هل تربح الحكومة المغربية رهان التواصل خلال تدبير أزمة "كورونا"؟

هل تربح الحكومة المغربية رهان التواصل خلال تدبير أزمة "كورونا"؟
الجمعة 24 أبريل 2020 - 03:00

شكل التعديل الوزاري الأخير الذي أجراه الملك محمد السادس حدثا لافتا خلال الفترة العصيبة التي يجتازها المغرب جراء جائحة كورونا. ولعل الجميع اعتقد أن هذا التعديل، بالإضافة إلى معطيات سابقة، إشارة مباشرة عن عدم رضا الجهات العليا عن الأداء الحكومي فيما يتعلق بنجاعة آليات التواصل داخليا وخارجيا. فقد عملت الهندسة الجديدة للتعديل الحكومي على إعادة النظر في آليتين محوريتين لضمان فعالية التواصل: مؤسسة الإعلام ومؤسسة الناطق الرسمي باسم الحكومة.

اليوم، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على هذا التعديل، يبدو أن الأمور لم تراوح مكانها؛ فلا الوزير الجديد خرج إلى العلن ليبصم على حضوره في زمن الأزمة، ولا الناطق الرسمي للحكومة أخذ بزمام الأمور كما كان منتظرا، وظلت بالتالي آليات التواصل التي اعتمدتها الحكومة منذ البداية على نفس المنوال، وبنفس النمط والوتيرة في تقديم المعلومة بشكل آلي وروتيني.

صحيح أن الرهان الأكبر كان منصبا في بداية الأزمة على معالجة الانعكاسات المباشرة والخطيرة للجائحة، خاصة على المستويين الصحي والاقتصادي وحتى الأمني؛ لكن رهان التواصل وضبط المعلومة وتحليلها وفق منظومة متكاملة بين المستويات سالفة الذكر أصبح عنصرا مهما وإستراتيجيا داخل هذه المنظومة، خاصة أن الحكومة الحالية أريد لها منذ البداية أن تكون “حكومة كفاءات”.

فالجلسات الشهرية لرئيس الحكومة، واللقاءات اليومية جد المقتضبة لوزارة الصحة، بالإضافة لبعض التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تعد تفي بالغرض في ظل التحولات المتسارعة التي تفرضها جائحة الفيروس التاجي. المطلوب اليوم، وبصورة مستعجلة، وضع سياسة تواصلية مندمجة، استباقية ومستدامة. المطلوب التفاعل الحقيقي مع تساؤلات واستفسارات المواطن قصد التخفيف من حدة الهواجس التي يعيشها…

هناك ثلاثة مؤشرات رئيسية يمكنها أن تعطي تقييما أوليا لفعالية الأداء الحكومي في مجال التواصل، وتبرز تخلف هذا العنصر عن العناصر الأخرى داخل المنظومة القوية التي وضعتها المملكة لمجابهة الجائحة. المؤشر الأول هو استفحال الشائعات والأخبار المزيفة داخل المجتمع المغربي، وانتشارها كالنار في الهشيم، مما أربك مخططات الحكومة لمواجهة الأزمة، ولعل الأرقام الصادرة عن النيابة العامة في شأن عدد المتابعات القضائية يؤكد حدة وخطورة هذه الظاهرة السلبية.

المؤشر الثاني يرتبط ارتباطا وثيقا بالمؤشر الأول؛ فمكونات الحكومة، وبشكل أحادي، أصبحت تعتمد مقاربة دفاعية في التواصل. وعوض أن تعتمد مقاربة هادئة واستباقية، بدت وكأنها تقوم بدور رجل الإطفاء، مما يشكل عبئا إضافيا في تنزيل مخططاتها بشكل سلس يضمن تحقيق الأهداف المسطرة.

ثالث المؤشرات يتمثل في غياب كلي لبعض الوزراء الذين ربما شكل ظهورهم اليوم، بالنظر إلى أهمية القطاعات التي يمثلونها، قيمة مضافة لنجاعة السياسة التواصلية للحكومة.

من خلال جرد سريع لهذه المؤشرات، يبدو أن الرفع من الأداء الحكومي في مجال التواصل من شأنه تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية بشكل آني ومباشر:

الهدف الأول هو مواكبة الإجراءات المتسارعة والمتتالية التي تتخذها الدولة لمجابهة الأزمة، والعمل على تنزيلها بشكل جيد، خاصة أن جل هذه الإجراءات تتطلب فهما واضحا وانخراطا مباشرا للمواطنين من أجل إنجاحها.

الهدف الثاني يتمثل في التخفيف من حدة الضغط النفسي الذي يعيشه المواطن المغربي على غرار جل سكان الكرة الأرضية، وهنا يجب أن يكون التواصل منسجما قدر الإمكان مع دواعي الضغوط النفسية للمواطنين، والذي يتطلب إشراكا واسعا لكافة القطاعات الحكومية، وهي التي كان الغياب شبه الكلي لبعض وزرائها لافتا وغير مبرر.

ونعتقد أن الهدف الثالث يبقى بطبيعة الحال محوريا، رغم صلته غير المباشرة بتدبير الأزمة، ويتعلق بضرورة تثمين والتعريف بما قامت به الدولة المغربية من تضحيات كبيرة وحس كبير بالمسؤولية وكذا حرفية كبيرة لرجال الدولة وصناع القرار، في سبيل تجنيب البلاد سيناريوهات كارثية، مما سيساهم بدوره في بناء الثقة بين الدولة والمواطن وجميع مكونات الأمة.

وإذا كان التواصل الداخلي بهده الأهمية القصوى، فإن التواصل مع العالم الخارجي لا يقل أهمية وحساسية، فإذا كانت بعض المؤشرات الصادرة عن المؤسسات الدولية قد بوأت المغرب مراتب متقدمة في حسن تدبير الجائحة، من خلال تبني وتفعيل قرارات استباقية حاسمة، فإن جهات أخرى مغرضة قد حاولت تبخيس جهود المملكة في هذا السياق.

المطلوب، إذن، التواصل الدائم مع الخارج لتثمين الجهود المبذولة، والتعريف بالصورة الحقيقية لنظام الحكم الذي جعل المواطن المغربي فوق كل الاعتبارات الأخرى، وهي قيمة مضافة سيسجلها التاريخ الحديث للمملكة المغربية.

بالإضافة إلى هذه الأهداف الآنية، أكيد أننا سنجني ثمار فعالية التواصل الخارجي بعد انكشاف هذه الغمة؛ فبفضل هذه الصورة الإيجابية والحضارية التي سنقدمها للعالم، سنتمكن حتما من مسايرة التحولات الجذرية والكبيرة التي سيشهدها العالم مستقبلا، خاصة على المستوى الاقتصادي، وضمان موقع مهم ومؤثر في الخريطة الجديدة والمستقبلية لمناطق الاستقطاب الكبرى في مجال الاستثمارات الدولية.

*أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض مراكش

‫تعليقات الزوار

18
  • Sabrina
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 03:38

    افاطار هاد التواصل اعلاش عمر السيد الناطق باسم مركز الاوباة مقال افشي تصريح باللي الناس اللي كيشربو الليمون يوميا مكايتصابوش بالكورونا باش ايشجع صادرات المغرب اولا الدلاح دبا حتا هوا عامر فيتامين س .راه امنين كيجي ايقول عدد الاصابات والوفيات العالم كلو كيسمعليه.اوهادي هيا الفرصة باش يشهر لبلاد.واليوم قال اثرامب باللي الشمس كتقتل فيروس كورونا واحنا عندنا اتبارك الله المغرب كلو شمس.راه هاد الأزمة غادي اتدوز وليني راه خاصنا انربحو فيها وخا غير اعلاميا.لان الى اربحنا اعلاميا واشهرنا خيرات ابلادنا غادي انخلفو كلشي.

  • ملاحظ
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 03:53

    انا ارى العكس و ان الحكومة بالفعل تمارس تواصلا فعالا و ايجابيا. شكرا هسبريس

  • الجمعة 24 أبريل 2020 - 04:18

    الحكومة خصها تسرع من الوتيرة نتاع المساعدات المالية المقدمة للمواطنين وتشوف حل للناس لي مزال متوصلات بوالو راهم الناس بدأ صبرهم يتسالا .

  • أستاذة من وجدة
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 04:18

    رجل الأزمة بكل امتياز هو الدكتور محمد اليوبي مدير مديرية الأوبئه.
    رصين.لغة سليمة. تحليل ودقة

  • متابع
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 04:34

    تبقى جريدة هسبريس هي الوسيلة الوحيدة للتواصل شكرا لكم

  • مغترب1
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 04:43

    السؤال هو هل فعلا الحكومة هي من يدير ازمة كورونا بالنظر إلى القرارات التي تتخد ويطلب من المواطن تنفيذها مباشرة رغم استحالة ذلك كالكمامات مثالا. احمد الله اني لم اساهم في صندوق تدبير كورونا وفضلت اعطاءها مباشرة لمن يحتاجها.

  • marocain
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 05:25

    بخسارتها لملف تدبير المغاربة العالقين لا أظن أن هذه الحكومة أي رهان، إهمال شريحة مهمة من المغاربة وأسرهم تمر بضروف نفسية أعقد بكثير بسبب سوء التدبير للأسف

  • اي تواصل
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 06:17

    للاسف الخاسر الاكبر في رايي هو الحكومة الحالية في شبه انعدام التواصل مع المواطنين اصبحنا نظن أن محمد اليوبي هو الناطق الرسمي الحكومة وترامب هو رءيس الحكومة نلاحض أن ترمب يقوم بمؤتمر كل يوم مع خبراء ووزراء قصد طمانة شعبه ونحن فقط تاتيتا تعليمات اذاعية واشهارية من حكومة شبح اليوم الذي نحن في اكبر حاجة الي رجال وكاريزمات سياسية واجتماعيا حقيقية للاسف نحمد الله على وجود ملكنا الهمام الوحيد الذي نحس معه بالامان فمجرد وجوده يغنينا عن الكل ونعلم اننا داءما في مامن اتمنى ان تاتي في المستقبل حكومة فيها رجال اكثر جراة وكاريزما يحتاجها للمواطنين وتحية شكر وامتنان لكال الاطقم الطبية ببلادنا ورجال الأمن الوطني الساهرين على سلامتها ولا ننسى كل مغربي استدعته الضرورة لخدمة هذا البلد العزيز

  • Hamid
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 06:22

    La propagande ne fait pas la communication.la communication effective est liée directement aux faits

  • رغم القرارات ...
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 06:32

    … الاستباقية والجهود المبذولة ، هناك تقصير فظيع غير مبرر في التكفل بالمغاربة العالقين في الخارج لنقلهم الى الوطن. وكذلك العالقين في الداخل الذين منعوا من التنقل بين جهات المملكة.
    فرغم ان النواب في البرلمان طرحوا المسألة على الحكومة فان التبريرات غير مقنعة خاصة اذا اعتبرنا ما قامت به دول اخرى من نقل مواطنيها العالقين الى أوطانهم.

  • mohasimo
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 08:00

    راه بلا مبالغة وكثرة الهضرة والمسؤولون الذين يتهربون من استفسارات المواطنين بصفة مباشرة مع الصحافة, بغينا تديروا لينا مثل فريق عمل ترامب ومباشرة عبر شاشات التلفزة ومع الصحافة وهته الهضرة غادي نبقى ديما نعاودها.

  • مواطن غيور1/ الكريدي
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 08:21

    السلام عليكم و رمضان مبارك
    للدين يبحثون عن الناطق الرسمي وزير المالية و الإقتصاد، ابحثوا عنه لدى صندوق النقد الدولي و البنك العالمي.
    السيد خدام كيجمع كريدي بكريدي باش حنى نعيشو بالكريدي و أولادنا يخلصوه . كيجاكوم؟
    كولو الله يحسن العوان. آمين

  • Driss
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 09:10

    لماذا لا تبدا الحكومة التخفيف من الحجر الصحي في المدن التي تنعدم فيها المرضى بالتدريج. السماح للحرفين و التجار بفتح محالتهم . الوباء انتشر من خلال السفر بين المدن . لماذا لا تسمح للناس بالتنقل بين المدن بعد ان يجري التحاليل المخبرية على حساب المتنقل في ذهابه و عودته

  • متتبع
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 09:23

    شكرا للأستاذ الفاضل الذي تطرق إلى هذا الموضوع.
    بالفعل اعتقد ان الحكومة قد فشلت في التواصل مع المواطن. تشخيص عميق الموضوع، اتمنى ان تتحرك الحكومة سريعا لتجاوز الأزمة.

  • حاتم
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 09:58

    أكيد إنشاء الله سوف ننتصر بشرط تكاتف الجهود وتحميل المسؤولية من كلا الجانبين شعبا وحكومة…يا ربي تفرج علينا وجميع المسلمين يا رحمان يا رحيم..

  • ملالي
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 11:53

    صراحة وبكل تجرد يمكن القول على ان الدولة والمسؤولون عن تسيير شؤونها قاموا باللازم قدر استطاعتهم في جميع الجوانب لكن بعض المواطنين هداهم الله تراخوا في الاتزام بالتوجيهات الصادرة عن الجها ت المعنية (الله يهديهم) يبقى كذلك التوجه بالدعاء لله حتى يرفع عنا هذا الوباء انشاء الله في القريب العاجل.

  • لوسيور
    السبت 25 أبريل 2020 - 02:00

    بفضل القيادة الرشيدة لملكنا الحبوب اكيد سنتغلب على الازمات.ما يعجبني ويثلج صدري ان ملكنا المفدى يراقب كل صغيرة وكبيرة وبفضل توجيهاته السديدة سنتجاوز المحن .لنا الثقة التامة فيه هو سندنا بعد الله.اطال الله عمره ويدد خطاه

  • محمد بنحده
    السبت 25 أبريل 2020 - 21:35

    تحية صادقة للسيد وزير الصحة والسيد اليوبي على التواصل الناجح والشافي والمواكب لتطورات الاحداث في مواجه هذا الوباء بالوضح والدقة والإحصائيات اللازمين وتحية للأطباء. و الطبيبات والممرضين والممرضات الذين كانوا عند الموعد قلوبنا معكم جميعا وفقكم الله واعانكم حمله تواصليه كافية شافية نتمنى للمرضى المزيد من الشفاء على ايديكم

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين