"الربيع العربي" يقلبُ معادلة الحقوق الثقافية بصيغة للإنصاف

"الربيع العربي" يقلبُ معادلة الحقوق الثقافية بصيغة للإنصاف
السبت 7 يوليوز 2012 - 04:20

في خضم المجريات التي أفرزها ‘الربيع العربي’ منذ اندلاعه بتونس في شهر دجنبر من عام 2010، انبرى كثيرون للحديث بنوع من التوجس عن مغبة استحالة “الربيع الديمقراطي” إلى خريف تشرذمٍ تتساقط معه أوراق وحدة أينعت في كنف الأنظمة الاستبدادية، وذبلت في غضون عودة مجموعة من المطالب الفئوية الضيقة إلى الواجهة، لترسم واقعاً يمكن القول إنه يسجد بجلاء حساسيات كانت موجودة بالفعل وما طفوها اليوم على السطح سوى تحصيل حاصل، بما يفرض معالجتها بحكمة وتروّ كبيرين يجنبان بلدان المنطقة مغبة الانزلاق إلى حالة من الفوضى قد تستحيل نزاعات طائفية يحترق الحلم الديمقراطي في أتونها.

في المقابل، يرى فريق ثانٍ من المنافحين عن حقوق الأقليات والقوميات غير العربية، أن الحديث عن الثورة لا يستقيم دون إقرار دولة مدنية لا تفرق بين مواطنيها على أساس إثني أو عرقي، بما يكْفلُ إنصاف كافة أطياف الشعب في دعوة دؤوبة إلى ملاءمة ترسانة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية والجيل الثاني من حقوق الإنسان على وجه الخصوص والمتضمن في المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتفعيلاً لإعلان اليونيسكو عام 2001، بشكل يجعلُ الحقوق الثقافية غير قابلة للانتقاص ويضعها على رأس قائمة المطالب الملحة التي أمعنت نظم سياسية عربية كثيرة في سحقها أمداً طويلاً؛ كما كان عليه حال الأمازيغ في تونس وليبيا على سبيل المثال قبل أن يشهد الوضع انفراجا أعقب خلع زعيمي البلدين، ليتم إثر ذلك تأسيس الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية في يوليو 2011، علاوةً على إطلاق مجموعة من المنابر الإعلامية الناطقة بالأمازيغية في ليبيا وهو أمر كان ضرباً من الخيال زمن القذافي، أما في سوريا فلم يمنع صمود النظام حتى اللحظة من تقديم شكل من أشكال الحقوق للأقلية الكردية بإصدار الرئيس السوري بشار الأسد في شهر أبريل من عام2011 مرسوماً يقضي بمنح الجنسية العربية السورية للمسجلين في سجلات “أجانب الحسكة”، بيدَ أن الخطوة لم ترق كثيراً لقياديي الأكراد الذين قللوا من قيمة قرار رأوا فيه اجتزاءً للحلول في مناداة لمعالجة ما ألحقه بهم قانون 93 لسنة 1962 من ضررٍ لا زالو يدفعون ثمن تبعاته، مع التأكيد على ضرورة الاعتراف بالأكراد باعتبارهم قومية ثانية في سوريا، عمرت البلد حتى قبل تأسيس الدولة السورية وذلك تصحيحاً لنظرة تختزلهم في أقلية من بين الأقليات الموجودة بالبلد.

في المغرب، يبدو مسار إقرار حقوق الأمازيغ ذا منحى كرونولوجي مختلف عن الذي أخذه الأمرُ في كل من تونس وليبيا، إذ مثَّل خطاب أجدير الذي ألقاه العاهل المغربي محمد السادس عام 2001 منعطفاً جوهريا في التعامل مع ملف الأمازيغية بالتأكيد على كون هذه الأخيرة مكونا أساسيا من مكونات الثقافة المغربية، موازاة مع إصدار الظهير الملكي المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي صير الباب مشرعاً أمام شراكات مثمرة، غدت الأمازيغية بموجبها حاضرة في المدارس ومستأثرة بقناة تم إطلاقها عام 2010، قبل أن يتم تتويج المكتسبات السابقة في سياق الربيع العربي بدسترة اللغة الأمازيغية، التي أصبحت لغة رسمية إلى جانب العربية كما ينص على ذلك الفصل الخامس من الدستور المغربي الذي عرض للاستفتاء في الفاتح من يوليو من العام الماضي.

وبناءً عليه يبدو وضع الأمازيغية جد متقدم في المغرب إذا ما قورن ببلدان شمال إفريقيا حيث لا تزال مطالب الإنصاف التي يرفعها الأمازيغ تراوح مكانها في اتهام صريح للأحزاب الإسلامية بمصادرة الثورات والجنوح إلى أسلمتها واختزال الهوية الوطنية في بعدها العربي الصرف، وإن كان دفاع وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي عن تغيير اسم”اتحاد المغرب العربي” إلى “الإتحاد المغاربي” قد جعل الباحث الأمازيغي أحمد عصيد يرى في الوزير حليفاً للقضية خارج نطاق الأحكام الاختزالية.

ومؤدى القول في كل ما سلف، أن كبح جماح المطالب الثقافية والإمعان في مصادرتها يبدو خطأً فادحا نظراً لما يستتبعه من احتقان، وإن كان البعض يرى في القبضة الحديدية للديكتاتورية حلاً للبلدان التي تعيش تحت سقفها طوائف عدة، فإن القمع ما ينفك يجر الوضع نحو التعقيد والاضطراب مصداقا لقول الشاعر الباكستاني محمد إقبال (قيثارتي ملئت بأنات الجوى/ لابُدَّ للمكبوت من فيضان).

[email protected]

‫تعليقات الزوار

14
  • borgane
    السبت 7 يوليوز 2012 - 15:45

    ا را د يالك نعطيك منو شويا

  • aicha
    السبت 7 يوليوز 2012 - 16:33

    لا ثورة ولا دموقراطية بدون امازيغية فى تونس.

  • Sous
    السبت 7 يوليوز 2012 - 16:39

    يتحدث القوومجيون العربان عن الربيع الديموقراطي وعن ثورات الشعوب على أنها ربيع عربي وثورات عربية وبِوجْهِهِم المْقَزْدْرْ وهم يعيشون على أرض أمازيغية.و أفضع من ذالك ينافقون ويدعون أن المغرب وبلدان شمال أفريقيا هي بلدان عربية .ما يعني أن الأمازيغ وهم أغلبية ساحقة عدديا وأبناء الأرض أصلا وكأنَّ جرفتهم الأمطار الأخيرة. هذا تظليل وعزم القومجيين العربان في سياسة الإقصاء والتنكرلأصل المغرب،لا كن هذه الدسائس قد بدأت تُفضح وبدأ الشباب الأمازيغي يَعي بهذا المسخ وهذا التصرف الإستعماري .أتسائل كيف يتحدث قومجي عروبي سُخِّر له الإعلام التعريبي عن الديموراطية في المغرب وهو يدعي أن المغرب بلد عربي؟ متجاهلا الشعب الأمازيغي والقضية الأمازيغية وهي أم القضايا في بلدنا. ومما يزيد هؤلاء القومجيين العربان نفاقا هوإعتبارهم بطريقٍ ماكرة أن الأمازيغ عرب لإخفاء الحقائق من أجل التذويب والإقبار لصالح قومية عروبية إستعمارية بغيضة.

  • بالوتيلي
    السبت 7 يوليوز 2012 - 17:27

    نص ضعيف أسلوبا ومضمونا.. أدعوك ان تقرئ أكثر قبل أن تتجرئ على الكتابة. مازال ينقصك الكثير.تقبل نقدي بصدر رحب.

  • أمين صادق
    السبت 7 يوليوز 2012 - 18:46

    هل كتب على الأمازيغ أن يحملوا صخرة المطالبة بالحقوق الثقافية فوق ظهورهم في مشهد سيزيفي لا تنتهي فصوله وكأن قدرهم أن يعيشوا تجذرهم بتراب الوطن كمأساة يخشون خاتمتها أو كملهاة لا يبرحون بدايتها.. أليس مأساويا أن يولد الإنسان بعين جارية ثم يكون مجبرا على صعود الجبال كي يجلب حفنة ماء يبلل بها ريقه فيتدحرج من شدة التعب ثم لا يلبث أن يعاود التسلق عله يرتوي والضمأ باق لا يفارقه.. وهل ليس عبثيا أن يستجدي أو يقتني صاحب الأرض قناني ماء كي يسقي بها حرثه فينبت غيض من زرعه والعين فيض بحقله تجري… ألم يحن الوقت لنبذ الأساطير والخرافات وطرد الهواجس والمخاوف وطمر الخلفيات والخلافات والاعتراف بحقوق الأمازيغ كحقوق أصلية وأصيلة قبل أن تكون حقوقا مكتسبة وإيلاء ثقافتهم الأهمية والمكانة اللائقة بها باعتبارها ثقافة غنية بلغتها وتراثها من شأنها إنماء بلد المنبع وإثراء ثقافات بلدان المهجر.. أمن اللازم المداومة على رفع المطالب بنوع من المازوشية والانخراط في "ربيع" بما يعبق به من سادية حتى يدرك الحكام والمحكومين أن لا فرق بين أمازيغي وعربي وعجمي ولا بين أبيض وأسود وأسمر وأن الناس سواسية كأسنان المشط…؟

  • موح ندا محند
    السبت 7 يوليوز 2012 - 20:05

    ما لم يعرفوه الاعرب البدو ان اجودكم في تمازغا مسالة وقت فقط ….اما في ميخوص الكاتب عندما اقتحما الاغلبية الامازيغية في هدا البلاد اساعيد دمنى الاقليات وهوا بدون اي شك يعرف اننا اغلبية ب 94/100 ونحن في ارض اجدادانا وعروبتكم لن ولان تفرض علينا ولتدكير حتى الاسلام بدا اشباب ينفر منه بسبب قومجيتكم ويعتنق المسيحية

  • natal amazigh
    السبت 7 يوليوز 2012 - 20:15

    لم استطع ان اكمل قراءة المقال لمجرد قراءتي لهذه العبارة : " الأقليات والقوميات غير العربية "
    و هل الامازيغ اقلية في شمال افريقيا ؟
    و هل العرب اغلبية فيها ؟
    اذا كنت تقول بهذا الكلام للترويج لاديولوجية ما, فتأكد ان النطق بمثل هذه الجاهالات لن يفيد اديولوجيتك في شيئ فنحن في عصر المعلومة الحرة و قد انتهى عصر تزوير الحقائق و الضحك على الدقون .
    اما اذا كنت تقول به لانك تعتقد به فهذه كارثة تدل على ان الامية الفكرية لا تقتصر على المواطن العادي بل حتى على " الكاتب الصحفي " مع الكثير من التحفظ على هذه الكلمة .

  • atlas marocain
    السبت 7 يوليوز 2012 - 21:23

    للأسف الشديد يبدو ان الثورات في كل من تونس ليبيا ومصر استفاد من ثمارها الاسلاميون ونخشى ان يسير نظامهم نحو التشدد وسلب الحريات بدعوى تطبيق الشريعة الاسلامية (والشريعة فيها وفيها) كما ان منظورهم للحكم تغيب فيه حقوق الاخرين كالحقوق اللغوية مثلا .لدلك ارى ان الثورات لن تكتمل الا بتاسيس لدول مدنية ديمقراطية للسير قدما . ونعطي على سبيل المثال تسرع رئيس المجلس الانتقالي الليبي فيما قبل ثم كررها البارحة يعني قبل يوم واحد من انتخاب ممثلي الامة الى الاعلان ان الدولة ستعمد الى الشريعة الاسلامية لسن القوانين .لكن ادا كان كل اليبين مسلمين حسب علمي فلمادا التسرع؟ اظن انه كان من الواجب ترك الامر لنواب الامة والاساتدة والكفاءات الاخرى لسن القوانين التي يتصلح لشعبهم شورى بينهم بدل النطق بها من جانب واحد ولو كان على صواب. وانا لا اعارض الشريعة الاسلامية لكي لا يفهم كلامي خطأ ولكن اعارض الاستبداد باسم الشريعة وهدا يضايقني في نفسي . فالليبيون احرار ورجال قاومو القدافي وعصاباته وكنت استيقض في وقت متأخر من الليل لاتابع اخبارهم في الجزيرة واعجبت ببسالتهم ادن من حقهم يظفرو بدستور من طراز 2012

  • sousi
    السبت 7 يوليوز 2012 - 23:26

    ردا على تعليق الرقم4 إنك إنسان مليء بالحقذ على كل ما هو عربي و أنك عنصري مائه بالمائه الله يهديك و يهدي أمثالك إلى الطريق الصحيح
    و ما تتمناه أن لا يتحقق مدى وجود الإنسان على باسطة الأرض إنشاء الله

  • 10ريال ريبع و نعناع
    السبت 7 يوليوز 2012 - 23:36

    السلطة للشعب لا سلطة فوق سلطة الشعب .الشعب هو من يحكم . هو من ياتي بالوزراء و هو من يقيلهم . الشعب هو من يحكم . وزارة المالية و الداخلية و جميع الوزارات هي ملك للشعب.
    ادا الشعب يوما اراد الحياة … فلابد ان يستجيب القدر.

  • mohammed
    الأحد 8 يوليوز 2012 - 10:15

    ا نا عربي مسلم ولا اؤمن باللاقليات العرقية,ىكفي انكم مسلمون اي نحن اخوة في العقيدة.الى متى سنبقى نتحدت عن القبلية.الا يكفيكم قول الله تعا لى لافرق بين عربي و عجمي ولا ابيض عن اسود الا با لتقوى.واما الا رض فهي واحدة ونحن من طينتها,كيفما اتينا الى هاذه الدنيا بدون شئ سنخرج منها بدون شئ.اتقوا ربكم الدي خلقكم من نفس واحدة.والسلام عليكم ورحمةالله.

  • nakuriry
    الأحد 8 يوليوز 2012 - 13:25

    السلطة للشعب طبعا وفق شرع الله تحت ظل الاسلام ولا يوجد فرق بين أمازيغي وعربي . الفرق فقط في اللغة . أما الاوباش الذي يريدون دولة مستقلة فهذا غير ممكن .

  • المتنبي-موريتانيا
    الأحد 8 يوليوز 2012 - 18:07

    الربيع العربي جاء ليقضي على الاستبداد والفساد.
    الأولويات في الربيع العربي:الدمقراطية،بناء المؤسسات ،تطهير البلدان من أوكار الفساد بجميع أشكاله .
    المواطنة هي اساس بناء مجتمع محصن من فلول الاستعمار .
    نعم الأغلبية عربية وهناك أقليات .لكن في الدولة الديمقراطية لا يوجد الا اغلبية حزبية.بعض العنصرين الاءمازيغ يظن انه بسب العرب سيبني امبراطورية.il est permit de rever…

  • خليط ولستم السكان الٱصليون
    الإثنين 9 يوليوز 2012 - 14:02

    جنس أمازيغي قح لا وجود له في المغرب
    أنتم خليط من الأجناس تتكلمون لهجات متعددة
    مهاجرين ومستوطنين كباقي الشعوب التي
    استوطنت في شمال إفريقيا
    أنتم لستم السكان الأصليون كما تسوقون
    الجنس الأصلي لإفريقيا هو الجنس بشرته سمراء
    تاريخ المغرب كأرض هو كما يالي:
    جنس أسمر اللون وجدت بقياه في الدار البيضاء
    عمره أكثر من مليون سنة ليس بربري وليس أمازيغي
    هو الجنس الأصلي المغربي الإفريقي
    وهدا الجنس هو من السكان الٱصليون
    بعدهها استوطن الٱشوليين والبربر قادمين من طريق الحبشة ومصر
    أنتم إستوطنتم في المغرب قادمين من الجهة الشرقية
    وبعدكم إستوطنت سلسلة من الشعوب
    والثقافات
    الفنيقيين استوطنوا قرون
    القرطاجنييين استوطنواقرون
    الرومان استوطنوا قرون
    الوندال استوطنوا قرون
    البزنطيين استوطنوا قرون متعددة
    أكثر من 5000سنة من الخليط البيولوجي بين سلسلة من الشعوب
    هنا نرى وضوح الشمس أن الجنس القح الأمازيغي غير موجود
    أنتم لستم السكان الأصليين كما تحكون
    أنتم لستم شعب قح كما تحكون بل أنتم خليط لا أحد يعرف بالتدقييق
    أصله الحقيقي.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين