدين، وعدم القتال ما لم يبدأ المقاتَل بالقتال، مشددا على أن للجهاد شروطا حددها القرآن بنصوص صريحة.

رأي يعقوب دكوري أيده القاضي أبو بكر إمام، نائب رئيس محكمة الاستئناف الشرعي بنيجيريا، حين حديثه عن لجوء الجماعات المتطرفة إلى العنف، إذ قال أن القتال الذي تخوضه هذه الجماعات “ليس جهادا، بل فتنة”، مبيّنا “أن الجهاد الحقيقي هو جهاد النفس، وفي الحالات القصوى الجهاد لحماية العقيدة”.

وهاجم نائب رئيس محكمة الاستئناف الشرعي بنيجيريا قادة وأتباع الجماعات المتطرفة، بقوله “لقد تم تحريف معنى الجهاد عن معناه العقدي من طرف مَن علم لهم بالدين”، مضيفا “الإرهاب يخالف التعاليم الدينية الإسلامية العامة والخاصة، ويجرّمه الإسلام، فَمن قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا”.

وتوقف عدد من المتدخلين في مؤتمر “دور الإسلام في إفريقيا.. التسامح والاعتدال ضد التطرف والاقتتال”، عند “فرادة الإسلامي الإفريقي”، واختلافه عن إسلام المشرق، إذ قال خديم امباكي، أستاذ جامعي سينغالي متخصص في العلوم الشرعية، أن عددا من العلماء الأفارقة توفقوا في الجمع بين الإسلام وبين العناصر الإيجابية في الثقافة الإفريقية”.

ونبّه المتحدث إلى أن طلبة القارة الإفريقية الذين درسوا في البلدان العلمانية الغربية كانوا أكثر اعتدالا من الذين درسوا في بلدان المشرق العربي، “الذين يروْن الكمال المطلق في الماضي، وأن الزمن عامل انتكاس، وأنّ الفهم الأقدم للنصوص هو الأسلم، وإنّ الاجتهاد ومسايرة التطور البشر خطَر”.

وإذا كان التطرف ناجما عن أسباب دينية، فهو ناجم أيضا عن أسباب سياسية، كما يرى خديم مباكي، مشيرا، في هذا الإطار، إلى أن التهميش الاجتماعي يعدّ من أبرز أسباب التطرف؛ “لأن الطبقة السياسية تَعتبر أن السلطة ميراث مستحق لها، ومَن لا يملك ثقافة المستعمر، أي مَن ليس من النخبة، فهو من الرعايا وليس مواطنا، وعليه يشعر الذين يحملون الثقافة الإسلامية بأنهم مهمشون في بلدانهم، ما يدفعهم إلى التطرف”، على حد تعبيره.

ونبّه المتحدث ذاته إلى المخاطر الجمّة للتطرف والإرهاب على استقرار المجتمعات، وعلى التنمية، خاصة في القارة الإفريقية، قائلا “الإرهاب أدّى إلى إزهاق أرواح بريئة، كما أنه يعطل أعمال التنمية، فكثير من الناس فقدوا أراضيهم لأنها لُغِّمت، وتركوا الزراعة ولم يجدوا شيئا آخر لضمان كسب قوتهم”.

ومقابل تحميل وزر الإرهاب لقادة وأتباع الجماعات المتطرفة، حمّل خديم امباكي المسؤولية أيضا للحكّام والمسؤولين؛ ذلك أن ضمان الاستقرار لا يمكن أن يتحقق، كما يرى المتحدث، في ظل تجاهل المطالب المشروع لشرائح كبيرة من المواطنين، واستشارتهم قبل تبنّي القوانين التي تطبق عليهم، وأخذ رأيهم في كل مجالات التنمية”.

وختم الأكاديمي السينغالي عرضه بالتأكيد على أن التراث الثقافي والديني المشترك لشعوب القارة الإفريقية يجعل من السهل التفاهم حول القضايا المصيرية، محذرا من مغبّة إهمال هذا التراث؛ ذلك أن إهماله “يؤدي إلى استيراد كل شيء من الخارج، وهذا من أسباب السخط الشعبي العام”.

‫تعليقات الزوار

10
  • حسن
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 20:58

    مصطلح علماء صعب أن يقال هكدا جزافا العلماء هم الدين اخترعوا أشياء أفادت البشرية وغيرت واقعها الى الافضل وانقدت البشرية من أمراض واوبءة

  • عبدالسلام من البيضاء.
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:02

    المسلمين للاسف الشديد لايتعايشون حتى مع بعضهم، وبالاحرى ان يتعايشوا مع الغير؟!
    انظروا للتطاحن والاقتتال والحروب الاهلية التي تعيشها الكثير من الدول الاسلامية بين الشيعة والسنة والدروز والقبطيين والمسيحيين الخ..
    نجد الصراعات في الدول الاسلامية حتى بين ابناء المحتمع الواحد والدولة الواحدة..
    للاسف الشديد مازلنا بعيدين جدا عن التسامح والتعايش المشترك ..

  • ذلك أمر الله
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:19

    * في العالم كله ، لولا التطرف ، ما كان التسامح .
    و لولا الحرب ما كان السلم .
    * إفريقيا كبقية العالم ، هناك صراعات و حروب
    دينية و عرقية و قبلية و …..
    * هؤلاء يجتمعون من أجل مآرب أخرى ، ويعقدون
    ندوات و مؤتمرات ، و كل ذلك من أجل المال و المال فقط .
    * سواء كان الإسلام أو غيره أو لم يكن ، فالتعايش و الإقتتال و التسامح
    و التطرف و…..موجود في كل مكان ، ذلك أمر الله ، لم يفلت منه أحد.

  • Vrais
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:23

    في المغرب منذ سنين او باحرى قرون من زمن المغاربة الأمازيغ كانو متعايشيين مع اليهود و المسيحيين بدون اي مشاكل
    حتى أتت الوهابية عبر التلفزة الأقمار الصناعية فهنا بدءا التضرف و التعصب و الارهاب.

    الأمازيغ في تاريخ كانو مسالمين رغم الغزات .

  • Топ
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:25

    كل هؤلاء "العلماء لا اظن انهم قرؤوا وفهموا امهات الكتب ماهو مكتوب هناك,بل اقتصروا على الاسلام الباهت والطقسي وجلسوا على مقاعد الافتاء والفهم المراد كما شاؤوا له ان يكون للجمهور …

  • مرتد وأفتخر
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:39

    التعايش فقط في الخيال أما الواقع كايدل على أن التعايش ماكاين حتى مع الطوائف من نفس الدين، فما بالك بالتعايش مع الكفار اللي أنا أصبحت منهم.
    لجس النبض عن التعايش، اكتب مقال عن المرتدين وسترى "التعايش" الخرافي الذي ليس له مثيل في التعليقات.
    كيف تتكلمون عن التعايش والنصوص مازالت تدعوا الى تنفيذ حد الردة؟!
    التعايش سوف نراه في الديسلايكات على تعليقي بحكم أنني مرتد وأفتخر، هيا أظهروا لنا تعايشكم!!

  • Топ ( ͡~ ͜ʖ ͡°)
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 21:56

    أنظروا إلى قاعة القصر الفارهة التي يجلسها العلماء والعالمات وهم متقابلين وهم يناقشون قضايا الفيزياء المعقدة التي إستعصت على العالم فكه لغزها لأن علماء المسلمين وحدهم أوحي لهم ربهم هذا العلم خاصة أن الذرة مدكورة في القرأن الكريم.
    فجميع علماء العالم بما فيهم محطة النازا ومنطقة بايكنور الروسية المتواجدة في كازاخستان لم يتوفروا على مثل هذه القاعة وتوفرت لعلمائنا لمناقشة الغزو التناسلي الإسلامي وأسلمة الأرحام العالمية هذا هو الحل الوحيد لإيصال الإسلام على كل بقاع الكرة الأرضية ليرتاح العالم ويتنفس أنفاسه الأخيرة//:
    انشروا من فضلكم وشكرا

  • MarocUni
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 22:54

    L Afrique noire est prise d assaut par les Pasteur évangéliste en costard cravate, l islam ce diminue petit à petit et avec le terrorisme ça n arrange pas les chose de plus la plus part d africain ont une mentalité liberticide contrairement à la religion islamique où tout est érigé par le coran.

  • باحث في تاريخ افريقيا وافريقية
    الأربعاء 22 يناير 2020 - 23:34

    لولا الاسلام لانتشرت المسيحية في المغرب. الامازيغ احبوا الاسلام والمسلمين والعرب و ترك لهم العرب الدين الاسلامي و اللغة العربية فأحبوها و دافعوا عنها وعن الاسلام . وحافظوا عليه. جل المغاربة اليوم اصلهم امازيغ مع انهم يتكلمون اللغة العربية ؛لأن العرب المسلمين اتوا بنسبة قليلة الى المغرب. الامازيغ يرجع اليهم الفضل في الحفاظ على اللغة العربية و الدين الاسلامي وهم محافظون ولا يتقبلون المسيحية و لا عادات الاوروبيين . الان المغرب خليط متجانس كون انسانا مغربيا مسلما امازيغيا وعربيا.

  • batman
    الخميس 23 يناير 2020 - 11:16

    pour faire comprendre a 4 et 9.c'est a cause des arab que l'islam est entre au nord d'afrique et au monde musulman.et qui dit que les arabs sont minorite est tord.les arab au nord d'afrique et au maroc sont la majorite.et les seuls au monde qui ont trouve des difficultes d'etre musulmant sont les amazighs.66ans de guerre a tunis entre les arabs et les romains +amazigh

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل