هكذا أرّخت نقرات "الآلة الكاتبة" لنبض الشّعوب وتدفق الحضارات

هكذا أرّخت نقرات "الآلة الكاتبة" لنبض الشّعوب وتدفق الحضارات
الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 04:40

رافقت أدباء وكتّابا ومطابع وإدارات، وساهمت في تبادل الخطابات والمراسلات، وصاغت الهموم والنّجاحات، ودبّجت الخطابات والبلاغات، وحسمت الكثير من المواقف بنقرة واحدة.

كانت في زمن مضى كشفًا مُبهرًا استأنفت به الكتابة مغامراتها، واستمدّت النّصوص الأدبيّة إشعاعها بين حروف معدنيّة، وهي تخطّ النّبض على البياض.. وكان لصوت الحروف في سكون اللّيل وفي مساحات النّهار إيقاع يتفاعل ويتجدّد بأسئلة الذّاكرة وبأصابع تقول سلسلة من الأحداث والمواقف والإشارات والخيالات والتأمّلات.

كانت تلك الآلة الفاتنة بأحجامها المتفاوتة وبأشكالها المختلفة تنطق الشّخصيات بلسانها وتُكتب التّقارير بحِبرها.

وكانت الصّبايا والنّساء بأناقتهن المعهودة متراصّات أمامها كنهر هادر ومخافر الشرطة تُجري تحقيقات على رعشات أصواتها.

وكانت فنون التّواصل ولغة المشاعر الجوانية تتّسع عبر أجنحتها ومسار الحكاية يُطلّ من تفاعل وانفعال خاصيتها وتحفر بعبور شريطها مستجدّات بالغة الخطورة.

كانت مصدر أرزاق للكثيرين، كانت في كلّ بيت وفي كلّ مكان ومدينة وعاصمة وزاوية، تختزل طموحات الأفراد والشّعوب وتنحت على وجه الورقة لغة الحواسّ بحيويّة مدهشة وطاقة مؤثّرة.

كما كانت قادرة على التغلغل في الواقع والوصول إلى أعماق تيّاراته التحتيّة وعلى تجسيد الأحداث وعلى الاحتفاء بثمار الأفكار للطلبة والطّالبات.

كانت لتاريخ صنعها على يد مصمّمها الأول الإنجليزي هنري ميل سنة 1714 قفزة أخرى نقلت الأيدي من نافذة الكتابة اليدويّة إلى نافذة الكتابة الآلية، وأضحت بالتّالي جزءاً لا يتجزّأ من معادلة منفتحة على حلقات غير متناهية من الكلام.

على امتداد ثلاثة قرون، سافرت بنا الآلة الكاتبة إلى هواءات مختلفة، وقادت سكون الممرّات إلى لحظات يانعات بالخضرة، حيث امتزجت أنفاسها بشهقة الأمطار.. جاعلة عتباتنا في رحلة تترصّد تغيّرات ومواعيد جديدة، ليتمّ تطويرها إلى لوحة المفاتيح المرتبطة بجهاز الكمبيوتر، تمهيداً لما ينطوي عليه العصر الحالي من مفاجآت كبيرة.

‫تعليقات الزوار

16
  • نور ربيع
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 07:08

    طق طق طق ما زال صوتها يرن في أذني،إيه الزمن الجميل،كم نقرت عليها من خطابات ونصوص أدبية نثرا وشعرا،كم لامست اناملي مفاتيح احرفها وداعبتها كما تداعب الأم طفلها. بصراحة أحن إلى هذه الآلة حنين المتعب إلى السرير،أقول لها هامسا في اذنها:استريحي بسلام فزمانك لن الرائع لن يعود. آه آه آه

  • علية
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 08:13

    رافقت الآلة الكاتبة لسنوات . وتلك الأيام لن تتكرر

  • صاحب وكالة سابقا
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 08:19

    كثيرة هي الوكالات الصغيرة التي اشتغلت بالالة الكاتبة . هذه الآلة التي فتحت البيوت للناس والأسر

  • بركاني
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 08:25

    الجيل الجديد لم يشهد على عمل الآلة الكاتبة. شكرا هسبريس على النوسطالجيا التي أرخت لأدوار الآلة الكاتبة

  • متقاعد
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 08:46

    لكل عصر آلاته ورجالاته. رافقت الآلة الكاتبة لعقود طويلة حياة الناس بالإدارة

  • الجيل الذهبي
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 09:42

    الجبل الذهبي هو من يتذكر الآلة الكاتبة وأدوارها في حياة الناس

  • طالب
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 09:52

    مازلت أحتفظ ببحث تخرجي الذي كتبته على الآلة الكاتبة بوكالة مجاورة لبيتنا

  • شكيب
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 10:13

    كان جارنا الأستاذ يكتب في بيته المجاور لنا على الآلة الكاتبة وغالبا ماكنا نسمع تلك الطقطقة للآلة

  • صفاء
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 10:19

    أصبحت هذه الآلة العجيبة اليوم والتي أحدثت ثورة بعد اختراعها ، ديكورات يتم وضعها في المنازل والفنادق وصالات العرض

  • المختاري
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 11:07

    لكل زمن آلياته التي تترك بصمتها في الحضارات.
    شكرا هسبريس

  • طق طق
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 11:15

    طق طق طق طق … ضربات متواترة لخصت كل شيء. رحم الله ذاك الزمن

  • ابن الشراطين
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 11:33

    … ليتمّ تطويرها إلى لوحة المفاتيح المرتبطة بجهاز الكمبيوتر، تمهيداً لما ينطوي عليه العصر الحالي من مفاجآت كبيرة.
    نعم، ولكن قبل ذلك تم تطويرها الى آلة اللينوتيب (linotype) والتي تكبرها بعدة مرات وتعمل كسابكة للحروف اعتمادا على الرصاص وجل الجرائد كانت تعتمد عليها قبل الكمبيوتر …

  • ahmed
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:00

    قدمت هذه الآلة التاريخية للانسانية خدمات جليلة ونقلت الشعوب من الكتابة على الورق الى الآلة وهي قفزة نوعية تحسب لمخترعها

  • أوتاكو
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 12:31

    عندما أرى الآلة الكاتبة أتذكر violet evergarden

  • زمان
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 15:01

    كنا نكتب على هذه الآلة ونصحح الورقة بالماء الأبيض blanko قبل إرسالها لأية جهة

  • لحو
    الإثنين 26 أكتوبر 2020 - 16:06

    vraiment c'est formidable je me souvien bien lorsque en a obtenu le diplome de 25 mots à la minute à l'école pigier de rabat qui est la meilleure école à ce temps .obtenir le diplome dactylo à l'école pigier c'est garantir le travail

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة