مرضى يبحثون عن "قطع غيار بشرية"

مرضى يبحثون عن "قطع غيار بشرية"
الأحد 14 غشت 2011 - 16:21

تعتبر عمليات زراعة الأعضاء من مظاهر تطور العلوم الطبية الحديثة في علاج الأمراض، وذلك عبر نقل عضو من إنسان حي أو ميت إلى شخص آخر يعاني من مرض يتطلب عضوا متبرعا به. لكن في بلد كالمغرب حيث ثقافة التبرع بالأعضاء تكاد تكون منعدمة، يعاني الآلاف من المرضى في صمت في انتظار كلية أو قرنية عين أو قلب يعيد لهم نبض الحياة.

ويحتل المغرب مراتب متأخرة في عملية التبرع بالأعضاء، وهو ما يطرح تساؤلات حول عزوف المواطن المغربي عن التبرع بأعضائه، خاصة وأن الدولة لم تفكر إلى حد الساعة في إنشاء بنك للأعضاء البشرية على غرار ما هو معمول به في باقي الدول التي يتبرع سكانها بأعضائهم للاستفادة منها بعد مماتهم.

مسطرة قانونية معقدة تكرس المعاناة

صادق البرلمان المغربي مؤخرا على قانون ينظم عمليات التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وزرعها، وينص القانون على ضرورة إعلام المتبرع بالمخاطر التي قد يتعرض لها، بحيث لا يجوز تعريض حياته للخطر . كما لا يجوز أخد عضو بشري من شخص حي للتبرع به إلا من اجل المصلحة العلاجية لمتبرع له معين، يكون إما من أصول المتبرع أو فروعه.

واعتبر عبد الله عباسي، البروفسور في الجراحة الدقيقة والمحاضر بكلية الطب بالرباط، أن “تعقيد المسطرة القانونية يجعل مسألة التبرع بالأعضاء أو زرعها أمرا صعبا”. ويجب على المتبرع أن يعبر على موافقته على أخد عضو منه أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها المستشفى العمومي المعتمد الذي ستتم فيه عملية الأخذ و الزرع، أو أمام قاض من المحكمة المعنية يعينه الرئيس خصيصا لذالك الغرض بمساعدة طبيبين يعينهم وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية.

لكن على صعيد آخر يرى البروفسور عباسي أن “المسطرة القانونية الصارمة لها جانب ايجابي ويتمثل في استحالة سرقة أو المتاجرة في الأعضاء البشرية، كما أن النص القانوني خص فقط المستشفيات العمومية والمركز الدولي للشيخ زايد بالقيام بعمليات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية”.

رحلة شاقة للبحث عن قطع غيار بشرية

يعرف المغرب كغيره من الدول العربية شبه غياب لثقافة التبرع بالأعضاء، وهو الأمر الذي يساهم في تكريس معاناة شريحة كبيرة من المرضى الذين ينتظرون منقذا قد يأتي وقد يضن به الزمن. ويعتبر الباحث الاجتماعي عبد اللطيف كداي “أن ظاهرة العزوف هذه مردها إلى العامل الديني حيث يسود الاعتقاد بحرمة التبرع. إضافة إلى هذا هناك معطى ثقافي، ففي المجتمعات العربية لم تنتشر بعد عادة التبرع بالأعضاء”. وبالرغم من كون المغرب أول بلد مغاربي تجرى فيه عملية زرع كلية سنة 1986، فانه يحتل في الوقت الحالي مراتب متأخرة، بحيث لم يتجاوز عدد العمليات التي أجريت في الفترة من 2005 إلى أواخر 2010 سقف 1500 عملية زرع قرنية عين، و حوالي 400 عملية زرع كلي. ويفسر عبد اللطيف كداي هذا الرقم الضئيل في عدد العمليات “بأننا مجتمعات لم تبلغ بعد المرحلة العلمية، فالعلم يعتبر مسألة ثانوية في تفسير حياتنا اليومية”. وترفض العائلات المغربية التصرف في جثت أفرادها بالرغم من أنهم قد يكونون عبروا قيد حياتهم عن رغبتهم في التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، ويفسر كداي هذا الرفض “باعتقاد الناس بأن الجسد مقدس وهو ملك لله وكذا إيمانا منهم بالحياة الثانية بعد الموت، وأي تصرف في هذا الجسد فهو يعرض مستقبل صاحبه للخطر في الآخرة، وهو أمر مغلوط. فما دام هناك إيمان بالروح فان الجسد لا يعدو أن يكون شيئا ثانويا”.

مغاربة يرون بعيون أجنبية

في ظل شح الأعضاء المتبرع بها تضطر المستشفيات إلى استيراد أعضاء من الخارج، لذا فإن أغلب قرنيات العين التي يتم زرعها للمرضى لمساعدتهم على إبصار النور من جديد يتم استقدامها من أمريكا اللاتينية حيث تتواجد بنوك للأعضاء البشرية، كما يتوفر المغرب على اتفاقية مع البنك الأمريكي للأنسجة البشرية. وتأمل وزارة الصحة المغربية إنجاز 250 عملية زرع كلية، وألف عملية زرع للقرنية في أفق عام 2020. ومنذ عام 2010 تعزز برنامج زرع الأعضاء بإنجاز عمليات زرع لأعضاء من متبرعين في حالة موت دماغي، وفق ما يقتضيه القانون المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها.

*دويتشه فيله

‫تعليقات الزوار

8
  • ســـــــــــــــــــــــــــعــــــــــــــــــيــــــــــــــــــــــــــــد
    الأحد 14 غشت 2011 - 20:33

    لا تقارن المغرب بباقي الدول العربية ، فجل هذه الدول تعرف ازدهار كبير في التبرع بالأعضاء وإجراء معظم عمليات زرع الأعضاء الأساسية كالرئة والقلب والكبد، بالمغرب عدد المصابين بداء التهاب الكبد الفيروسي "سي" و"باء"، يقارب معدل 6 في المائة من مجموع السكان.وأضاف أن هذا الرقم لا يعتبر محينا، وأن "هذا الداء الصامت يمس أضعاف هذه النسبة"، بمعنى أن عدد المرضى المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي «باء» و»سين» في المغرب 3 ملايين مصاب أي أن عدد مرضى التهاب الكبد الفيروسي يفوق بـ10 مرات عدد المصابين بالسيدا

  • جميلة
    الأحد 14 غشت 2011 - 22:55

    نسال الله العفو و العافية انا شخصيا لا اقدر ان اتبرع بجزء من جسدي وان اعطوني ملايير الدلارات

  • مغربي
    الإثنين 15 غشت 2011 - 01:54

    مقال متميز كالعادة السي عبد المولى

  • أحمد
    الإثنين 15 غشت 2011 - 03:55

    المقال وضع اليد على مشكل كبير في المغرب وهو غياب ثقافة التبرع، وانتشار ثقافة محافظة تحرم التصرف في الجسد لانقاد اشخاص اخرين

  • عبد الرحمان
    الإثنين 15 غشت 2011 - 07:03

    أولا التبرع بالاعضاء حرام شرعا ..ثانيا هذه المسألة تحط من الانسان فاذا كتب الله على شخص المرض فلماذا أعوضه أنا..وقد نموت معا بعد التبرع ..وهذا يشجع ايضا تجارة الاعضاء البشرية التي تشرف عليها أخطر الشبكات الاجرامية في العالم

  • aliae el alaoui
    الإثنين 15 غشت 2011 - 07:06

    فاعل خير سعودي دفع تكاليف٦٠عمليه زراعه كليه في مستشفى سعد التخصصي وحتى الآن لم يستلم المستشفى إلا ٤ حالات ،،فإن كنت تعرف اي مصاب بالفشل الكلوي غير قادر على تكاليف العمليه فدعه يتصل على الرقم التالي :
    (٠٠٩٦٦٣٨٢٢٦٦٦٦) تحويله (4143)
    من فضلك إنشر الرساله فقد تنقذ حياة مريض والدال على الخير كفاعل….!!

  • الى عبد الرحمان
    الأربعاء 24 غشت 2011 - 20:01

    على اي اساس استندت في تحريم التبرع بالاعضاء . من انت ؟ التبرع صدقة كالزكاة تنقذ بها من هو في الحاجة وتنقذ شخصا من الموت كما تنقذ الزكاة من الفقر و الجوع . و ليس هناك ما يمنع ان ينتفع شخص من عضو لصاحبه عند وفاته ان هو ابدى رغبة لذلك خاصة و ان هذا العضو ماله قوت للديدان فلماذا لا ينقذ به البشر فهم اولى . لا تفتي فيما لا تفقه فيه .

  • Katia
    الخميس 8 شتنبر 2011 - 22:51

    قال لك قطع غيار.. إلا بانليكم شي قلب HDI يكون en bonne etat ما خدمش بزاف يتصل…

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 1

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج