عدنان يصافح "السيد كورونا" .. استصراخ المثقف وضآلة الإنسان

عدنان يصافح "السيد كورونا" .. استصراخ المثقف وضآلة الإنسان
الأربعاء 8 أبريل 2020 - 07:00

أرتاب دومًا من طلبات الكتابة عن أمور قيد التشكّل. الكتابة تقتضي مسافة للتأمل والفهم والاستيعاب. مسافة مختلفة عن هذه التي أضحت مفروضة علينا الآن في ظل الحَجْر الصحي.

لكنها مسافة ضرورية لكي نحس بالعالم والأشياء. لكي نحدّد إحساسنا العميق بما يحدث على نحوٍ قابلٍ للصياغة… صياغة الأسئلة الأكثر بساطة والأشدّ خصوبة والتي تشكّل جوهر وجودنا الإنساني القلق بطبيعته. فما بالك بطلبات الكتابة النبوئية عمّا قد ينتهي إليه العالم بعد الجائحة.

لستُ عرّافا، ولا أعتقد أن من يجرفه سيلٌ أعمى، سيكون على استعداد لإعطاء تصوّراتٍ واثقةٍ عن مستقبل العالم بعد أن يُلقي به السيل – إن حصل ونجا – على يابسة. الكوارث تتطلّب تعاطيا آنيا وحذرا مع الواقع المضطرب من أجل الإفلات.

إنها تعيد الاعتبار للاحتياجات الأساسية للإنسان: الصحة والأمان… أي “البقاء” ببساطة شديدة. والأدهى أنّ البشرَ مُطالبٌ بمواجهة الوباء بإمكاناته الفردية المحدودة جدا. لا تلقيح هناك ولا دواء. فقط العزل، وضرورة الانضباط الحَرْفي لشروطه ومستلزماته على قساوتها. ثم الاعتماد بشكل أساسي على المناعة الخاصة إذا ما حصل المحظور واستوطن الوباءُ الجسد. فليس هناك من بروتوكول علاجي واضح حتى الآن.

إن هشاشة الكائن التي نستشعرها اليوم كأفراد تجعلنا في حالة من الضياع وفقدان البوصلة لا سبيل إلى الالتفاف عليها. وهناك ممّن له ولعٌ بالتنبّؤات، من عاد إلى الأرشيفات مقلّبًا بين رفوفها باحثًا عن ظلال فيروسٍ مُنتظَر – الحالي على ما يبدو – في سيناريوهات الأفلام والمسلسلات وفي الروايات بل وحتى داخل الكتب المقدسة. لكن ما بالك بمن يحاول التعالي على الوضع ومقاربته من موقع المتأمِّل الواثق.

أنا لستُ مجبرًا على التأمل منذ الآن في مآلِ العالم على إثر الجائحة. ربما قد أفكّر فيما سأقوم به شخصيا بعد رفع الحجر الشامل… كالمسارعة إلى الذهاب عند الحلاق للتخلص من الشعر الذي تراكم طوال فترة الحَجْر. الحمّام التقليدي أيضا يراودني، هذا الطبيب الأبكم كما وصفه الفراعنة القدامى، تلحُّ عليّ فكرة زيارته باعتباره نعيمًا حقيقيًّا، أنا المكتفي عادة بحمّام البيت. ربما هي الرغبة في التخلص الكامل من أدران زمن الحَجْر الشامل. طبعا لن أفكّر في خدمات “كسّال” محترف.

وهذا حتما سيكون من مخلفات زمن الحَجْر الصحي. فالتباعد الجسدي، الذي يسمّونه اليوم بشكل شنيع ومقرف التباعد الاجتماعي، سيربّي داخلنا نوعا من الحذر المُستحدث من أجساد الآخرين.

من أبسط احتكاك في الطريق حتى العناق مع حبيب أو صديق… الاحتضان شديد اللهفة، تبادل القبلات الحارة تعبيرا عن الشوق، المبالغ فيه أحيانا، وحتى تلك المصافحة العضلية القوية دلالةً على مدى توطّد الصداقة، كلها أشياء باتت تدعو إلى الحذر والريبة. الاندفاع التلقائي باتجاه الآخر، التقارب الجسدي، التلامس العفوي، كله سيتغيّر. بل حتى حركة أجسادنا في الشارع قد تتغيّر. كنّا نتحرّك في الشارع بأمن تام وكأنَّ الأرض والسماء لنا… لا لغيرنا. لا يُخشى علينا منها إلا بمقدار ما قد يسبّب البشرُ لبعضهم البعض من متاعب: الجريمة، القمع، الاعتداء، الاحتلال، الحرب، الإرهاب…

كل التهديدات مصدرُها الإنسان، فيما نتصوّر أن الطبيعة التي ندمّرها يوميا بشكل منهجي سادرة في عجزها مغلوبةٌ على أمرها. وحتى تعبيراتها الصاخبة عن الغضب من حين لآخر عبر العواصف والفيضانات والزلازل والبراكين والأعاصير تبقى محدودة في الزمان والمكان. وقد اجتهد الإنسان في إيجاد وسائل لمواجهتها أو التفاوض معها بل واستباقها أحيانا.

فكم من سدٍّ مَنع فيضانًا هنا، وكم من إجراء احترازي ساهم في الالتفاف على غضب الطبيعة هناك… في هذه المنطقة أو تلك من العالم. لكن الطبيعة اليوم أبت إلا أن تعلن عن غضبها الشامل في صمت صاعق. تماما كمن يطلق بعشوائية مجنونة رصاصًا كثيفًا في كل الاتجاهات من مسدس كاتم الصوت.

فهل بعد انجلاء هذه الغمامة الثقيلة السوداء، ستعود علاقتنا مع محيطنا الطبيعي إلى سابق صفائها وعفويتها؟ هل سنعود إلى الارتماء في أحضان الطبيعة بأريحية وطمأنينة؟ هل سنشعر تجاهها بنفس الأمان السابق؟ لا أظن. فقد استهننا بمحيطنا كثيرا، ونحن مطالبون بوقف اجترائنا عليه بالصلافة التي كنا نتصرّف بها أفرادا، حكومات، دولا ومجتمعات.

لا أريد الانخراط في ما يشبه المناحة التي تنذر بنهاية العالم. ولم تكن لديّ أدنى رغبة في الاستجابة إلى تلك الدعوات المتهافتة التي تستصرخ الشاعر والمثقف لكي يقول كلمته الفصل في هذه الرجّة الكبرى. كنت معنيّا بأمر آخر لا يقلُّ خطورة. فقد استقلَلْتُ طائرة العودة من بروكسل يوم 12 مارس…

وقد بحثتُ يومها في أكثر من صيدلية بالعاصمة البلجيكية عن كمامة واقية أرتديها في الطائرة دون جدوى. الأوروبيون اكتشفوا أنهم لا يتوفرون على العديد من الأساسيات التي لا يتمّ إنتاجها محليا، بسبب هوامش الربح المنخفضة. لذا فوَّتوا إنتاجها ليد عاملة أرخص في بلدان نائية مستفيدين بذلك من فضائل العولمة. هكذا وجدوا أنفسهم مرتبطين بإنتاجات أسيوية تُصنع في أجواء موبوءة أحيانا بل ومُصادَق عليها من طرف كوفيد 19 شخصيا.

وهكذا نفدت الكمامات عن المخازن الصيدلية للعديد من البلدان الأوروبية. من حسن الحظّ أن بروكسل كانت لا تزال تعيش حياتها بشكل اعتيادي. استجمعتُ قِوايَ واستعداداتي الفطرية للمُجازفة، وخاطرت بالطيران من دون “منقار”. لكن بعد يوم من وصولي إلى مراكش، سارعَت الحكومة البلجيكية إلى فرض الحجر الشامل. كما علّق المغرب كل رحلاته الجوية معها ومع هولندا وألمانيا والبرتغال إضافة إلى فرنسا طبعًا.

هكذا بين عشية وضحاها صرتُ شخصًا يُستحسن اجتنابُه… شخصا قادما من جهة الوباء تحديدًا. التهمة ثابتة وصوري على الفيسبوك دليل قاطع ضدّي. كنتُ في بلجيكا وقبلها في فرنسا. إذن، عليّ أن أتفهَّم برحابة صدر الإلغاء المتلاحق لأكثر من موعد وبأعذار ليست مقنعة دائمًا.

كان هذا أول اختبار على الصعيد الشخصي. وكان عليّ أن أبتلع هذه المرارة لألتمس الأعذار للآخرين. الآخر هو الجحيم، قال سارتر يوما. والآخر بالنسبة لنا دائما وبشكل تلقائي أصل الداء. وها أنذا أكتشف أنني “آخَر” الآخرين. هو درسٌ إذن، فلأجرب الاستفادة منه. عليّ مثلا أن أستوعب أنّ الآخر ليس وحدهُ مصدر الوباء. الفيروس أعمى، يخبط خبط عشواء.

كل واحد منا مرشّح لأن تأتيه اللطمة من حيث لا يحتسب. ويمكن لكل منّا أن يجد نفسه مُحتلًّا من طرف الفيروس إثر غارة لا يذكُر متى شُنَّت عليه ولا بأيّ سلاح، وإذا به يشكّل خطرا على نفسه وعلى الآخرين. لذا فالمعركة الأولى تكون مع الذات، أو بالأحرى ضدّها. هكذا قرّرت أن أطيح بأناي الملكية لأعزل نفسي عن الآخرين.

جلست في البيت أغسل يديّ من حين لآخر وأجاهد لمنعها من ملامسة أنفي وعينيّ ضدّا على حساسية الربيع. كما وجدت الوقت مناسبا لأنهي قراءة روايات القائمة القصيرة للبوكر، وأعود إلى أعمال أخرى تراكمت في رفوف خزانتي ومنعني لهاث السفر والعمل والتصوير من أن أعطيها حقها. خصوصا وأنّ قراءاتي في السنوات الأخيرة صارت موجّهة بشكل رهيب.

صرت أقرأ للتصوير، لزوم الإعداد، أكثر مما أقرأ لنفسي ولمتعتي الخالصة. الفرصة مُتاحة أمامي اليوم للاستدراك، وأيضا لالتهام رفٍّ كامل من الروايات المترجمة التي ظلّ الدنوّ منها مؤجَّلا على الدوام. الوقت مُتاحٌ أيضًا لأتابع هذا التَّدفق الإلكتروني الرهيب على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه الأخيرة تُحقّق أهمّ شروط الحقبة الوبائية: التواصل في ظل التباعد. هناك مقالات وقصاصات وتحاليل ونكات وخطب ولايْفات لا تعدّ ولا تحصى. حيث احتشد الأطباء وأنصافهم، الخبراء وأشباههم، الخطباء والمنجمون والعرّافون والأدعياء كلٌّ يُدلي بدلوه في بئرٍ قرارُها سحيق وغورُها عميق…

إحصاءات ورسومات بيانية وتخمينات وأحاديث عن مؤامرات عابرة للشعوب والقارات. كنتُ أتابع أيضا أخبارا ميدانية عبر أختي وزوجها الذين يعملان في قطاع الصحة العمومية. اكتشفتُ عبرهما، وعبر أصدقاء آخرين يشتغلون في نفس المجال، أبطالا مجهولي الإسم والهوية تُحوّلهم الكاميرات إلى كائنات شبه فضائية متشابهة وهم يتصدَّون إلى الفيروس في الجبهات الأولى. أطقُم طبية أظهرت شجاعة لا تضاهى. إنها بطولة المغمورين… بطولة من لا يطلبون مجدًا.

ثم يأتي من يطالبك وأنت في تلاطُمِ اللجَّة بأن تقول كلمتك، وكأنّ مصير العالم والإنسانية جمعاء متوقّف عليك؟ يستصرخُونَك وكأنكَ المُعتصِم بالله. كنتُ أتابع ذلك على الفيسبوك باستغراب. أشخاص عجيبون لا يقرؤون كتبا ولا يخوضون في نقاش ثقافي، لكن كلما حلّت بالبلد مصيبة تجدهم يتصايحون على الفيسبوك: “لمَ لا نسمع صوت المثقف؟ أينكم أيها الشعراء؟” ثم يأتي رفاقٌ لهم، الوجه الأخر لعملتهم المغشوشة، ليستلموا كلّ من وقع في الأحبولة واستجاب للنداء: “هل بهذه القصائد الجوفاء سَنُواجه الوباء؟ كان أفضل لشعراء آخر الزمان لو خرسوا ودخلوا إلى جحورهم، فالوقت ليس وقت شعر وغناء”.

تكرّرت اللعبة مرات، منذ “الربيع العربي” حتى “كورونا”، وصارت بالغة السّماجة والسخف. ومع ذلك، هناك في هذه الظاهرة الغريبة ما يدعو إلى التأمل. ثمة نزوعٌ عجيبٌ – في العالم العربي خصوصًا ـ إلى استصراخ المثقف في الأزمات والمواقف الصعبة وكأنّه نبيّ مخلّص. والحال أن أغلب مُستصْرِخي المثقف اليوم ليسوا ممَّن تُوجِّهُهُم الثقافة في حياتهم اليومية أو ممَّن تصدُر خياراتُهم الاعتيادية عن رؤية وموقف ثقافيين. لذا أرتاب شخصيا من محاولتهم إقناعنا في مثل هذه الظروف بأهمية المثقف ومحورية دوره.

ورأيي أنَّ من يجب أن نتوقّع منه إجابات جدّية موجِّهة للرأي العام وحلولًا قابلة للتطبيق هم أصحاب القرارين الطبي والإداري. فيما يبقى المثقفون والأدباء مطالبين إزاء هذه النازلة، البعيدة عن اختصاصهم، بالتزام دَوْرهم المُواطِن بالامتثال للحجر الصحي. إنهم مواطنون كالآخرين، كل المطلوب منهم أن يتصرّفوا كمواطنين مسؤولين منضبطين. هل هذه استقالةٌ للمثقف؟ تخلٍّ عن دوره التاريخي؟ أبدًا. فمن يُطالب المثقف سواء كان منتجَ أفكار أو مبدعًا من صُنّاع الوجدان بإجابةٍ على وضعٍ خارجٍ عن اختصاصه إنّما يُزايِد عليه.

لكن، هل هذا يعني أن المثقف لا يمكنه أن يفيد بشيء؟ بلى، مساهمته مطلوبة حتى في ظل ظروف العزل التي نعيشها. ربما يمكن لبعض الكتّاب استغلال مصداقيتهم لدى القراء لممارسة نوع التحسيس وتنوير الرأي العام، وهذه خدمة ثقافية صغيرة – وجليلة أيضًا – يمكن الاضطلاع بها.

لكن حسبُ المثقف ذلك الآن. لأن تفاعُلَه الأعمق والأكثر جدّية يحتاج دائما إلى وقت، والمؤكد أن المكتبة العربية والإنسانية ستغتني مستقبلا بسرود ومحكيات تلتقط ما يجري هذه الأيام بحساسية المبدع الخاصة، وكذا بتأملات شعرية وفكرية وفلسفية تشتبك مع هذا الحدث الفارق المُزلزِل وتحاول فهمه واستيعابه، ودراسات وتحاليل تقارب برصانة ما سيفتح هذا العبورُ القاسي للجائحة عليه العالَمَ من تحوّلات.

والمؤكّد أيضًا أن هذا الذي نطالبه بالتدخّل الفوري، له مساهمات جدّية ما علينا إلا أن نبذل اليوم مجهودا لتثمينها ليس بالتمجيد والتقريظ، وإنما فقط بالإحاطة والإدراك.

فقد أنتج المفكرون والأدباء العرب عشرات العناوين المهمة في مختلف مجالات الإنتاج الفكري والإبداع الأدبي. هي مبذولة للجميع على رفوف المكتبات، وعلى الانترنت… إمّا منشورة بشكل رسمي أو مُتاحة بشكل مجاني، بل ومقرصنة حتى، لا بأس. هذه الكتب أمامنا. يمكننا استغلال فترة الحجر الصحي لقراءتها والاطّلاع عليها. هكذا نتعرف بشكل أفضل على مثقفينا ونستوعب بنات أفكارهم، بدل اعتبارهم على الدوام كائنات من كوكب آخر.

من حسنات هذا العزل الاجتماعي والجسدي، أنه جعل الإنسان يشعر أخيرًا بحجم ضآلته. هذا الشعور قد يدفعه إلى مراجعة فردانيته الطاغية. فالخلاص من الوباء مثلا ليس بُغيَة أفراد فقط وإنما هو مطمح جماعي، لا يمكنه أن يتحقّق إلا بالانخراط الشامل في ما تتطلبه المرحلة من وقاية وعزل. عزلُك كفرد إجراءٌ ضروري لحماية الجماعة. وعدم انضباطك الشخصي لمعايير السلامة والوقاية المطلوبة يتحوَّل تلقائيًّا إلى تهديدٍ مباشرٍ للأفراد الآخرين الذين يشكّلون هذه الجماعة. لا مجال إذن للإعلاء من شأن حريتك كفرد. فسلامة المجتمع لها كل الأولوية. ولابأس في لحظة مصيرية كهذه أن يُقدّم المرء بعضًا من حريته قربانًا للحياة.

نشدانُ الخلاص الجماعي قد يقود العالم إلى أفق جديد في الحياة والمجتمع والعلاقات ما بين الأفراد والمجتمعات. وقد نجد أنفسنا مجبرين بعد نهاية العزل، من موقع تبعيتنا الفكرية والثقافية والحضارية للغرب، إلى الانخراط في هذا الأفق، دون أن نكون قد عشنا تجربة الفرد كما بلورَتْها الحداثة وحقّقتها في المجتمعات الغربية. فإذا كان الغرب قد أنجز مشروع حداثته على مختلف المستويات الفكرية والسياسية والصناعية، ليتمّ تحرير الفرد هناك من سطوة الدولة والدين والمجتمع وليتمَّ تتويجه مَلِكا على نفسه وعلى العالم، فإن حداثتنا معطوبةٌ أساسًا لأنها حتى اليوم لم تُعْلِ من قيمة الفرد ولم تُتِح له الهوامش المطلوبة لكي يتحقّق. إذ أنّ الصوت الجمعي لا يزال مهيمنا بيننا، وما زال الأفراد في بلادنا العربية مُلزمين بالعيش في كنف الجماعة والامتثال لتعاليم الحاكم والفقيه. المفارقة هي أن الغرب الذي طوَّر مقولة الفرد وعاش فرديته بالطول والعرض، يواجه اليوم مع هذه الأزمة رجّة قوية قد تدفعه إلى مساءلة هذه المقولة بعدما انتبه إلى حدودها. والمؤكّد أننا كالعادة سنقتفي أثره لنتراجع عن فرديةٍ لم نُجرِّبها بعد. وهذا عطبٌ كبيرٌ سيعزِّز، إن حدث، لائحة أعطابنا الحضارية الكبرى التي نجرجرها معنا منذ عصر الانحطاط.

حين عدتُ من بروكسل، كانت المقاهي والمطاعم لا تزال مفتوحة في المغرب. الناس تعيش حياتها الاعتيادية، ولم يكن كورونا أكثر من موضوع للتندّر. لكن بعدما بدأت الفيديوهات تتهاطل من أوروبا خصوصا تلك التي تصوِّر التدافع بالمناكب في الأسواق الممتازة، ومع تبنّي الدولة لخطاب صارم واتخاذها عددًا من التدابير الاستباقية القوية كإيقاف الرحلات الجوية ثم إغلاق الحدود، بدأ الناس يستشعرون جدّية التهديد. وكان أول رد فعل جماعي صدر عنهم بما يدل على استشعارهم خطورة الوضع هو التزاحم في الأسواق. ليس الانعزال وتجنُّب الاختلاط، وإنما – ويا للمفارقة – الهجوم الجماعي على الأسواق. وإذا كان وصول حمّى التزاحم على شراء وتخزين المواد الاستهلاكية الأساسية التي بدأت في أوروبا أمرًا مفهومًا مبرَّرًا، فإن حمّى شراء وتكديس مناديل المرحاض التي انتقلت عدواها إلى أسواقنا الوطنية تظل مستعصية على التبرير. إذ كيف نتهافت على ورق التواليت نحن الذين تبلور لدينا في ثقافتنا العربية الإسلامية أدب كامل وثرات شامل في ما يتعلّق بالاستنجاء؟ ولولا نُدرة الماء في شبه الجزيرة العربية في صدر الإسلام لما فُتِح أصلًا باب الاستجمار والتطهّر بغير الماء. فإذا حضر الماء بطل التيمّم. لذا لم أفهم بتاتًا كيف حذونا حذو قوم يصابون بالرُّهاب لمجرّد التفكير في ملامسة نجاستهم. ولكن التبعية كانت دائمًا هكذا، شديدة العماء.

ومثلما يعود التاجر المفلس إلى دفاتره القديمة، وجدتُني أقلّب في تدويناتي الإلكترونية التي راكمتُها على امتداد السنوات اللاحقة على صدور كتابي الشعري “دفتر العابر”. بدوتُ كمن يحارب العزلة بالمزيد من التحليق. هكذا استعدتُ أجواء بعض أسفاري ومشاهداتي نكاية بالحَجْر. وأفكّر الآن بجدية في جمعها في كتاب. أغلب هذه التدوينات كتبتُها في الفنادق ومطارات الترانزيت. وأشك اليوم في أنّ السفر سيبقى بعد كورونا مُتاحًا بذات الأريحية. بل وأشك في أنّ تأشيرات ما قبل كورونا ستبقى سارية المفعول. قد يكون هذا مجرد رجمٍ بالغيب. مجرد هاجس أسود لمُدمِن على السفر. لكنني لست متفائلا على كلّ حال.

أتابع أيضا في الصحافة الوطنية والعربية وعلى الفيسبوك يوميات الكتّاب تحت الحَجْر متلصّصا على انشغالاتهم الصغيرة في زمن الجائحة… قرأت ما نشره عبد اللطيف اللعبي في صفحته على الفيسبوك: فصل صغير من كتابه الجديد يحكي فيه كيف يعيش مسيو بارْدْ، بطل الكتاب، حَجْره الصحي، وكيف يلعب الغُمّيضة مع الموت. تابعت ما ينشره أصدقاء آخرون. قرأت مقالا في جريدة فرنكفونية للطاهر بنجلون بعنوان “العزلة أو الموت”… عرفتُ منه أن صاحب “ليلة القدر” يقرأ ترجمة روايتي “هوت ماروك” بشهية طيبة على حدّ تعبيره، وأسعدني ذلك. فكرةُ السفر عبر الترجمة تستهويني أيضا. وهذه لا يمكن للحَجْر أن يمنعها أبدا.

في معرض بروكسل للكتاب الذي الْتأمَ رغم كورونا، ولعله كان آخر فعالية ثقافية كبرى عرفَتْها أوروبا قبل الحَجْر الشامل، أدرتُ ندوةً حول إنتاجنا الأدبي وآفاق ترجمته. هناك اختلال مريع نعيشه على مستوى الترجمة في علاقتنا بأوروبا. سواء كمغاربة أو كعرب، كمجتمعات أو كأفراد. ففي ظل انحسار القراءة في العالم العربي نحسُّ بحاجة العديد من أدبائنا إلى الترجمة، لا طلبًا لمنفعة مادية أو حظوة أدبية، بل فقط ليتحقّقوا ككتّاب أو على الأقل ليتعزّز وضعهم الاعتباري بين أقرانهم من منتجي الأفكار. لكن المفارقة هي أن الآداب الأوروبية أصلا غزيرة على مستوى الإنتاج، وهي تحقّق الاكتفاء الذاتي لسوق القراءة الغربي. وحتى حينما يريد القرّاء الغربيون تنويع قراءاتهم لا يجدون ضالتهم بالضرورة في الأدب العربي الذي لا يستجيب للذوق الأوروبي السائد. فهل على الأدباء العرب الاستجابة لهذا الذوق لكي تُترجَم أعمالهم وتُتداوَل في الغرب؟

حين لا تتوفر بلداننا العربية على بنيات ثقافية قوية تتيح لها بلورة استراتيجية عامة في مجال الترجمة، نصير محكومين بمزاج المترجم الغربي، وحسابات مؤسسات النشر الأوروبية وأولوياتها. كما أنّ اختلال ميزان الترجمة لصالح الغرب يجعلنا مجرّد مستهلكين لثقافته باعتبارها ثقافة عالمية، وكأنّنا نحن خارج العالم. الهيمنة مستفحلة إذن: عسكريا، اقتصاديا واستراتيجيا. ومن الطبيعي أن تفرض هذه الهيمنة الغربية الشاملة علينا تبعية لها تجلياتها الشائهة على الصعيد الثقافي.

ليست مقولة الفرد وحدها ما سيتعرّض للمراجعة بعد زلزال كورونا، وإنما مفاهيم الأمة والاتحاد والتكتل الإقليمي ستصير بدورها في رأيي موضع مساءلة. وإلا، هل نتصوّر مثلًا أن الاتحاد الأوروبي سيحافظ على تماسكه بعدما تمّ نقضُ حرية تنقّل الأفراد والبضائع بين دول الاتحاد؟ هذه الدول التي تخلّت عمليا عن إيطاليا مع بداية أزمة كورونا. صار كل بلد أوروبي معنيا بحماية حدوده الخاصة من اجتياح الوباء، ولا يفكر في غير مواطنيه. حتى منظمة “أطباء بلا حدود” هجرت بعض الجزر اليونانية على حدود تركيا، حيث يتجمّع اللاجئون في ظروف مُزرية مواتية لاستحداث فيروسات أخرى تُعضّد كورونا وتشدُّ من أزره، لتصبح هذه الحدود “حدودا بلا أطباء”. اليونان، وهي درعٌ أوروبيةٌ في مواجهة تدفّق اللاجئين، تبدو وحيدة أيضا في مواجهة قدرها. لذلك أصبحت تواجه اللاجئين الجدد بالرصاص والغاز المسيل للدموع.

كذلك النظام العالمي، الذي لم يعد جديدا، هل سيظل على ما هو عليه بعد الاندحار المدوّي لرموزه وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي يتابع العالم باستغراب تدبيرها السيّء للأزمة، ومسؤولية إدارتها الحالية بشكل مباشر تقريبًا في مضاعفة أرقام ضحايا كورونا ضمن أوساط الشعب الأمريكي؟ أليس من الطبيعي أن يتراجع هذا النظام لصالح اختيارات استراتيجية مستجدّة فاجأت العالم كالنموذج الصيني المُحيّر في طريقة تدبيره لأزمة كورونا، أو النموذج الكوبي الذي أطل برأسه من قعر التهميش الإعلامي المضروب عليه على مدار عقود من الحرب الباردة والمتواصلة، ليقترح على إيطاليا والعالم دعما طبيا لم يتوقّعه الإيطاليون أنفسهم بعد ما طالهم من خذلان ذوي القربى وأهل الجوار؟

ثم ماذا عن فضائنا العربي الإسلامي؟ لقد صار واضحا أنّ منطقتنا تعيش هذه المحنة كدول قطرية في ظل صوريّة جامعة الدول العربية وهشاشة باقي اتحاداتنا الجهوية (اتحاد المغرب العربي، مجلس التعاون الخليجي).

وطبعا لا أحد لديه الوقت لمجرّد التفكير في عواقب تفشي الوباء داخل قطاع غزة مثلا والذي يعاني من ويلات الحصار والحَجْر الجماعي تحت الاحتلال؟ هناك حيث يمكن لتكالُبِ الفقر والاكتظاظ السكاني وضعف البُنى الصحية أن ينذر بكارثة محقّقة.

لكن الشائع في تفاعلنا الجماعي من الخليج إلى المحيط مع هذه الأزمة هو الانكفاء على الذات واللجوء إلى مواجهة الداء بالدعاء والاعتلال بالابتهال. الإفلاس في مجال البحث العلمي يبدو مريعا في عالمنا العربي، لذا لم يكن لدى شعوبنا المسكينة من بديل عن رفع أكفِّ الضراعة إلى السماء.

من حسن الحظ أن كوفيد 19 ظلّ رحيما نسبيا بإفريقيا جنوب الصحراء، في مراعاة رقيقة لظروف التخفيف. كما لو أن السيد كوفيد كان على علمٍ بقوائم ضحايا المجاعة والحروب والأوبئة التقليدية الأخرى، ليأخذ ذلك بعين الاعتبار… وإلّا، فلا أحد سيخمّن هول الكارثة لو كان الوباء قد اجتاح هذه المنطقة من العالم بنفس الطريقة التي تفشّى بها في بعض الدول الأوروبية.

الرّجة عميقة مُزلزلة. فهل نتصوّر – بعد انكشاف الغُمّة – ردًّا حضاريًّا كونيًّا على قدر هذه الزَّلزلة؟ لا أعتقد. ربما لأن مفهوم العولمة ذاته سيُلَملِم أوهامه ليغادر المشهد ويصير جزءا من الماضي. فالدولة القُطرية برأيي ستعود بقوة، وستخِفُّ نبرة التبجُّح بالقيم الكونية والنظام العالمي. يجب ألا ننسى أن انتقادات حقوقية شديدة اللهجة تم توجيهها للصين بسبب الأساليب الصارمة المنافية لحقوق الإنسان التي اعتمدتها لفرض العزل على مواطنيها.

وها نحن بعد أسابيع فقط، نهنّئها على نجاح مقاربتها بل ونستلهم تجربتها بعدما صار العالم متأكّدا من أن تجاوز هذه المحنة بأخف الأضرار تقتضي وجوبًا التنفيذ الدقيق الصارم لمستلزمات العزل الصحي. ومع ذلك، هناك مجال لبناء مشتركات عديدة بين الدول والشعوب. وآمل أن ينتبه المنتظم الدولي إلى ضرورة إعادة تحديد العولمة – في حالة استمرارها كمفهوم وكأفق – على أسس جديدة تضمن التضامن والمساواة للجميع. وأن يتمّ تغليب احتياجات الإنسان في الصحة والتعليم والعيش الكريم على احتياجات السوق… ليساهم الجميع في مجهود كوني من أجل مستقبل مشترك: مشترك دون أن يكون مُعوْلَمًا بالضرورة.

لا يمكن لهذا الوباء أن يستمر إلى ما لا نهاية. سيتراجع حتمًا ذات يوم. بعد أسابيع، أو ربما بعد أشهر… حتمًا سيتراجع. لكن بعد أن تنكشف الغمة وينكمش الوباء، ستتراكم علينا خسائر باهظة يحتاج مجرد إحصائها إلى وقت طويل، ناهيك عن تجاوُز تبعاتها. والمؤكّد أن العالم سيجد نفسه أمام تحوّلات عصيبة وتحدّيات صعبة، فالآتي ينذر لا محالة ببلاءٍ لا يقلّ جسامةً عن الوباء.

‫تعليقات الزوار

26
  • ابو ولع
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 07:15

    ليست هناك مشكلة في دالك ولكن المشكلة التي تؤرقني ليلا هو أن بعض أطباء في أمريكا باعتبارها البؤرة لكرونا رقم واحد في العالم بدون منازع.
    يعتقدون ان الشعب الأمريكي يجب أن يتعايش مع هدا المرض الى الأبد بسبب قوة هدا المرض وعدم استجابته للعلاج في الحقيقية.

  • رأي نسبي
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 07:31

    بما اننا بشر نخطئ ونصيب ولا ندري متى نغادر هذه الدنيا فليس لدينا الوقت الكافي لانتظار أن تزول هذه الغمة ونتحدث بعد ذلك بالمطلق عن ماجرى

  • عبد الفتاح
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 07:38

    لا فض فوك اخي عدنان ، ولا جف حبرك ومدادك ،وسلمت اناملك من كل داء ،

  • هذا خلق الله.
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 07:44

    فجأة وبدون موعد انقلبت الحياة في جميع مناحيها 360درجة سببه مخلوق غير مرئي أربكها في الوقت الذي ظن في البشر أنهم أصبحوا قادرين على التحكم في الطبيعة بواسطة العلم الذي توصلوا إليه ونسوا أن لهذا الكون إله خلقه وقدّر فيه سُننًا لن تجد لها تبديلا ولا تحويلا.

  • yael
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 08:02

    صديقنا المعدل سلفا بقصد أو غير قصد للكتابة. قرأت مكتوبك الجميل عادة والمصبوغ باحلام مراكشية وان أبى ….
    ما بعد الحجر حجر آخر يا صديق..والآخر سيكون اقوى وأعمق من الاني وبما كنا لن ينفعنا بشيء امام حجر وحجر..
    المتأمل لمسار الكون والإنسان يحس ان ما اسميته بالمقدس واسميه باسمه الله قد دعانا الان وغدا قبل فك الحصار ( الحجر ) الى أعمال العقل والنقل.
    في الفهم المختصر والادعان الى قدسيته والتحلي بالأمانة والتواضع والمشي في رداهات الكون بدون الضرب على الحجر.
    اكيد وانا مثلك وأدعو الجميع اناثا وذكورا بعد التحرر من الحجر ان نتواصل مع الحمام البلدي الشعبي كمغاربة على الأقل لنزيل عنا ما علق بنا ابان الحجر وما قبله وان كانت الإزالة ستتم بصيغة المفرد لان التباعد الاجتماعي صار حتميا. في الاخير احن للزمن الجميل فيما بين المسيرة وما حولها في ثمانينيات وتسعينييات قرن الحجر..قبل الذهاب إلى الحمام .

  • abdel
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 08:07

    ومع ذلك، فإن من يقرأ هذ المقالة لا بد أن يخرج باستنتاج مهم وهو أن للمثقف وللأديب دائما كلمته الخاصة وإضافته في كل المواضيع. دائما هم يفتحوننا على زاوية نظر مختلفة لا نكون قد انتبهنا لها في السابق. شكرا على المقالة.

  • anti-blabla
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 08:22

    خطأ : كل التهديدات مصدرها هو البنك الدولي و الأمم المتحدة، فهاتان المؤسستان الإرهابيتان هي التي تفقر الشعوب و تنهب ثرواتها على مر العقود بشى أنواع التهديد للدول. لو تخلصت البشرية منهما ستتخلص من كل الشرور.

    كفى من تزوير الحقائق، صارحوا الناس فلن يغنيكم الكذب هذه المرة. و لن يسلم أحد من تبعات هذه الأزمة المفتعلة.

  • noreddine
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 08:24

    لكن، هل هذا يعني أن المثقف لا يمكنه أن يفيد بشيء؟ بلى، مساهمته مطلوبة حتى في ظل ظروف العزل التي نعيشها. ربما يمكن لبعض الكتّاب استغلال مصداقيتهم لدى القراء لممارسة نوع التحسيس وتنوير الرأي العام، وهذه خدمة ثقافية صغيرة – وجليلة أيضًا – يمكن الاضطلاع بها.
    المجتمع يحتاج لمن يذكره باحداث مماثلة من التاريخ و كيف تعامل معها الناس، تاريخ موجز لان اغلبهم لا يقرؤون. المثقفون اكثر أهمية ،في الحفاظ على التوازن في المجتمعات ، من الطبقة المتوسطة. بدون مثقفين تصبح العامة ضحية مكائد و خطط شريرة …

  • رشيد
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 08:25

    بكل بساطة تبارك الله عليك استمتعت كثيرا مثل ما استمتع ببرنامجك على التلفزيون كل التوفيق والمزيد من العطاء الكاتب والمبدع والمديع..عدنان

  • قارىء
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 09:29

    استمتعت فعلا بقراءة هذا النص ووجدت فيه وقع الحال وسرد المآل. اتفقت مع الكاتب في ما كتب وسرد سوى أن غضب الطبيعة الذي ورد هو من غضب الله لنتدبر.لايسري هذا الكون إلا بأمره.

  • من انغمسوا في ضغوطات الحياة
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 09:44

    شكراً جزيلاً إلى مثقفنا العزيز عدنان ، فما أحوجنا إلى كتاب من أمثالك يقومون بتقريب الثقافة و الفكر إلى من انغمسوا في ضغوطات الحياة ولم يثلذدوا بما تحمله الأفكار والكتب ….فشكراً لك أيها المثقف الانيق…غير أني لي سؤالٌ من فضلك بدأت مقالك بالقول بصعوبة التنبؤ والرجم بمال الامور …..لتختتم سفرك الفكري الجميل في الأخير بالحسم : "فالآتي ينذر لا محالة ببلاءٍ لا يقلّ جسامةً عن الوباء"؟

  • أحمد خوبيد
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 09:47

    إن يراع الكاتب لا يقل تأثيرا عن لقاح ومصل الطبيب في هذا الزمن الموبوء. اننا نحتاج إلى جيش أخضر من الكتاب يبدع جنبا إلى جنب مع الجيش الأبيض لدحر الداء. لقد سعى الكتاب دوما على مر العصور إلى التعبير بشكل ملتزم عن نبض مجتمعهم وكشف بؤر الظلام فيه. فنحن الان نحتاج يقينا إلى من يداوي أنفسنا وقلوبنا وارواحنا تزامنا مع جهود الأطباء لمداواة أبداننا.
    تحية للأطباء وتحية للأدباء.

  • ABDO
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 10:02

    استكمالا للتعليق رقم 3 : ادام الله عليه نعمة البصر حيث جعلنا ننظر الى الموضوع من زوايا شتى ونطل عليه من عدة مشارف . دامت لك متعة الفكر اخ عدنان

  • koko
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 11:07

    "لكن الطبيعة اليوم أبت إلا أن تعلن عن غضبها الشامل في صمت صاعق"
    هذا الكلام لم استسغه
    ليتك تفصل فيه تفصيلا
    هل حقا الطبيعة هي المسؤولة عن انتشار الوباء ؟؟؟؟
    نرجو منك التوضيح ….

  • Bruxelles ma belle
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 11:24

    "…اي زمان هدا يقذف بذويه نحو الهاوية خوفا من سلطان الكلام ، ليس الكلام سيوفا ولا دبابات ولا قنابل نووية ؟؟ مجرد مساحات منسابة من التوق الى الحرية ، الى الطيران خارج أسراب التدجين المعمم . اي ضرر يا مولاي …" من ليلة الليالي .
    شكرا إستاد عدنان ،شاركناك معرض بروكسيل للكتاب تعجبت يومها كيف انه أقيم بالرغم من الخطر الآتي من بلاد التنين .
    شكرا لك انك اختزلت بروسكل في نفاذ كمامة ولا كلمة في حق رجالاتها من استقبلوك كأخ وصديق ومثقف ابن بلدي شممنا من خلالك عبق الأهل والتاريخ …
    دمت ضميرا ومثقفا حيّا …

  • أسماء الهاني
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 11:40

    للأديب دوره الأساسي و المهم… مقال رائع استطاع من خلاله الشاعر الروائي الصحافي ياسين عدنان أن يسرد علينا عدة جوانب من الحياة الاجتماعية اليومية زمن الحجر الصحي في قالب إبداعي جميل يؤرخ لهذه الفترة الوبائية و يطرح العديد من المواضيع للمساءلة للتفكير فيها…

  • ahmed
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 12:17

    كلّما نودي على المثقف يرفع ياسين عنان قلمه معلنا عن الحضور،من 20 فبراير حتى كورونا على سبيل الحصر.وقبل أيام فقط نشر توأمه طه مقالًا نبيلًا عن العفو على المعتقلين في اتراح البلاد كما في أفراحه.وهنالك أقلام تخوض في الامر من أكثر من وجه. ومع ذلك لن نعدم ابدًا من يخرج علينا ليسأل عن دور المثقف.
    الحقيقة المرة هي ان الناس تتفرج ولا تقرأ.

  • عزيزة مخشان
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 12:41

    شكرا مقالة رائعة
    انها متعة القراءة في زمن الجائحة

  • ميمان
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 13:01

    تشخيص أدبي متميز
    بالنسبة للجزء الأول حيث النفي قائم في ما يتعلق بتقمص العراف يتخلله مفارقة الأنا الأعلى والتموضع إزاء الآخر وصرد الانفلات والجزء الثاني يأتي بتحليل واقع الحال وقراءة الفأل
    وخلاصة القول إعمال الفكر مغيب لدينا بامتياز عملا بمقولة لكل فصل… وكل مالك عقل له حقل ومجرات يفتحها حسب الطلب
    شكرا ذ عدنان على الطرح الجميل

  • فاطمة جرسي ستي
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 13:04

    اعتدت بعد كل فجر جديد والذي أحمد الله عليه أن أنقرهنا وهناك على لوحة المفاتيح أستطلع عن أخبار بلادي.نقرت على المقال فاستوقفتني الصورة التي ذكرتني بالجدل الذي حدث حين كان بابا الفاتيكان وحيدا في تلك الكنيسة التي يتيه فيها مد البصر،يقبل قدم الصليب مستعطفا إياه و مخاطبا: "أَنِ أ سْتَيُقِظْ!" .إن استصراخ المثقف كمكون أساسي للنخبة من طرف العامة هو ضرورة لطالما وضعت الفاعل المؤثرفي بوثقة تتجاذب فيها أقطاب التمثلات التي يركن إليها العامة .فكيف ستكون المقاربة بين الذاتي والمضوعي في معالجة الوضع الراهن المصبوغ بكورونا؟ هناك من تقوت صلته بالله عز وجل وهناك من تذوق لأول مرة الإحساس الحقيقي بمعنى ان تكون تحت رحمة إله قادر، وهناك من لا إلا هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، يمَني النفس بقتل الوقت بالاستمتاع بالمسلسلات والالعاب الإلكترونية..كل يحذو حذو تمثلاته في هذا النسيج. فأنا لا أرى الإستجابة الى احتياجات المتلقي في رؤية المثقف في الصورة داخل المستجد الراهن في المجتمع بتلك الصعوبة بما كان،وخير دليل هو ما أضحت تفرزه قنوات اليوتوب من نمادج فاعلة مثل السيد عبد اللطيف هنا في نيويورك من خلال قناته دارالخبر.

  • عاشق الأدب
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 13:45

    شكرا على هذا المقال الرائع أستاذ ياسين، دائما تزاوج بين المضمون الصلب و الشكل الجميل، مقالاتك و قصائدك و برامجك الإعلامية. دمت مثالا للأديب و الإعلامي المغربي الناجح.

  • مواطن
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 14:56

    بسم الله الرحمن الرحيم قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه " صدق الله العظيم . لا فلسفة ولا تفلسف ولا ضرب من ضروب الادب أو الشعر المقفى أو الحداثي . كل يرى الجائحة من جانبه لكن معمري الأرض الذين سبقونا خير دليل على الاستسلام لحكمة الله وقدره . نسأل الله التخفيف عنا والتعجيل بالفرج فكم نظم الشعراء وكم ألف المؤلفون لكن بعد مرور الجائحة حتى تعتبر الأجيال فلا ملجأ من الله إلا إليه . جفت الاقلام ورفعت الصحف.

  • لطيفة ال
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 14:59

    استمتعت بقراءة مقالك
    كما استمتعت بحواراتك مع ضيوف برنامجك التلفزيوني
    شكرا
    و مودة

  • hamid
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 19:14

    rien de nouveau et de special ceci est connu en occident.reste a savoir que la science aura un impact
    sur le determinisme historique de cette planette…..

  • سمر محسن العبد
    الأربعاء 8 أبريل 2020 - 20:03

    الناس معذورون يا صديقي فالتجييش الإعلامي الرهيب للكورونا زرع الهول والرعب في قلوبنا جميعا والرعب اقوى من الثقافة غالبا , لك الصحةوالفرح والتألق صديقي المبدع

  • محبة للحكمة
    الخميس 9 أبريل 2020 - 00:31

    لله ذرك يا استاذ على هذ المقال فقد وقعت فريسة لنفس الأفكار التي ب راودتك بخصوص ضرورة الكتابة عن هذه الفترة النفسية التي نتنفسها جميعا .وجدتني غير قادرة على البوح بكل الركام الذي يعتملني وقلت في نفسي ان الكل سيحاول تخليد هذه الذكرى فهل انا مجبرة على فعل ذلك ،لذلك تخليت عن فكرة البوح الى حين اتضاح الرؤيا و أصبح قادرة على سبر أغوار نفسي التي باتت كبحر تتراوح أمواجه بين الهدوء والهيجان فما أقسى ان تحس انك لست حرا في تفكيرك في رحيلك في مشاعرك في أنفاسك حتى رحماك يا الله !!

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب