باحثون ينبشون في متغيرات المغرب بعد مرحلة "حراك 20 فبراير‬"

باحثون ينبشون في متغيرات المغرب بعد مرحلة "حراك 20 فبراير‬"
السبت 29 فبراير 2020 - 01:00

وقعت متغيرات اجتماعية وسياسية متعددة ما بين 2011 و2020 بعد اندلاع مظاهرات حركة عشرين فبراير التي خرجت إلى حيّز الوجود في سياق إقليمي مضطرب، حيث نجحت الدولة في “احتواء” هذه الحركة الاحتجاجية؛ لكن “التوتر” ظل موجودا بين الشباب والسلطة بعد انقضاء “حَراك 2011”.

ماذا تغيّر بعد حركة 20 فبراير (من 2011 إلى 2020)؟، سؤال طرحته مجموعة من الفعاليات الأكاديمية والنقابية، على هامش ندوة نظمتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالدار البيضاء، مساء الجمعة، فتعدّدت إجابات المتدخلين؛ بين طرح يرى أن مغرب ما قبل 2011 هو نفسه بعد الحراك الاحتجاجي، وتوجه ثانٍ يشير إلى حدوث متغيرات اجتماعية مختلفة.

بالنسبة إلى عبد الرحمان رشيق، الباحث في علم الاجتماع الحضري، فإن هناك “تحولا على مستوى تعامل الدولة مع الاحتجاجات، خلال الفترة الممتدة بين 2013 و2020، حيث سبق أن صرّح شكيب بنموسى، وزير الداخلية الأسبق، بأن مجموع المظاهرات بالمغرب سنة 2005 يصل إلى 700 شكل احتجاجي”.

لكن التعبيرات الاحتجاجية الجماعية، وفق الأستاذ الجامعي المتخصص في علم الاجتماع، سجلت ارتفاعا بعد سنة 2005، وزاد: “بلغت الاعتصامات والمظاهرات ما قدره 5000 عام 2008، و8000 اعتصام سنة 2010، و18 ألف اعتصام سنة 2013”.

وتابع الأكاديمي عينه بالقول إن “احتلال المجال العام بدأ ينخفض منذ عام 2013، بحيث وصل معدل الاحتجاجات إلى 11 ألفا سنة 2016 بعدما تولى حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة”، منبّها إلى “التضييق على المجتمع المدني خلال هذه الفترة نتيجة العديد من المتغيرات”.

من جهته، أورد عز الدين العلام، الباحث في التراث السياسي الإسلامي، أنه “لم يتم طرح تساؤلات بشأن ماذا تغير بعد انتفاضة 1965 أو بعد انقلابي 1971 و1972، بل نتحدث عن التغيير الذي وقع بعد عشرين فبراير”، مبرزا أن ذلك “مؤشر على أن الحدث مهم واستثنائي”.

وأوضح العلام أن “المغرب هو نفسه قبل وبعد 20 فبراير”، واستدرك: “صحيح ليس جامدا بنسبة 100 في المائة؛ لكن هناك تغيرات كمية غير محسوسة”، ماضيا في التأكيد على أنه “لا توجد طفرة في هذا الصدد، حيث يصعب الحديث عن تغير اجتماعي في المغرب”.

ولفت الأكاديمي المغربي إلى أن “ما يسْري على الجوانب المجتمعية ينطبق على الجوانب الثقافية والقيمية؛ لكن يبقى أهم تغيير يتجسد في انغراس ثقافة الاحتجاج وتبلورها بالمغرب”، مشددا على أن الجوانب المذكورة “تتحكم فيها عوامل موضوعية خاضعة لسيرورة التاريخ، بينما الجوانب السياسية تلعب فيها الإرادة البشرية دورا بارزا”.

وبشأن إقرار دستور 2011، يرى العلام “عدم مطابقة بين القاعدة القانونية والواقع المعيش، ولو كانت حاضرة لتم حل جميع المشاكل”، مضيفا أن “الدستور ظل بيْن بيْن، بحيث يقول كل شيء دون أن يحسم في أي شيء”، موردا المثال بالدعوة إلى “إنصاف المرأة لكن يتم الرجوع إلى الشريعة”.

كما تطرق المتحدث أيضا إلى “انكماش دور الفاعلين السياسيين التقليديين مقابل بروز الحركات الاجتماعية”، مشيرا إلى “صعود وانهيار الإسلاميين بعد الحراك”، ليَختم مداخلته بالإشارة إلى أن “الدولة لم تعد وحدها المطالبة بالإصلاح، وإنما يوجد فاعلون آخرون مطالبون كذلك بالإصلاح، على رأسهم الأحزاب”.

أما مصطفى اليحياوي، الأستاذ المتخصص في السوسيولوجيا السياسية، فيرى أن “الدور الريادي للشباب ما زال حاضراً في قيادة الحركات الاحتجاجية منذ سنة 2011، لا سيما داخل بؤر التوتر الترابي، ما يُؤول على أن الشباب لم يقتنع بعد بمخرجات التدبير السياسي ما بعد مرحلة 2011”.

وشدد اليحياوي على أن “الشباب يبقى أهم حامل للتغيير الاجتماعي”، لافتا الانتباه إلى استمرار “المسافة بين التصورات والمقترحة بشأن النموذج التنموي الجديد والواقع المتداول بين الشباب”، وزاد: “هناك أولويات للشباب يمكن تِبيانها ما بين 2005 و2015، على رأسها الأولوية للاندماج المهني والتأهيل المجتمعي، ثم الإحساس بفقدان الثقة وعدم الشعور بالأمان”.

وفي سرده للمؤشرات التي تطبع وضعية الشباب بعد 2011، نبّه الجامعي إلى “تحول في علاقة الشباب بمحيطه، حيث ولج للتقنيات الحديثة وانخرط في الفضاءات الاجتماعية، إلى جانب الاعتماد العالي على الأسرة، علاوة على ضعف استفادة الشباب من السياسات القطاعية، وانصراف هذه الفئة عن الأوضاع السياسية، رغم حالة عدم الرضا على الوضع الاجتماعي”.

هكذا، وفق اليحياوي، حدث تطور على مستوى الديناميات الاحتجاجية، قائلا: “ما بين 2012 و2016، ظهرت أشكال احتجاجية لحظية، بالنظر إلى أنها تدافع عن مطالب فئوية ومجالية آنية، بغية إيصال المظلومية للدولة المركزية”، مبرزا أن “الفترة الثانية، الممتدة من 2016 إلى 2019، امتازت بالتزايد الملحوظ للأشكال الاحتجاجية الاستنكارية التي تتزايد في الفضاءات الاجتماعية، ما يُنذر بمخاطر تزايد الديناميات الاحتجاجية”.

بينما سلطت ثريا لحرش، القيادية النقابية في صفوف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الضوء على واقع الوضع الاجتماعي والسياسي بعد حركة 20 فبراير، مشيرة إلى “بروز خطاب التشبيب قبل 2011 نتيجة تهميش الشباب المغربي الذي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة ولا تربطه أي علاقة بالنخبة السياسية”.

“عانى الشباب من ارتفاع البطالة، في وقت غاب التشاور السياسي مع المركزيات العمالية”، بتعبير لحرش، التي أوضحت أن “حراك 20 فبراير اندلع في سياق عربي، ليأتي دستور 2011 الذي حاول الإجابة عن انتظارات ومطالب المواطنين”، محذرة من “تنامي شعور عدم الثقة من لدن الشباب وتكريس العزوف السياسي”، داعية إلى “التأطير السياسي للشباب والاعتماد على الأحزاب الديمقراطية”.

‫تعليقات الزوار

7
  • سلام الصويري
    السبت 29 فبراير 2020 - 01:43

    المشكل في البلد هو اللوبي المتحكم الذي لا زال يستعمل طرق بائدة متحجرة ولم يريد التطور مع الوقت ويعتمد على اساليب العصر بل يتعنت في التعامل حسب المعايير القرون الماضية مما يطبعه بالجمود والتحجر والبرودة وانعدام الدينامية ليكون مقبول في الداخل والخارج ومتوافق مع اساليب العصر الحديث كل ذلك يؤثر على مستقبل البلد ويجعله يترنح بين التشبث بالرأي الواحد والوحيد وإقصاء كل طرف اخر وهذا له عواقب وخيمة على المدى المتوسط والبعيد والدليل هو وضع البلد السيء في مختلف ميادين الرقي والتقدم والأمن والأمان والعدالة الاجتماعية ووضعية المواطن التي تاتي كل مرة في أسفل المراتب بين دول العالم رغم ذلك لا يريد الطرف المتحكم التحرك وإيجاد الحلول بل يتشبث بالأساليب الباءدة

  • ريفي من ايت بوعياش المنكوبة
    السبت 29 فبراير 2020 - 03:23

    من 2011 والمغرب غادي وتيزيد اللور والفساد كثر على جهد

  • أمازيغ
    السبت 29 فبراير 2020 - 04:46

    المغاربة شعب ميت،انتهى الكلام

  • التغيير فرضه ...
    السبت 29 فبراير 2020 - 08:39

    … زلزال الربيع الديمقراطي الذي اطاح بانظمة الاستبداد العربي.
    ومن متناقضات هذا التغيير ان ديمقراطيته قذفت بالاخوان الى كرسي السلطة وهم اصحاب ايديولوجية تقليدية تستمد مرجعيتها من الماضي.
    اما الشباب المحتج فهم من ابناء الاسر المهاجرة من البوادي الذين نشأوا في الاحياء الهامشية للمدن ، ضحايا الطرد المدرسي وامتناع الادارة عن التوظيف وفرض التعريب وتلقين معارف متقادمة في التعليم ومنح شواهد مرفوضة في سوق الشغل.
    والذين فشل مجلس الشباب والمستقبل في اقتراح حلول لبطالتهم منذ 1991.

  • حدث التغيير في ...
    السبت 29 فبراير 2020 - 11:31

    … البناءات الاساسية كالموانئ والمطارت والطرق السيارة و المساكن الفخمة والشوارع الواسعة ، واستعصت عليه العقول.
    كان من المفروض ان يحدث التغيير في مناهج التعليم وذلك بترك المعارف المتقادمة وتلقين المعاصرة منها خاصة العلوم التي يختلف اثنان على صحة قواعدها والتقنيات الحديثة من البرمجة الحوسبية والانترنيت باللغة الانجليزية .
    وهكذا سيتغير الانسان المغربي المتمكن من الوسائل العقلية والفكرية التي تجعله قادرا على تغيير واقع بلاده الى ما هو احسن.
    اما الفكر الذي يرى الحلول في الرجوع الى الوراء فهو فكر عقيم مثل الفكر الاخواني والفكر التيفيناغي.

  • عمر
    السبت 29 فبراير 2020 - 13:14

    التغيير الذي حصل هو أن نسبة سكان المدن وصلت إلى 63.5 في المائة و انخفضت نسبة سكان البوادي إلى 36.5 في المائة. و هذا تحول اجتماعي ضخم. فسياسة الدولة قامت على التحكم في سكان المدن بواسطة سكان البوادي. بعد تجاوز سكان المدن سكان البوادي الدولة شرعت في تغيير بعض سياستها للتكيف مع الواقع السياسي الجديد.

  • التعليق6
    الإثنين 2 مارس 2020 - 05:25

    هذا صحيح .لكن التبدي الذي طال المدينة خلال الأربعين سنة الأخيرة وهو من نتائج طبيعة العلاقات الاجتماعية الطبقية السلبية التي تفرز كل عشرية احتجاجات عامة وشاملة لم تعط إكلا مستساغا لأن المخزن يواجه بالقمع أي بنفس وسائل الأمس القريب الذي لم يطوه التاريخ ولن يتمكن من ذلك لأن للتاريخ قوانين تقدمية تحكمه أقوى من الارتكاسات التي تصنعها الأطراف الانتهازية القابلة للتمخزن كمستفيذ والتي لن تتمكن من أبطال مفعول التاريخ الذي يأبى إلا أن يسير في الاتجاه الصحيح : اما ديموقراطية حقيقية والا بلاش. فالهجرات المتتالية يجب أن تعي وضعها الطبقي كي لا تدفع الى الديكتانورية اذا كانت مجردة من وعي صحيح طبقي وعلمي بالوجود الاجتماعي والتاريخي للبلد والشعب.انذاك يمكنها أن تكون قيمة تاريخية وسياسية مظافة إيجابية. وإلا ستكون ضحية المرحلة دون شك.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز