بعد أن أفقده مبارك دوره.. الأزهر الشريف يزهر في الربيع العربي

بعد أن أفقده مبارك دوره.. الأزهر الشريف يزهر في الربيع العربي
الأحد 11 شتنبر 2011 - 04:30

يخرج الأزهر الشريف من ظل الرئيس المصري السابق حسني مبارك حيث يحاول استعادة مكانته التي أضرت بها عقود من الرضوخ لزعماء أقوياء. ومن داخل جدرانه العالية المزخرفة قضى شيوخ الأزهر اكثر من الف عام يدرسون النصوص الدينية ويفسرون معانيها للمسلمين وهو ما جعل من الأزهر سلطة لا تنافسها سلطة في العالم الإسلامي.

وكان الأزهر قد فقد بعضا من بريقه حين أخضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لسلطة الدولة عام 1961. وبعد مرور 40 عاما كان شيوخ الأزهر يحملون على دعم النظام الأمني الصارم الذي عزز حكم مبارك الذي دام نحو ثلاثة عقود. ونتيجة لارتباط سمعته بسمعة زعيم لا يحظى بشعبية خفت بريق الأزهر في حين بدأ خطباء متشددون وعلى درجة أقل من التعليم الديني ينشرون تفسيراتهم للإسلام عن طريق الإنترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية.

وبلغ الأمر في عام 2007 أن أفتى شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي الذي تولى المنصب لاكثر من عشر سنوات انتهت بوفاته العام الماضي بأن الصحفيين الذين ينشرون شائعات عن صحة مبارك يجب أن يجلدوا 80 جلدة. وفي محاولة لاستعادة سمعة هذه المؤسسة العريقة يسعى أزهريون بارزون لتجديدها بوصفها مدافعة عن الديمقراطية وإصلاح الدولة وربما أيضا عن الدولة المدنية.

وقال حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن كثيرين يشعرون بالحاجة الملحة الى هذه المؤسسة في المستقبل للحفاظ على الإسلام المعتدل في مواجهة الموجات الأخرى التي تقودها هيئات اكثر تشددا واقل جدارة بالثقة. وبدأت رياح التغيير تهب على أروقة الأزهر الحجرية قبل اشهر من الثورة التي أطاحت بمبارك في فبراير.

وفي عام 2010 أشرف رئيس وزرائه احمد نظيف على تعيين الدكتور أحمد الطيب خلفا لطنطاوي. ويوصف الطيب بأنه اكثر ميلا للاستقلالية. وحين خرج الملايين الى الشوارع لمطالبة مبارك بالتنحي في يناير كانون الثاني لم تصدر الفتوى المتوقعة من الأزهر لمطالبة المصريين بالاتحاد وراء رئيسهم وإنما اكتفى الأزهر بإصدار بيان يحث على ضبط النفس.

وانضم كثير من علماء الأزهر الى المحتجين خلال الثورة ولم يتعرضوا لانتقادات من رؤسائهم. وبعد رحيل مبارك جمع الأزهر المثقفين للتعاون بشأن رؤية لمستقبل مصر السياسي. وأصدر الأزهر وثيقة من 11 نقطة في يونيو تقترح احترام حرية الرأي والعقيدة وحقوق الانسان في دولة مدنية يحميها الدستور والقانون.

وقال محمد رفاعة الطهطاوي المتحدث السابق باسم الأزهر والذي شارك في صياغة المسودة الأولى للوثيقة السياسية إن الأزهر يريد أن يتطور بما يعكس التغييرات التي يراها قادمة. وأضاف الطهطاوي انه استقال من منصبه في فبراير شباط لينضم الى الثورة لكن زملاءه السابقين رحبوا بعودته الى الأزهر وكأنه لم يغب عنهم أبدا.

وتابع أنه لم يكن هناك رفض من شيخ الأزهر او اي مسؤول آخر بل على العكس شجعه الجميع. وعبر عن اعتقاده بأن الجميع كانوا يدركون أنه لا مفر من التغيير وأنه لا أحد يستطيع منعه. ولايزال لما يصدر عن الأزهر قوة معنوية حتى بين المسيحيين الذين يمثلون نحو عشرة في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 81 مليون نسمة.

وفي دولة تعاني من أزمة في التعليم الحكومي تقدم جامعة الأزهر بعضا من أفضل البرامج الدراسية في العلوم الحديثة واللغات والدراسات التجارية والهندسة والزراعة. ويدير الأزهر معاهد في انحاء مصر ويرسل خبراء للتدريس في أنحاء الشرق الاوسط وخارجه. ومن بين خريجي الجامعة بعض من أبرز العلماء والساسة في العالم الإسلامي.

ولا يزال الوقار حاضرا لكن استعادة الأزهر لسلطته على الشؤون الدينية باتت اكثر اهمية من اي وقت مضى بعد أن ضعف الجهاز الأمني وظهرت تيارات مثل السلفيين تعارض إخضاع القيادات الدينية لسلطة علمانية. وبدأت قيادات الأزهر في التواصل مع ساسة يتنافسون لتشكيل حكومة جديدة منتخبة ومن بينهم اعضاء بجماعات إسلامية مثل الاخوان المسلمين التي كانت محظورة رسميا في عهد مبارك ويرجح أن تلعب دورا حاسما على الساحة السياسية.

ووضع المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد جدولا زمنيا لإجراء انتخابات برلمانية في نوفمبر تشرين الثاني تعقبها انتخابات رئاسية ربما في اوائل العام القادم. والتقى شيخ الأزهر احمد الطيب بمرشد جماعة الاخوان محمد بديع في مايو. وقال الطيب إن الجماعة كانت دائما قريبة من الأزهر لكن الظروف السابقة لم تسمح بعقد هذه الاجتماعات.

وقال الطيب في تقرير نشرته صحيفة الأهرام إن الاجتماع بحث اهمية الوصول الى خطاب إسلامي معتدل وموحد. وفي الشهر الماضي توسط الأزهر بين ساسة ليبراليين وإسلاميين عارضوا محاولتهم وضع مباديء لدستور جديد وهي خطوة يعتبرها الإسلاميون خدعة للحيلولة دون إقامة دولة إسلامية. لكن علمانيين يتشككون في سعي الأزهر للعب دور على الساحة السياسية.

وتساءل جمال عيد المحلل المتخصص في حقوق الانسان ورئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ومقرها القاهرة عما سيحدث إذا دب خلاف مع الأزهر بخصوص شيء ما. وتابع أنه سيكون من الصعب مجادلة مؤسسة دينية. وقال عيد إنه لا يمكن الدعوة إلى إقامة دولة مدنية والسماح في الوقت نفسه للمنظمات الدينية بالاشتراك في السياسة.

ويسعى الأزهر الآن إلى التخلص من سيطرة الحكومة قائلا إنه يجب أن ينتخب شيخه مجددا والا يختاره رئيس الدولة. وقال المحلل السياسي نافعة إن الأزهر أدرك استحالة ان يستمر في العمل بنفس الطريقة التي كان يعمل بها في عهد مبارك. وأضاف أنه يعلم أن عليه تطهير الفساد الداخلي. وقال نافعة إنه يرى رغبة قوية لدى الأزهر في العودة الى زعامة العالم الإسلامي السني.

‫تعليقات الزوار

5
  • الدكتور الورياغلي
    الأحد 11 شتنبر 2011 - 05:44

    جاء في المقال ما يلي: " في حين بدأ خطباء متشددون وعلى درجة أقل من التعليم الديني ينشرون تفسيراتهم للإسلام عن طريق الإنترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية "
    والكاتب لا شك يقصد بهؤلاء الأقل علما العلماء الذين يدعون للتباع الكتاب والسنة واحترام منهج سلف الأمة أمثال الشيخ محمد حسان ومحمد يعقوب وغيرهم، ولا شك أن هذا إفك مبين وقول غث وإلا فكل الناس يعلمون بأن الأزهر لم يبق منه إلا اسمه فقط، أما العلم والعمل فقد ولى منذ ما يزيد عن 50 سنة حين تم تسييسه وإخضاعه للسلطة، وتم إضعافه حتى غدا خريج الأزهر أشبه ما يكون بالأمي الصرف في العلوم الشرعية.
    ثم إذا كان علماء أهل السنة الداعون لاتباع منهج السلف الصالح ( أقل علما ) في نظر الكاتب فلماذا إذن اشرأبت إليهم أعناق العالمين، والتفت حولهم وجوه الموحدين، وأقبل الناس عليهم من كل حدب وصوب ؟ إن ( الأقل علما ) سرعان ما ينفض الناس حوله ويمجونه، وهذا بالضبط ما يصدق على خريجي الأزهر الذين هم ما بين شيطان أخرس ومتأول أفاك ، وتقي لكنه مغمور ومحقور .

  • صنعاوي
    الأحد 11 شتنبر 2011 - 10:25

    لو كان ما يقع في مصر ثورة فعلا كما هي الثورات التي غيرت وجه العالم لما كان للمؤسسة الدينية هذا الدور كلما تقدمت الازهر ومثيلاتها في هذا العالم الا واتقد الناس ان الانغماس في التخلف تورة وعندما يزول الضباب الاسلاموي سترى كم تخلفنا وكم كنا جاهلين لقوانين التاريخ اما اليوم فاننا كمسلمين نعيش فرحا مزورا فهنيئا للازهر بقيادتها للقطيع مرة اخرى

  • رشيد
    الأحد 11 شتنبر 2011 - 16:25

    الحمد لله .. ارجو من الله و من كل قلبي ان يعود الازهر الشريف الى دوره الريادي المعروف تاريخيا و الى زعامة العالم الاسلامي السني و ان يتخلص من هيمنة الشخصيات العلمانية الحاكمة سابقا
    الحمد لله
    الحمد لله
    هده من نفحات التورات المباركة

  • محمد
    الأحد 11 شتنبر 2011 - 16:40

    الازهر ممثل الامة يجب ان يبقى مستقلا كي يقوم بدوره على أتم ما يجب،ويجب ان يقدم له الدعم المالي من لدن الجميع،كي يقوم بدوره التجديدي ويعلم المسلمين احسن تعليم ولما لا،ان يتدرج في صفوف الجامعات الاحسن جودة في التعليم،الازهر مقارنة بالتعليم الجامعي في مصر متقدم كثيرا،وهنا نشيد بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها علماء الازهر لرد الشبهات وتأويل القرآن بما يقتضيه العصر،دون تجاوز لمبادئ الاسلام .

  • azhary79
    السبت 17 شتنبر 2011 - 21:46

    إن القول بأن العلم ولى من الأزهر من 50 سنة منذ تم تسييسه كلام غير دقيق؛ ولعل السبب في ذلك عدم وضوح الحركة العلمية في الأزهر وتعمد إسكات صوته بسبب الأمور السياسية المعروفة، واالحقيقة أن الأزهر كان ممتلئا بالعلوم والعلماء الربانيين حتى في هذه الظروف الحالكة، وعدم معرفة الدكتور بهذا لا يدل بحال على عدم الوجود، فنحن داخل الأزهر الشريف نرى علماءه، كما نرى دعاة التيارت الأخرى، ورأينا الأثر الحميد الذي ينتجه المنهج الأزهري في عقل الطالب وسلوكه، كما رأينا الأثر الذي ترتب على تبني المناهج الأخرى، وهذا أمر أصبح ظاهرا لكل مقارن بين المنهجين، وملاحظة الأثر لكل من المنهجين معيار دقيق وعادل لمعرفة الأقل علما.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات