"كأنك تراه".. "الوهّاب" يشمل الكائنات بالكرم والإحسان بلا حساب

"كأنك تراه".. "الوهّاب" يشمل الكائنات بالكرم والإحسان بلا حساب
الأربعاء 13 ماي 2020 - 04:00

قال عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن من أسماء الله الحسنى اسم الله “الوهاب”، موضحًا أن هذا من الأسماء التي تدل على محبة الله لك، ومعناه: يعطي بلا مقابل، ويهدي من يحب بلا عوض، شمل الكائنات بأسرها ببره وهباته وكرمه، فهو مولى الجميل ودائم الإحسان وواسع المواهب، لا يستغني مخلوق عن إحسانه وبره طرفة عين.

ما معنى الهبة؟

في الحلقة التاسعة عشرة من برنامجه الرمضاني “كأنك تراه”، عرّف خالد الهبة في الفقه والشريعة والقانون بأنها “عطاء بلا مقابل، وتمليك الشيء بلا ثمن، بلا عوض، بلا مقابل، بلا تعويض، فتؤجر عليه”، وذكر أن “الوهاب هو الذي يهدي عباده الهدايا الغالية النادرة بلا مقابل ينتظره، بلا شرط يطلبه، بلا عوض له، بلا شيء قدموه من قبل سوى صفاتهم الجميلة”، موضحًا أن “الهدية هبة من الوهاب وهو يهديك حبًا وودًا”.

ما الفرق بين الواهب والوهاب وإنك أنت الوهاب؟

بين خالد الفروق قائلاً: “الواهب: يعطى هدية واحدة.. الوهاب: يعطى هدايا غالية متعددة الأشكال والأنواع.. إنك أنت الوهاب: إذا كانت الهدايا عظيمة لا تُقدر ولا أحد غير الله يستطيع أن يعطيها.. “..إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ..”(صّ: من الآية35)، وأكد أنه “لا يمكن لأحد من البشر أن يكون وهابًا، لكن يمكن أن يكون واهبًا، فالهبة تعطى مرة واحدة أو مرتين، لكن بتعدد أشكال وأنواع الهدايا يكون وهابًا”، وزاد: “لا أحد من البشر يستطيع أن يكون وهابًا، بل إنه في الحقيقة لا أحد يملك شيئًا، فهو سبحانه مالك كل شيء”.

وأشار خالد في ذلك إلى قوله تعالى: “آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ..” (الحديد: من الآية7)، مشددًا على أنه لا يوجد وهاب غير الله، وكل هذا من توفيق الوهاب.

وضرب خالد مثلاً عن الفارق بين عطايا الله لخلقه وبين عطايا البشر بعضهم لبعض، قائلاً: “يقدم الناس الهدايا في المناسبات منتظرين كيفية الرد على هداياهم، أما الله تبارك وتعالى الغني فإنه يعطي لأنه يحبك (الوهاب الذي يهب عباده ويعطيهم بلا مقابل حبًا وودًا)”.

واستدل الداعية على عطاء الله لعباده الذي لا ينفد بقوله: “أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ”(صّ:9). ويقول تبارك وتعالى في الحديث القدسي: “يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد – قلب محمد صلى الله عليه وسلم- ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئًا”.

ما الفرق بين الوهاب والرزاق؟

بين خالد أن “الرزاق ما جرى عليك من رزق يترتب على سعي..”..فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ..” (الملك: من الآية15)، أما الوهاب.. فبلا سعي، أي لم تفعل شيئًا كي تستحقه (اصطفاء) “وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار..”(القصص: من الآية68)”، وقال: “الرزاق.. السعي قبل الرزق، أما الوهاب.. السعي بعد الرزق. الرزاق.. أنت تعتاد على الرزق من شمس وقمر وماء وهواء ونور ومرتب شهري ومصروفات أولادك، أما الوهاب..أنت في انتظار مفاجأة جميلة (الهدية)”.

ومضى المتحدث موضحًا الفارق بين المعنيين، قائلاً: “الرزاق.. أنت تعتاد على الرزق فتنسى الرزاق، لأن طبيعة النفس البشرية تعتاد على الأرزاق فلا تشكر عليها، أما الوهاب، لأن الله يريد أن يحببك ويقربك فيريك، وهذا نوع آخر من الرزق على شكل هدية ليظل الحب دائمًا في القلب”.

وذكر خالد العديد من أمثلة الهدايا في حياتنا، “مثل عمرة لم تكن ترتب لها..حجة كنت تتوق لها وظننت أنها لن تأتي أبدًا، ويسر الله لك أداءها.. كما أن الأولاد هبة، دائمًا كلمة الأولاد مرتبطة بالهبة”.. وَهَبْنَا..”(مريم: من الآية49)… زوجتك هبة..صليت وفجأة أثناء صلاتك قذف في قلبك الخشوع وبكيت ودعيت وتأثرت.. هذه هبة منه.. كنت تحتاج إلى مبلغ من المال، وكان من الصعب الحصول عليه من الرزق العادي، وفجأة وبدون مقدمات وجدته لديك..هذه أيضًا هبة من الخالق”.

ما هي الموهبة؟

أوضح خالد أن “هناك من يرسم، من يكتب الشعر، من هو متميز في الحسابات، من يتقن الكلام، من وهب له ابتسامة يجذب بها القلوب”، مردفا: “هذه هبة، وسميت موهبة لأنها مستخرجة من كلمة هبة، لأنها تُولد معك وتموت بها، فكل الهبات الأخرى لم تسم موهبة لأنها تذهب وتأتي، لكن الموهبة مخلوقة في الجينات”.

ما الغرض من الهدايا في الدنيا؟

أجاب خالد: “(يحبك) بغرض الحب، لأن صفاتك جميلة تستحق أن أقترب منك. أولا (يقربك) لأنك بعيد، وأنا أحبك وأحتاج أن تقترب مني ولذا أشد انتباهك بالهدية”، وأكد أن “ليلة القدر هبة مخصوصة من الله، فهي خير من ألف شهر.. وأسوأ شيء أن يهديك الله من الهدايا الكثيرة، وأنت لا تلتفت إلى هداياه وعطاياه، لا تشكره على ذلك، وهذا من نكران الجميل، وهي أسوأ صفة”.

وختم المتحدث قائلاً: “الإنسان من جسد وروح.. الجسد يحيط بالروح.. الروح داخل الجسد.. الجسد جسم كثيف غليظ والروح شفافة رقيقة.. لكنها محبوسة داخل الجسد.. كل ما ترتقي بالذكر والتأمل.. يخف إمساك الجسد للروح، فترتقي فيكشف لها أكثر.. والذكر سيصل بك إلى الإحسان.. فتعبد الله كأنك تراه”.

‫تعليقات الزوار

5
  • شاكر
    الأربعاء 13 ماي 2020 - 04:22

    فعلا الحمد لله الوهاب.وان تقرأ هذا المقال فتفهم معنى الوهاب فهي هبة تستوجب شكر الله وحمده

  • إسم الله
    الأربعاء 13 ماي 2020 - 04:24

    * إسم الله أعم و أشمل ، و هو كل شيء .
    * لكن لما نسمي الله بإحدى صفاته ـ التي تسمى أسماء الله الحسنى ـ
    فإنما نحجب عنه الصفات الأخرى ، فمثلاً : عندما نسمي الله تعالى
    بِاٌلْمُعزِّ ، قد نبتعد عن صفات أخرى من صفاته كالمُذِلِّ أو الرزاق أو…
    * و إن كانت بعض الصفات تبدو متنافرة أو متضادة ، فهي جانب
    من جوانب صفاته المتعددة ، لأنه هو كل شيء .
    * بينما أي كائن أو مخلوق لا يمكنه أن يجمع بين الشيء و نقيضه .
    إلا الخالق سبحانه و تعالى .
    * إنما نحن البشر، ندعو الله حسب الظرف الذي نعيشه ، فمثلاً :
    عندما نلتمس منه المغفرة ، فنقول يا غفار و لا نقول يا مُنْتَقِم ُأو
    يا ضَارُّ أو يا قَهَّارُ أو ….، بينما كلها من صفات الله الذي هو كل شيء .
    * نعم نجد في القرآن :" أسماء الله الحسنى " ، و لكن على علماء اللغة
    و الدين أن يوضحوا ذلك ، فهل الصفة يمكنها تعويض الإسم ؟
    وهل صفة واحدة يمكنها تعويض الصفات ، بالرغم من كونها
    متنافرة ، لأنه هو كل شيء ؟
    * قد يكون مخلوق إسمه فتاح ، فهل يجوز لنا أن نسميه كذلك أو
    نضيف إليه صفات أخرى ؟

  • visiteur
    الأربعاء 13 ماي 2020 - 05:05

    * يا دكتور ، كيف تميز و تفرق بين الوهاب و الرزاق و هما
    صفتين من صفات الله ؟ فهو سبحانه كل شيء ، فهو في نفس الوقت :
    المعز و المذل والرزاق و الوهاب .
    * نحن المخلوقات ، قد نميز بين صفتين متناقضتين فيما بيننا . فعندما
    نهب مخلوقاً صفةً ما ، نزيل عنه الأخرى .
    * إن عليك يا دكتور ، التمييز بين الخالق و المخلوق . أقول ذلك لأنك
    تقول الوهاب ليس هو الرزاق بينما تتكلم عن الله .
    * والله تمة مشكلة ، لأن صفة واحدة لله ممكن جداً أن تحجب صفات أخرى .
    فكلمة الله أعم وأشمل . و كل صفة من صفاته تبين لنا جانباً من جوانب
    صفاته المتعددة ، و لا أرى فيها سوى ما أريد ، و هذا خطأ و إن كان
    عن غير قصد .
    * فهو يتكلم عن الله وعن أسمائه الحسنى المتعددة ، و يميز فيما بينها .
    أهذا ليس ضرب من الحمق ؟

  • مغربي
    الأربعاء 13 ماي 2020 - 11:05

    مثل هاته البرامج نحلم ان نراها في وقت الإفطار عل شاشات القنوات المغربية

    و لكن يا آسفاه …..

  • أتذكر
    الأربعاء 13 ماي 2020 - 17:00

    * أتذكر الجابري رحمه الله ، يقول :" كان المعلم ، يتلقى تحضيرات الدروس
    من الوزارة الوصية ، و يبقى دور المعلم هو الإلقاء ، و ذات مرة ، توصل المعلم
    بتحضير لموضوع إنشائي عن القلم ، موضحاً العناصر: طوله ، لونه ، حجمه ،….."
    "و كان المعلم من حيث لا يدري ، في كل حصة يتطرق إلى عنصر واحد "
    * و يعلم الله كم أسبوعاً كان يستغرقه الموضوع الإنشائي ، كأننا نريد تخرج
    أطر مختصة في القلم .
    * و ما أشبه هذا بحلقات الدكتور، فهو يتحدث عن الله ، فلا يمكن فصل صفة عن
    أخرى ، لأنه سبحانه هو كل شيء ، لذا لكي لا نغالط الناس ، يجب أن نتحدث
    عنها دفعة واحدة ، و يجب أن تكون الحلقات متصلة لا منفصله .
    * أستسمح ، إننا لا نرى الريح ، و لكننا نشعر بقوته و أثره و مخلفاته ، وهذا
    لا نتلمسه في القاموس اللغوي أو الكتب .
    * إننا نشعر بالله حقاً ليس في أسمائه الحسنى ، وإنما في لحظات الشدة و الضيق ،
    و في تأمل سر و عظمة خلقه ، و نعمه ، و هذا الكون المترامي الأطراف ،
    إن نستحضر الله في تجلياته ، في كل مخلوقاته . أما تفسير الكلمات ، لن يوصلنا
    إلى عنوان السلسلة .

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 3

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال