-1 –
وأنت جالس على أريكتك المفضلة في صالون منزلك، أو قل في مقر إقامتك الإجبارية، أمام التلفزيون تنتقل بين سيل لا متناهي من القنوات الفضائية، أو تستعرض على هاتفك الذكي تدوينات (أصدقاءك) الحقيقيين والافتراضيين في الفايسبوك، تصطدم – شئت أم أبيت – بالأرقام التي لا تني تعلو وتعلو عن ضحايا وباء كورونا. إصابات بمئات الآلاف، وموتى بعشرات الآلاف، والقادم قد يكون أسوء.
في غفلة من الزمن، ومن الإنسان أيضا، قام كائن لا يرى بالعين المجردة، ودونما حاجة لإذن أو ترخيص من أية سلطة مختصة، بتأسيس بورصته الخاصة لتنافس البورصات البشرية التقليدية. فارضا على الجميع، وبدون استثناء، تتبع مؤشراتها وبياناتها. بورصة قيم جديدة يستميت الجميع من أجل أن تكون أسهمه فيها هي الأقل تداولا وظهورا على شاشاتها.
ما يحدث الآن هو أشبه بحلم. ولكنه حلم حقيقي. في اعتقادي أن الإنسانية كانت قبل وباء كورونا تعيش في حلم كان يبدو لذيذا، وجاء الوباء لينبهها وهي على حافة السقوط في الهاوية. من منا لم يستيقظ مرة من كابوس مزعج، ليكتشف بأن الأمر لا يعدو أن يكون حلما. لكن متى ينتهي هذا الحلم؟ ومقابل أي ثمن؟
فجأة أصبحنا نعيش في عالم سوريالي، عالم يصعب على الفهم والتصديق..
فجأة أصبح مفروضا على الجميع الابتعاد عن الجميع المسافة الكافية..
فجأة لم يعد بإمكاننا معانقة أحبتنا.. ولم نعد نصافح بعضنا عندما نلتقي في العمل أو في الشارع.. أصبحت تفصل بيننا – على قربنا – سنوات ضوئية. انقطعت الزيارات بين الأهل والأصدقاء والأحباب، فلا حفلات عيد ميلاد أو زفاف.. كم لم يعد بإمكاننا توديع أحبتنا وهم على فراش الموت الوداع الأخير..
أقفرت الشوارع والميادين، في كبريات المدن كما في صغرياتها.. أغلقت المدارس والمطاعم والمقاهي أبوابها ونوافذها، ألغيت المهرجانات.. توقفت بطولات كرة القدم بكل مستوياتها، خرس صوت عبد الحفيظ دراجي .. أغلقت دور العبادة..
توقفت حركة النقل البري والجوي والبحري.. وتوقفت معظم الأنشطة الاقتصادية.. ليجد ملايين البشر أنفسهم فجأة بلا عمل ولا دخل..
فجأة أصبحت أيام الأسبوع كلها متشابهة.. لم نعد نفرح لمجيئها أو نكترث لذهابها..
فجأة وضع الجميع (شعوبا وقبائل) خلافاتهم جانبا، ليتوجهوا لمحاربة عدو مشترك وحيد، عدو لا يرى بالعين المجردة اسمه كوفيد 19.. ولتكتشف دول العالم الثالث بأن الأسلحة التي أنفقت عليها الملايير على حساب الصحة والتعليم والبحث العلمي ووو، والمعدة في الغالب الأعم لمواجهة جيرانها، لا تستطيع حمايتها من عدو ميكروسكوبي صغير متناهي في الصغر..
يكاد الجميع يجمع على أن عالم ما بعد كورونا سيكون مغايرا لما قبل كورونا.
فهل نحن أمام ولادة قيصرية لعالم جديد؟
على الدولة أن تعلم أن إجهاض كل مجهوداتها لتطويق الجائحة لن يكون إلا من الفئات الهشة أو الأسر المعوزة التي يلزمها دعم حقيقي حتى تلتزم ببنود الحجر . وعليها أن تكثف من جولاتها في الأحياء الشعبية وعبر مكبرات الصوت من السيارات والمساجد وأسطح العمارات من أجل تذكير المواطنين بضرورة الإلتزام بالمنازل ، وحثهم على حث أبناءهم على عدم خرق القانون والخروج أو التجمع مع الأصدقاء تحت ذريعة كسر الملل . على الدولة أن تتجند بحزم وتفاني وعلى المواطن الإلتزام وبصرامة . علينا أن نطوق الجائحة وعلينا أن نفعل ذالك بحزم ، فات الكثير وما النصر إلا صبر ساعة وما الهزيمة إلا تهور لحظة ..
مقال جيد و في غاية الدقة المختصرة صحيح أننا نحلم وأعيننا مفتوحة وهذه حالة مرضية نفسية يسمونها Day Dreaming أي أن الشخص يحلم بالنهار
شخصيا مع مرور أيام الحجر المنزلي وحالة الطوارئ العامة أتسائل هل ما يحصل صحيح وواقعي أم هو تدريب عالمي استعدادا لوباء سيصيب الكرة الأرضية الغير مفهوم في ما يجري هو كما ذكر الكاتب سرعة مداهمة الفايروس للبشرية وسرعة تغيير نمط حياة المواطنين لأننا كجيل الستينات وما بعدها لم نعش أزمة من هذا النوع بل كنا نقرأ عنها ونسمع عليها لهذا السبب أصبحنا مثل من يعيش في فلم الخيال العلمي قصة الفيلم أن أحد العباقرة أرجع عقارب الساعة للوراء لزمن الأوبئة والفايروسات ختاما أسئل الله العلي العظيم أن يحفظنا وإياكم مما تخفيه الأقدار السيئة وشكرا للكاتب
مقال متميز ورائع، أسلوب متدفق وسلس.. أفكار منظمة وكبيرة. أحييك على هذا المقال المُبدع أستاذنا الكبير ونترقب الجزء الآخر من المقال بشوق كبير. كل المودة والتقدير لشخصكم العزيز