إصدار جديد يعرّف بـ"القيادة التربوية" في المغرب

إصدار جديد يعرّف بـ"القيادة التربوية" في المغرب
الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 07:13

على أمل الإسهام في تكوين أطر الإدارة التربوية، وفتح الباب للأعمال التي “تدعم جهود بناء قيادات تربوية مؤهلة، وقوية”، يصدر كتاب جديد للأكاديميّ المغربيّ امحمد جبرون، يعرِّف بالقيادة التربوية، ومتطلّباتها، والتراكمات التي حقّقها البحث فيها.

وصدر هذا المنشور الجديد عن دار سليكي أخوين، بعنوان “قيادة التغيير – من الإدارة التربوية إلى القيادة التربوية”.

ويسجّل جبرون أنّ مفهوم “القيادة التربوية” من المفاهيم الجديدة في الحقل التربوي المغربي، ويضيف أنّ لهذا المفهوم “أكثر من دلالة على مستوى وعي المُشَرّع المغربي بأهمية إحداث نقلة نوعية مِن نمط تدبيري مُعَيَّن عَمّر لسنوات وعقود طويلة، وارتبط أساسا بالنموذج الفرنسي، نحو نمط جديد أثبت فعاليته في التسيير التربوي، وارتبط بالنموذج الأنكلوسكسوني”.

ويرى الكتاب أنّ هذا التّحوّل على مستوى وعي القيادة التربوية بالمغرب “لا تواكبه من الناحية البحثية والتكوينية جهود ذات قيمة كبيرة”، ويزيد: “البحث في الإدارة التربوية باعتبارها قيادة مازال ضعيفا ومحدودا”.

ويسعى هذا العمل، وَفق مقدّمته، إلى “فتح نافذة نطلُّ من خلالها على حجم الأدبيات التربوية والعلمية التي أُنتجت في سياقات بعيدة عن بلادنا، والتي تدل من جهة على حجم التطور التربوي الذي حققته الكثير من البلدان”، كما يروم “تعزيز الجهود السياسية والتشريعية والإدارية الرامية إلى إخراج الإدارة التربوية من الجمود الذي عاشته وتعيشه”، خاصّة أنّها صارت تعيش نوعا “مِن التّدبيرانيّة القاتلة للإبداع والابتكار، والمناقضة عمليا لغايات التعلم التي لأجلها توجد المدرسة”.

ويحدّد هذا العمل مجموعة من المفاهيم، هي: القيادة، والتدبير، والتغيير. ويعدّد نظريات القيادة، ويميّز “القيادة التربوية” بين الجماعية والفردية، ويتحدّث عن قيادة التغيير، متوقّفا عند سيرورات هذا التغيير، وطرق التّعامل مع أشكال مقاومته، ومنهج “بناء إستراتيجية التغيير”.

ويعرّف امحمد جبرون قيادة التغيير في المجال التربوي بكونها تعني “الانتقال من نموذج الإدارة التربوية المرتكزة على مفهوم التدبير إلى نموذج القيادة المرتكزة على المشروع”، ويسجّل أنّها مِن “الكفايات الإستراتيجية للإداريين أو المسؤولين التربويين في المدرسة المغربية في الوقت الراهن”، نظرا لأنّ “المهام والمسؤوليات التي يتحملها «رجال الإدارة» في سياق إنجاح مشروع المدرسة المغربية كبيرة وكبيرة جدا، وتتطلب كفاءات نوعية ومعقدة”.

ويعمل هذا المنشور الجديد على بناء هذه الكفايات وتطويرها، قصدَ “إثارة نساء ورجال التعليم المقبلين على ممارسة مهام القيادة التربوية أو الذين يمارسونها”، ودعمهم “في سعيهم إلى التحقق من كفايات القيادة الفاعلة والناجحة”.

ومن بين ما نجده في هذا المنشور الجديد تأكيدٌ على أنّ النموذج الأمثل لممارسة القيادة في المجال التربوي هو “القيادة الجماعية” التي “يتعبّأ في إطارها كافة الفاعلين التربويين بالمؤسسة، وفي طليعتهم المدرسون، وتستعين بمجالس متعددة وموسعة لتحقيق غاياتها الأساسية، وعلى رأسها تحسين ظروف التعلّم، والرفع من جودته”. دون أن يعني تبني هذا المفهوم على صعيد المدرسة حجب “أهمية ودور القائد (المدير) الفرد في إطار هذه القيادة”، بوصفه الشّخص “الذي يتحمل مسؤولية تفعيل عمل الفريق الجماعي، والرفع من مردوديته التدبيرية”، مستشهدا، في هذا السياق، بنماذج بحثيّة، حول الشروط الرئيسية لهذا القائد – المدير.

كما ينبّه الكتاب إلى أنّ قيادة التغيير في المؤسسة التربوية ليست مهمة سهلة، بل تحتاج مجموعة من المؤهلات، والتّدخّلات، والسياسات التي تُعتَبر شرطا لبلوغ التغيير مداه، وتحقيق النتائج المرجوة منه، ومن بينها “التصرف بما يناسب كل مقام من مقامات التغيير”، فتعمل القيادة في مرحلة التفكيك، على سبيل المثال لا الحصر، على “تسليط الضوء على مساوئ وتخلُّف الوضع السائد، والمساهمة، بالتالي، في تعزيز الحاجة إلى التغيير لدى الجمهور”، مع “التعامل مع ردود فعل الجمهور على مشروع التغيير بعقلانية، وتفهم الرفض المبدئي والأولي الذي يسم البعض، وتفهم تخوفات الناس…”.

كما يذكر الكتاب أنّ من الشروط الأساسية لنجاح قيادة التغيير في مهامها القدرةُ على “التعامل مع الأشكال المختلفة لمقاومة التغيير”، لأنّ “كل شكل من هذه الأشكال يقتضي نوعا من السلوك، وسياسة خاصة”، فلا يمكن، على سبيل المثال، التعامل مع “المقاومة الناتجة عن ضعف الثقة في القيادة أو مشروعها” بنفس الطريقة التي تعالج بها “المقاومة الناتجة عن الخوف من فقدان امتيازات مادية أو معنوية”، ما يتطلّب حرصا شديدا من القيادة على “تحليل أشكال المقاومة التي يعاني منها مشروعها، ومعالجتها”.

ويؤكّد الكتاب، أيضا، على ضرورة بناء القيادة التربوية “إستراتيجية للتّغيير”، لأنّها، بوصفها “قيادة تغيير”، لا يمكنها النّجاح، أو الرفع من الأداء التعلّمي للمؤسسة، دون “إستراتيجية محكمة، وقابلة للتحقق والتنفيذ”، وهو ما يقدّم نموذجا له، ولشروط بنائه، وتنزيله، وتقييمه، للنّجاح فيه.

‫تعليقات الزوار

5
  • نورالدين المعتدل
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 07:39

    ونعم العمل ،مما لا شك فيه ولو أنني لم اتصفح وليس لدي اطلاع على هذا العمل الجليل إلا أنه من خلال العنوان (من الإدارة التربوية إلى القيادة التربوية) أنه يتضمن باختصار شديد منهجية فعالة وناجعة إلى كل من يسهر على القيادة التربوية محليا ،اقليميا،ومركزيا.الا أنه أصبح من الملزوم وواجب وحقيقة حتمية تفعيل القانون والضرب على كل من سولت له نفسه التغريد خارج المنظومة والقانون الجاري به العمل ،لأن المسألة تتطلب الزجر وليس الإرشاد والتوجيه لتلك القيادات التي لا ضمير لها ولا حس وطني. ومن هاذا المنبر الهسبريسي العزيز لا يسعني إلا أن اقف اجلالا وتقديرا لهذا العمل وما أحوجنا إليه في الظرفية الانية.

  • medmoubechir
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 12:56

    لقد لفت هذا العمل الانتباه إلى ضرورة التخلي عن النمط التربوي الفرنسي الذي أكد ولا زال فشله في التعليم كمنظومة وضرورة تعويضه بالمنظومة الانكلوساكسونية. فمتا سيتم ذلك؟؟؟

  • الإدارة و الإرادة
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 17:00

    لا يكفي اجتراح المصطلحات و ابتداع المنهجيات .. التدبير الحقيقي يختزل في العمليات ذات الأثر في الواقع، و التي ترتد في صورة تغذية راجعة إيجابية على القيم و السلوكات و الدرايات بالنسبة للمعلمين و المتعلمين سواء بسواء . أما التضخم البيداغوجي و التحامل الميتودولوجي .. و التحليق عاليا في أفضية الوهم و التخييل .. و النسج على أنولة الآخرين تعريبا و ترجمة و نسخا … فمن أكثر العلل التي أصابت منظومتنا .. حتى أصبحت كالقبرة التي قلدت الحمامة . فلا هي مشت كسابق عهدها، و لا هي سعت كالحمام . نحتاج لإرادة حقيقية ، و لعلها سياسية في المبتدأ و المنتهى، أما فتح باب الاختبار لولوج مركز " تكويني" و التخرج متصرفا .. لإعادة إنتاج السلوكات نفسها تجاه الفرقاء و المرتفقين .. فلا تغيير سيتحقق، و لا قيادة ستوفق.. تحياتي لجنود الخفاء الذين أثقلوا بالمهمات الجسيمة حتى أخذوا يفرون من ساحة الشرف / الفصل للمكاتب الاقل إقلاقا .

  • متابع
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 17:28

    اي قيادة في ظل الجمود الذي تعرفه القوانين والتشريعات المؤطرة للحياة المدرسية وغياب وسائل التحفيز ومبادئ الحكامة الجيدة والاستقلالية في التدبير الإداري والمالي ؟ أليس واقع الإدارة التربوية هو نفسه واقع كل الادارات العمومية الاخرى ؟ وهل واقعنا السياسي الحالي يسمح بهذا التحول في وقتنا الراهن ؟ تساؤلات ارجو ان يجيب عنها المؤلف. !

  • إياد عبد الحق
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 18:55

    تقديم كتاب امحمد جبرون رائع جداً، ويتناول القيادة التربوية التي نحن بأمس الحاجة إليها من أكثر من جانب، و أعتقد بأنه سيكون مرجع هام وأساسي (إن لم يكن الوحيد) لكل من يريد التغيير في العملية التربوية نحو الأفضل، ويكفي فيه الإعتراف بنقط ضعف الطريقة الفرنسية التقليدية والبحث بالنقاط الإيجابية بالطريقة الانكلوساكسونية.

    الرجاء الإشارة لنا عن كيفية شراء الكتاب للمهتمين به، و أتمنى لك التوفيق الكبير بهذا المجهود الرائع.

    إياد عبد الحق /سوري من الإمارات

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات